”أم هاجر” تطهو أكلات شعبية ”على قد فلوسك” منذ 25 سنة
الأكثر مشاهدة
تصوير: نورهان محسن.
وسط حارات "عابدين" وبين ورش النظارات، تجد مطعم تطهو فيه امرأة بابتسامة رحبة على عكس ضيق مساحة محلها، تتنقل بسرعة وخفة بين الأواني، تقطع وتفرم وتتذوق الطعام، تضيف قليل من البهار هنا وبعض الملح هناك، وتحرص على التتبيل بالكثير من الرضا.. اسمها "نعمة" وتقدم "أكل الغلابة" ويعرفها جيرانها أكثر بـ"أم هاجر.. ملكة البطاطس".
"ببيع الحاجات البسيطة اللي تناسب الناس وكل واحد على قد فلوسه"، تفخر أم هاجر بكونها تعد طعامًا "للشقيانين"، تتعامل مع محلها على أنه مطبخ لبيت كبير يطعم كل من يأتي إليه طالبًا سواء كان يحمل مالًا أو لا، "اللي عايز حاجة بديله، إن شالله طبق رز عليه كبشة خضار"، وتؤمن أن ذلك هو سر البركة والسمعة الطيبة التي تشتهر بها ولهذا يأتيها زبائن من كل أنحاء مصر على الاسم، "حتى الناس اللي بيشتغلوا مع الست غالية جربوا الأكل ورجعوا طلعوني معاها في البرنامج".
نزلت إلى العمل منذ أكثر من 25 عامًا، لتساعد زوجها "الكبابجي" بعدما ضم لمطعمه محلًا آخر، في البداية كان التركيز على وجبات اللحوم والمكرونة لكن غلاء الأسعار المتصاعد وقف أمامهما، ثم أصبح الأكل الشعبي البسيط هو السائد، "ساندوتش بطاطس، حبة مسقعة، مرة أعمل صينية بطاطس بالفراخ.. على حسب"، لا تضع "أم هاجر" قائمة طعام ثابتة، وتعتمد على "ما يطلبه الآكلون"، وعلى حسب رغبة زبائن أول اليوم تكون القائمة، فقط تبقى البطاطس أساسية.
تشرق شمسها في العاشرة صباحًا، تفتح محلها وتعرف ما ستطهو اليوم، ثم تذهب إلى السوق وتعود لتبدأ في استقبال الزبائن من الواحدة ظهرًا وحتى الحادية عشرة مساءً، هذا الروتين اليومي الصعب لم يشغلها عن رعاية بناتها طول سنواتهم الدراسية، حتى تخرجت إحدهن في كلية التجارة والأخرى في كلية الهندسة، "كنت بطلع بيتي بالليل أكمل شغل البيت وأنام على الفجر.. عمري ما قصرت، حتى فيه أيام كنت بوّصل البنات المدرسة وأرجع أنام ساعة وأنزل الشغل تاني".
الكد والكفاح في الحياة رافقها منذ الصغر، فقد توفي والدها وهي ما تزال طفلة، واضطرت والدتها للعمل في الأرض التي تركها لها زوجها، "أبويا مات وأمي كانت 22 سنة، مارضتش تتجوز ونزلت تشتغل في الغيط"، وقتها تسلمت الصغيرة مكان الأم في المنزل، وأصبحت مسئولة عن أمور الطهي والتنظيف ورعاية الأشقاء الصغار، "اتعلمت الطبخ بالموهبة والتجربة كده.. أمي كانت تيجي تلاقيني عاملة أي حاجة ونحمد ربنا".
تؤمن أنها أدت رسالتها في الحياة بعدما زوجت ابنتيها، لكنها ما تزال تعمل لأنها اعتادت على ذلك، "اتعودت على الشقا وبقيت أتعب لما أقعد"، وترى أن السعي قي قضاء حوائج الناس أكثر ما يسعدها، "لما ألاقي حد محتاج أقفل الدكان وأروح أوصله باللي يديله.. ستر الناس أهم حاجة"، وأنها رغم التعب ما وجدت إلا جميلًا طوال طريقها، من رضا الله إلى حب الناس، وما تزال تحلم بزيارة أخرى لبيت الله الحرام لكن لتأدية فريضة الحج تلك المرة.
الكاتب
ندى بديوي
الإثنين ٢٥ ديسمبر ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا