عاملات التراحيل في مواجهة مجهول ولا مبالة الدولة والقانون
الأكثر مشاهدة
تحرير نورهان سمير - نيرة حشمت
"الحاجة اللي كان نفسي فيها أني أتعلم ووشي يرتاح من الحبوب اللي طلعهالي الرش"
كلمات نهى ذات الـ16 عامًا تصف بعض ما تعانية جزء كبير من بنات الريف اللاتي اضطرتهن الظروف للعمل كعاملات زراعيات باليومية، فيبدأن اليوم قبل شروق الشمس في الغالب، يركبن عربة مقاول/ة الأنفار التي تعلمن معه/ها، ليبدأ رحلة اليوم الشاقة والتي لن تنتهى قبل الظهر على أقل تقدير، هناك مزارع يمتد فيها العمل لأكثر من 12 ساعة.
تناول فيلم الحرام من بطولة الراحلة فاتن حمامة، أوضاع عاملات التراحيل ورغم مرور أكثر من نصف قرن على الفيلم ما تزال المعاناة مثلما كانت في الغالب تزداد صعوبة، وعليهن مواجهة تحدياتها دون نقابات تدافع عن حقوقهن أو قانون عمل معترف بيهن، لكنهن متروكات لأقدار تتلاعب بها أهواء أصحاب العمل أو مقاولين/مقاولات الأنفار، ووحدهن ضحايا تخلي الدولة عنهن.
أول ما يقابل عاملات التراحيل أو العاملات الزراعيات أنها عمالة غير منظمة فلا توجد قوانين تحفظ حقوق العاملات، وعدد الساعات غير محددة، ولأن كلما كانت العاملة أصغر سنًا كلما كانت أقل أجرًا وبدون قوانين منظمة صغيرات كثيرات في السن معرضات لمخاطر هذا العمل، مثل وسائل المواصلات الغير آمنة، كما تتعرض البعض منهن لعملية ابتزاز من أصحاب العمل أو مقاول الأنفار، كما أنه يحصل منهم على مال مقابل االعمل، وبهذا تقع تحت ابتزاز مادي وأوقات كثيرة وجنسي أيضًا.
48"% نسبة النساء من حجم العمالة الزراعية" بحسب دراسة أجرتها مؤسسة المرأة الجديدة في 2013.
هناك نوعان من العمالة الزراعية عمالة دائمة، وتلك يعمل بها رجال فقط وتحتاج للبيات والإقامة بالمزرعة التي يعملون بها، وتكون تلك العمالة شهرية وتمتاز بوضع أكثر استقرارًا من العمالة الأخرى، وهي العمالة المتغيرة وتلك يعمل بها الجنسين، ولا تحتاج للمبيت وتعمل باليومية، وتلجأ المزارع إليها في حالة ضغط العمل كأوقات الجمع.
"تتفاقم الأمية في العاملات الزراعيات فتصل إلى 71% من إجمالي الأمية على مستوى مصر" بحسب دراسة المرأة الجديدة.
"في السنوات الأخيرة اعتمادنا على عمالة الستات بيقل يوم عن يوم، بعد سنوات من اعتماد العمالة المتغيرة على الستات، واعتمادنا على الرجال يزداد" كما يرى المهندس علاء المشرف في أحدى المزارع، ويحكي أن ذلك بسبب زيادة الأمية بين العاملات التي تزداد يوم عن يوم، فيرى أنه عندما لا تتعلم الفتيات تزيد فرصة زواجها صغيرة في السن وبعد الزواج قد تعود أو لا تعود للعمل.
تتعرض العاملات الزراعيات للعديد من الأخطار الصحية فتعرضهن للكيماويات بإستمرار دون أدنى إرشاد صحي أو زراعي يترك أثاره على صحتهن، وكذلك لأمراض الصدر من تعرضهن للأتربة والغبار واستنشاق المواد الكيماوية، كما يصبن بأمراض الكبد والكلى والبلهارسيا، بالإضافة لأمراض الفقر وهي أمراض سوء التغذية مثا نقص الحديد في الدم.
"أخويا ضربني مرة وكسرلي دراعي لما المقاول اشتكاله مني، بس أخويا بيحبني" نهي.
"59% من العاملات الزراعيات يعولن أولادهن .. و25%يعلن آباءهن وأمهاتهن .. 14% يعلن أخواتهن".
"في مهندسين ومشرفين ياما يقلوا أدبهم علينا وإحنا شغالين ويجيوا يسألونابصوت واطي لابسة أيه تحت الهدوم ولون "الكلوت" أيه واللي مش بتجاريهم يحطها في دماغه، وممكن يخصم ليها يوم كامل" سهير عاملة تراحيل/زراعية، شهادتها ضمن بحث أجرته المؤسسة المصرية للحق في التنمية سنة 2011.
الكثيرات أمثال سهير يتعرضن لانتهاكات جنسية من تحرشات وقد تنتهى بإغتصاب، خاصة وهن متروكات فريسات لأهواء أرباب العمل والمشرفين عليه دون مظلة قانونية تحمى حقوقهن وحياتهن، متروكات في مزارع خاصة مغلقة يعملن بالساعات ولا ينالن سوى ساعة راحة، وكل ذلك من أجل يومية قد لا تتجاوز ال50 جنيه أو أقل، كما يتعرضن لمعاملة غير أدمية في وسائل المواصلات حيث يتكدسن رجال وسيدات في عربة مصف نقل، وسائق يقود بسرعة جنونية ليقطع المسافة في أقل وقت ممكن حتى يتمكن من العودة لنقل حمولة ثانية، قد تنتهى الكثريات منهن جثثًا شهيدات اللقمة الصعبة.
ماذا قد تريد الريفيات/العاملات الزراعيات/التراحيل؟
نقابات تحفظ حقوقهن وتطالب بالحقوق المستحة لهن، النقابات الموجودة حاليًا شديدة الفقر لا تدعمها الدولة، فعلى الدولة دعم تلك النقابات، وتغيير قانون العمل ليشمل العاملات الزراعيات.
الكاتب
نيرة حشمت
السبت ٢١ مايو ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا