حبيبة مرزوق فراشة الجمباز الإيقاعي وحلم الأولمبياد
الأكثر مشاهدة
المحتوى:
بدايات اللاعبة حبيبة مرزوق
حبيبة مرزوق وحلم أولمبياد طوكيو 2021
طريق البطولات ليس مفروشًا بالورود
لوحة فنية تسر الناظرين مكوناتها المرونة والرشاقة والحضور، هي الكلمات التي يمكن أن تصف أداء بطلة الجمباز الإيقاعي المصرية حبيبة مرزوق، فمشاهدتها تمنحك شعورًا بالخفة، وتقديرًا كبيرًا لقدرتها الرائعة على تطويع جسدها الممشوق وحركاتها المدروسة، وبالطبع كل هذا القدر من الجمال لا يأتي من فراغ، بل ورائه ساعات طويلة من التمرينات الشاقة، ومحاربة الكثير من الخوف والتوتر، والتضحية بجانب كبير من الحياة الاجتماعية، ومحاولات مستمرة للموازنة بين اللعبة والدراسة، إلى جانب إصرار كبير وحلم لم يفارقها منذ البداية، جعلها الآن ممثلة مصر في الجمباز الإيقاعي في أولمبياد طوكيو 2021.
بدايات اللاعبة حبيبة مرزوق
كأي طفلة تود أسرتها استثمار طاقتها في لعبة رياضية، بدأت حبيبة مرزوق ممارسة الجمباز الإيقاعي في عمر الثالثة داخل أروقة نادي وادي دجلة، أحبت اللعبة كهواية، خصوصًا وأن صديقتها كانت تمارس الجمباز الفني قبلها، فدخلت الاختبارات واجتازتها بنجاح، تحكي: "كل ما كنت بكبر كل ما كانت التمارين بتبقى أصعب، ووأنا عندي 12 سنة المدربين شافوا إن يجي مني.".
دخلت حبيبة مرحلة جديدة في الجمباز الإيقاعي، من الهواية إلى الاحتراف، وبالطبع لم يكن الأمر سهلًا، فهناك الكثير من التمارينات المستمرة والتي كانت تستمر لـ4 ساعات صباحًا ومثلها مساءً، ثم محاولات توفيق ذلك مع المدرسة، "كان صعب بس كنت حباه، خصوصًا لما بلاقي فيه كلام كويس عني وعن مستقبلي."، ساعدها دعم وتفهم أسرتها كثيرًا وكونهم بجانبها طوال الطريق، وشجعهم على ذلك شغفها باللعبة والانجازات التي تسعى لتحقيقها.
وبعد عامين انضمت الفتاة ذات الـ14 عامًا إلى منتخب مصر، وهو السن الفارق في حياة الكثير من لاعبات الجمباز الإيقاعي، لأنه نظرًا لمرحلة البلوغ فإن كثيرات لا يصبحن قادرات على الاستمرار في اللعبة مع حجم الضغوط وصعوبة الحفاظ على الوزن وغير ذلك، لكن حبيبة في هذا الوقت كانت تخطو في اتجاه إثبات نفسها كواحدة من الأسماء المتميزة في اللعبة على المستوى الدولي، وبعد تحقيق العديد من بطولات الجمهورية.
"في 2016 كانت أول بطولة دولية بعد معسكر صعب لمدة أسبوعين في روسيا وتمارين مستمرة"، شاركت حبيبة في بطولة دولية مقامة بكازاخستان واستطاعت أن تخطف أنظار الجميع، بل تفوقت على نفسها وأحرزت ميدالية برونزية لمصر في الجمباز الإيقاعي، كانت هي الأولى منذ أولمبياد سيدني عام 2000. لم تكن تصدق نفسها حين طلبوا منها الدخول إلى منصة التتويج، بل تسألت عن السبب، وفوجئت بكونها أتت في المركز الثالث، "من وقتها بقى عيني على الأولمبياد وده بقى حلمي."
حبيبة مرزوق وحلم أولمبياد طوكيو 2021
المشاركة في الأولمبياد حلم يراود أبطال الألعاب الرياضية المختلفة، وحبيبة واحدة منهم بكل تأكيد، ولذلك استمرت على برنامج شاق من التدريبات المكثفة، وطوال السنوات الأربع الماضية شاركت في معسكرات خارج البلاد، وخاضت غمار المنافسات الدولية في بطولتي عالم و3 كؤوس عالم، "كنت كل مرة بشارك بعمل ريكورد (رقم قياسي) أفضل من اللي قبله وبحس إني بتحسن."
وفي مارس عام 2020 شاركت في البطولة الإفريقية للجمباز الإيقاعي، والتي أقيمت في مدينة شرم الشيخ، وحققت الميدالية الذهبية، واستطاعت تحقيق حلم التأهل للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية المقامة في طوكيو 2021، والتي تم تأجيلها من العام الماضي بسبب ظروف الجائحة العالمية كوفيد-19، وعن ذلك تقول: "مش عايزة التمثيل المشرف وخلاص، عايزة أنافس بجد، والناس تعرف إن مصر موجودة وعندها فريق ولاعبين في الجمباز الإيقاعي."
طريق البطولات ليس مفروشًا بالورود
الطموح ليس مجرد أفكار تداعب خيالنا أو تزورنا في أحلام اليقظة، ولحظة التتويج ودموع الفرح وكاميرات الإعلام ليست بهذه السهولة، بل هي رحلة طويلة من الأمل واليأس، والكثير من المحاولات التي تجد في طريقها العديد من العقبات، وإن لم يتمتع الإنسان بإرادة صلبة، وقدرة على الاستمرار والتشبث، فلن يعرف معنى لحظة الانتصار ومتعتها، هذا بالضبط ما لخصته حبيبة في تعليقها على ما واجهته من الصعوبات الدراسية، ومحدودية الحياة الاجتماعية، وعدم الاستمتاع بالكثير كما يفعل أقرانها، والمعاناة مع الآلام الجسدية المستمرة في كل جزء منها: "كل ده بيهون بفرحة بطولة، وبإحساسي إني متميزة ومختلفة."
ونجاحها على الصعيد الرياضي، لم يمنعها من التفوق الدراسي، نعم، أصبح الأمر أصعب ويحتاج للتركيز والموازنة، لكنها كانت قادرة عليه بجدارة، فبينما كانت تفكر في تقسيم امتحانات شهادة الثانوية العامة على عامين، حتى تتمكن من المشاركة في الأولمبياد، تغيرت الخطة حينما تعرض العالم كله للإغلاق العام الماضي، وتأجلت الأولمبياد، فاستطاعت حبيبة "لم المنهج" في خلال 3 أشهر، ودخلت الامتحانات واجتزتها بتفوق، وهي الآن طالبة في السنة الأولى بكلية الطب، "دراسة صعبة، بس اخترتها علشان نفسي اتخصص في الطب الرياضي."، وتتمنى أن يكون هناك نظرة مختلفة لمحترفي الرياضة فيما يتعلق بالدراسة، حتى يتمكنوا من تحقيق إنجازات بدون الشعور بكل هذا الضغط الدراسي.
"باخد من كل حد الحاجة الكويسة والمميزة فيه"، هكذا تقول حبيبة مرزوق، صاحبة الـ19 عامًا، عن مثلها الأعلى، كما ترى أن كل شخص بإمكانه تحقيق التميز والتفوق في المجال الذي يريده، لكن بشرط أن يكون لديه الطموح والإرادة الكافية لذلك، بجانب الإصرار والقدرة على التضحية بأشياء أخرى، وعن حلمها تقول: "عايزة لما أروح الأولمبياد أعمل حاجة محدش كان فاكر إني ممكن أعملها، مش عايزة أروح وأرجع وخلاص."
الكاتب
ندى بديوي
الخميس ١٥ أبريل ٢٠٢١
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا