مباديء تربية الأطفال التي تجعلهم أشخاصا أفضل
الأكثر مشاهدة
نعلم جميعا أن طفولتنا لم تكن الأفضل، وأن جهود آبائنا ومحاولاتهم ظلت حبيسة أفكار مغلوطة عن التربية، فالضرب في كان عقابا من المعتاد أن تعتمد عليه الأسر، والحزم وعدم القدرة على الإنصات جعلنا نتكتم ونغلق على أنفسنا، فصار الغضب هو السائد، لكن رفضنا لتقبل هذا الإرث يجعلنا نحاول أن نكون نسخة أفضل من آبائنا، فنبحث عن مبادئ تربية الاطفال التي تساعدنا على أن نخلق منهم أشخاصا جيدين لأنفسهم ولمجتعهم.
ليس المطلوب أن يكون أطفالنا مثاليين لا يُخطئون- فهذا غير منطقي- ولكن ما يجب أن نسعى له جديا هو أن يكونوا سعداء محبين لأنفسهم ومتقبلين لعيوبهم قبل مميزاتهم، وقادرين على التعلم من الخطأ والتجربة، ولديهم روح المثابرة ليكونوا أفضل، وقادرين أيضا على التعاطف والعطاء وحب الآخرين.
من الممكن أن نصاب بالارتباك والإحباط في خضم محاولاتنا لاتباع أفضل أساليب التربية، غير قادرين على تنشأة أطفالنا بالصورة التي تجعلهم سعداء، قابلنا التحديات المتعلقة بموروثاتنا الشخصية وتوقعاتنا وأحلامنا لأطفالنا، وكذلك ضغوط المجتمع وتوقعاته، ونعتقد حينها أننا نفشل كل يوم، وأنه لا طائل من هذه المحاولات، ولكن يمكن لبعض الأدوات والمعرفة الحقيقة عن تربية الأطفال أن تساعدنا، ولا داعي للقلق من المحاولة والتعلم من الخطأ نحن أيضا.
التربية الإيجابية
أن تربي طفلك بطريقة تعزز السلوك الإيجابي، وتمنحه المساحة الآمنة للتواصل والتعبير عن مشاعره وأفكاره، وتلبي احتياجاته وتتابع اهتمامته التي قد تأتي مختلفة وغير تقليدية في كثير من الأحيان، يعد ذلك من أدوات التربية الإيجابية، الذي انتشر مؤخرا كأسلوب من الأفضل اتباعه كي يساعدكم على تنشئة أطفال صالحين.
"الأبوة الإيجابية (التربية الإيجابية) هي علاقة مستمرة بين الآباء والأطفال قائمة على الحب والتعاطف والرعاية الشاملة للطفل وتعليمه وقيادته وتلبية احتياجاته باستمرار دون قيود أو شروط" هذا ما اعتبر خبراء حول مفهوم التربية الإيجابية، الذي يقوم على العطاء دون شروط، في حين أشارت لجنة أوروبية أن التربية لا تتوقف على ذلك فقط- فكما يوضح موقع Positive Psychology- يتضمن الأمر مجموعة من الأساسيات الأخرى التي تفترض أن جميع الأطفال يولدون جيدون، ولديهم الرغبة في فعل الأمور بطريقة صحيحة.
وتعتمد التربية الإيجابية على: احترام عملية نمو الطفل والاعتراف بما هو مناسب لكل مرحلة، الحرص على توفير الأمان والدفء العاطفي للأطفال، إظهار التعاطف مع مشاعر الأطفال وعدم الاستهانة بها، عدم اللجوء إلى العنف إطلاقا، تقديم حب غير مشروط، مكافأة الإنجازات، التعرف على احتياجات الطفل وتوفيرها.
ومن أهم أدوات التربية الإيجابية التي يمكنكم الاعتماد عليها لتكونوا آباءا أفضل وتساندون أبناءكم ليصبحوا أشخاصا أكثر سعادة:
1. التواصل الجيد
التواصل مع الطفل هو أهم طريق التربية الإيجابية السليمة، كونه يخلق مساحة بينكما تساعدك على فهم دوافعه والتعرف على ميوله، ومحاولة توجيهه بما يتناسب مع طبيعة شخصيته، فاحرص دوما على الاستماع إليه، اسأله عن يومه، واحكي بعض تفاصيل يومك أيضا، حاول أن تتعرف على مشاعره، والأحداث التي أزعجته أو أسعدته على مدار اليوم.
من المهم أن يقوم التواصل على الهدوء والقدرة على منح الطفل الشعور بالاطمئنان، كأنه يتحدث لصديق لن يحكم عليه، وإذا أردت أن تمنعه عن سلوك سيء، يُفضل أن تذكر ذلك من خلال حكاية توضح آثار ما فعله مثلا، وابتعد عن الصرامة العنيفة، فالمهم أن تُبقي العلاقة بينكما تحمل التقدير والاحترام والمودة
يجب أن تهتم بطريقة التواصل التي يمكنها أن تتناسب مع طفلك، فإذا كان الحديث وإجراء حوار وسيلة أحد الاطفال، من الممكن أن يكون اللعب أو التواصل من خلال الحكايات وسيلة طفل آخر، ومن الممكن أن يكون طفلك قليل الحديث عن مشاعره وأحداث يومه، وقد يكون محب للمشاركة، ولذلك عليك ضبط الأمر ليبقى متوازنا ومناسبا لطفلك ولك.
2. الإنصات باهتمام
قدرتك على أن تُنصت لطفلك، هي واحدة من الأدوات التي تجعله يشعر أنه مهم ومسموع ومحاط بالاهتمام الكافي، لذلك يجب أن تستمع لأطفالك جيدا وأن تكون قادرا على أن تمنحهم الوقت، وأن تتصف بالصبر، فقد لا يملك الأطفال الأدوات التي تجعلهم يعبرون عن أنفسهم بطلاقة وباستخدام الكلمات الصحيحة، لذلك اجعلوهم يشعرون بالراحة والحرية والاطمئنان أن آباءهم منصتون لما يقولونه أيا كان.
لا تعتبر التواصل مساحة لتحاضر فيها كأب أو أم عن الخطأ والصواب، ولكن انتصتوا لهم وكأنكم تتعرفون إلى صديق جديد تريدون أن تستكشفوا المزيد عنه، الإنصات وتبادل الحوار من شأنه أن يجعلهم قادرين على تحليل المواقف التي تصادفهم والعمل على حل المشكلات، فكأنهم يفكرون معكم بصوت عالي، ولذلك لا يجب أن يكون لديكم إجابات جاهزة لكل أمر، بل احرصوا على أن يتعرفوا على الخيارات التي يملكونها بأنفسهم، ويذهبون إلى ما يناسبهم.
3. التواجد والوقت الكافي
من المزعج والمؤذي، أن يشعر أطفالك أن والديهم متاحين لبعض الوقت فقط، من الممكن أن تخالف الظروف طموحاتنا من أجل أن مضي مع أطفالنا أوقاتا اطول، ولكن المهم ألا يشعروا بذلك، وكأنكم آباءا بدوام جزئي Part Time، على العكس، رغم انشغالكم من المهم أن تكونوا متواجدين وتجعلوا الطفل أولوية.
يجب أن يكون للطفل وقت خاص به على مدار يومكم- حتى في ظل انشغالكم الدائم- كأن تجلسون معه يوميا ساعة قبل النوم ويكون كل وقتكم له وحده، فلا تتطلعون غلى هواتفكم أو تتفحصون بريدكم الإلكتروني وتتابعون العمل، فهذا هو وقته، حتى لا يشعر بالوحدة ويحاول جذب انتياهكم بطريقة غير سليمة عن طريق التجراب والأخطاء المؤذية له، كما يجب أن تكونوا دوما متواجدين في الأوقات المهمة له، حفلاته في المدرسة وتدريبات اللعبة التي يفضلها وحتى في مرضه.
4. المشاركة والاهتمام
الإنصات والتواصل والتواجد هم من أشكال الاهتمام الذي يحتاجه الطفل، ولكن عليه أيضا أن يتعلم المشاركة، فتقومون بإشراكه في مهام منزلية بسيطة ليشعر أنه جزءا من عائلة متعاونة ومحبة، وأن له دور مهم مع إخوته وأبويه، كما يمكن أن يشارك ألعابه، ثم أفكاره وطموحاته ويتلقى الاهتمام الكافي، فلا يتم صده أو أن تطلبون منه التوقف عن الحديث، ولكن ساعدوه على تنظيم الأفكار.
5. مساعدة الآخرين
يجب أن تكون معطاء مع طفلك، وتلهمه ليساعد الآخرين، فالحياة لا تعني أن يكون هو سعيد فقط، ولكن يحب أن يهتم للآخرين ولاحتياجاتهم ويحرص على مساعدتهم قدر الإمكان، فيساعد أصدقاءه في المدرسة ووالديه في المنزل وإخوته، حتى يفهم أن العطاء والمساعدة هما الطريق ليصبح شخصا افضل، ويمتلك روح التعاطف مع الآخرين والاهتمام بهم أيضا.
6. مدح السلوك الإيجابي
لا تعتبروا أن سلوكه الإيجابي أو قيامه بفعل الأشياء بطريقة جيدة وصحيحة أمر مسلم به، لكن اهتموا دوما ان تمدحوا التصرف الجيد وتعززوا ثقته بنفسه، حتى يكون قادرا على فهم تأثير السلوك الجيد على من حوله وعلى نفسه، وأن يترسخ في ذهنه تفضيل القيام بالأمور الإيجابية والجيدة، بينما الاعتماد على الشكوى واللوم عند أي خطأ لن ينتج سوى مزيد من الأخطاء التي يقوم بها لأنه بات يعتبر نفسه شخصا سيئا.
7. الدعم والتشجيع
يجب أن يشعر الطفل من والديه بالدعم دوما، بمراعاتهم لما يحبه أو يريد القيام به، فيشتركون له في اللعبة الرياضية التي يحبها أو يحضرون له زي البطل الخارق المفضل له، ويتركون له شعره بالشكل الذي يريده دون الانصياع لمعايير المجتمع التي تحجمه، أو السخرية منه ومحاولة تثبيط عزيمته، فلا تخبروا أطفالكم أنه لن يستطيعوا أو اهم فشلةن على ال
8. التوقف عن اللوم والبدء بحل المشكلات
لا تعتمد في تربية طفلك على استخدام الجمل التي تلوم أفعاله دوما، كأن تقولون له "انت دوما تقوم بواجبك بطريقة خاطئة"، "لماذا لا تعرف كيف تمسك بالكوب"، وبدلا من ذلك اهتم بالتعامل مع المشكلة نفسها التي تؤدي إلى حدوث الخطأ أو التصرف السلبي، وابدأ معه في وضع طريقة لحلها، وعرفوا الطفل على العواقب من وراء تصرفاته الخاطئة، ليس بأسلوب العقاب والمنع، ولكن كنتيجة طبيعية لسلوكه السيء.
9. مراعاة الاختلاف
من المهم أن يُدرك الآباء أن كل طفل مختلف عن الآخر، وأن الأطفال ليسوا صفحة بيضاء يمكن تخطيطها بالصفات التي ترونها جيدة او يمكنكم التحكم بما يمكن أن يرد غلى عقولهم، على العكس، يولد الاطفال بشخصية محددة تحمل في جوانبها المختلفة السلبي والإيجابي، لكن المهم أن تعززوا السلوك الإيجابي وتحاولون ترويض السلوكيات السلبية وتخمدوا تأثيرها داخله.
ومن المهم أن تهتموا بالتعرف على شخصية أطفالكم، ولا تتوقعوا ان يتم توجيههم وترغيبهم بنفس الطريقة، فلكل طفل شخصيته المتفردة بدءا من ميوله واهتماماته وتجاربه، وحتى طريقة تعبيره عن الحب أو لغة الحب التي يمكن استخدامها معه، وما يغضبه أو يزعجه، فحاول التعرف عليه دون تغييره وتقبله كما هو.
10. ثقافة الاعتذار
إذا اخطأت في حقه، اعتذر له، تخلى عن الأفكار التي تعتبر أن قوة الشخصية يأتي من الحدة والظهور دوما كشخص لا يُخطيء، فهذا غير منطقي، الشخص السليم هو من يعتذر عندما يقوم بأي خطأ، ولذلك يجب أن تغذي ثقافة الاعتذار في المنزل، فأي فرد في العائلة يجب أن يعبر عن اسفه عندما يأذي من حوله أو يقوم بفعل سيء.
11. أنت القدوة
لا تتوقعون أن ينجذ الأطفال نحو السلوكيات الإيجابية دون أن يكون آباءهم قدوة لهم، فلا فائدة من أن تطلب منهم الاستماع لما تقوله دون أن تنصت أنت لهم بالأساس، أو أن تأمرهم بالتوقف عن الغضب في حين يرون كل مرة ثورتك وغضبك الشديد من الأفعال الخاطئة التي يقومون بها.
أنت البداية، حاول أن تكون ما تريد أن يصبح أطفالك عليه، فمن غير المنطقي أن تطلب الأم من الطفل أن يتوقف عن التشبث هي بينما هي لا تمنحه الوقت الكافي، فالعطاء وأن تبدو بصورة القدوة وتملي عليهم ما تقوم به أنت أولا، سيجعل الأمر متوازنا دون تناقض.
12. الحب المطلق (دون شروط)
محبتكم لأطفالكم لا يجب أن تكون مشروطة، أو تربطوها بسلوكهم، فلا تخبرونهم أن يتصرفوا بطريقة مهذبة حتى يتلقوا الحب منكم "خلص طبقك عشان أحبك" أو "اعمل الواجب عشان تلعب مع أصحابك"، ولكن ما يجب عليهم التأكد منه هو أنكم تحبونهم دوما وأن محبتكم ومشاعركم تجاههم لا يمكن أن يؤثر عليها تصرف خاطيء، وحتى لا تهتز ثقتهم بأنفسهم أو يفقدوا الشعور بالأمان.
الكاتب
احكي
الثلاثاء ٠٧ سبتمبر ٢٠٢١
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا