نور إمام تعرف النساء بأجسامهن في ”Mother Being”
الأكثر مشاهدة
في مجتمع يتربى على ثقافة المنع والعيب، وتكبر نساؤه لا يعرفن شيئًا عن أجسادهن، ويكتسبن المعرفة عن صحتهن الجنسية وأعضائهن التناسلية على استحياء من الجلسات النسائية والخبرات المتبادلة سرًا، وفي الأغلب تكون معلومات مغلوطة أو غير مكتملة، ظهرت محاولات لكسر التابوهات بصور مختلفة، واحدة منها هي طريقة نور إمام التي تُعرف النساء على أجسامهن وصحتهن الجنسية والمراحل المختلفة التي تمر بهن من الدورة الشهرية إلى الحمل والولادة وما بعدها، وتساعد في كسر الدائرة ومنح المعرفة بشكل بسيط وعملي وقريب من الناس، وكذلك تقدم تدريبات متخصصة عن الخصوبة والحمل والولادة وما بعدها لتعد النساء إلى هذه المرحلة الجديدة المجهولة والصعبة بالنسبة لكثيرات بعيدًا عن التقاليد والعادات المتوارثة التي تهمش الأم وصحتها النفسية والجسدية تمامًا، وكل ذلك عبر منصة MOTHER BEING
نور إمام و Mother Being
نور إمام شابة في الثامنة والعشرين من العمر، درست الفنون التطبيقية في الجامعة الألمانية بالقاهرة وتخرجت في قسم الإعلام واهتمت طوال حياتها بالموسيقى والصوتيات، وحصلت على ماجستير في الموسيقى بالفعل، وأصبحت موسيقية محترفة وقدمت العديد من الحفلات داخل وخارج مصر، لكن حياتها اختلفت تمامًا عندما أنجبت طفلتها قبل سنتين، ودخلت في مرحلة جديدة وأصبحت أم بدوام كامل مما صعّب عليها العودة إلى المجال الفني.
بعد ولادة ابنتها عانت نور من اكتئاب ما بعد الولادة، بأعراض شديدة ونوبات قلق حادة واستمرت هذه المعاناة 8 أشهر قبل أن يتم تشخيصها أخيرًا. لجأت وقتها إلى أخصائية نفسية لكنها شعرت أن الجلسات لم تجدي الكثير من النفع في حالتها، فبدأت في البحث والقراءة لمساعدة نفسها على الخروج من تلك الحالة، تقول: "المشكلة عندنا في مصر إن مفيش متخصص نفسي في حالات الخصوبة والصحة الإنجابية كلها حاجات عامة"، وتكلل مجهودها البحثي عندما عرفت أكثر عن الدولا (Doula) أو رفيقة الولادة، وهي شخص يساعد السيدات قبل الولادة وأثنائها وبعدها. وتقدم الدعم العاطفي والمساعدة الجسدية. وعلى عكس القابلة (Midwife) (الداية في العامية)، لا تعد الدولا من العاملين بمهنة الطب.
وقتها قررت نور أن تتعلم لتصبح دولا تحقيقًا لحلم قديم واهتمامًا قائمًا بمجال النساء والتوليد، "كنت عايزة أساعد الستات ماتمرش باللي أنا مريت بيه وماتدخلش وهي مغمضة"، فحصلت على تدريب في مركز Bebo Mia بتورنتو-كندا في سبتمبر 2019، وكذلك تلقت تدريبًا عبر الإنترنت عن إدارة اكتئاب ما بعد الولادة من جامعة إكستر في بريطانيا، "علشان أبقى دولا اتدربت لمدة 5 شهور، وأخدت كورس تاني لمدة شهر ونص عن الدعم النفسي وإزاي يبقى عندي أدوات أقدر أفهم بيها نفسية الأم وأساندها"، وقد بدأ الممارسة العملية مع النساء أثناء التدريب لأن "مطلوب تعملي عدد ساعات معينة من التدريب العملي علشان تبقي دولا"، فتواصلت مع النساء الحوامل في منطقتها والأمهات الجديدات ولمست بنفسها الحاجة الشديدة لما تقدمه الدولا، فعزمت أن يصبح الأمر أكثر احترافية لتساعد النساء على نطاق أوسع.
بدأت نور صفحة على موقعي فيسبوك وإنستجرام تحت اسم this is mother being في نهاية شهر يناير من العام الجاري، بهدف أن تكون منصة متكاملة للتوعية عن صحة المرأة من الدورة الشهرية وحتى بعد الولادة، كما تقدم خدمات متنوعة، منها الجلسات الخاصة مع أي زوجين يخططان لحدوث حمل فتعرفهم أكثر عن الخصوبة، والطرق العملية لحساب أيام التبويض. وجلسات أخرى لدعم الأزواج الذين يخوضون تجربة الحقن المجهري، "دي بتكون تجربة صعبة أوي على الست وبتحتاج دعم نفسي كبير وحد يكون فاهم هي بتمر بإيه" تقول نور. وكذلك جلسات لتأهيل النساء الحوامل والتحضير للولادة وما بعدها، "الفكرة كلها في بعد الولادة محدش بيبقى جاهز للمرحلة الجديدة دي والصعبة وبتروح تلاقي نفسها في وضع مختلف تمامًا، فبشتغل على النقطة دي"، وتحضر نور ولادات لتكون بجانب الأمهات وتدعمهن نفسيًا وجسديًا وتساعدهن على التواصل بشكل أفضل مع الطبيب، "بفهمها كل حاجة بتحصل ليه، وأشرحلها القرارات اللي الدكتور بيقترحها علشان تعرف تختار الأنسب لها هي وجوزها". كما تعقد حصص جماعية أونلاين للتعريف بالدورة الشهرية والهرمونات والأعضاء التناسلية، وأخرى عن التحضير للولادة وما بعدها لكنها أقصر من تلك الخاصة. وبجانب كل هذا تخصص الصفحة على إنستجرام للمعرفة العامة والإجابة عن تساؤلات المتابعات ومنحهن أساسًا يمكّنهن من البدء والقراءة والبحث بشكل أكثر عمقًا.
ومنذ انطلاق منصة Mother Being كانت الصدمة الأكبر لنور في مدى جهل وعدم معرفة النساء بأنفسهن والحاجز المبني بينهن وبين أعضائهن التناسلية بسبب العيب والخطأ وكل العلامات الحمراء اللاتي تربين عليها، "طول الوقت البنت بتسمع ماتعرفيش، ماتلمسيش، ماتشوفيش، وفجأة تدخل على جواز وتبقى مش عارفة المفروض تتعامل إزاي.. دي كارثة"، وهذا رغم أنهن من الحاصلات على مستوى تعليمي جيد.
وتجد الولادة أصعب شيء في عملها كدولا، لأنها تجربة مرهقة نفسيًا وجسديًا، خصوصًا لكونها من الممكن أن تستمر في العمل لمدة 17 ساعة متواصلة، بجانب تركها لابنتها مع زوجها في تلك الفترة، وهو الشخص الذي تعتبره نور داعمها الأول بجانب والدتها، "جوزي كان طول الوقت شايف إني لازم أشتغل في حاجة لها علاقة بالستات والنسوية علشان مهتمة جدًا بيها، وإن اللي بعمله مهمة علشان الستات تعرف نفسها أكتر." وتجد نور تحديًا كبيرًا في التوفيق بين ضغط العمل ومهامها كأم وبين إدارة الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي والرد على المتابعين.
ورغم أنها تتلقى الكثير من الهجوم من الرجال على المحتوى الذي تقدمه، تعتقد نور أن الأمل في النساء اللاتي أصبحن مستعدات للتغيير والبحث عن أفضل الخيارات المتاحة ولديهن رغبة حقيقية في المعرفة عبر القراءة المتعمقة والتعرض لأفكار جديدة. وتحاول دائمًا أن تجيب عن الأسئلة التي تصلها بشكل علمي وموضوعي، وهو ما قد يثير حفيظة البعض لكنها تؤكد دائمًا على طرح الأفكار المجردة ولكل شخص الحق في أخذ ما يناسبه منها حسب آرائه ومعتقداته، "بحب أوي لما أكتب معلومة وحد يصححهالي ويبعتلي مصادر جديدة أقرأ منها وبشكره وبعدلها.. وبرضه زي ما فيه رجالة بتهاجم فيه رجالة بتشكر علشان بيبقى فاهم مراته أكتر."
تحلم نور إمام أن تتحول Mother Being إلى مركز تعليمي كبير كل ما يخص صحة المرأة والمراحل المختلفة التي تمر بها النساء، وترغب أن تصبح في يوم ما قادرة على تدريب أخريات ليعملن كدولا ويساعدن مزيد من النساء، "عندي يقين إنه هيبقى Platform يخدم الستات من كل النواحي ويقدم محتوى متكامل بالعربي ويبقى فيه متخصصين من كل مكان في الشرق الأوسط" وتأمل أن يتم إدخال هذا العلم إلى المدارس في مصر ليكون الجميع على دراية به.
اقرئي أيضًا:
الكاتب
ندى بديوي
الجمعة ٠٤ سبتمبر ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا