مسيرة الوزيرة نيفين جامع الشغوفة بالعمل الدؤوب والسعي
الأكثر مشاهدة
خبرة طويلة في القطاع المصرفي، وقدرة على الإدارة وتحقيق التنمية جعلت نيفين جامع تنال منصبها كوزيرة للتجارة والصناعة، بعد سنوات مضتها في الصندوق الاجتماعي للتنمية أكسبتها خبرة توجيه التمويلات للمشروعات المحلية الصغيرة، وتم تعيينها كأمين عام الصندوق الاجتماعي، وأول رئيس لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، الذي حلّ مكان الصندوق.
آخر المشروعات التي تبنتها نيفين جامع، والتي أثبتت من خلالها قدرة على مخاطبة احتياجات السوق والاستفادة من الموارد وتشجيع الصناعة المحلية، كان مشروع "إحلال السيارات القديمة"، الذي صرحت أنه يستهدف إحلال المركبات القديمة التي يمتلكها الأفراد بسيارات أخرى جديدة تعمل بالغاز الطبيعي، وتنتجها شركات مصرية.. سبق المشروع عشرات غيره ومئات القرارات التي تعني أننا أمام خبرة كبيرة وقصة نجاح يجب أن تُروى.
نيفين جامع
في 22 ديسمبر 2019، وقفت نيفين جامع أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي لحلف اليمين الدستورية، كوزيرة للتجارة والصناعة، إلى جانب كونها أول رئيس تنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر منذ تأسيسه في 2017، لتكون أمامها أجندة مهام ترافق معها دخول مصر والعالم في مرحلة صعبة نتجت عن انتشار وباء كورونا، وما أعقب ذلك من ركود كان له تأثيره على الاقتصاد والصناعة.
قبل حلف اليمين بأكثر من 30 عاما، كانت "جامع" قد نوّت أن يكون عملها أحد أهم أولوياتها، فبعد التخرج من كلية التجارة بجامعة القاهرة عام 1984، وزواجها من زميل كليتها مصطفى الجمل، الذي امتلك هو الآخر خبرة في العمل بالبنوك، ورحل مبكرا بعد أن ترك لها مسئولية تربية بناتها، قررت أن يكون القطاع المصرفي هو بداية مشوارها.
في البداية، عملت في البنك الوطني للتنمية، ثم انتقلت للعمل في بنك الكويت الوطني وكونها امتلكت عقلية لها رؤية قادرة على تخصيص المهام وتنظيم الإدارة، أشرفت داخل البنك على تأسيس أول إدارة متخصصة للتجزئة المصرفية، وضعت من خلالها تصميم شامل للمنتجات التمويلية والسياسة التسويقية، التي مكنت من الاستحواذ على أعلى شريحة سوقية.
استكملت "جامع" دراستها الأكاديمية بالحصول على ماجيستير العلوم السياسية في العلاقات الدولية من جامعة كارلتون في كندا عام 1992، وفي الفترة ما بين عام 1995 و1997 عملت كباحثة ومدرس مساعد في العلوم الاجتماعية بقسم العلوم السياسية في جامعة أوتاوا في كندا.
في 2005، كانت نيفين جامع تبدأ المسار داخل الصندوق الاجتماعي للتنمية، الذي اكتسبت من العمل به لسنوات طويلة الخبرة، وتمكنت من أن تضيف له وتطور من مهامه، وكان كل منصب داخل الصندوق تمنحه الوقت والجهد وتسعى لكسر الجمود بقرارات ترتقي بالخدمة التي يقدمها الصندوق وبمعدلات أدائه.
كان الصندوق الاجتماعي للتنمية يعمل على تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة، ويعود تأسيسه إلى عام 1991، وعندما التحقت نيفين جامع بالصندوق عملت على تطوير آليات التمويل، وفي أبريل 2005 ساهمت في إعداد أول سياسة ائتمانية تعمل على تسهيل تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بالصندوق، واستطاعت أن تعمل على إدخال التمويل المباشر للمشروعات ضمن أنشطة الصندوق.
ففي 2006، ترأست "جامع" مجموعة العمل التي تعمل على وضع أسس وضبط إجراءات الإقراض المباشر، التي يمكن اعتبارها واحدة من الخطوات والمنجزات المهمة المؤثرة في آلية عمل الصندوق الاجتماعي للتنمية، ومع توليها لرئاسة قطاع الإقراض المباشر تمكنت خلال ما يقرب من خمس سنوات على أن تجعل محفظة الإقراض تصل إلى مليار جنيه مصري.
من 2005 وحتى 2016، تولت نيفين جامع عدد من الملفات والمهام وأكثر من منصب، فتولت في 2013 رئاسة القطاع المركزي لتمويل المشروعات الصغيرة بالصندوق، وكانت دوما تؤدي بأفضل ما يمكن، وتعمل على إدخال التطويرات والمستجدات التي تساعد على أن يكون للصندوق دور أكثر فاعلية، وكان أبرز ما قامت به التعاون مع إدارات البنوك والجهات المعنية من أجل صياغة استراتيجية تُسهل تمويل المشروعات الصغيرة.
عملت على استحداث آلية التأجير التمويلي بالتعاقد مع شركات التأجير التمويلي النشطة في السوق المصري، وانتهاج سياسة تستهدف تنويع المنتجات التمويليلة المتاحة للمشروعات الصغيرة، وكان لديها حرص شديد على المشاركة في وضع أول سياسة استثمارية للصندوق الاجتماعي للتنمية، فأطلقت ما يمكن اعتباره أول برنامج تمويلي موجه لأصحاب الأفكار الرائدة والمشروعات الابتكارية، وجعلت الصندوق مشارك بالمساهمة في رؤوس أموال تلك المشروعات ليكون ذلك داعم بصورة كبيرة في تشجيع هذا النوع من المشروعات.
كان لتحركاتها في تغيير السياسات التمويلية واستحداث طرق جديدة مساهمة في زيادة فرص أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، واستطاع الصندوق الاجتماعي للتنمية في الفترة من 2013 إلى 2016 أن يستقبل تمويلات بلغت 10.5 مليار جنيه، أي ما يعادل 52% من إجمالي التمويلات التي تم ضخها منذ نشأة الصندوق وحتى نهاية عام 2016.
وفي نوفمبر 2016، تم تعيين نيفين جامع أمين عام الصندوق الاجتماعي للتنمية لتكون أول من يرأسه من داخل المؤسسة نفسها، وتم العمل على تطوير مهامه وفي خلال عام تحول إلى جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بقرار من مجلس الوزراء برقم 947 لسنة 2017، وتصبح جامع أول رئيس تنفيذي للجهاز.
ومع التعديل الذي طرأ على الصندوق وآلية العمل داخله، تمكنت جامع في الفترة من 2016 وحتى 2019 من المساهمة في زيادة تمويلات المشروعات، فبلغ إجمالي ما تم ضخه خلال هذه الفترة ما يقرب من 16.1 مليار جنيه مصري، تم استخدامهم لتمويل 719 ألف و203 مشروع، وساهموا في توفير أكثر من مليون فرصة عمل، كما تلقى الجهاز منح من الدول المانحة بقيمة 509 مليون جنيه تم توجيههم لمشروعات التنمية المجتمعية والبشرية وساعدوا على توفير 42 ألف فرصة عمل في محافظات مصر المختلفة.
الوزيرة نيفين جامع
في يوليو 2020، تم التجديد لمدة عام آخر لنيفين جامع في منصبها كرئيس تنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، كونها عملت خلال فترة طويلة على تطوير أداء الجهاز وساهمت بصورة واضحة في تأكيد فاعلية دوره، من تطوير شامل للخدمات المالية كافة المتعلقة بأصحاب المشروعات الصغيرة، والتوسع في تنفيذ برامج ريادة الأعمل والمشروعات التي تساهم في تمكين المرأة.
وكان دورها في صياغة قانون جهاز تنمية المشروعات واحد من أهم الإنجازات التي عكفت جامع وفريقها على أدائها لمدة عامين، حتى ظهر القانون للنور في 2020 كواحد من أهم القوانين التي تنظم تمويل المشروعات وتحسن من بيئة العمل الاستثماري، وركز أهم محاور القانون على وجودآلية تربط الاقتصاد والعمل غير الرسمي بالرسمي.
ويبدو أن نيفين جامع ككل السيدات، صاحبة مهام متعددة تبرع في تأدية كل منها، فعلى مدار مشوارها المهني داخل الصندوق الاجتماعي للتنمية، شغلت منصب مستشار وزير التضامن ومدير برنامج الدعم النقدي ما بين عامي 2014 و2015، وأدارت مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للبحوث والاستشارات خلال عامي 2013- 2014، ومستشار التخطيط والرصد والتقييم ورئيس للشبكة المصرية للبحوث والتنظيم، كما تولت منصب مدير برامج التخطيط والمتابعة والتقييم والسياسات العامة في منظمة اليونيسيف في الفترة من 2007 إلى 2013.
مجهوداتها الواضحة وعملها الدؤوب يمكن اعتبارهم بوابتها لدخول مجلس الوزراء، حين وقع الاختيار عليها لتكون وزيرة للتجارة والصناعة في ديسمبر 2019، لتكون ثاني سيدة تتولى هذا المنصب، وتتمكن من إدارة ملف التصدير والصناعة وتمويلات المشروعات في واحد من أكثر الأوقات حرجا في مصر والعالم، بعد الركود الذي أحدثه انتشار فيروس كورونا.
تمكنت جامع من خلال منصبها الجديد أن تتولى عدد من الملفات المتعلقة بالصناعة وقدمت أكثر من مبادرة متعلقة باستخدام الطاقة المتجددة في العمل بالمصانع، ودعم الصادرات، ومحاولة احتواء تأثير الفيروس على القطاع الصناعي في مصر، والعمل على مد جسور التعاون مع الدول المختلفة، والمساهمة في دعم الحرف التراثية واليدوية، والسعي نحو نشر ثقافة استخدام السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي.
ما زالت نيفين جامع تقدم كثير من الأفكار الساعية نحو التطوير والنهوض بالصناعة المحلية المصرية، والعمل على تسهيل عمليات التجارة المتبادلة، من خلال منصبها، ويبدو أن شغفها نحو ما تريد الوصول له لن يتوقف، وستبقى واحدة من سيدات مصر والعالم العربي المؤثرات، وأحد أكثر القيادات الحكومية تأثيرا- حسب تصنيف مجلة فوربس- ومن أهم خبراء مجال الاستثمار وتنمية المشروعات.
الكاتب
هدير حسن
الخميس ٠٤ فبراير ٢٠٢١
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا