”نساء الانتفاضة”.. حياة ”فاطمة الجعفري” بين نكبة ونكسة وانتفاضة
الأكثر مشاهدة
"أكثر من ألف شهيد، و90 ألف جريح، و15 ألف معتقل، تدمير ونسف ما يقرب من 1228 منزلا، واقتلاع 140 ألف شجرة" حصيلة الشعلة التي انطلقت من "جباليا" بغزة لتزحف نحو أرجاء قرى ومدن فلسطين المحتلة، معلنة عن "انتفاضة الحجارة"، الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي بدأت في ديسمبر 1987، واستمرت توابعها حتى توقيع اتفاقية أوسلو بين الجانب الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
شهدت الانتفاضة بسالة الشعب الفلسطيني بداية من أطفاله وحتى شيوخه، متسلحين جميعا بالحجارة في مواجهة الرصاص والدبابات، كما تجلى دور المرأة الفلسطينية "أخت الرجال" التي دعمت وناضلت وضحت بسنوات عمرها في المعتقلات والسجون دفاعا عن الحق في الحرية والكرامة، ورفض الإهانة، وفي هذه السلسلة نستعرض مسيرة أبرز نساء الانتفاضة الأولى تكريما لهن، وإجلالا لدورهن.
فاطمة الجعفري إحداهن، فصول حياتها معجزات مستمرة، فقد احتلت العصابات الصهيونية بلدتها في عام النكبة 1948، لتفر العائلات الفلسطينية للقرى المجاورة وأثناء التدافع والهرب فقدت أمها الوعي فسقطت فاطمة ذات الـ40 يومًا منها وظلت مفقودة حتى وجدها أخوها ملفوفة في أحد الحقول فكانت معجزتها الأولى وفاجعتها أيضًا ويبدو أنها من هذا اليوم جُبلت على تحمل الصعاب وهو مرادف لكونك فلسطينيًا.
مرت الأعوام وحلم استعادة الأرض يدور في أذهان كل عربي عمومًا والعودة للدار الملتف مفتاحها حول الأعناق يسيطر على كل فلسطيني مٌهجّر، لكن الآمال دمرتها نكسة تتبعت النكبة، كان عمر فاطمة 19 عامًا متزوجة ولديها طفلة وحامل في آخر، فقد العرب القدس وسيناء والجولان وفقدت فاطمة كل هذا بالإضافة لاختفاء زوجها ثم سجنه ومعه أخيها عليّ واستشهد أخيها الآخر محمد في عملية ضد قوات الاحتلال.
عام 1977 جاء دورها وهي فتاة في الـ28 من العمر فاعتقلت للمرة الأولى حيث اتهمت بنقل أموال من منظمة التحرير في الأردن إلى أشخاص في غزة، رغم أنها كنت خلال رمضان قد نقلت أموال صدقات لعائلات محتاجة في غزة، وذلك بناءً على توصية شخص كان مع أخيها فالسجن.. فيجب أن تُشرد وتُسجن عائلتك ويضيع وطنك ولا تحوز أي أموال ولا تنسى أن تبتسم حتى لا يتم سجنك.
اندلعت الانتفاضة الأولى وهي عمر الـ39، كان هذا في الثامن من ديسمبر عام 1987، وشاركت فاطمة التي تقول "كنا نعرف أنَّ الانتفاضة لن تحرر فلسطين، ولكن لم نتمكن من مواصلة الصمت." فُرض عليهم حظر التجوال ولم يكن هناك حتى لقيمات الخبر، وتسلى الجنود الصهاينة بإلقاء قنابل الغاز والرصاص، وكل ذلك لم يفتر عزيمتها بل واصلت نشاطها حتى أُعتقلت وخلال التحقيق هددها المحقق بأن يعريها. فقلت له بأن الأمر لا يعينيها، لأنني لا تشعر بأنها تتعرى أما رجل، فسجنت لمدة 3 أشهر.
لم يعد الوطن المفقود حتى الآن ومازال مفتاح الدار حول رقاب الجدات الفلسطينيات لكن كل قطرة دم ودمع سقطت وتسقط ستكون زغرودة فرح بوطن محرر يومًا ما.
الكاتب
ندى بديوي
الأربعاء ٠٧ ديسمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا