شدن نصار فلسطينية تعلم الاتزان والتعمق عبر شدانا يوجا
الأكثر مشاهدة
نعيش في عالم صاخب للغاية، وكثير التفاصيل والمشاغل والهموم، وفي ظل دوامات العمل والعائلة والمستقبل، نبحث عن ركن آمن ظليل نستطيع من خلاله إيجاد سلامنا الداخلي ونقطة اتزاننا الشخصي، حتى نكمل الرحلة بقلوب مطمئنة وعقول مفتوحة وأجسام صحية وأرواح حرة، وهذا بالظبط ما تهدف إليه اليوجا، التي ما إن تحاول تعلمها بالعربية فستعرف أنها تعاني ندرة في تواجد المحتوى العربي المتخصص فيها على الإنترنت، وهو ما دفع الشابة الفلسطينية شدن نصار لتأسيس قناة شدانا يوجا على موقع يوتيوب، من أجل تقديم محتوى عربي مجاني يمكن أن يستفيد منه آلاف المستخدمين العرب.
بداية شدانا يوجا
شدن نصار شابة لها طلة مريحة وصوت هادئ، يمكنك أن تتعلم اليوجا معها خطوة بخطوة، حضورها الرائق هذا جاء نتيجة تجربة عميقة، كُتب فصلها الأول منذ طفولتها المبكرة حينما وجدت كتابًا لدى والدتها يتحدث عن اليوجا، وكانت ممارستها مع الأم والأخوة ضمن أفضل أوقات طفولتها، لكن الانشغال بالدراسة والحياة فيما بعد ألهاها عن الاستمرار، تقول: "بتذكر لما كنا نمارس اليوجا بالبيت كان أكتر جزء بحبه وبستناه كل يوم".
حصلت شدن على البكالوريوس والماجستير في تخصص التسويق العالمي من بريطانيا، وعملت هناك لمدة قصيرة، ثم انتقلت إلى دبي بالإمارات العربية المتحدة لتبدأ عملها في مجال التسويق، ومع تراكم الضغوط شعرت أنها بحاجة لليوجا مرة أخرى، "كنت حاسة إني –مجازيًا- بنخنق وكان أول درس يوجا زي أول نفس بهوا نضيف"، ومن هنا عرفت الدرب الذي يجب أن تسلكه، وبعدها بفترة شعرت أن هناك الكثير في عالم اليوجا لا تعرف عنه أي شيء، فاعتمدت على شهيتها المفتوحة للمعرفة الحقيقية، وقررت ترك عملها وحياتها في دبي والذهاب في رحلة بحث وتعمق في اليوجا والتأمل بآسيا، "قضيت 6 أشهر في آسيا بين فيتنام وكمبوديا وتايلاند وماليزيا والهند"، وهناك عاشت حياة بيئية بسيطة ومعتمدة كليًا على ما تجود به الطبيعة من خيرات، مما ساهم في تقليل التشتت ودعم التركيز، "اليوجا غيرتني كنت كتير عصبية، حاليًا بقدر أتحكم في عصبيتي"، وفي نهاية الرحلة استحقت شهادة تدريب مدربين اليوجا من الهند. وقضت بعدها سنتين في عالم التدريب، ثم رغبت في استقاء المزيد عن اليوجا العلاجية، فانطلقت إلى مدينة سيدونا بولاية أريزونا الأمريكية وعادت بشهادة خبرة في تدريب المدربين، ومازالت تتعلم وتعلم.
اقرئي أيضًا: حياة سندي عالمة سعودية أفادت البشرية
تأثرت ابنة فلسطين بأستاذ هندي يدعى جوينكا، وأرجعت الفضل لوالدتها "أولًا وأخيرًا أمي اللي هي دخلتلي اليوجا على حياتي"، وبعد 8 سنوات من الغربة والتنقل بين شمال إنجلترا فلندن ودبي ومناطق مختلفة من آسيا، رأت أنه حان وقت العودة للديار، "قررت أرجع وأعطي شي للمجتمع الفلسطيني، لأنه إذا أنا قدرت أفكفك عقد ومخاوف كنتيجة لوجودي في فترة الانتفاضة، معناته إني ممكن أساعد أشخاص تانيين."، فقد مكنتها ممارسة اليوجا والتأمل من التعمق داخل نفسها والوصول لنقطة اتزان ملموسة ومعرفة طرق التصرف بناءً على الحكمة أكثر من الخوف، بحكم ما واجهته ككل أبناء الأراضي المحتلة.
عادت شدن إلى فلسطين وبدأت تدريباتها من أحد مخيمات اللاجئين، ووجدت شكوى منتشرة بين المتدربين بأنهم لم يجدوا دروس يوجا بالعربية على يوتيوب لمتابعة التمرينات في البيت، فأحبت أن تقدم تلك المساعدة، "الفكرة خطرت على بالي قبل سنوات في حصة تأمل الـ10 أيام لكن الخوف منعني وقتها.. والآن كتير مبسوطة إن أخدت هاي الخطوة."
اقرئي أيضًا: نور النمر مصممة أقمشة تؤمن بقدرة الفن على التغيير
الفيديو الأول الذي بدأت به قناة شدانا يوجا على اليوتيوب كان بتاريخ 22 أكتوبر 2017، ببرنامج اليوجا الصباحية لـ7 أيام، وأصبح لديها الآن حوالي 61 ألف مشترك على القناة، وبمجموع مشاهدات بلغ أكثر من مليون ونصف مشاهدة، وتعتمد شدن على نفسها كـOne Woman Show فهي تصور الحلقات وتقوم بعمليات المونتاج، ومرة واحدة استعانت بجهود خارجية، وذلك حتى ترى دورة "30 يوم من اليوجا" النور على منصة أكاديمية علياء الإلكترونية.
"أحلى إشي في اليوتيوب إني بقدر أشارك هادا الإشي مع عدد كبير من الناس من كل محل في العالم العربي"، هذا أكثر ما تحبه شدن بمنصة يوتيوب، بالإضافة إلى كونها تعتمد عليه أحيانًا للتعلم، "بتعلم من اليوتيوب وبعلم فيه". وتجد أن الصعوبة في عالم الإنترنت تنبع من التعليقات السلبية التي يتلقاها مقدمي المحتوى نظرًا لكون هوية الناس مخفية فلا يترددون في توجيه الإساءة، "بس دايمًا بحاول أتذكر إنه أي حد بيؤذي هو شخص مأذي من جوا فما لازم أتأثر بكلامه."
ولليوجا أنواع مختلفة بحسب ما توضح شدن ووفقًا لرغبة كل شخص فيما يريده منها، وهي تنصح أي شخص يرغب في التعمق باليوجا، بالبدء في مشاهدة الحلقات والاعتماد على الصبر والمثابرة والالتزام وعدم الضغط على النفس، وترشح كتاب راما جيوتي The Practice of Myth and Sacred Geometry لكل من يسعى لمعرفة المزيد، وكذلك كتب مدرسة البيهار، وفي التأمل كتاب فن الحياة لويليام هارت.
اقرئي أيضًا: هنا وأسماء أصحاب ديمبا صديقة البيئة ومعيلة النساء
وفي حياتها الشخصية تتبع مدربة اليوجا الفلسطينية أسلوب حياة التقليل والمعروف بـ" "Minimalismالذي يعتبر مقاوم للثقافة الاستهلاكية التي تجعل الإنسان في توق وتلهف مستمر لاقتناء المزيد والمزيد، مما يؤثر سلبًا على صفاء الذهن ويجعل الشخص يعاني من التشتت ويدخله في دائرة مفرغة من عدم الرضا، "كل ما بشعر بالرضا أكتر كلما ما بيصير احتياجي للأشياء أقل"، وتحب الاتحاد مع الطبيعة وتعشق المغامرة وممارسة رياضة التسلق التي تعتمد على التركيز والتفكير والجسم كما هو الحال مع اليوجا، وتحلم شدن أن يقدر كل شخص على التواصل مع ذاته وإيجاد سعادته الداخلية، وأن تتمكن من مشاركة الأدوات التي بإمكانها مساعدة الناس في الوصول لذلك، وقد أطلقت موقع إلكتروني متكامل عن اليوجا والتغذية.
اقرئي أيضًا:
دعاء عارف تطلق تطبيق شفاء بعد معاناة مع السرطان
الكاتب
ندى بديوي
الثلاثاء ٠٩ يوليو ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا