اضطراب الشخصية الحَدية.. ما هو؟ وأسبابه؟ والتعامل معه
الأكثر مشاهدة
المحتوى:
1- ما هو اضطراب الشخصية الحدية
2- أعراض اضطراب الشخصية الحدية
عندما تفقد بوصلتك، ويكون عدم الراحة هو الشعور الدائم، يصبح عندها رد فعلك على أي تصرف بسيط يأتي مبالغا به، دائما ما توصف بالتهور وتعاني من تقلبات مزاجية ومتشكك على الدوام، للدرجة التي تجعلك تثور وتغضب ثم تندم، تتمنى أن تدوم علاقاتك بمن تحبهم، ولكن تأتي تصرفاتك قاسية كأنك تتعمد إبعادهم عنك، بينما يتمنى عقلك ألا ينصتون لك ويغادروا بالفعل، معتقدا أنك شخص صعب المراس، دون أن تدرك أنك قد تعاني مع اضطراب الشخصية الحَدية.
ما هو اضطراب الشخصية الحدية
الاضطرابات الشخصية هي أشكال من التصرفات والسلوكيات التي غالبا ما تكون غير منطقية أو مبررة سوى لصاحبها، وتؤثر بصورة ملحوظة على أدائه الاجتماعي وتصيبه بعدد من المشكلات النفسية، غير أن هذه الاضطرابات تمنح الشخص صورة مغايرة عن الواقع أو عن ذواتهم بعيدة عن ما يحدث بالفعل، ويتم ملاحظة اضطرابات الشخصية في عمر مبكر من الممكن أن يبدأ مع الطفولة أو المراهقة.
وتتعدد اضطرابات الشخصية، ويأتي من بينها اضطراب الشخصية الحَدية Borderline Personality Disorder، الذي قد تظهر أعراضه في مرحلة المراهقة، ويعاني فيه الشخص من صعوبات التعامل مع الهجران والفقد، ويشعر بعدم الاستقرار النفسي لخوفه المستمر من الوحدة، ويبدأ سلوكه يعكس وضعا مغايرا، فيكون سريع الغضب والانفعال ومتقلب المزاج، يأتي بتصرفات حادة وفي غير موضعها المناسب، وكأنه يدفع الآخرين بعيدا عنه، في حين لا يمكنه تحمل فقدانهم.
لهذا الاضطراب أسماء أخرى، منها اضطراب الشخصية غير المستقرة عاطفيا، وغالبا ما تتطور الحالة النفسية لمريض اصطراب الشخصية الحَدية مع مرور الوقت وبشكل متسارع، كونه يؤثر على الصحة العقلية وطريقة التفكير، فيبدأ المصاب به بالتشكك في مشاعر الآخرين وتفسير عاطفتهم نحوه بصورة مغايرة وغير حقيقية، ويقوم بردود أفعال عنيفة، ويحاول الهرب والانعزال بينما هو لا يملك القدرة على فعل ذلك، حتى يصل به الأمر إلى الشعور بالإهانة وعدم الثقة بالنفس، ورسم صورة سلبية عن ذاته، فأسوأ ما يفعله هذا الاضطراب هو هدمه للشخصية وتدميره لنظرة الفرد عن نفسه.
ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى تقلبات متعلقة بالمشاعر تجاه الآخرين، فرغم علمك بمحبتهم تفسر أبسط التصرفات الصغيرة على أنها رفض لوجودك، فتبدأ في التنازل من أجل الحصول على رضاهم، ولكن يبدو أن ذلك ليس كافيا، لأنك تشعر بعدها بالذنب وتستمر في لوم نفسك مع أي موقف تفسره أنت على أنها عدم احتواء كافي لك، فتكرههم وتكره نفسك، وتظل في حالة من عدم الاستقرار الذي قد يدفع نحو تصرفات متهورة مثل تناول المخدرات أو تجربة أنشطة خطرة، أو محاولة إيذاء نفسك والتخلص من حياتك، حتى تطلب المساعدة.
أعراض اضطراب الشخصية الحدية
إذن، كيف يمكنك معرفة أن ما تعانيه هو حقا اضطراب في الشخصية، وأن الأعراض التي تعاني معها يمكن تشخصيها على أنها اضطراب الشخصية الحَدية، بالتأكيد لا يمكن أن يؤكد ذلك سوى الطبيب المختصن ولكن هناك مجموعة من الأعراض التي يمكنها أن تكون دليل، ويأتي منها:
- عند الشعور بعدم الاستقرار العاطفي أو فقدان الإحساس بالأمان.
- تقلبات مزاجية عنيفة دون مبررات واضحة، من المزاج الحاد والاكتئاب والقلقإلى لحظات السعادة المفرطة.
- الشعور بالملل والفرغ.
- الخوف المستمر من هجر الأصدقاء وأفراد العائلة، والاتيان بأي تصرف حتى وإن كان بعيدا عن مبادئك، من أجل الاحتفاظ بمحبتهم، التي تتوهم أنك تفقدها.
- أن تكون الصورة الذاتية غير مستقرة وتعاني من التشويه، فدوما ما تقلل من قيمتك، وترى أن شخصيتك تسبب لك الكثير من المشكلات، وتبدأ في الشعور بالذنب واحتقار الذات.
- عدم الاستقرار العاطفي تجاه الأشخاص أو لوصف المشاعر، فهي إما حالة حب شديدة، أو مقت وكره، وسرعة الانخراط في علاقات عاطفية والتعلق بالطرف الآخر واعتبارها العلاقة المثالية، او الرغبة في التخلص منها والبعد والنعزال، والإصابة بخيبة الأمل.
- الاندفاع السلوكي للقيام بتصرفات غير محسوبة، وقد يكون لها نتائج خطيرة مثل الإنفاق ببذخ ودون حساب، القيادة بصورة متهورة، تناول المواد المخدرة، السرقة
- الغضب الشديد غير المبرر- من الممكن بسبب عدم الاتزان العاطفي المخفي- ولا يمكن السيطرة عليه، والذي قد يتسبب في خسارة الأشخاص المقربين، ويليه شعور عارم بالندم والذنب.
- عدم القدرة على التحكم بردات الفعل والحديث، فقد لا تدرك أن ما تقوله أمر لا يجب أن تخبر به مديرك على سبيل المثال.
- الانفصال أحيانا عن الواقع والإحساس بالهوية، وسيطرة الأفكار القلقة التي قد تؤدي إلى نوبات ذهان قصيرة، يكون فيها الشخص محاط برؤية ضبابية كأنه غير قادر على الاتصال بالعالم من حوله.
- محاولة إيذاء النفس بشكل مباشر، إما عن طريق جرح الجسم أو محاولة الانتحار.
- ومن الممكن أن تظهر أعراض ومضاعفات من اضطرابات نفسية أخرى، مثل الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب، أو الضطرابات القلق، واضطرابات الأكل، وتشتت الانتباه، فيصبح الشخص غر قادر على استكمال مراحل التعليم أو العمل، ويؤثر الأمر على حياته الاجتماعية بصورة كبيرة.
أسباب اضطراب الشخصية الحدية
مثل أغلب الاضطرابات الشخصية والنفسية، من الصعب التعرف على السبب الحقيقي لظهورها والإصابة بها، ولكن هناك مجموعة من العوامل التي يمكن الإشارة إليها على أنها مساهمة في ارتفاع احتمالية الإصابة باضطراب الشخصية الحدية، ومنها:
العوامل الوراثية: قمن الممكن أن العائلة تمتلك تاريخ وراثي مع المرض، إما بإصابة أحد أفراد الأسرة المقربين أو الوالدين أو الأشقاء.
عوامل متعلقة بالدماغ: الطريقة التي تتفاعل بها أدمغتنا مع الواقع محتلفة بصورة تامة، ومن الممكن أن يكون هناك تغيرات وظيفية وهيكيلية في الدماغ تؤدي إلى الإصابة باضطراب الشخصية الحدية (رغم أنه لا يوجد ما يثبت ذلك علميا بعد).
عوامل بيئية واجتماعية: قد يحدث الأمر نتيجة التعرض لأحداث مؤلمة في الحياة كان من الصعب تجاوزها والتعامل معها، مثل الهجر، أو فقدان شخص عزيز، أو الإساءة مثل التحرش الجنسي.
ومع هذه الأسباب، أصيب بعض الأشخاص دون وجود أي من هذه العوامل.
علاج اضطراب الشخصية الحدية
لا تتعامل مع الأمر وكأنه لا مفر، على العكس، بدأت الأمراض النفسية والاضطرابات الشخصية تلقى اهتماما واسعا وتحظى بفرص التطوير واعتماد الوصفات العلاجية الناجحة بالفعل، ويمكنكم التأقلم مع اضطراب الشخصية الحدية أولا بزيارة الطبيب المتخصص الذي يمنحكم المساحة للتعبير عن أنفسكم ويدلكم على العلاج المناسب.
من الممكن أن يتنوع العلاج، ما بين العلاج المعرفي السلوكي، الذي يفتح الباب أمام تحليل التصرفات وفهم الدوافع والتعامل مع المشاعر واتخاذ القرارات، والتعرف على سبل التحكم في الغضب وضبط ردود الأفعال،إلى جانب العلاج الدوائي الذي يعمل على ضبط كيمياء الدماغ التي تعرضت للتخريب.
لا تعتبر أن تشخيصك باضطراب الشخصية الحدية هو "وصمة" عليك أن تُخفيها، فالأمر متوقف على مدى انفتاح المحيطين ومعرفتهم، لأن الجهل بالأمر هو ما يسبب الارتباك والرفض، ولذلك من الممكن أن يكون هذا دورك تجاه نفسك أولا، فتقبل الأمر وتعامل معه، تلقى العلاج وتسلح بالمعرفة والقراءة المستمرة.
ما يحتاجه مريض اضطراب الشخصية الحدية
في البداية، يحتاج الأشخاص الذين يتم تشخصيهم باضطراب الشخصية الحدية إلى التقبل والتفهم والدعم، ومحاولة مراقبة تصرفاتهم في حال قاموا بسلوك مؤذي تجاه أنفسهم، خاصة، أنهم معرضون لمحاولات الانتحار، مع القيام بذلك بحرص شديد ودون أن يشعروا بأنهم محاصرين، وعدم الاقتراب وتقديم الدعم والمساندة والحب دون التأكد من قدرتك على استكمال الطريق، وأن تتسلح بالصبر وتنصت له، منحه الشعور بالرضا والأمان وعبر له عن مشاعرك الحقيقية والمنطقية، دون أن تشعره وكأنك تعطف على حالته الصحية، فالمهم هو الصدق.
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ١٦ نوفمبر ٢٠٢١
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا