استقلال البنت في مصر تحدي قبلته كثيرات ليملكن حياتهن
الأكثر مشاهدة
"الكلام ده في لأمريكا، مش هنا في مصر.. الاستقلال مسئولية صعبة، مينفعش البنت تتحملها" بالنسبة لكثيرين، ما زال سائدا أن البنات لا تخرج من بيوت آبائها إلا لتستقر ببيت الزوجية، فلا مجال للحديث عن استقلال البنت، وإمكانية أن تعيش حياة تكون هي المسئول الأول عنها، والحجة دوما الخوف والمجتمع والناس.
سألت "احكي" فتيات استطعن أن يقبلن تحدي المجتمع، ولا يشغلن بالهن بتعليقات االناس، واستطعن بث الطمأنينة والأمان في نفوس أهاليهن، وخضنا تجربة الاستقلال إما ماديا أو بالعيش وحدهن لظروف السفر أو العمل أو للرغبة في خوض حياة جديدة بأنفسهن.
من خلال استمارة إلكترونية تم إعدادها خصيصا، استقبلت "احكي" عشرات من التجارب التي قررت الفتيات أن تفصح عنها، وتم نشرها ليعرف المجتمع أن "استقلالك مش عيب"، فتنوعت تجارب الاستقلال ودوافعه، ما بين الهرب من العنف الأسري، أو للتعليم والعمل بدعم من الأهل أنفسهم.
تعرفي على: ميراث النساء في مصر.. حق أكله حلال
استقلال البنت عن أهلها
"حريتك في أنك تجيبي فلوسك بنفسك، عشان السطوة والقهر بيتم ممارستهم على البنت طول ما بيتصرف عليها" استطاعت الباحثة ذات الثلاثين عاما أن تستقل عن أهلها منذ عشر سنوات بدعم ومساندة منهم، بدأت مع الدراسة بالجامعة، واستمرت بعدها بسبب ظروف العمل، ترى أن تجربة الاستقلال والعيش وحدها مسئولة عن نفسها أكسبتها صفات لم تكن لتتعلمها، فأصبحت تدرك أن أي موقف مهما اشتدت صعوبته سيمر.
ترى في خطوة الاستقلال شجاعة كبيرة، مما يستوجب ضرورة أن تكون البنت على قدر صعوبة هذه الخطوة، فالشعارات كما تصفها "سهلة"، والواقع له تفاصيل مختلفة، وما زالت تمتن لتجربتها، خاصة "رحلة البحث عن شقة وفرشها بالكامل بعد جمعيات وأقساط، اللي خلتني أكتشف نفسي"، مؤكدة على ضرورة أن تملك البنت مقدرة مادية تعينها على اختياراتها.
تعلمت الفتاة، صاحبة الـ 24 عاما، الطبخ بعد أن كان "معضلة كونية" بالنسبة لها، فدراستها في القاهرة واستقرارها بها بعد انتقالها من الدقهلية منذ 7 سنوات، جعلتها ترى الحياة بشكل جديد ومختلف، فأصبحت على دراية بطرق التعامل مع "الصنايعية"، وكيفية التعامل مع شخصيات لهم طباع مختلفة.
"القعدة لوحدي ادتني الحرية اتحرك براحتي واستكشف أماكن كتير في القاهرة" فحرصها على التعرف على مكان جديد قد تغادره في أي وقت، جعلها تستكشف القاهرة وتكون أعلم بها من أهلها، غير عابئة بمن يعتبرون أن سكان الأقاليم "فلاحين"، واعتبرت كونها من محافظة أخرى، منحها رؤية أفضل وأوسع للعالم المحيط بها، غير أن تجربة الاستقلال عن أهلها أكسبتها الثقة في نفسها وأظهرت لها مميزات أكثر من العيوب.
تجربة روان مع الاستقلال لم تتعد العام الواحد، ولكنها كانت كفيلة بأن تزيد من ثقتها بنفسها، وقدرتها على التصرف حتى في أصعب المواقف، فانتقالها من الغربية إلى القاهرة بسبب الدراسة، جعلها تتعامل مع اختلافات الناس المحيطين بها، كما أجبرها على تحمل المسئولية "وخلاني أبص للدنيا بمنظور جديد، وهدفي بقى واضح وعندي حلم أسافر وأشتغل وأرفع من شأني"، مدركة أن الاستقلال يحمل الإيجابيات والسلبيات، فرغم صعوبته يستحق التضحية والتجربة.
اقرئي أيضا: التحرش داخل أسوار الجامعة تاريخ من الأذى النفسي وقرارات الفصل
"أنصح البنات تستقل بس متثقش في حد بسهولة" تعرضت فاطمة لعنف أسري طوال سنوات الجامعة، ولكنها استطاعت أن تستقل عن أهلها ماديا لمدة 4 سنوات، تأجل خلالهم قرار الاستقلال مكانيا حتى الانتهاء من أوراق الجامعة، وفور حدوث ذلك، عاشت وحدها في تجربة عمرها إلى الآن خمس شهور.
مرت فاطمة، 23 عاما من البحيرة، بتحديات مادية تتعلق بإيجاد فرصة عمل مناسبة بمرتبات آدمية، بخلاف العنف الذي كانت تتعرض لها في منزلها، والضغوطات التي عاسشتها بسبب انفصال والديها، ولكنها استطاعت أن تتعامل مع تغيرات الظروف، "مكنتش بعرف أطبخ، وإحساس الوحدة في حد ذاته مؤذي"، لكن الاستقلال منحها القدرة على الثقة بنفسها، واتخاذ القرارات بشكل سليم، والتعامل مع وضعها المالي بطريقة أكثر حكمة.
ترى الصيدلانية، ذات الـ 27 عاما، أن المجتمع يخشى البنت القوية "معظم الرجالة عاوزين واحدة تقول حاضر ونعم وتسكت"، مما جعلها دوما جاهزة للتعامل مع المتدخلين في شئونها بالثبات والتصدي، ورغم صعوبة أن تظهر دوما قوية، قررت أن تستمر في التمسك بقرارها وتقاوم الضغوطات التي تتعرض لها أسرتها بسبب تدخلات الأقارب، مؤكدة "علاقتي بأهلي بعد الاستقلال أحسن من أكتر من 5 سنين، أحسن بكتير، ودماغي بقت أكبر وعندي حرية التصرف"، فالاستقلال بالنسبة لها ماديا أو حتى بالابتعاد والعيش وحدك تجربة تعطي للحياة معنى مختلف.
"الرجالة اللي في المنطقة بيعتبروكي بنت سهلة عشان عايشة لوحدك" لكن ذلك لم يجعل منى، الطالبة القناوية المغتربة منذ خمس سنوات، تتراجع، على العكس، تعتبر أن تصديها لأي محاولات منهم للتدخل في شئونها، منحها القدرة على الاعتماد على نفسها، واكتشافها لذاتها وقدراتها وهواياتها أيضا من جديد، فتعرفت على ثقافات مختلفة واستطاعت أن تتعامل معها، وترى أن الاستقلال لا يكتمل سوى بقدرة البنت بالتكفل بمصالريفها بنفسها، بالعمل والبحث عن دخل ثابت.
تعرفي على: بيوت على أكتاف النساء.. "ست بمية ست"
استقلال البنات ماديا
لم تقتصر تجارب البنات على الاستقلال بعيدا عن أسرهن، لكن هناك فتيات استطاعوا أن يملكن القرار في حياتهن بالاستقلال ماديا، فأصبحن يملكن القدرة على اختيار ما يناسبهن دون ضغوط من أحد، كما فعلت فتاة من أسيوط، فضلت عدم ذكر اسمها، عندما قررت منذ عاملها الأول للدراسة في الجامعة أن تكون هي المسئول الأول عن نفسها ماديا، "كنت بشتغل حاجات بسيطة، لكنها ساعدتني اشتري اللي نفسي فيه، ويكون ليا عرفتي الخاصة، وبقى ليا شخصية قوية"، فلم يستطع أحد أن يجبرها على أن تتزوج بمن لا ترضى، واختارت الشريك الذي يناسبها، وحتى بعد الزواج ظلت تعتمد على نفسها، وتملك استقلالها المادي بنفسها.
تعيش الصحفية، صاحبة الـ 24 عاما، في القاهرة مع أسرتها، ولكنها قررت منذ عامها الجامعي الأول أن تعتمد على نفسها، "اشتغلت مع دراستي، وبقيت بشارك في مصروف البيت، وقدرت من مرتبي أجيب موبايل ولابتوب بالتقسيط"، فقرارها بالاستقلال المادي جاء تقديرا لما بذلته أسرتها من أجلها، ولكنه أكسبها الحرية في أن تفعل ما تريد وتتخذ القرارات التي تخصها بنفسها، معتبرة أن أهم نصيحة توجهها للبنات الراغبات في الاستقلال "أول ما تجيلك فرصة شغل اوعي تفوتيها، عشان تكوني صاحبة قرارك ويكبر إحساسك بالمسئولية، رغم التعب والصعوبات اللي هتشوفيها".
منح الاستقلال المادي المعيد آية القدرة على أن تتحرر مما شعرت أنه قيدا، "مكنتش مالكة قراري.. بس بقيت شخص قادر يحقق اي شيء"، فالتجربة غيرتها للأفضل، من شخصية خجولة تخشى التعامل مع الناس إلى سيدة قوية، وهكذا الأمر حتى مع الفتاة التي لم تتخط العشرين عاما، التي قررت أن تستقل ماديا بعد مجموع في الثانوية العامة لم ترض عنه اسرتها، فتم اعتبارها بدون حقوق في أن تطلب أي شيء.
قررت طالبة كلية الآداب أن تعمل مدرسة وتستفيد من التجارب المحيطة بها "بعد ما كان صحابي بيخرجوا ومكنتش بعرف أروح معاهم، دلوقتي بجيب طلباتي بنفسي وبعمل جمعيات وبسلف زمايلي كمان".
اقرئي أيضا:
الكاتب
هدير حسن
الأحد ١٧ مارس ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا