إيمان صبحي تلعب بالاحتمالات مع الجمهور في ”ماذا لو؟”
الأكثر مشاهدة
بطبيعتها شخص لا يتوقف عن التفكير والتخيل ووضع الاحتمالات وتحليل كل شيء، تحب التجربة وتبحث دائمًا عما يجعلها تشعر بالحرية، ويمكنها من خلاله صياغة أفكارها إلى العالم. إيمان صبحي شابة مصرية أصبحت معروفة على مواقع التواصل الاجتماعي بـ"ماذا لو؟"، وهو عنوان برنامجها الذي تحاول من خلاله عكس طريقة التفكير، وعن طريق علامة الاستفهام تلك تسرد قصص وحكايات ومواقف مختلفة.
إيمان صبحي وبداية "ماذا لو؟"
في العام 2011 عندما كانت الخريطة السياسية والاجتماعية في مصر تتغيير بشكل تام بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، كانت إيمان صبحي في المرحلة الثانوية وعلى أعتاب الجامعة، تأثرت كما تأثر كل شيء حينها، وحلمت وقتها بالعمل في الصحافة لتتمكن من إيصال أصوات الناس وتتمكن من خلق عالم أفضل، وبعدها بعامين التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة.
بآمال عالية انضمت لقسم الصحافة، وكانت ترى في الصحافة الورقية مستقبلًا جيد رغم كل التنبؤات بانقراضها، وقادها هذا الإيمان القوي إلى إنتاج مطبوعة ورقية باسم "دليل" وتوزيعها على زملائها في الجامعة، تقول إيمان: "فضلت لفترة طويلة مؤمنة بالموضوع وعايزة إننا نحافظ على الصحافة الورقية لغاية ما سافرت منحة لألمانيا واهتماماتي اتغيرت."
أثناء دراسة إيمان الجامعية شاركت مع منظمة Global Experiences في تعليم اللغة العربية للأجانب، وبعد فترة عرضوا عليها فرصة للسفر في منحة إلى ألمانيا لدراسة إنتاج الفيديو والمحتوى الإلكتروني، تحكي: "رجعت من هناك عندي وجهة نظر تانية، وعايزة أشتغل في الماركتينج مش الصحافة."، وبعد عام تخرجت في قسم الصحافة لكنها عملت بالفعل في التسويق الإلكتروني، واستطاعت إثبات نفسها في الشركة، وساهمت في إعداد كورسات خاصة للاجئين السودانيين وخلق فرص تدريب لهم، لكن كل ذلك لم يشبع شغفها الداخلي.
"بعد فترة كنت زهقت من الإدارة فقررت أجرب طريق تاني وبدأت أتعلم SEO (تحسين ظهور المواقع في محركات البحث)"، البداية الجديدة كانت من خلال إحدى الشركات الكبرى والتي مقرها في دبي بالإمارات العربية المتحدة، ورغم اهتمامها بالمجال ومحاولات الاندماج، لكن مرة أخرى شعرت إيمان بالإنهاك من ساعات العمل الطويلة، وعدم قدرتها على التواصل مع الناس، والحديث عن أفكارها وما تريد من العالم، "الشغل كان تكنيكال (تقني) أوي وأنا بحب الحاجات اللي فيها تفاعل مع البشر أكتر."، استمرت في العمل لتأمين نفسها ماديًا، وتابعت البحث عن فرصة تمنحها ما تريد حقًا، وفي هذا الوقت شاهدت إعلان لمسابقة عربية ضخمة تهدف لتدريب وتخريج صناع محتوى إلكتروني جدد، وبتشجيع من زوجها الذي يعمل في صناعة الأفلام الوثائقية، قدمت في المسابقة، "عملت فيديو دقيقة عن الحاجات اللي عملتها في البيت وقت كورونا."، ومن بين أكثر من 10 آلاف متقدم تم قبول إيمان مع 80 شخص آخرين.
بعد اشتراكها في المسابقة وأثناء التدريبات على صناعة المحتوى، فكرت الشابة العشرينية كثيرًا عما تريد تقديمه للجمهور ولم تستطع استخراج فكرة ترضيها، "وفي يوم قبل ما أنام كنت بقول لنفسي هيحصل إيه لو العالم مفيهوش حدود؟.. هيحصل إيه؟.. ماذا لو؟.. هي دي الفكرة."، وعليه قدمت فكرتها في الورشة من خلال مقطع فيديو بعنوان: "ماذا لو كنت غني؟" وحصدت المركز على الأول من بين المشاركين.
التقت إيمان أخيرًا بما تريد ووجدت شغفها الحقيقي في مشاركة الجمهور أفكارها التي تؤمن بها، تؤثر فيهم وتتأثر بهم، أسست صفحة على موقع فيسبوك ومنها انطلقت إلى المنصات الاجتماعية الأخرى، وكان التفاعل الحقيقي والانتشار من نصيب حلقة بعنوان: "ماذا لو صديقك مات؟" كتبتها وصورتها فور معرفتها خبر وفاة أحد أصدقائها، "قبل سنين فقدت صديق ليا وجالي اكتئاب شديد ودخلت مصحة، فلما عرفت خبر وفاة صديقي المرة دي قررت أشارك الناس اللي اتعلمته علشان محدش يقع في نفس الحتة وعلشان سيرته تفضل عايشة."، ومن هنا انتشرت مقاطعها أكثر وأصبح جمهورها يزداد يومًا تلو الآخر.
استطاعت إيمان في مقاطع الفيديو التالية تقديم أفكار مختلفة للجمهور، ووصلت بها للمشاهدين في كل أنحاء الوطن العربي، وتحكي عن أكثر ردود الأفعال التي أثرت بها: "في الكومنتات حد قالي شكلك هتغيري فينا ولا إيه، وفي الرسايل بنت بعتتلي تقولي أنت شكلك شوفتي كتير علشان تبقي حد جميل كده، وفي الشارع ولد راكب عجلة قرب مني وقال بصوت عالي ماذا لو ومشي فضحكت كتير."
وبالطبع الطريق ليس سهلًا، فتلك الحلقات تحتاج تفكير مستمر في أفكار جديدة، وعمليات مطولة من البحث والإعداد والكتابة ثم التصوير والمونتاج، "في كل مرة بحب الفكرة أوي وهي في دماغي لكن وقت ما بكون برفعها للناس ببقى خايفة جدًا ومش حابها بنفس القدر."، ومع ذلك فإن التجربة ككل ممتعة بالنسبة لها رغم الإرهاق وعدم النوم والانشغال بردود الفعل وخشية أن تقول ما لا تؤمن به حقًا.
إيمان صبحي الحالمة التي سعت لدراسة الصحافة طمعًا في تغيير حيوات الآخرين، لم تفقد نفس الرغبة لكنها اختارت طريقًا آخر لتنفيذها، وما تزال تحلم بعالم أفضل وأخف حملًا على الجميع، كما استوقفتها جملة "حضن يضمنا كلنا" في أوبريت الحلم العربي أثناء إعدادها الحلقة الخاصة به، وفكرت في أنها جملة تبدو سطحية و"كلام أغاني" لكنها تعبر كثيرًا عن حاجتنا للإنتماء بحق، "عايزة أحس إني جزء من الكل، إني بنتمي لفكرة وبسعى علشانها."
الكاتب
ندى بديوي
الثلاثاء ١٥ ديسمبر ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا