البنات والكورة.. ”زيطة ولا انتماء؟!”
الأكثر مشاهدة
ندى بديوي - هدير حسن- سمر حسن
ترتدي زيّ ناديها المفضل، تجلس على المقهى مع صديقاتها لمتابعة المباراة، مع كل هجمة وأخرى مرتدة يرتفع صوتها، وينجذب انتباه من حولها له.. فرغم أن مشهد وجود الفتيات على المقاهي أو في المدرجات بات مألوفًا إلا أن الانطباع عن كونها رياضة ذكورية مايزال يقبع في ركن ما من الذاكرة.
فقبل سنوات عندما كانت المتعة مقصورة على قنوات التلفزيون المصري التي تعد على الأصابع، كان الرائج أن الفتيات يكرهن شيئين، "مباريات كرة القدم ونشرة الأخبار"، لأنهما وقت مستقطع من زمن التليفزيون المحدود بالأساس. أما إذا كنت من هواة مشاهدة الأرشيف الرياضي، فإليك هذه المهمة الصعبة: استخرج تجمع من الفتيات يرتدين زي النادي المفضل ويقفن في المدرجات هاتفات له.. على الأغلب لن تجد، فحتى وقت قريب كانت كرة القدم لعبة يغلب عليها الرجال، ممارسةً وتشجيعًا، إلى أن بدأت النساء في الذهاب للمدرجات كعائلات ثم مع الأصدقاء وتجلت الظاهرة في بطولة كأس الأمم الإفريقية التي أقيمت بمصر عام 2006، فامتلأت المدرجات بالنساء من مختلف الأعمار متزينات بعلم مصر.
وحاليًا أصبحن يستخدمن حقائب وإكسسورات مزينة بشعار النادي المفضل ليس فقط في أيام المباريات العادية ولكن في الحياة اليومية، لهن روابط تشجيع، ولا يفوتن فرصة لإعلان انتمائهن الرياضي.. كل هذا لم يمنع الشباب في أن يطلقوا عليهن "مالهمش فيها" وأن توجههن نحو كرة القدم "موضة".
التشجيع النسائي موضة أم شغف؟
يعلق أحمد علي: "البنات صعب يفهموا الكورة بتمثل إيه للولاد، وده بيخلي فهمهم قليل شوية، غير إنهم في الأغلب ممارسوش اللعبة، مالعبوش في الشارع ونطوا من فوق سورعلشان يلعبوا ماتش. كل ده بيفرق في الشغف والروح وطريقة التفكيرفي الكورة ككل".
ويضيف أن هناك قلة من الفتيات على دراية حقيقية بكرة القدم والخطط التكتيكية فيها منذ الصغر.. ويستطرد: "غيركده الكونسيبت نفسه،يعني مثلا إحنا لما بنروح نلعب كورة كأصحاب بينا وبين بعض، بنقطع بعض فعلا،عرق وجري وضرب وتخبيط مفيش بنت هتفهم ده". ويتوقف أحمد عند اللاتي يشجعن من أجل أن اللاعبين في هذا الفريق أجمل.
تعارض هذا الطرح، منى محجوب فتقول: "في جزء من تشجيع البنات بقى موضة طبعًا بس حتى لو فرضنا أنها ده فهي موضة كويسة مش وحشة وتغيير اهتمامات البنات فماينحصروش في حاجات معينة .. ده شيء عظيم مش عارفة ليه بيزعل الشباب و بيحسوا بتهديد في منطقة اهتماماتهم".
منى التي عملت في راديو الإنترنت "بلانكو أف إم"، الخاص بمشجعي نادي الزمالك، منذ عام 2012، يعرفها متابعي السوشيال ميديا بولعها بكرة القدم وخصوصًا نادي الزمالك الذي ورثت تشجيعه من عائلة والدتها في سن صغيرة، وظلت فكرة التشجيع من الاستاد تراودها حتى "2006 لما اتجه تشجيع البنات أكتر من الاستادات بسبب بطولات المنتخب .. بدأت من وقتها أتحمس أكتر لفكرة حضور الماتشات هناك".. وتشارك متابعيها التعليق على التشكيلات، ومستجدات اللاعبين وحتى لياقتهم البدنية لذلك تقول أنه لا "كتالوج" لوجود الشغف وأنه غير مرتبط بممارسة اللعبة، فهي في الأصل باعثة على الحماس لكل من يتابعها وتخلق شغف من نوع خاص بالنسبة للبنات.
هذا الشغف امتدت بالنسبة لها ليشمل مذيعات البرامج الرياضية، ولا ترى أن هذه البرامج يمكن مقارنتها بمثيلاتها التي يقدمها رجال لهم سنوات طويلة في هذا الحقل الإعلامي، وذلك لأن التجربة ماتزال في مهدها، "الفكرة في حد ذاتها هايلة وهما ما بيعرضوش كرة قدم للرجال بس، لأ كمان أنواع رياضات تانية والفرق النسائية مثلا".
الكورة حكر على الرجال
رغم خبرة رانيا عامر، 23 عاما، بمجال كرة القدم، نظرا لاحترافها اللعب منذ كانت في المرحلة الإعدادية، عندما شاركت في دورة بيبسي لكرة القدم النسائية، إلا أنها دائما ما تواجه تعليقات من الرجال والشباب تقلل من خبرتها واهتمامها بالكرة التي يعتبرونها "حكرا" لهم.
تلعب رانيا كرة القدم في الشارع منذ طفولتها أمام منزلها، بصحبة أخيها، مما جعلها تحب لعب الرياضة بشكل عام، وقررت أن تحترفها مع الانضمام إلى دورة بيبسي لكرة القدم، وظلت تلعب بعدها بشكل متقطع في عدد من الأندية، ولكنها ملت من الإهمال الحكومي.
على مدى سنوات وجودها في الملاعب، كانت فريقها يواجه غالبا فرق الأولاد، التي كانت تسخر من اللعب مع "البنات"، وتأتي ردود أفعالهم "دول بنات هيلعبوا معانا إزاي"، وفور الانتهاء من المباراة كان يبدأ "التحفيل" على حد قول رانيا.
"هما حاسين إن اللعبة بتاعتهم"، ذلك ما تعتقده رانيا، وما تواجهه، خاصة، مع ارتيادها لأحد المقاهي والكافيهات لتشجيع منتخب مصر، فكانت تجد تعليقات سلبية على وجودها، وهو ما حدث مع مباريات مصر خلال كأس الأمم الإفريقية الماضية، فيبدأ الرجال بالانبهار من قدرتها على رؤية كرة القدم بصورة فنية، نظرا للخبرة التي تمتلكها، بينما يحاول آخرون التقليل منها، "اللي بيحاول يقلل مني، بوقفه عند حده وطلعه هو اللي مش فاهم حاجة".
هوس كرة القدم VS "الأنوثة"
"بدأت التشجيع من وأنا عندي 4 سنوات بتشجيع نادي الزمالك لأن والدي -رحمه الله عليه- يعشق الزمالك"، دخلت رانا يوسف إلى بوابة التشجيع الكروي من خلال والدها، وتطور الامر لديها فبدأت ممارسة الرياضة بعدها بعامين، ومنحها ذلك فرصة لفهم الرياضة بشكل أعمق، وتنوعت الأماكن التي تشاهد فيها المباريات بين النادي أو المقهى أو الاستاد.
وعلى صعيد المواقف التي تعرضت لها "كابتن رانا كما" -كما يناديها الكثيرون-، ذكرت موقف حدث لها عام 2002 خلال نهائي كاس إفريقيا للأندية التي فاز فيها نادي الزمالك التي تشجع على نادي ارجاء المغربي وكانت تبلغ من العمر 14 عامًا، ورأت أحد الشباب في الزحام يتحرش ببعض الفتيات، وقام والدها بتسليمه لأمن النادي.
وفيما يتعلق بالصورة المتكونة عنها كمشجعة يلخصها الكثير في "أخونا رانا" أو "يوسف الصغير"كدلالة أنها صبي" كل هذه الألقاب كانت تفرحني إلا أنني في بعض الأوقات كنت أتسائل هل هذه ميزة أم عيب؟"، مبينة أن معظم زملاؤها يعامولنها كصديق جدع، ولكن الأمر لم يسعدها عقب تخرجها، والبدء في العمل، فذكرت موقف تقدم لها أحد الاشخاص وشاهد مشاداتها مع مديرها في العمل على مباراة بين الأهلي والزمالك، فسرعان ما تردد عن الارتباط بها "خرج صامتا وقال لصديقتي ده واحد صحبي أنا أخاف لو قولت لها ماليش في الكورة تولع فيا".
وذكرت موقف آخر عندما تم خطبتها لأحد زملاؤها في النادي "يوم خطوبتي كانت مباراة الزمالك والأهلي لعام 2010 الخطوبة كانت في البيت فتحت التليفزيون وقعدت اتفرج وسط ذهول من الجميع"، وبسبب خسارة نادي الزمالك امتنعت عن الخروج مع خطيبها، ولم تستمر خطبوتها سوى ثلاثة أشهر، ووصفها خطيبها السابق بأنها مجنونة زمالك وحبها مثالي تجاه الأشياء التافهة.
وفيما يتعلق بمعلوماتها الكروية، أكدت على أنه لديها معلومات عن خط سير المبارة بالإضافة إلى القررات التحكيمية، لافتة إلى أنه بجانب رسم الإعلام والتشجيع فالطقوس التشجيعية لا تتنافى مع فهم القواعد التحكيمية والقانوية الخاصة باللعبة.
"رسيفر بي أن سبورت" قبل "النيش والمطبخ"
وصلت الصحفية "ولاء محسن" لذروة التشجيع الكروي في دورة الأمم الإفريقية 2006 المنظمة من قبل مصر"بعد كل فوز لمصر كنا بننزل مع بابا نحتفل بالعربية ولما مصر كسبت بابا عزمنا على العشا برا"، ولفتت إلى أن حبها لكرة القدم يزيد يوم عن يوم بل وصلت إلى مرحلة أن حياتها تحولت إلى مشاهدة المباريات على الصعيد المحلي والعالمي فهي عاشقة لفريق ريال مدريد "اليوم إللي بيكون فيه ماتش بحس بحاجة مختلفة وبصحي بدري كأني ورايا حاجة مهمة ولو عندي شغل او اي حاجة بخلصها بدري."
وأتت أحداث استاد بورسعيد 2012 لتغير موازين حب "الصحفية" لكرة القدم، وعزفت عن متابعتها للمباريات، ووجهت حبها لمتابعة كرة القدم العالمية.
"حبي وجوازي من شافي وهو صحفي رياضي ومحلل كروي شاطر زود حب الكورة وعشقها عندي" انتقلت ولاء للحديث عن زواجها من المحلل الكروي "شافي مسعد" الذي ساعدها على زيادة تشجيعها الكروي "أول حاجة جبناها في بيتنا كان ريسيفر بي أن سبورت الباقة الكاملة علشان نتابع كل الماتشات سوا"، وتتركز حديثها هي وزوجها طوال الوقت عن لاعبين كرة القدم ذاكرة لاعب كرة القدم الإسباني "سيرجيو راموس"
"ابني كمان عمره سنة ونص وطالع بيعشق الكورة وبيسقف معانا ويتنطط لما يدخل جول"، قالت أنها تتابع معظم المباريات في منزلها ولم تشاهد سوا مباريات البطولات في الخارج، وانتقلت بالحديث للتعليق على تشجيع البنات لكرة القدم، ووصفتها بالموضة، ولكن استثنت مجموعة من الفتيات الفاهمات لقواعد اللعبة، متمنية أن كل الشعب يحب الكرة مبررة ذلك بأن التشجيع الكرة له متعته الخاصة.
الكاتب
احكي
الأربعاء ٢٢ مارس ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا