بطاطس أم أميرة.. ”لقمة عيش” تعاني أمام غلاء الأسعار
الأكثر مشاهدة

مشاهد تصفية المحلات الكبرى وإغلاق الفروع التجارية أصبحت جزءًا من يوميات المصريين التي تحبط بعضهم وتثير سخط، سخرية أو تساؤل البعض الآخر، لكن توقف ساندويتش بطاطس "أم أميرة" يمكن اعتباره تعكير صباحي "لشعب وسط البلد" الذي يستقبل يومه بتناول ما تعده السيدة الحنون ذات الملامح الجنوبية التي لم تزيدها خطوط الزمن إلا طيبة وحلم.
كما يقول المثل أن لكل من اسمه نصيب، هي كذلك فاسمها "حليمة"، دفعها الزواج وطلب الرزق لترحل كما النيل من أسوان إلى الشمال، ليكمل النهر حتى مصبه وتبقى هي في العاصمة، كان هذا منذ 25 عامًا.
قضت الرأسمالية وسياسات الخصخصة على عمل زوجها الذي تم تسريحه كما آلاف العمال، لم يشفع له مرضه في الحصول على معاش وآلت الأمور إلى وفاته بعد صراع مع المرض. فنزلت حليمة "أم البنتين" إلى الشارع لتكسب ما يقيم حياتها، شجعها جيرانها بشارع هدى شعرواي القريب من ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة على العمل، وساعدوها بعربة لتقدم عليها "الساندويتشات" وارتبط بها كل من يمر على المنطقة "مابعاملش الزبون كزبون، دول ولادي وجيراني وعيلتي.. ممكن اتعصب بس بيصالحوني هما لو مضايقة". واعتمدت على مساعدة "أميرة" ابنتها الكبرى التى خطفها مرض القلب من الحياة، مما جعل الأم ترفض السماح لـ"بسمة" ابنتها الأصغر بالعمل معها فتقول بلهجتها نصف القاهرية "مرمطة وشقا.. وأنا عايزاها أحسن مني".
حضر ساندويتش البطاطس الساخن في ثورة يناير، وكانت أم أميرة مصدر دفء للمعتصمين بشوربة العدس التي بقيت حصن المخيمين من البرودة.. لكنك إذا مررت الآن بوسط البلد، ستجد عربتها مغلقة ومقيدة إلى شجرة فغلاء الأسعار أصبح عائق أمام استمرارها في العمل، ورغم أنها قادرة على زيادة السعر-وهو مايشجعها زبائنها عليه حتى لا تغلق- إلا أنها ترفض ذلك بشدة "الناس في عرض جنيه.. وزينا غلابة".
تبدأ كلامها عن الغلاء بـ "أنا مالي ومال الدولار.. دول شوية بطاطس"، فتوصف الزيادة الرهيبة التي تواجه بأن 10 كيلوات من البطاطس نصف المقلية ارتفعت من 35 إلى 75 جنيهًا، و18 لترًا من الزيت أصبح سعرها 240 جنيهًا بعد 160 جنيهًا، وأنها لا تقدر على رفع السعر عن 5 جنيهات للرغيف الكامل، وتنهي جملتها بـ"ربنا يسويها".
يصفها كل من ذاق طعامها بالكرم وأنه "ساندويتش يأكل شعب"، وما إن تكلمها وتمدح ما تقدم أو تثني على إيثارها وإحساسها بالناس سترد عليك بـ "ولاد الحلال كتير.. والأحسن مني ياما".
الكاتب
ندى بديوي
الأربعاء ٢٦ أكتوبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا