عن ”عطية الله” لـ نجيب محفوظ في ذكرى وفاته
الأكثر مشاهدة
تحين اليوم ذكرى وفاة الأديب نجيب محفوظ الذي يبدو أنه حين كتب قائلًا "الزواج يجئ أحيانًا بلا تلميح كالموت " في رواية ثرثرة فوق النيل، كان يصف قصة زواجه من السيدة عطية الله إبراهيم، التي ما إن تقرأ عنها المادة الشحيحة المكتوبة عن حياتها ومحفوظ، لا يسعك إلا أن تكون صورة لسيدة بيت "ع الأصول" شديدة الصبر والتحمل والحب.
فقد جاءت حياتها الزوجية سلسة من التفاني، فخلال 10 أعوام من الزواج والحمل والإنجاب وتراكمات أعمال البيت وتربية الأبناء لم يعرف أحد أن الأديب اللامع نجمه متزوج من الأساس ولم ينكشف السر إلا بالصدفة البحتة عندما تشاجرت "أم كلثوم وفاطمة" ثمرتا الزواج في المدرسة وذهب أبوهما لحل الخلاف فُعرف كونه متزوجًا ويعول.
وكان محفوظ قد رفض فكرة الزواج طويًلا، وقاوم إلحاح والدته بشتى الطرق حتى جذبه هدوء شقيقة لزوجة أحد أصدقاءه، ووجد فيها إمكانية لتفهم طباعه الصعبة والتزاماته الأدبية فتزوجها دون على والدته لعدة أشهر في شقة أخيه.
كانت عطية الله جديرة بوصف محفوظ لها قائلًا "إن كان لأحد فضل في المكانة التي وصلت إليها بعد الله –سبحانه وتعالى- فهي زوجتي عطية الله التي كانت بالفعل عطية من الله إليَّ"، فقد كانت الجندي المجهول خلف عدد كبير من إبداعات أديب نوبل، فتحكي عن لحظات هبوط شيطان الرواية على عقل محفوظ، خلال حوارها مع الكاتبة نعم الباز، فتصفها بلحظات المخاض حيث يصبح شديدة العصبية، متوتر دائمًا، ولا يتوقف عن الذهاب والمجئ في البيت، حينها كانت تهيئ له جوًا من الهدوء فهي تعلم أن جنين الفكرة بدأ في التبلور وشارف أن يولد من رحم عقله على مهد الأوراق، فتسرع بإعداد أكواب الينسون والكراوية شتاءًا، أو الماء المثلج صيفًا.
ورغم تقديرها لكل ما خطته يد محفوظ، ومحاولاتها لإنقاذ الأوراق قبل أن تطالها يد مبدعها تمزيقًا، إلا أنها كانت تقرأ كأي قارئ عادي بعد النشر ولم تحظ بمقابلة سوى مخطوطة "بداية ونهاية" قبل نشرها، ولكن تعليقها الأخلاقي على شخصية حسنين حال دون تكرار ذلك مرة أخرى.
آمنت عطية الله بمحفوظ كما آمن الناس بموهبته ورددت كثيرًا أنه سيفوز بالجائزة الأهم "نوبل الآداب" لكنه ظل يسخر من أحلامها، حتى عندما أيقظته لتخبره بفوزه بالجائزة وكان في أكتوبر، رد عليها "وفري كذبتك لإبريل".
الكاتب
ندى بديوي
الثلاثاء ٣٠ أغسطس ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا