علامات قلة الثقة بالنفس وكيفية استعادتها
الأكثر مشاهدة
سواء كنتِ أنتِ عزيزتي القارئة من عانيتِ من قلة الثقة بالنفس، أو تعرفين أشخاصاً في حياتك يعانون منها، فمن المؤكد أنكِ تعلمين أن قلة أو انعدام الثقة بالنفس هي واحدة من أكبر المشاكل الشخصية التي يعاني منها الإنسان، والتي تؤثر بشكل كبير على حياته بشكل مباشر وغير مباشر سواء بالقرارات التي يتخذها أو تلك التي كان من الممكن أن يتخذها.
نلقي الضوء في ذلك المقال على بعض من معالم المشكلة، مثل علامات قلة الثقة بالنفس وأسبابها، وكيف يمكن تجاوز ذلك العائق.
أسباب عدم الثقة بالنفس
كما توجد الإعاقات الجسدية التي تمثل عائقاً للشخص يمنعه من ممارسة حياته بشكل طبيعي وبعضها يتطلب قدراً من العمل الحثيث من أجل التأقلم عليه وتقبّله وخوض معترك الحياة مع الإعاقة الجسدية، توجد أيضاً إعاقات نفسية وتتطلب هي الأخر قدراً من العمل عليها لا من أجل التأقلم عليها رغم ذلك، بل من أجل تخطيها، ولتحقيق ذلك يجب أولاً فهم الأسباب التي تنتهي بالإنسان بأن يكون فاقداً للثقة في ذاته غير مدرك لما يمكن أن يحققه لنفسه، هذه بعضها
التنشئة
تؤثر البيئة التي نشأ فيها الطفل سواء كانت أسرته المباشرة أو محيطة الإجتماعي الأوسع في مرحلة الطفولة بشكل رئيسي على تطور ثقته بنفسه وبقدراته، فهي إما تستخرجها من داخله كما تُستخرج المعادن النفيسة من باطن الأرض عن طريق تشجيعه عند تعبيره عن آرائه مثلاً أو الإثناء عليه عندما يأتي بتصرف جيد، أو في الاستماع له ولما يدور بداخله من أفكار وتساؤلات على محمل الجد، أو تجهضها في المقابل عن طريق عكس ما سبق بالضبط.
هذا من ناحية الإهمال، كذلك فالتنشئة القاسية والمتحكمة تؤدي لنفس النتيجة، فقد يكون الوالدان أو أحدهما يعتمد طريقة فرض السيطرة على الإبن/ة خاصةً في الأسر المحافظة، بما يدفع الوالدان لرفض الاستماع لآراء الإبن/ة ورغباتهم واعتقادهم بأن ذلك يجعل من الأبناء جيلاً منضبطاً، غير أن ذلك في الواقع يخلق جيلاً من الأبناء يتسم بالخوف والتردد، وعدم القدرة على اتخاذ قرارات الحياة بعد ذلك، لعدم إعتيادهم على ذلك منذ الصغر، مما يجعلهم ذوي شخصيات خائفة ومترددة في المستقبل.
عوامل وراثية
أظهرت بعض الدراسات أن الثقة بالنفس تعود لنواحي جينية وأخرى سلوكية، فالتركيب الجيني للشخص يؤثر على كمية المواد الكيميائية التي تفرزها غدد المخ المسئولة عن دعم ثقة الإنسان بنفسه، حيث يولد الإنسان بجزء منها بالفعل، كما تؤثر بعض الاختلافات الجينيةعلى مستوى إفرازات هرمونات أخرى مثل هرمون السيرتونين المرتبط بالمشاعر الإيجابية وعلى رأسها السعادة، وكذلك هرمون الأوكسيتوسين المعروف بهرمون العناق، حيث أظهرت الدراسات أن ما بين 25 الى 50 % من السمات الشخصية المتعلقة بالثقة تكون متوارَثة.
مؤثرات خارجية
خلال حياته قد يتعرض الإنسان دون شك لمواقف من خلال تفاعله مع الآخرين في الحياة تؤدي لانخفاض مستوى ثقته في نفسه، مثل
- التعرض للتنمر في مراحل المدرسة المختلفة من الزملاء في الصف أو من التعنيف أو السخرية من المدرس، أو من زملاء العمل أو المدير في مرحلة لاحقة.
- شعور الإنسان أنه مراقَب في كل تصرفاته وعرضة دائمة للإنتقاد على سلوكه في حياته باستمرار من شأنه إضعاف ثقته بنفسه وبحسن تصرفه.
- دخول الإنسان في علاقات شخصية سيئة وغير ناجحة.
- نشوء الإنسان في بيئة ذات ظروف صعبة كالفقر والمرض أو وسط أسرة مفككة، أو البطالة أو كل تلك الظروف مجتمعة بالتأكيد.
عدم تقدير الذات
أو ما يمكن اعتباره احترام الذات، فكثير من الناس لا يدركون غالباً قيمة تقدير الذات سوى من خلال تجارب الحياة نفسها وليست شيئاً يتعلمون تقديره منذ النشأة، مما يسبب خللاً بالتأكيد في ثقة الشخص بنفسه، فيعتقد الشخص بصحة ودقة أي انتقاد سلبي له دائماً، بما يجعله داخل نفسه مقتنعاً أنه في منزلة متدنية دوماً عن المحيطين، مما يفقده احترامه وتقديره لنفسه.
الإخفاق
الإخفاق خاصةً لو كان متكرراً في أي شأن من الحياة من الممكن أن يمس ثقة الشخص بنفسه، سواء كان علاقات شخصية أو مهنياً، مثل عدم تناسب الوظيفة التي يشغلها الشخص مع مستوى مهاراته أو قدراته، أو عجز الشخص عن إثبات نجاحه ومستواه في مكان عمله، أو تدني خبرته مقارنةً بزملاء عمله، أو التعرض للفصل من العمل.
علامات قلة الثقة بالنفس
كما يعتبر عدم تعلم تقدير الذات منذ الصغر من أسباب قلة الثقة بالنفس فهو كذلك من أهم أعراضها، فلا يشعر الشخص بجدارته سواء بما يستحقه على المستوى المهني أو الإنساني بنواحيه المختلفة، فلا يشعر بجدارته بالمحبة الأسرية أو العاطفية أو الاجتماعية، أو لا يشعر بجدارته مهنياً، ومن تلك العلامات
- شعور الشخص بتدني قدرته على التواصل اجتماعياً والانسحاب من اللقاءات والمناسبات والتجمعات واختلاق الأعذارلعدم قدرته على التواصل بشكل لائق، ورغم أن ذلك لا يكون دائماً بسبب قلة ثقة الشخص في نفسه، فإن قلة ثقة الشخص بذاته غالباً ما تؤدي لانسحابه اجتماعياً.
- التعرض للاستغلال والانتهازية بسبب عدم قدرة الشخص النفسية على رفض ما يُطلَب منه، وينتهي به الأمر لوقوعه تحت السطوة النفسية للآخرين.
- لجوء الشخص لتبرير مستمر لما يقوم به من أفعال وأقوال حتى لو لم يكن مخطئاً، أو اللجوء للإعتذار بشكل دائم، وكذلك القلق الدائم من رأي الآخرين ورأيهم فيه، والمحاولة المستمرة لإرضائهم على حساب نفسه، وتقبّل لومهم وتعنيفهم بشكل دائم بدلاً من الدفاع عن نفسه، وقد يصل الأمر لرفض المديح والإطراء من الآخرين ومقابلته بردود أفعال تنتقص من احترامه لذاته.
- إهمال الشخص لنفسه ولحاجاته الأساسية لاعتقاده بأنه لا فائدة من الاهتمام بنفسه، وعوضاً عن ذلك ينصرف للإهتمام بأولويات وحاجات الآخرين حتى وإن لم يكن الأمر متبادلاً.
- التردد الدائم في اتخاذ القرارات.
- عدم إيمان الشخص بقدرته على النجاح في مواجهة أي تحدي أمامه، مما يمنعه من المحاولة خوفاً من الفشل.
- مقارنة الشخص لنفسه مع الآخرين والتقليل من قيمة ما ينجزه وما ينجح فيه وتركيزه بشكل غير واعي على إنجازات الغير ونجاحهم هم دوناً عما ينجزه هو.
وتوجد أيضاً علامات جسدية واضحة يمكن للأطباء والأخصائيين النفسيين ملاحظتها في الشخص الفاقد للثقة في نفسه، ومنها
- تجنّب التواصل المباشر بالعيون خوفاً من ملاحظة الآخرين للعيوب التي يتخيل أنها موجودة، أو ربما التواصل المباشر بالعين بشكل مبالغ فيه لإخفاء انعدام الثقة بالنفس.
- ارتخاء الجسم وعدم انتصاب القامة أثناء الوقوف.
كيفية علاج عدم الثقة بالنفس
بدايةً فإن عدم الثقة في النفس قد تعتبر عرَضاً نفسياً مَرَضياً يتطلب الحصول على استشارة نفسية متخصصة لبعض الحالات المتدهورة، غير أنه في حالات أخرى قد يتطلب وقفة مع النفس ومراجعة وتقييم للحالة النفسية للشخص، وربما فيما يلي بعض الخطوات التي قد تساعد
تقدير الذات
تبقى الخطوة الأولى دائماً هي اقتناع الشخص بأنه من الجيد أن يحب ذاته ويقدّرها، يأتي ذلك بتجارب الحياة ومواقفها وأحداثها إيجابيةً كانت أو سلبية، وتصديقه بأنه يستحق أن يحظى بما يتمناه في قرارة نفسه من سعادة ونجاح واحترام.
عدم مقارنة النفس بالآخرين
يجب الحرص على تجنب مقارنة الشخص لنفسه بالآخرين، سواء كانت مقارنة بالمظهر أو الظروف أو الطباع الشخصية، فمن شأن المقارنات أن أن يسبب عدم الثقة بالنفس والشعور بالتعاسة، كما أن متابعة اليوميات الخاصة بالآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مستمر تخلق للشخص انطباعاً خاطئأً بأنهم أفضل منه، فيجب تقليل الوقت الذي يُقضى على وسائل التواصل الاجتماعي.
تكوين علاقات صحية
من المفضل أن يحيط الشخص نفسه بمن يمكنه مشاركتهم مشاعره دون أن يتلقى انتقادات أو لوم، ذلك يُنصح بالابتعاد عن الأشخاص كثيري الانتقاد والذين يعززون المشاعر السلبية لدى الفرد وتقليل التواصل معهم قدر الإمكان.
التركيز على الإيجابيات
عطفاً على النقطة السابقة، فإن تكوين علاقات اجتماعية صحية يجعل الشخص يبدأ في رؤية الجوانب الإيجابية بالتدريج في نفسه، ويبدأ في تصديق إمكانية التغلب على الإخفاقات السابقة.
مواجهة المخاوف
تصبح النتيجة الطبيعية لما سبق أن يبدأ المرء في النظر لمخاوفه بشكل أكثر قدرة على المواجهة، بما يمكنه من مواجهة مخاوفه بشكل عملي، ومجرد حدوث ذلك يمنحه مزيد من الثقة بنفسه وبقدرته على التغلب على الارتباك الذي قد يلازم تلك المرحلة مؤقتاً، الى حين الاعتياد على تلك الثقة فتصبح معتادة، بما يجعل الشخص جاهزاً للنجاح، بدايةً بتحقيق نجاحات صغيرة ومن ثَمَّ الانتقال لنجاحات أكبر.
كان ما سبق سرداً لعلامات قلة الثقة بالنفس وأسبابها وبعض طرق تطوير ولإنماء الثقة بالنفس.
الكاتب
هبة سلامة
الإثنين ١٠ يناير ٢٠٢٢
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا