”مارينا” و”فبرونيا” .. شقيقتان كان باب الكنيسة مدخلهم إلى السماء
الأكثر مشاهدة

فجأة أصبحت رائحة الموت تزكم أنوف المصريين، ارتفعت أصوات البرامج التليفزيونية بالعويل والتحليل والاتهام، وغدت مواقع التواصل سرادق عزاء كبير.. كل ذلك سينتهي تحت أقدام دوامة الحياة، كلنا سنعود لحياتنا الطبيعية بعد أيام لكن العم فهيم وزوجته لن ينسيا ما حدث بعد أن أصبح منزلهما بدون وردتيه "خاويًا على عروشه"، ستبقى الأم المتمسكة بنعشي بناتها في الوداع الأخير شاهدًا على بشاعة ما مر بنا، وسيظل فؤادها خاويًا بعد أن دفنت قلبها الممزق كمدًا مع مارينا وفبرونيا.
لا شيء يضاهي فرحة الوالدان بأبنائهما وكذلك حزنهم، هكذا كان فهيم حلمي الذي يرى زهرتيه تكبران أمام عينيه، يوم الأحد الماضي كان يبدو أنه ككل الآحاد التي تذهب بها الشقيقتان إلى الكنيسة البطرسية القريبة من المنزل، لكنه لم يكن أحدًا عاديًا، تصليان فيه وتتمتمان بأحلامهن إلى السماء ثم تغادران إلى غداء عائلي أو "خروجة" مع الأصدقاء، لم يكن عاديًا فباب الكنيسة كان مدخلهم الأبدي إلى السماء، ليهرع الأب إلى مستشفى دار الشفاء بالعباسية، عقب سماعه نبأ الانفجار ونقل الضحايا للمستشفى، ويجد وردتيه الجميلتين قد اقتلعتاهما يد الإرهاب.
كذلك استيقظ شادي السويدي صباح الأحد على نبأ تفجير الكنسية البطرسية فكتب على صفحته "بفيسبوك" بأنه يبرأ لدينه من الحادثة، لم يكن يعلم وقتها أنه فقد بها صديقته مارينا لينعيها بعد ذلك قائلًا" النهاردة صحيت الصبح حسيت بحاجة غريبة وكأن قلبي كان حاسس إن في حاجة غلط ..
وبعدها بشوية عرفت بالصدفة من البوستات الحادثة واللي حصل وكنت متعاطف جدا وحزين للي حصل وكنت حاسس بحاجة غلط واني مش مستريح خصوصا اني حاسيت انك هناك يا مارينا ..
وبرغم كل حاجة حبيت اطمن عليكي من قبل مايجيلي خبر التأكيد ..
وكتبت بوست اني ببرأ نفسي وديني من اللي حصل واني بنعي اهالي الشهداء وبتأسف لهم ..
بس اتاريني بنعي نفسي .. منا اهم شخص عندي مات
اتاريني بتأسف لنفسي وبواسيني."
مارينا الأخت الكبرى ذات الأعوام الـ20، تربت بالكنيسة كمعظم العائلات المسيحية المتدينة، وكانت تحرص على اصطحاب شقيقتها الأصغر فبرونيا "18 عامًا" إلى القداس والأنشطة الكنسية المختلفة، فالفرق العمري الضئيل جعلهما توأمتين حتى في الرحيل.
درست مارينا في كلية إدارة نظم المعلومات بجامعة حلوان، اجتمع أصدقائها على روحها المرحة وحبها للحياة وانطلاقها الدائم، وكانت قد سودت صفحتها "بفيسبوك" في فبراير 2015 حزنًا على ذبح المصريين في ليبيا على يد داعش، ولم تعلم أن عقول الظلام ستمتد يدها حتى حياتها هي أيضًا، لتختتم نشاطها على موقع التواصل بجملة "مع المسيح ذلك افضل جدًا".
أما الفقيدة الصغرى "فبرونيا" فكانت في مدرسة راهبات سيدة المعونة الدائمة بمصر الجديدة، وككل طلاب الثانوية العامة ملئت استمارة الامتحانات قبل أيام، وكان الأول من ديسمبر الجاري حفل تخرجها من المدرسة ارتدت رداء الخرجين، لتكتب صديقتها بعد أيام "أنا مش مصدقة، المدرسة كلها محدش فينا مصدق.. صليلنا."
الكاتب
ندى بديوي
الثلاثاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا