إسراء النجار فنانة تلمس القلوب بطائر ينشر المشاعر
الأكثر مشاهدة
"بقيت أحس بالمسئولية، أنه المنصة بقت ملجأ ناس كتير مش قادرة تعبر عن مشاعرها وتطلع اللي جواها، حتى لأهاليها وأصدقاءها" لتتحول رغبة إسراء النجار في نشر محتوى بصري وأدبي خفيف وقصير يحب كثيرون متابعته إلى مشروع تعتبره "ابن" لها تتمنى أن يراه ينتشر ويصبح مساحة فنية ترحب بالجميع.
إسراء النجار
في طفولتها، تأثرت إسراء بحب والدها للخط العربي وتعلمه لفنونه وأصوله، رغم عمله كمحاسب، فكبرت وهي ترى يد والدها تنسج الحروف بإبداع "دايما ماسك البوصة والقلم والحبر، ودي كانت من أكتر الحاجات اللي أثرت فيا" إلى جانب نشأتها في الإسكندرية التي تعد واحدة من أجمل مدن مصر الساحلية، ليجعل منها ذلك فنانة تشكيلية صاحبة رؤية بصرية وفنية مختلفة عن آخرين.
كان بديهيا أن تكون محبة للفنون، خاصة، الرسم، فالتحقت في دراستها الجامعية بكلية الفنون الجميلة، وتخصصت في قسم الجرافيك، الذي يعد فن التصميمات المطبوعة، واعتبرت أن تراكمات رؤيتها البصرية هي جرافيكية بسبب اعتيادها على خطوط والدها والكتل الفراغات المعتمدة على الأبيض والأسود.
"مكنش واضح في البداية انا عاوزة أشتغل إيه؟ لكن كنت عارفة أني لازم اعمل حاجة بحبها" بعد التخرج بدأت محاولات مع العمل كمدرسة أو في مطبعة، حتى حازت على تعيين حكومي في إدارة الفنون التشكيلية بالهيئة العامة لقصور الثقافة بالإسكندرية، كونها واحدة من بين الـ 20 الأوائل على جامعتها.
اعتبرتها إسراء النجار فرصة مميزة أن تعمل بشكل مستقر في المجال الذي تحبه، فتنظم من خلال عملها ورش فنون تشكيلية للأطفال من سن 5 وحتى 16 سنة، وكما تعلمهم يمنحونها فرصة للتجريب والعمل بخامات مختلفة "بجرب مع الأطفال في الورش، وأكتشفت منهم حاجات جديدة.. بتعرفي أنه في الفن مفيش ضح وغلط وأنه أي حاجة بصرية حلوة وواصلة للناس هي فن"، دون حاجة لأن تكون أي خامة أو أداة في شكلها التقليدي تاركة للفكرة أن تعبر عن نفسها باي طريقة.
لدى إسراء رؤيتها الفنية الخاصة، التي تحب أن تشاركها مع آخرين في معارض فردية وجماعية، لكن لا يستهويها طباعتها على منتجات وبيعها، فشاركت مع فنانين آخرين رسوماتها في معارض داخل مصر وخارجها، وحصدت عنها جوائز وتكريمات، كما أن لديها مشروعها الفني الخاص "نظرية الفوضى".
بدأ "نظرية الفوضى" منذ 7 سنوات تقريبا، كمشروع أساسي يتفرع منه مجموعة من الأفكار كل فترة، ويقوم على تجسيد الدراسة التي تؤكد أن الطبيعة بكل مكون فيها يمكنها ان تنتج عدد لا نهائي من الاحتمالات "يعني كل مرة تتبعي الهواء والرياح أو البحر هتطلعي برسمة مختلفة، لأنها كل مرة ليها بصمة مختلفة مش هتتكرر"، فتترجم إسراء النجار هذه الرؤية بصريا لتبدع في كل مرة بمحتوى جديد.
ولا تقتصر المعارض على لوحات فنية ورسومات، ولكنها تطوع الخامات من ورق أو خشب لتعبر عن فكرتها، ومن المعارض الشخصية التي اطلقتها معرض "محيط" تم إطلاقه في الجامعة الأمريكية، وآخرها معرض "النهر وأحلام البشر"، بخلاف رسوماتها على أغلفة الكتب والجدران، والرسومات المصاحبة لنصوص أدبية أو فلسفية.
الطائر المحاكي Cairo mockingbird
"مش بحب القراءة وبمّل منها بسرعة، لكن بيستهويني النصوص القصيرة، وكان نفسي في طريقة لتوصيل المحتوى الأدبي والبصري للناس بالمعقة في جرعات صغيرة ومن غير إسهاب وكلام كتير"، رغم حب إسراء للمعرفة وتعطشها الدائم للفن، لم تكمل كتاب للنهاية، وتميل للقراءات القصيرة الموجزة، وحتى في أعمالها الفنية متتبعة مدرسة الـ Minimalism التشكيلية، بمعنى التعبير بأقل التفاصيل.
اكتشاف كل منّا لشغفه، لا يأتي بسهولة "مع الوقت بتعرفي أنتي بتحبي إيه، ولقيت أني كل ما اقرأ حاجة من النصوص القصيرة أو الشعر تعجبني، وبتحفزني أني أرسم وأعبر عنها بصريا" واستوحت من هذه الفكرة، ومن متابعتها لمنصة ألمانية على فيسبوك اسمها "Berlin- Artparasites" قررت أن تطلق منصتها الخاصة لتنشر عن طريقها المحتوى الأدبي المميز مع صورة بصرية جذابة.
في 2015، بدأ طائر إسراء النجار المغرد، الذي يحب المحاكاة والتقليد ويتجول هنا وهناك، في الانطلاق عبر "Cairo- Mockingbird" لتسير خطوات منصتها الفنية التي تجمع بين الاستمتاع بالصورة والرسم إلى جانب نص مكتوب باحترافية بنجاح، وتجد المتابعين شغوفين بما تقدمه.
"في الأول كنت بستغرق وقت طويل في البحث عن النصوص المميزة، والصور والرسومات اللي ممكن تعبر عنها، لكن دلوقتي أسهل" اعتبر كثيرون أن المنصة يمكنه ان تكون منفذا لكتاباتهم كهواة أو فنانين، وبعد فترة صار لدى إسراء النجار قاعدة كبيرة من الكُتاب والفنانين الذين تُنشر أعمالهم على المنصة.
لم تتوقع أن تجد المنصة الصدى والانتشار الواسع الذي حدث، فاستطاعت أن تحصد على إعجاب أكثر من 700 ألف شخص على فيسبوك، ومتابعة أكثر من 200 ألف على إنستجرام "رغم أني من بداية المنصة معملتش ولا إعلان واحد"، لتكتشف أن المشروع بحث وحده عن طريقه كطفل يكبر تدريجيا أمام عينيها.
"ردود أفعال الناس على اختلاف فئاتهم وأعمارهم كانت معجبة باللي بقدمه، وحسيت أنه طالما بعمل الحاجة بصدق هاتوصل للناس" ومع زيادة انتشار الفكرة، وجدت ضرورة أن يكون لها خبرة في التسويق وإدارة الصفحات، وعملت على تطوير المحتوى، وأن تنشر فكرة الكتابة الإبداعية، وتطلب من المتابعين كتابة نصوص على رسوم ومحتوى بصري جاهز، فطورت من المحتوى الذي تقدمه.
تنوي إسراء أن تنتشر فكرة منصتها بصورة أكبر بعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعي، وتخطط أن تنظم لقاءات وورش ومحادثات تجمع كُتاب وفنانين، وتنتج مطبوعات يمكنهم التفاعل معها، خاصة، بعد أن لمست مدى تأثر المتابعين بالمحتوى، ولمسه لمشاعر يملكونها بالفعل ولا يمكنهم التعبير عنها "أوقات ده بيخليني أحس بالمسئولية"، بكن أيضا يمنحها فرصة التعرف على مشاعر جميلة بعد ان كانت منصتها سبب يجمع رجل من مصر وفتاة فلسطينينة ليتزوجا في بورسعيد.
تعتبر إسراء النجار أن كل عمل فني أو مشروع تشارك به تحبه وتضع به جزءا منها، وأن منصتها جعلتها "شبعانة"، وأكثر نضجا في التعبير عن مشاعرها "بقيت مرتاحة نفسيا أكتر، مش بكتم حاجة جوايا وأقدر أطلع وأعبر طول الوقت سواء بالكتابة أو الرسم"، مؤكدة أن الصدق هو ما يجعلها تصل للآخرين، وتسعى أن تنتشر أعمالها كفنانة تشكيلية بصرية داخل مصر وخارجها.
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ٢٣ سبتمبر ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا