”موقعة البوركيني”.. جدل عالمي حول ”قطعة قماش”
الأكثر مشاهدة
تابوه لـ مونيكا عبد الملك وندى بديوي
لم يكن يخطر ببال الأسترالية ذات الأصل اللبناني "عاهدة زناتي" أن تصميمها البسيط للباس سباحة يغطي الجسم سيكون محل جدل فكري وتنظيرات بين معسكرات فكرية بعد ابتكاره بما يزيد عن ثلاثة عشرة سنة، ويتفاقم الأمر أكثر فتصبح قطع القماش تلك أمام منصات القضاء، ويصبح تأييد السياسيين من عدمه يأتي على حساب زّي نسائي. ليصير مسلسل تداعيات القرار الفرنسي بحظر "البوركيني" مستمرًا.
وحتى الآن لا يوجد تفسير عن سبب تحويل "حبة" كالبوركيني لـ "قبة" وصراع حضاري كما يحدث الآن، فلن يكون تغطية جسد الراقدات على الشواطئ هدمًا لمبادئ الجمهورية الفرنسية أو نصرًا للإسلام.
بدأ قرار حظر البوركيني فيما بدا كرد فعل على الاعتداءات الإرهابية الذي شهدتها فرنسا في الآونة الأخيرة، فقبل هذا لم يكن تناول "البوركيني" منتشرًا في الأوساط الفرنسية العامة واقتصر على اليمين المتطرف الذي يخشى ضياع الهوية الأوروبية وسط مظاهر المد الإسلامي أو ما يسمونه "أسلمة المجتمع".
لكن فرنسا سارت على درب "دون كيخوته"، الذي حارب طواحين الهواء لأنه اعتقد أنها شياطين ذات أذرع، فمنعت البوركيني لتُضيق على الإسلاميين ويكون ذلك طريق آخر لتقويض الزحف الإسلامي لكنها وقعت في خطأ التعميم فوضعت كل المسلمين في بوتقة واحدة وكأنهم "إرهابيون محتملون" وجهلت كون الإرهابيين في الأساس يرفضون البوركيني لأنه يصف تفاصيل الجسم.
ومع كل هذا الجدل والآراء المتقاذفة هنا وهناك يكون الشيء الوحيد المؤكد أن "عاهدة زناتي" استفادت كثيرًا بزيادة مضطردة في المبيعات والأرباح.
ليس رمزًا إسلاميًا
فقد ذكرت كوثر سكراني -لـ CNN- التي لها علامة تجارية تتعلق بملابس السباحة تلك، أن العديد من النساء غير المسلمات اللاتي يردن حماية بشرتهن أو لا يريدن التعري يلجأن لحل البوركيني، وأنها صممت واحدًا خاصا للشيف، نايجيلا لاوسون، والتي ارتدته أثناء عطتلها الصيفية.
لتتساءل صحيفة "تيويورك تايمز" أيضًا عن رد الفعل الفرنسي إذا ظهر لباس البحر المسمى بـ "الفيسكيني" الذي تشتهر به الصينيات على شواطئها، فهل سيلقى مصير البوركيني؟ حتى مع ارتداءه بهدف حماية البشرة وليس من خلفية دينية؟.
وتدخل إسرائيل على الخط كون الشواطئ هناك تتواجد عليها مرتديات البوركيني بكثرة، من المسلمات واليهوديات المحافظات على السواء، بجانب من يردن الحفاظ على لون البشرة.
التأييد
ورغم القرار الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا في فرنسا بكون منع البوركيني في عدد من المدن يعد انتهاك للحقوق الأساسية، إلا أن اليمين الفرنسي قرر أن يجعل البوركيني معركة أكون أو لا أكون،
فصرح الرئيس الفرنسي السابق الذي يعد نفسه لانتخابات 2017، نيكولا ساركوزي أن ارتداء هذا النوع من الملابس فعل استفزازي ويدعم الإسلام الراديكالي، وتعهد بمنعه حال تم انتخابه رئيسًا.
فيما رأت ماريان لوبان، زعيمة حزب "الجبهة الوطنية" اليميني، قرار الحظر بأنه معركة نضالية لم تنتهي بعد.
لتؤيد محكمة في كورسيكا قانون منع البوركيني حفاظًا على السلم العام.
المعارضة
أثار قرار الحظر جهات دولية عدة، فوصفه المتحدث الرسمي باسم مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة أنه قرار لا دخل له بالأمن وسيؤدي لتأجيج الطائفية وتهميش المسلمين.
وصرح عمدة لندن "صادق خان" أن من أبرز مزايا بلدتة احترام الاختلاف، فلا يقدر أي شخص أن يملي على المرأة ما ترتديه. كذلك علق وزير الداخلية الإيطالي قائلًا أن النموذج الفرنسي لا يبدو الأفضل، فإلي جانب أهمية حفظ الأمن يجب تجنب القرارات التي تثير ردود فعل استفزازية كونها تؤدي لمزيد من الهجمات .
وفي فرنسا نفسها لم تتفق الأوساط على المنع، فعندما أعلن رئيس الوزراء الفرنسي "مانويال فالس "أن التعري يمثل فرنسا، جاءت الكثير من ردود الأفعال الساخرة من التصريح وصلت ذروتها برد فعل غير متوقع من مذيعة فرنسية قامت بإظهار ثديها فى بداية البرنامج اعتراضًا وسخرية من رئيس الوزراء.
الجدل يصل مصر
وحتى الدول ذات الأغلبية المسلمة لم تسلم من الأزمة التي انتقلت من فرنسا إلى رأس سدر بمصر بعدما اعترض مدير إحدى القرى السياحية بالمنطقة على نزول إحدى السيدات إلى حمام السباحة بالقرية وهي ترتدي البوركيني، وعند رفضها الخروج أمر المدير عمال القرية بأن ينزلوا بملابسهم الداخلية للسباحة ساخرًا من كونها حولت حمام السباحة إلى ترعة بلدي. قائلًا "ينفع تنزلوا الحمام بالقرف ده؟!.. انزلوا في أي حتة في الدنيا إلا هنا".
لتتسع دائرة الجدل فتشمل مقالات الرأي ومواقع التواصل الاجتماعي، ففي الحين الذي كتب فيه عادل نعمان مقالًا في جريدة الوطن، يصف فيه البوركيني بالرداء الوهابي الذي يشوه جمال المرأة ويسحب منها أنوثتها، وأنه من حق فرنسا المنع "فواجبها الحفاظ على مظاهر الجمال والأناقة".
شهد القرار الفرنسي والواقعة المصرية هجومًا حادًا من قبل البعض خصوصًا من التيار المدني فكتب المخرج عمرو سلامة على صفحته الشخصية على فيسبوك ما نصه "العلمانية الفرنسية اللي تمنع واحدة بحجاب أنها تقعد على الشاطيء لا تفرق في تمييزها وعنصريتها عن الدول الدينية اللي في الشرق الأوسط اللي بتجبر الست ماتلبسش اللي هي عايزاه وبتتوعدها بتحرش أو عقاب أو تمييز مجتمعي".
الكاتب
احكي
الأربعاء ٠٧ سبتمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا