”نساء الأسرة العلويّة”.. الملكة فريدة المتوجه في قلوب المصريين
الأكثر مشاهدة

حكمت أسرة محمد عليّ باشا مصر من 1805 وحتى 1952، ذهبوا وبقيت قصورهم تشهد على مظاهر الأبهة والعظمة، فقد عاشت مصر خلال حكمهم فترات من رغد العيش لكنه كان حكرًا على طبقة محددة وتأسست على أيديهم مصر الحديثة لكنها أيضًا شهدت فسادًا ومكائد واحتلال من قبل المستعمر البريطاني، كل ذلك كانت هناك شاهدات عليه من نساء عشن في أروقة القصور الملكية وطرقها المعبدة وخلف ستائر الحرملك على مدار هذه الحقبة الزمنية، كان منهن من حظت بحب المصريين ومنهن من مرت كلمحٍ بالبصر ولم تترك أثرًا يذكر، سنحكي عنهن في حلقات متتابعة، حكايات من زمن الأميرات والحرملك..
هي صافيناز ذو الفقار، ولدت في 5 سبتمبر 1921، عاشت بالإسكندرية فترة طفولتها وشبابها حتى لحظة خطبتها إلى الملك فاروق، كانت طفلة هادئة متزنة تعيش حياة طبيعية بسيطة وتهوى القراءة وسماع الموسيقى الكلاسيكية. وهي ابنة يوسف ذو الفقار المستشار بمحكمة الاستئناف المختلطة بالإسكندرية، ابن علي باشا ذو الفقار محافظ العاصمة الأسبق، ابن يوسف بك رسمي أحد كبار ضباط الجيش المصري في عهد إسماعيل. أما والدتها فهي زينب ذو الفقار كريمة محمد سعيد باشا الذي رأس الوزارة المصرية، وصديقة لأغلب سيدات المجتمع المصري والصديقة الحميمة للملكة نازلي زوجة الملك فؤاد، والوصيفة الأولى للملكة. وصافيناز لها أخوان هما سعيد ذو الفقار وشريف ذو الفقار. وقد درست في مدرسة راهبات نوتردام دي سيون الفرنسية بالإسكندرية فأتقنت اللغتين الفرنسية والإنجليزية ، وعمل والدها على تعليمها اللغة العربية فأحضر لها مدرسًا خاصًا يعلمها أصول اللغة. ودروس الدين الإسلامي.
رأت فاروق عندما ذهبت بصحبة والدتها إلى القصر فور عودة فاروق من إنجلترا بعد وفاة والده فؤاد لكي تلتقي بصديقتها الملكة نازلي. وهناك وجدت عددًا من الفتيات الأخريات في مثل سنها ولم تكن تعرف وقتها أن الملكة نازلي وشقيقات الملك يبحثن عن عروس لفاروق. ورأت الفتيات فاروق وجرين نحوه إلا هي، ابتعدت فذهب ليعرف من هي. وقد اشتركت في الرحلة الملكية التي قام بها الملك فاروق ووالدته الملكة نازلي وأخواته إلى أوروبا في عام 1937، وخلال تلك الرحلة تعرفت على الملك فاروق أكثر وعلى أخواته وأحبها فاروق، وبعد العودة من الرحلة الملكية بأسابيع وبعد حفل تتويج الملك حضر فاروق إلى قصر فريدة بالإسكندرية ليطلب يدها لتكون زوجة له. وكان والدها ينظر إليها على أنها مازلت طفلة في السادسة عشر، وبعد إلحاح وافق على الخطبة على أن تمتد الخطبة لسنوات ويكون الزواج بعد ذلك. لكن فاروق صمم على أن يتم الزواج بسرعة وأن ستة شهور كافية للاعداد للزواج وبعدها يتم عقد القران. وتم الزواج في 20 يناير 1938.
"في هذه الرحلة تعرفت على فاروق وأحببت الملك حبًا جمًا، قلبي كان يخفق بحب فاروق وقد كان لطيفًا ودودًا وعشت حوالي مائة وعشرون يومًا طائرة على جناج الحب. أصبحت استحوذ على كل اهتمام فاروق ولحظتها ولد الحب في سان مورتيز".
أنجبت من الملك فاروق ثلاثه بنات هن الأميرة فريال والأميرة فوزية والأميرة فادية، وكانت مع كل ولادة تجد رد فعل سلبي من سكان القصر لأنها لم تلد ولي العهد وهو ما كان يحزنها كثيرًا.
ومع ازدياد طيش الملك ونزواته وسهراته المختلفة ضاقت فريدة ذرعًا بما يحدث وزادت حدة الخلاف بينهما إلا أن طلقها الملك فاروق عام 1948، وكان طلاقهما من أسباب تراجع شعبية الملك بين أبناء الشعب. وانتقلت فريدة بعد الطلاق إلى بيت والدها واصطحبت معها صغرى بناتها فادية لحضانتها واشترط فاروق أن تعود فادية إليه في حالة زواج فريدة. وكان فاروق قد حاول أن يضغط على شيخ الجماع الأزهر الشيخ المراغي لكي يصدر فتوى ينص فيها على أن يحرم على فريدة أن تتزوج بعده. ورفض الشيخ أن يصدر الفتوى لمخالفتها للشريعة الإسلامية.
وبعد قيام ثور يوليو 1952، وتنازل الملك فاروق عن العرش وذهابه وأسرته إلى المنفى بإيطاليا، ورغم إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية والتخلص من الألقاب رد الشعب لفريدة لقب الملكة وكانوا عندما يلمحوها في مكان يحيونها، وظهرت كغلاف لمجلة المصور بعد قيام الثورة بأسابيع قليلة وأطلقت عليها "حبيبة الشعب".
ورغم أن الثورة قد صادرت قصرها في الهرم إلا أن الرئيس عبد الناصر لم يمنعها من السفر والعودة كما تشاء وقد غادرت مصر لبيروت ثم باريس إلى أن ذهب الرئيس السادات لباريس والتقاها هناك واعترف لها بدورها التاريخي في الوقوف أمام فساد القصر، ودعاها للعودة لبلادها وجهز لها شقة تطل على النيل، أما الرئيس مبارك فقد جعل لها معاشًا قدره 400 جنيه شهريًا وتكفلت الدولة بعلاجها حتى لحظاتها الأخيرة.
عملت بالفن ورسمت الكثير من اللوحات، وشجعها خالها الفنان الكبير محمود سعيد على تنمية مواهبها في فن الرسم، ولكن واجباتها الملكية صرفتها عن ممارسة الرسم، لكنها عادت لممارسة فن الرسم منذ عام 1954 وذلك لتغطية نفقات معيشتها، وينتمي فنها إلى ما يعرف بالفن الفطري للكبار. كما أنها أقامت العديد من المعارض الفنية في مدريد وجزيرة مايوركا باريس والقاهرة وجنيف وبلغاريا وتكساس وذلك في سنوات السبعينات والثمانينات.
توفيت في 17 أكتوبر 1988 وكان موكب جنازتها يتقدمه الكثير من كبار المسؤلين المصريين.
الكاتب
ندى بديوي
الخميس ٢٠ أكتوبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا