” منى يسري” الصحفية التي فجرت المسكوت عنه داخل أروقة العمل
الأكثر مشاهدة
يتم النظر إلى الأنثى فى الكثير من المجتمعات بعين النقص على أنها كائن غير مكتمل يأتي في المرتبة الثانية بعد الرجل، ويتم تفسير حقوق المراة على أنها "بجاحة"، في مقابل تفسير حقوق الرجل على أنها "واجب" ويطلق على هذ المجتمع مسمى "المجتمع الذكوري"، الذي يضع المرأة دائما في خانة المتهمة والرجل في خانة "دا راجل يعمل إلى هو عايزه في الآخر دا رجل".
وبسبب عدم المساءلة القانونية تزيد نسبة الجرائم والموضوعات المسكوت عنها، ويتربع على عرش الموضوعات المسكوت عنها على الصعيد المجتمعي والقانوني موضوع (التحرش داخل أماكن العمل)، وجاءت الصحفية "منى يسري" لتفتح الموضوع على مصرعيه لأول مرة، حيث تعرضت للتحرش من قبل ،رئيس تحرير مجلة روز اليوسف، "إبراهيم خليل" حسبما قالت.
وعلى الرغم من الدراسات التي أكدت على ارتفاع نسبة النساء العاملات اللاتي يتعرضن للتحرش داخل عملهم، إلا أن حتى الآن لا تفرض قوانين رادعة تحمي العاملات داخل أماكن عملهم، وخاصة أن أماكن العمل أرض خصبة للتحرش بالنساء بغض النظر عن السن والحالة الاجتماعية ونوع الملابس ومستوى التعليم، وسنعرض بعض الدراسات التى أكدت ذلك.
دراسات تؤكد ارتفاع نسبة التحرش داخل أماكن العمل
في عام 2014 أجرى الاتحاد العام لعمال مصر دراسة حول (التحرش داخل أماكن العمل)، على عينة قوامها 20 ألف عاملة تتراوح أعمارهن ما بين 20 إلى55 عاما، وأسفرت نتائج الدراسة أن 30% من العاملات في مصر يتعرّضن للتحرّش في أماكن العمل، وكانت أعلى نسبة في القاهرة، حيث بلغت نحو 70%، بينما قدرت الحالات في محافظات الدلتا بنحو 18%، واختفت الحالات تقريبا بمحافظات الصعيد حيث بلغت نسبتها نصف بالمائة، واثبتت الدراسة أن 50% من العاملات المتعرضات للتحرش في القاهرة يواجهن اضطهادا في العمل.
وأجرت أيضاً "مؤسسة المرأة الجديدة "عــام 2009 دراســة ميدانيــة عــن (التحــرش الجنســي فــي أماكـن العمـل)، وطبقت في أربعة محافظات هم، (الإسماعيلية والسـويس وبورسـعيد والإسـكندرية) على عينة قوامها 58 عاملة، وكشـفت الدراسـة عـن أشـكال الاستغلال الجنسـي التـي تتعـرض لهـا النسـاء داخـل أماكـن العمـل، وارتباطهـا بشـكل مباشـر بظـروف وبيئـة العمـل، والثقافـة الذكوريـة داخـل المجتمـع.
وتوصلت نتائج الدراسة إلى أن أغلب النساء اللاتي شملهن التقرير تعرضــن للتحــرش الجنســي داخــل أماكــن العمل الحكوميــة والخاصــة ســواء من خلال نظــرة العيــن ذات الإيحاء الجنســي أو ســماع ألفــاظ وعبــارات جنســية، وقــدرة النســاء علــى التصــدى للعنــف الجنســي مرتبطــة بعلاقات العمــل وشــخص المتحــرش ).
وفي دراسة أجرتها الأمم المتحدة عام 2013 بعنوان " دراسة طرق وأساليب القضاء على التحرش الجنسي في مصر" توصلت نتائج الدراسة أن التحرش داخل أماكن العمل يحدث بنسبة 12.5% من مجمل الأماكن الآخرى كالشارع والشواطىء والمواصلات.
منى يسري تكشف الغطاء عن التحرش المسكوت عنه داخل أماكن العمل
فجرت الصحفية "منى يسري" يوم 7 أغسطس واقعة التحرش التي حدثت لها من قبل رئيس تحرير مجلة روز اليوسف "إبراهيم خليل"، متهمة إياه بالتحرش بها داخل متكبه بمقر المؤسسة؛ وذلك من خلال تحريرها محضرًا رسميًا بالواقعة أمام مأمور قسم شرطة "قصر النيل" حيث حمل البلاغ رقم 18668/2016 جنح قصر النيل، وتم رفع البلاغ إلى النائب العام.
وعن الواقعة، قالت "منى"، أنها تلقت اتصال هاتفياً من رئيس تحرير المجلة يوم الخميس الموافق 28 يوليو ، حيث سألها عن بعض الموضوعات الصحفية ، ثم طلب منها التوجه إلى مكتبه لتتم مناقشة الموضوعات، وذهبت أليه يوم الاثنين الموافق الأول من أغسطس، وبمجرد وصولها في الخامسة والنصف عصرًا، فوجئت به يتحرش بها، حسب قولها.
ومن جانبه، رد"إبراهيم خليل" في تصريحات لـ"مرصد صحفيون ضد التعذيب"، مؤكدًا أنه إدعاء كاذب والهدف منه "الابتزاز" و"التشهير بسمعته"، موضحًا أن المقابلة مع الصحفية تمت منذ أكثر من أسبوع، ولو كان كلامها صحيحًا، فلماذا صمتت كل هذا الوقت؟.
وخلال المقابلة التي أجراها موقع "احكي" مع "منى يسري"، صرحت بأنها تمتلك الأدلة التي تثبت بها الواقعة ، فلديها تسجيلات صوتية بالواقعة ولكن رئيس التحرير "إبراهيم خليل" لم يعرف عنها أى شىء، والتسجيلات داخل أروقة النيابة والنيابة ستواجهه بها.
بالإضافة إلا أنها اتجهت نحو التصعيد أيضاً من خلال التواصل مع الفتيات التي تم التحرش بهن من قبل رئيس التحرير، وبدأت في عرض قصصهن، لافتة إلى أنها لم تكن الواقعة الأولى، ولكن هناك الكثير من الفتيات اللاتي تم التحرش بهن، ولكن منعهم الخوف والعقل الجمعى من التحدث، لأننا نعيش فى مجتمع يجلد (الأنثى) ويترك الجاني.
وحول تساؤل "إبراهيم خليل" بلماذا انتظرت (منى) كل هذه الفترة دون أن تتحدث فى أشارة أنها قامت بمقابلته يوم الاثنين الموافق 1 أغسطس، ولم تتحدث فى الموضوع إلا 7 أغسطس الموافق يوم الأحد.
ردت "منى" بأن هل من الطبيعى أن أخرج من حادثة بهذا الحجم التى حدثت الاثنين الموافق 1 اغسطس وأن أتحدث عادي وكأني انتزعت من المشاعر نهائياً، ولكني أصبت بصدمة وانهيار عقب الحادثة، واستكملت بأن يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء كنت في حالة "صدمة رهيبة" ، والجمعة والسبت إجازة وكانت تحتاج إلى محامي لكي تسير على الطريق القانوني، والصحيح منذ البداية، ولكي تدرس كل خطوة تخطوها بدقة شديدة.
كما أشارت منى بصوت غاضب، إلى أنها تجلد من الكثير بسبب فضحها لرئيس التحرير، والكثيرون يجلدوها بالموروثات الاجتماعية والثقافة المغلوطة ويتركون (الجلاد) في أشارة إلى رئيس التحرير، ودللت بالكثيرون الذين يرسلون لها رسائل وصفتها (بالبشعة) على الشات الخاص بها على صفحتها بالفيس بوك.
وأرسلت منى في نهاية حوارها ثلاثة رسائل ، وكانت أول رسالة إلى (الفتيات) فأكدت "منى" أن سكوت البنات حول ما يحدث معهم من تحرش داخل أماكن العمل بأنه أكبر جريمة تشجع المجرم على استمرار جرائمه وأفعاله المشينة، مرسلة رسالة إلى جميع الفتيات "اوعى تسكتي عن حقك ، دافعي عن حقك واتكلمي ، الكلام هو إلى هيغير نظرة المجتمع كله وهيقف في صفك بدلا من ضدك".
ورسالتها الثانية إلى المجتمع، بأن ينظر إلى الأنثي بعين العدل والمساواة وليس بعين الظلم والتهميش، وكأنها كائن يتم استخدامه فقط لتلبية احتياجات وخدمة الذكور.
واختتمت حديثها ورسالتها الأخيرة إلى القانون، وطالبت القانون بسن التشريعات التي تردع هذه العقليات المتخلفة، ويمكن الأنثى من الحصول على حقها، لافتة إلى أنه مع غياب التشريعات، هتفضل حقوق المرأة ضائعة.
أنواع التحرش داخل أماكن العمل
توصلت الدراسة التي قام بها المركز المصري لحقوق المرأة في دراسة تحت عنوان " التحرش الجنسي في مجال عمل المرأة" أن 68% من العاملات يتعرضن للتحرش الجنسي 46% منهم يتعرضن للتحرش اللفظي مقابل 22% يتعرضن للتحرش البدني، وأكثر السلوكيات التي اتفق عليها النساء، 78% لمس اليد بطريقة متعمدة ، 76% يلمس أجزاء من جسدها، 76% ينظر إلى أماكن حساسة من جسدها،73% يحاول تقبيلها، 72% يمتدح قوامها، 72% التهديد والإغراد لتتجاوب معه جنسياً.
وفي سياق متصل، قالت (مني يسري) أن التحرش لا يكون بدنيا فقط، ولكن هناك العديد من أنواع التحرش فهناك التحرش اللفظى، والنظر إلى أجزاء الجسم.
مواجهة التحرش داخل أماكن العمل
وجهت "مني" خلال حوارها نصيحة إلى اى (أنثي) تتعرض للتحرش داخل مكان عملها بأن تتحدث وتفضح أمر المتحرش، ولابد على الفتيات أن يكون لديهم دليل الإثبات ، فمن الممكن أن تقوم بالتسجيل للمتحرش، أو أن تقوم باستدراجه وتثبت عليه الواقعة متلبس، كما طالبت بسن القوانين الرادعة التى توقف كل من يفكر في فعل هذه الأشياء عند حدوده.
وفي الدراسة التي أجرتها الأمم المتحدة، اقترحت بعد الحلول لمواجهة ظاهرة التحرش مثل وضع قوانين رادعة تضم عقوبات رادعة، وضرورة وجود ضابطة شرطة للتعامل مع حالات التحرش، بالإضافة إلى وجود باحثة اجتماعية للتعامل مع حالات التحرش داخل كل قسم.
وفي عام 2014، أدخلت تعديلات على قانون العقوبات في محاولة للحدّ من هذه الآفة، فشددت عقوبة التحرّش اللفظي أو الفعلي إلى السجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وخمس سنوات وغرامة حدها الأقصى 50 ألف جنيه، إلا أن المشرّع عاد وخفف العقوبة في قانون العمل الجديد المقترح، بحيث لا تشمل عقوبة التحرّش في أماكن العمل السجن، وتقتصر على غرامة تتراوح بين ألفين و5 آلاف جنيه.
وقالت د. أمل عبد الحميد، المنسق العام للمؤتمر الدائم للمرأة العاملة، في مقابلة مع "أصوات مصرية": "لحد النهاردة مفيش مادة في القانون تجرم التحرش الجنسي داخل أماكن العمل، ده غير ان إثباته صعب جدا، والعاملات بتخاف تتكلم علشان ما تفقدش وظيفتها".
وأوضحت أمل عبد الحميد أن المؤتمر طالب بوضع مادة في قانون العمل 12 لسنة 2003 –الذي يجري تعديله حاليا- تجرم التحرش الجنسي في أماكن العمل، قائلة "المادة اللي في قانون العقوبات بتجرم التحرش غير كافية وما تصلحش في حالة التحرش في العمل".
الكاتب
سمر حسن
الخميس ١١ أغسطس ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا