7 فروق بين الأنانية وأن تكون أولوية دون شعور بالذنب
الأكثر مشاهدة
المحتوى:
في ثقافتنا لا يبدو أن اقتطاع أي شخص جزءا من وقته لنفسه هو فقط فعلا محمودا، وكأنه إرث من إهمال النفس لا يمكن التخلي عنه، فالشخص اللطيف هو من يضع الآخرين واحتياجاتهم في المقام الأول، أو ان هذا ما يجب أن تسير عليه الأمور، أنت مُسخر لغيرك، ومحاولاتك للرفض أو لأن تقول "لا" وتضع حدودا غير مقبولة على الإطلاق، وسيتم اعتبارها "عجرفة وأنانية"، وينتابك معها شعور بالذنب وكأنك مُقصر.
إذا غرقنا في هذه الفكرة، وتجاهلنا أنفسنا ومشاعرنا واحتياجاتنا حتى لا يتم نعتنا بـ "الأنانية"، نجد أن شعورنا بالضيق والغضب يتملك منّا، والحقيقة أنك تصبح "مُقصر" تجاه نفسك. هناك خيط رفيع بين الرعاية الذاتية وأن نضع أنفسنا اولوية وبين الأنانية، ويحكم هذا الخيط "الحدود Boundaries" و"التوازن Balance"، فيتمكن أي شخص أن يكون لطيف ومتعاون وفي نفس الوقت قادر على أن يحب نفسه ويهتم باحتياجاته.
يكبر بعضنا وداخله خوف من أن يكون "أناني"، فهو نشأ على أن أي وقت يجب أن يكون لغيره، إما تساعد أخاها في دراسته أو تتولى مسئولية المنزل، أو تنزل للتسوق مع صديقتها (حتى وإن لم يكن لديها الرغبة لفعل ذلك) حتى لا تفقدها، تقضي أوقاتا طويلة مع عائلتها حتى لا يشعرون بالوحدة، أو لأن هذا ما يجب أن تكون عليه الأمور، تدرس مجال معين ليشعرون بالفخر، تساعد أختها في ترتيب منزلها، موجودة دائما لتساعد زملائها في العمل حتى وإن طغى ذلك على تأديتها هي نفسها لعملها.
العطاء شعور إنساني نبيل، لكن أن يغفل الإنسان أنه موجود وأن نفسه بحاجة إلى الرعاية، لن يؤدي سوى لمزيد من الضغوط والقلق والتوتر والغضب وعدم الراحة بشكل عام، أن تحظى بوقت تستعيد فيه طافتك ليست "أنانية"، أو أن ترفض وتقول "لا"، ولا تدع المحيطين يشعرونك بالذنب لأنك قررت أن تكون "أولا".
الرعاية الذاتية والأنانية
وما بين "الأنانية" كتصرف سلبي يمحي وجود الآخرين ويستخدمهم ويعتبرهم أدوات لتحقيق منفعته الخاصة، وبين "أن تكون أولوية" كحاجة إنسانية بديهية تمكنكم من الاستمرار والقدرة على العطاء واختيار أنفسكم دون شعور بالذنب أو التقصير، تلك الفروق يمكنها أن تساعدكم:
1. الرعاية الذاتية تحسن من شخصيتك
الأنانية لا تعرف العطاء، ولا يفهم الشخص الأناني أن يستقطع من وقته وجهده للقيام بأي شيء لن يعود عليه بالنفع. وعلى العكس تأتي الرعاية الذاتية Self-Care، فأنت تريد المساحة لتكون أفضل، فإذا قمت بإجبار نفسك على الخروج مع أصدقائك والاستماع لهم، أو محاولة العمل على مشروع وتصب كل أفكارك بداخله أو حضور جلسة عائلية، دون أن تمتلك الطاقة لفعل ذلك، ستبدو منهك ومتعب غير قادر على التقاط أنفاسك.. في حين قررت أن تتخذ خطوة للوراء، تستوعب فيها ما يحدث وتقضي وقتا بمفردك تختار أنشطته بنفسك أو تختار عدم القيام بأي شيء، سيعيد لك هذا الطاقة من جديد ويحسن من تواصلك مع المحيطين بك، ومن جودة العمل الذي تقوم به.
2. أنت وحدك المسئول
أتعرفون ما هي الأنانية فعلا؟ أن يستكثر المحيطون بكم أن تكونوا بخير وأن تقضوا أوقاتكم بالشكل الذي يمنحكم الراحة، خاصة أن الاستمرار في محاولة التواجد بين الناس ومنحهم دوما من وقتك وجهدك، دون أن تراعي احتياجاتك أو تهتم بما يمكن أن يسعدك، لن يضرهم ذلك في شيء، لكنك ستبقى وحدك من يشعر بالأذى، ستصبح كالمكبل بالأثقال يحاول أن يزيحها دون جدوى، ولا يملك أحد أن يساعدك في ذلك أنت وحدك المسئول عن إنقاذ نفسك.
لولا لحظات السلام الصغيرة ما كنّا لنبقى قادرين على الاستمرار، امنح نفسك ما تريد من الوقت، اشتري الأشياء التي تجعلك تشعر بالسعادة، شاهد فيلما وحدك، افعل ما تراه مناسبا لك دون أن تشعر بالذنب أو التقصير، المهم أن تكون قادر على لملمة أوجاعك وجمع شتاتك فلا أحد سيقوم بذلك نيابة عنك.
3. استخدام الآخرين
الفارق الواضح بين رغبتك في أن تحظين بوقت لنفسك، واضعين احتياجاتك أولوية، وبين أن تكوني بالفعل "انانية" يعتمد بصورة كبيرة على استخدام الآخرين، بمعنى أن تكونين متواجدة فقط في الأوقات التي يكون فيها المحيطون بكِ في حالة جيدة وينقلون لك فقط المشاعر الإيجابية، أي أن يكون وجودهم عائد بالنفع لكِ، وتستخدمي محبتهم أو تواجدهم لإشباع رغبات مادية أو نفسية، ويكون التخلي والرحيل هو رد فعلك إذا لم يكن للأمر جدوى بالنسبة لكِ.
على العكس تماما، تأتي رغبتك في وضع الحدود والموازنة ما بين ما هو لكِ وما يمكن أن تمنحيه لغيرك، فانعزالك أو ابتعادك خطوة للوراء في بعض الأوقات لا يعني أنك تأذين أحدا، أو أنك تستخدمين الأشخاص لصالحك، كل ما تريدين فعله أن تكوني قادرة على التواجد دون الشعور بالثقل، وأن تعودي بطاقة أكبر تمنحيها لكل من تحبينهم ولنفسك أيضا، وعلى المحيطين بك ألا يفسرونه باعتباره عقاب أو رسالة موجهة لهم بالرحيل، ولكن يمكن تشبيهه بفرصة لـ "التقاط الأنفاس".
4. لا يعني التجاهل
عندما تقرر وضع نفسك أولا، وتغليب مصلحتك أو احتياجاتك على ما يمكن أن يحتاجه الآخرون منك، لا يعني بالضرورة أن تتجاهل وجودهم أو تعتبرهم عبء كما يعتقد الشخص الأناني، أنت فقط تطلب المساحة لتقوم بما يمكن أن يجعل روحك أكثر خفة ويمكنك من القدرة على العطاء والتواجد دون أن تشعر بأن العالم يقف فوق صدرك.
5. مقدار الحب
إذا تركت نفسك تهلك، فلن يكون هناك متسع للحب بداخل قلبك، الأناني يعتقد أن سعادته أهم من مشاعر الآخرين ويمكنه ببساطة أن يأذي من حوله، والشخص المعطاء يمكنه أن يغفل سعادته وأهمية احتياجاته ويضع من يحبهم أولا. التوازن بين هذا وذاك هو السر الذي يجعل الحياة تسير بشكل أكثر سلاسة، فإذا لم تتمكن من إعطاء نفسك الحب الكافي، فلن تكون قادر على محبة الآخرين، ولذلك احتياجاتك أولوية واستقرار وضعك النفسي يأتي أولا.
6. الشعور بالأمان هو الدليل
تأتي رغبة الأشخاص الأنانيين في أن يكون كل ما يحدث يدول حولهم وعنهم من شعورهم غير المعلن بعدم الأمان، فهم يتصرفون وفق اعتقادهم بأنهم لن يكونوا كافيين لأحد وبالمثل لا أحد يمكنه أن يكون كافي، ولكن عندما يختار الشخص أن يضع نفسه كأولوية فهو يضمن لنفسه أن يبقى في مساحة تُشعره بالأمان وتجعله يعلم بمحبة وتقدير الآخرين النابعة من اهتمامهم به لذاته، لا لما يقدمه لهم.
7. استراحة محارب
نضالنا اليومي مع الحياة بمواقفها الثقيلة والشديدة، وكذلك انغماسنا في العمل ومشكلات العائلة والأصدقاء وما نحتك به على مواقع التواصل الاجتماعي يمكنه أن يجعلنا في نهاية المطاف منهكينن وقد يصل الأمر إلى تعب جسدي ومشاكل في التركيز وضعف في الجهاز المناعي، لذلك الاستراحة والانعزال تصبح ضرورية ولا تعبر عن أي أنانية، ولكنها هدنة حتى يتمكن الشخص من استكمال حياته بصورة طبيعية.
وكل منّا يختار أن يقضي استراحته بالشكل الذي يناسبه، إما بقضاء وقته بمفرده تماما دون فعل أي شيء يحاول أن يستوعب ما يمر به بعيدا عن أي أنشطة وتفاعلات اجتماعية، أو يلجأ إلى السفر أو الأنشطة الفردية التي تمنحه شعورا بالسعادة وتمكنه من التعافي.
اهتموا بنفسكم، واحرصوا على أن تمنحوا من تحبون الوقت والاهتمام كذلك، المهم التوازن دون أن يسلب أحدكم حق الآخر.
الكاتب
احكي
الخميس ٢٧ مايو ٢٠٢١
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا