الشغف بالرياضة وقود ماريز دوس للجري نحو أحلامها
الأكثر مشاهدة
عاشت ماريز دوس طفولة منطوية بعض الشيء، فلم تعرف سوى لغة الحركة والانطلاق، حتى أنها كانت على وشك العرض على طبيب تخاطب، وجدت نفسها في مشاركة الآخرين الجري لا الكلام، ولم تتهيأ لها فرصة احتراف الألعاب الرياضية في أندية نظرًا لضيق وقت أسرتها وعدم قدرتهم على الالتزام بمواعيد التمارين، فكانت تشاهد مباريات التنس وكرة السلة، وتحاول تقليدها في ملعب المدرسة، كهذا بالتجربة دون قواعد أو تدريب، فكبرت وهي "معجونة" رياضة ووقعت في غرام الجري تحديدًا، بكل ما يحمله من فلسفة تشبه سباق الدنيا، وأصبحت الرياضة متنفس حياتها ووقودها الذي بدونه لا تستطيع العيش.
مارست رياضات مختلفة طوال حياتها، فلعبت الكرة الطائرة وكرة السلة والتنس، وشاركات في العديد من المعسكرات الرياضية، لكنها عثرت على شغفها حين جرت أول نصف ماراثون لها، كان ذلك بعد إصابتها في غضروف الركبة، وخضوعها لجلسات علاج طبيعي مدة عام كامل، ونصيحة طبيبها بالجري كعلاج وحتى تعود لمتابعة ولعها بالرياضة.
قبل ديسمبر 2012، كانت تجري على "التريد ميل" فقط، ولم تجرب إحساس العدو في الشارع، في الهواء ومع أبواق السيارات وتعليقات المارة، وجدت صفحة على فيسبوك باسم CAIRO RUNNERS تنظم فاعليات للجري في القاهرة، فأخبرت أحد أصدقائها وانتهزت الفرصة وشرعت في تنفيذ نصيحة الطبيب، "جرينا 5 كيلو في الدقي، كنت ممكن اتمشي فيهم شوية علشان لياقتي ماكنتش كويسة لسه، بس لما خلصت حسيت إني مبسوطة جدًا وعايزة أكمل في ده".
اندمجت في CAIRO RUNNERS وأصبحت لا تفوت "جرية" إلا وتشارك بها، كونت صداقات كثيرة بروابط مصنوعة بحب الرياضة، ورأت في هذه التجمعات نموذج يحاكي مصر ويذيب الفوارق والحواجز التي بنتها السياسة في تلك الفترة، "كنا بنجري جنب بعض المحجبة والمنقبة واللي بشعرها، من كل الطبقات والأفكار، مختلفين بس بيجمعنا الجري".
"في الماراثون الوجع بيكون صعب، وقتها بتاخد قرار يا تكمل وتحس بالانتصار يا تقف.. وبقدر أكمل"
بدأت مرحلة جديدة في حياتها حين شاركت في سباقات الماراثون، أحبت الفكرة وروتها بالكثير من المجهود، وبالفعل أنهت 3 مسابقات نصف ماراثون رسمية بطول 21 كيلو متر منهم ماراثون أسوان والجونة، و5 غير رسميين، أثروا تجربتها الشخصية على كافة المستويات، "بقيت بشوف الجري رحلة زي رحلة الحياة، محاوطك ناس فيهم اللي بيكمل واللي بيستسلم وفيهم اللي بيشجعك واللي بيحبطك"، وتعلمت المثابرة ووضع هدف والالتزام به، رغم ألم العضلات وصعوبة التنفس، "عرفت كمان إن القعل هو اللي بيتحكم، يعني لما ببقى مقررة إني هجري 4 كم، بعدهم بخطوة جسمي بيقف.. الإرادة في العقل".
تعرفت ماريز على "قاهرة" أخرى، غير تلك التي كبرت وتربت فيها، فالمدينة العجوز التي تراها كل يوم وتختنق في زحامها وتلوثها، رحبت بها وأصبحت تستقبلها بأنفاس منعشة وهدوء جم وقت تمرينها الصباحي، "القاهرة الفجر غيّر، والجري خلاني أعرفها علشان بجري مسافات طويلة ممكن من المعادي للزمالك رايح جاي مع MAADI RUNNERS".
تأثر أسلوب حياتها بشغفها الرياضي، فابتعدت عن الوجبات السريعة والعصائر والمشروبات الغازية عالية السكر، تتمرن على الأقل 5 مرات في الأسبوع، منها الجري مسافات طويلة يوم الجمعة ومسافات أقصر باقي الأسبوع، "بقيت بطلع من البيت بـ3 شنط، لبس التمرين، وشنطة اللاب توب، وشنطتي العادية".
"لو عايز تغيّر جسمك، اتمرن.. ولو عايز تغيّر حياتك، اجري ماراثون"
حررتها الرياضة وأطلقت طاقتها الجسدية والنفسية وكذلك الاجتماعية، "كان أهلي فاكريني مش هتكلم"، فأضحت تسافر بمفردها وتكتشف نفسها كما تفعل مع البلاد التي تزورها، والتي تعدت 14 بلدًا، كما أهلتها الرياضة لتشارك في منحة بالولايات المتحدة الأمريكية لمدة عام وتتواجد على مائدة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن وزوجته، "اللي شاركوا في برنامج جورج بوش كان فيهم اللي مهتم بالفن والسياسة واللي من رواد الأعمال أو الإعلام، وأنا كنت هناك بسبب الرياضة وبس". كذلك جعلتها عضوة بمنتخب مصر للعبة كرة التفادي (Dodgeball)، وشاركت في بطولة العالم في إنجلترا 2016، وبطولة إفريقيا عام 2017.
حاليًا تحلم ماريز بصعود أعلى قمة في القارة السمراء، وهي جبل كليمنجارو في تنزانيا، بهدف أن تكون مثالا للنساء يخبرهن أنهن قادرات على تحدى الصعاب واجتياز عوائقهم الداخلية قبل الخارجية، ومعرفة أنهن قادرات على كل شئ.
كما تخطط لجري ماراثون كامل نهاية العام أو في بداية العام الجديد، وترى أن أهم ما في الحياة أن يجد كل شخص شغفه، "كل واحد يدور على اللي بيحبه، ومش لازم يبقوا زيي، كل واحد له موهبته اللي إدهاله ربنا".
الكاتب
ندى بديوي
الجمعة ١١ مايو ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا