”إنتي المتهمة ” و ”إحنا المجتمع ”
الأكثر مشاهدة
كونك إنثى شرقية تنتمي للمجتمع الشرقي فخروجك عن أعرافه التي صاغها وفق موروثاته الثقافية يعني جواز تعرضك لأي إعتداء خاصة من قبل الرجل الذي يجد غابًا مبرر مجتمعي يبرر به الإعتداء الواقع عليك بغض النظر عن نوع الإعتداء
ففي معظم جرائم الإغتصاب والتي تعد أبشع أنواع الإعتدءات التي قد تتعرض لها مرأة ، يقف المجتمع فيشير إليها بإصبع الإتهام بدلا منه ثم يروح ليطرح سؤاله الأشهر ككلشيهات السينما " هي إيه الي هي لبساه ده ؟؟ ، وهي إيه الي منزلها في ساعة متأخرة زي دي ؟؟ ،ماشية في حتة ضلمة زي دي ليه ؟؟... و إلخ " لتصبح المتهم و ليس المجني عليه .. فلباسها المغري أغرى المغتصب فأثارت شهوته ما جعله ينتهك عرضها و آدميتها و يغتصبها ، و خروجها متأخرة من منزلها أجاز للمغتصب إغتصابها لأن العرف المجتمعي يقتضي أن المرأة التي تخرج من منزلها ليلا بالتأكيد باغية أو فتاتة هوى تستحق ما يفعل بها
و تلك التي تسير في مكان مظلم كانت لابد أن تتسلح بسلاح ناري لتعبر خط النار المشتعل بذئاب ستنقض عليها بالتأكيد بين لحظة و أخرى
و لفترة طويلة لم يكن الإغتصاب جريمة يعاقب صاحبها بالإعدام ، و في المجتمع لا يعدم المغتصب أبدا التي تعدم هي المرأة التي يوجه لها المجتمع كافة الاسئلة و كل اللوم على إغتصابها
بعد الإغتصاب تجيء جريمة التحرش و التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة ، تقف المرأة ذات الموقف من الإعتداء " و إنتي لابسة بنطلون ضيق ليه؟ ، مش محجبة ليه ماكنش حد قربلك ؟ " و الأسوأ انه و إن قررت الفتاة ان تتحدث يسقط عليها وابل من الإهانات و يجيء السؤال " وإنتي تردي عليه ليه أصلا ؟" ، يعتقد المجتمع الشرقي أن البنت المحترمة لا تعير متحرشها إهتمام و لا يجب أيضا أن تشعر بالإهانة و هي تستشعر يد تعبث بجسدها و تعاملها كبهيمة مستباحة لوحشيته و إفتراسه
واحدة من الحوادث التي لاتنسى حادثة التحرش الجماعي بفتيات في ميدان التحرير إبان ثورة يناير ، إشتعل مواقع التواصل الإجتماعي بمقاطع الفيديو الصورة لحوادث التحرش ،لتفاجئين بأنك الملامة " و إنتي إيه الي ينزلك مظاهرات ؟" و تصبح السيدة في المظاهرات مباح التحرش بها و إنتهاك آدميتها من جديد
و حادثة سحل "ست البنات " أمام قصر الإتحادية و تعريتها جاءت شريحة لا يستها بعددها من المجتمع ليسلط الضوء على عباءة غادة التي ترتديها فوق ملابسها الداخلية ، " و هي رايحة المظاهرة لابسة عبايا عاللحم ؟" كان يجب أن تعلم غادة مسبقًا أن جنود شرطتها رجال سينتهكون آدميتها ، كان يجب أن ترتدي دع حصين أو بالطو من الجوخ الإنجليزي السميك حتى لا يحاكمها المجتمع بتهمة كونها أنثى في المظاهرة "بعبايا عاللحم "
فوجأت يومًا بأن أحدهم اخترق صفختها الشخصية و إستغل صورها لتفعيل حساب مزيف و و إبتزازها و التهشير بها زورا ، بعدها لم تكن تتوقع أن يترك الجميع الرجل بفعلته ليلقى كل اللوم عليها " و إنتي حاطة صورك على النت ليه ؟" لأن من الطبيعي أن تضع "هند" صورها على حسابها الشخصي و لكن الليس طبيعي أن يخترق حسابها الشخصي و ينتهك ، الوضع معكوس في عيون المجتمع الشرقي وضع صورك على صفحتك الشخصية على الإنترنت يجعلك مباحة للإنتهاك من رجل
في منازل الزوجية المتصدعة إذا ما اعتدى رجل على زوجته ، يراه المجتمع أمرا طبيعيا أن يضرب الرجل زوجتمه فهو رجل شرقي "دمه حامي " ، ضربها " أكيد كانت قوية ، الست لازم تسكت ، ما استحملتيهوش ليه ؟؟ " ، يجب عليك سيدتي المتزوجة أن تصمتي لأن حديثك مع زوجك " الشرقي الي دمه حامي " يجيز له ضربك " أكيد رديتي عليه و هو متعصب عشان كدة ضربك " ، أما إذا فاض الكيل بها و قررت أن تطلب الطلاق تصبح متهمة بجريمة "ما استحملتش عشان العيال " كان يجب أن تمتهن الخرس كوظيفة لتبتعد عن إتهامات المجتمع الذي يرى أن لزوجها السلطة الأولى و هي التابع و الخروج عن خط السير المرسوم جرييمة تضعها تحت طائلة المجتمع
لا يمل المجتمع من وضع المرأة تحت قانون المجتمع و يلزمها دائمًا باتباعه و إلا تشير كل الأصابع إليها بكل التهم و تطبق عليها كل العقابات
الكاتب
نورهان سمير
الخميس ٢٦ مايو ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا