”نساء في أروقة الأسرة العلويّة”.. زفاف زينب صغرى بنات محمد عليّ
الأكثر مشاهدة

حكمت أسرة محمد عليّ باشا مصر من 1805 وحتى 1952، ذهبوا وبقيت قصورهم تشهد على مظاهر الأبهة والعظمة، فقد عاشت مصر خلال حكمهم فترات من رغد العيش لكنه كان حكرًا على طبقة محددة وتأسست على أيديهم مصر الحديثة لكنها أيضًا شهدت فسادًا ومكائد واحتلال من قبل المستعمر البريطاني، كل ذلك كانت هناك شاهدات عليه من نساء عشن في أروقة القصور الملكية وطرقها المعبدة وخلف ستائر الحرملك على مدار هذه الحقبة الزمنية، كان منهن من حظت بحب المصريين ومنهن من مرت كلمحٍ بالبصر ولم تترك أثرًا يذكر، سنحكي عنهن في حلقات متتابعة، حكايات من زمن فات..
في صباح يوم الثلاثاء السادس عشر من ديسمبر عام 1845 تلقت الكاتبة صوفيا لين بول التي كانت تزور مصر برفقة أخيها، دعوة لحضور احتفالات زفاف الأميرة زينب هانم ابنة محمد عليّ باشا الصغرى والتي تدوم لثمانية أيام، في رسائلها التي سجلتها بكتاب عنونته بـ "المرأة الإنجليزية في مصر".
زينب هانم، العروس، ولدت في القاهرة وكان لها باع في الأعمال الخيرية، فأوقفت ممتلاكات عظيمة لخدمة الأزهر. واستمرت في استصدار رواتب لمدرسي الفقه على المذاهب الأربعة ووضعت أموالًا في خدمة مساجد آل البيت من الحسين إلى السيدتين زينب ونفيسة. ولم تقصر خيرها على مصر بل عالت عدد كبير من الأسر الفقيرة في الآستانة وأنشأت مستشفى وسبيلًا.
وفي الثامن عشر من ديسمبر، كانت الفصائل العسكرية تملئ البلاد والحراسة أكثر تشددًا في الطريق ما بين قصر القلعة وقصر الأزبكية الذي ستتزوج به الأميرة في اليوم الثامن من مراسم العرس.
موسيقى الجيش انبعثت من كل أرجاء المحروسة، تخترق الحواري والدروب والممرات، سارت مواكب الآلاتية في الشوارع مصدرة ضجيج ضخم، وعُلقت الثريات بطول الطريق الصاعد لقلعة الجبل التي جلست بها العروس، زينب هانم التي ستزف إلى كمال باشا سكرتير محمد عليّ الخاص، تجلس على وسائدة مرتفعة من الساتان ذو اللون الوردي المطرز بخيوط الذهب وهي مثقلة بكم من الجواهر والمصوغات حتى أنها عندما قامت ساعدها على المشي 4 جواري، تقف بجانبها أختها الأكبر نظلة هانم وهي تنثر على الحضور العملات الفضية والذهبية مع الملح والشعير جلبًا للخير ودرءًا لعين الحسود.
ملابس العروس كانت على نفس القدر من البذخ كما كل شيء في القصر، فحيكت من الكشمير المخاط بالذهب والمطعم باللؤلؤ وعصبوا رأسها بما يشبه غطاء للرأس امتلئ بالماسات.
خلال اليوم الثامن من الاحتفالات استعدت الأميرة لتترك كنف والدها الوالي لمعية زوجها، حضر محمد عليّ باشا ليسلم على ابنته التي سارت لمقابلته وهي تتمنطق بحزام من الماس قٌدر ثمنه وقتها بما يعادل 40 ألف جنيهًا استرليني، (وهو مبلغ ضخم للغاية) تسير خلفها ثلاثون جارية لتدخل على والدها دقائق قليلة وبعدها الموكب الذي يقلها لدارها الجديدة وهو ما كان يبدأ بفرقة الباشا العسكرية في المقدمة، يتبعها فوج من حاملي الرماح وفرقة مشاة تحمل الحلوى في الصواني، ثم عربات به جهاز العروس وحليها الفخمة.
أضيء الطريق من القلعة إلى الأزبكية وصدرت الأوامر لثلاثمائة من الطهاة بإعداد أجود أصناف الطعام للفقراء، كذلك حاولوا رجال القصر الترفيهية عن الضيوف الغربيين بعروض مسرحية كانت تقام كل ليلة بالقلعة.
الكاتب
ندى بديوي
الثلاثاء ٢٠ سبتمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا