كيف تطور الوعي الذاتي في مكان عملك وما أهمية ذلك
الأكثر مشاهدة
الوعي الذاتي هو أن يعرف الإنسان داخله ويتفهمها ويعمل على تطويرها، وليس فقط أن يفهم بيئته المحيطة، لذلك قام راف آدمز، مؤلف كتاب The Suited Monk والذي يعمل منذ سنوات طويلة كمحاضر ومدرب على تنمية الوعي الذاتي بالتعاون مع أكبر الشركات في العالم، على تقديم هذا الدليل العملي لفهم أهمية الوعي الذاتي وكيف يمكن تطويره في بيئة العمل.
يقول آدمز أن الفكرة بسيطة للغاية، حيث يركز معظم الموظفين على الذات الخارجية (النجاح، المسمى الوظيفي، التطوير الوظيفي، ...) وينسون أو لا يفكرون من الأساس في رعاية أنفسهم من الداخل (الوعي الذاتي، الغرض من العمل، القيم والسعادة).. ونتيجةً لذلك، ينجح العديد من الموظفين في أداء عملهم خارجيًا، لكنهم ليسوا مدركين لذواتهم وليس لديهم شعور بأنفسهم داخليًا، وهنا يأتي دور الوعي الذاتي.
ويكمل أن ذلك أصبح واضحًا إليه عندما عقد اجتماعًا عام 2014 مع نائب رئيس الموارد البشرية لإحدى أكبر شركات الكيماويات في العالم، وقالت له أن العاملين معهم بارعون للغاية ودرسوا في أفضل كليات إدارة الأعمال، ولديهم فرص كبيرة للتطور الوظيفي، لكنهم ليسوا سعداء.
ويشدد آدمز أن عملية بناء الوعي الذاتي لا تحدث في يوم واحد، فهي عملية تحتاج إلى إدراك وتدريب وتستغرق بعض الوقت، لكن هذا لا يمنع أنه أحيانًا يعطي ورش عمل ليوم واحد أو يومين للتعريف بالأمر كبداية.. وفي هذا الموضوع سنشارككم توصيات راف آدمز حول كيفية تطوير الوعي الذاتي في مكان العمل.
ما هو الوعي؟
يحدث الوعي عندما تصبح مراقب لأفكارك ومدرك لها، فنحن نفكر دائمًا لكن يوجد أوقات لا ندرك فيها أننا نفكر، فتدور الأفكار في رأسنا بعشوائية إلى أن يحدث الوعي بفكرة ما ونراها جيدًا ونبدأ بالتصرف على أساسها.. مثل أن تنسى إجراء اتصال مهم وفجأة تتذكره، هذا التذكر هو الوعي.
اقرئي أيضًا: إدارة التغيير وتأثير ذلك على مستقبل الشركات والمؤسسات
ما هو الوعي الذاتي؟
الوعي الذاتي يعني القدرة على معرفة نفسك بما يتجاوز أفكارك ومعلوماتك وأداءك والمهارات والمعتقدات الخاص بك، والموقف الذي توجد به، هو مستوى عاطفي وداخلي أعمق.. الوعي هو أن تدرك شعورك بالحزن مثلًا والوعي الذاتي أن تحلل سبب هذا الحزن وما هي دوافعه وأسبابه، أن تعرف نفسك ومشاعرك وقيمك.
أهمية الوعي الذاتي
لنأخذ مثال، تخيل أن إحدى أهم قيمك هي الحرية أو أنك تبحث عن التعلم طوال الوقت.. إذا كنت في وظيفة ليس لديها ساعات عمل مرنة أو في وظيفة روتينية للغاية ولا تتعلم الكثير من المهارات الجديدة فلن تكون سعيدًا، ويمكن أن تتنقل بين الكثير من الوظائف ولا تعرف سبب تعاستك مهما كانت الوظيفة مهمة وراتبها جيد ومستقبلها أيضًا.. لكنك لا تشبع رغباتك الداخلية، وهذا لأنك لا تعرفها من الأساس.
اقرئي أيضًا: أهم النصائح لإدارة فريق العمل في أوقات الصراع
تحسين الوعي الذاتي في مكان العمل
فيما يلي استراتيجيات يمكن أن تساعدك على تطوير الوعي الذاتي في مكان عملك..
1-توظيف الشخص الصحيح من البداية
الاستراتيجية الأولى والأهم بالنسبة لآدمز، هي توظيف أشخاص لديهم موهبة عملية ويتمتعون بالوعي، فيكون لدى فريق الموارد البشرية إمكانية لفرز المرشحين والعثور على الموهبة التي تدرك نفسها بنفسها، وبالتالي بمجرد أن يكون المرشح الذي تخطط لتوظيفه أكثر وعيًا بنفسه ويعرف نفسه على مستوى أعمق، فمن المحتمل أن يبقى في الشركة لمدة أطول لأن ثقافة الشركة ورؤيتها ستكون أكثر انسجامًا مع ذاته الداخلية.
وهذا يعني أنك بحاجة إلى تطوير الوعي الذاتي لدى موظفي الموارد البشرية ومهارات التواصل الخاصة بهم حتى يتمكنوا من توظيف الشخص المناسب.
2-احصل على مدرب
المدربين الجيدين يسألون أسئلة جيدة، وبالتالي توفر هذه الأسئلة مساحة ووقتًا للتفكير في حياتك ووضعك بشكل أعمق، وتفتح أفاق جديدة للنظر في داخل نفسك، فالمدرب أو الموجه ينظر لك من الخارج ويرشدك فقط إلى الأسئلة الصحيحة وتبدأ أنت في اكتشاف الرؤية الجديدة لنفسك ومواقفك وبالتالي يختلف سلوكك وتعاطيك مع كثير من الأمور.. الأمر يشبه ما يفعله الأخصائي النفسي أو الـlife coach.
اقرئي أيضًا: علامات الاحتراق الوظيفي بسبب العمل وكيفية التخلص منه
3-ممارسة التأمل
من أهم وسائل زيادة الوعي الذاتي ممارسة التأمل، لذلك ينصح أن يكون في شركتك مكان هادئ ومعزول ومخصص للتفكير والتأمل، ليتمكن كل شخص من الاختلاء بنفسه والتفكير في الموقف أو الحدث من أعلى كأن يضع الشخص نفسه مراقبًا للأحداث وليس طرفًا فيها.. وبالتالي يزيد وعيه بنفسه ويتمكن من اتخاذ ردود فعل صحيحة.
4-التواصل الإنساني
إذا كنت تريد تعزيز الثقة بين أفراد مؤسستك لا بد أن تخصص وقت أسبوعي يكون هدفه الأول التواصل الإنساني بين العاملين، كأن تتناولون القهوة سويًا وتتبادلون الحديث عن حياتكم الشخصية وأحلامكم وطموحكم، وهذا من شأنه أن يؤثر على وعيكم الذاتي، لأن الإنسان عندما يسمع تجارب الآخرين وأفكارهم يبدأ في قياسها على نفسه وحياته وبالتالي يمكن أن تلهمه للقيام بأمور جديدة أو معرفة شيء جديد عن شخصيته.. بالإضافة إلى زيادة الثقة والمشاركة داخل المؤسسة.
5-اختبر نفسك
هناك الكثير من الاختبارات المعروفة التي تقيس الصفات الشخصية والنفسية، مثل اختبار الصدق التنبؤي أو الـ Predictive index، الذي يشكل خطوة معرفية عن نفسك بشكل عميق.. وهذه الاختبارات هدفها ارشادي لذلك لا يوجد بها إجابات صحيحة وخاطئة.
6-التجربة هي الطريق
لا يوجد ما يعيبك إذا لم تكن تعرف نفسك داخليًا ولديك وعي ذاتي بشخصيتك، فكلنا نكتشف أنفسنا في الطريق، لذلك يجب أن تجرب كثيرًا لتعرف ما تحب وما تكره وكيف تتصرف في المواقف المختلفة، وعلى أي أساس تأخذ هذه القرارات.. التجربة ستعلمك الكثير فقط يلزمك الانتباه لما يدور حولك وداخلك والتعلم منه.
اقرئي أيضًا: علامات بيئة العمل السامة التي يجب أن تتركها
7-كن مراقبًا لنفسك
هذه النصيحة لا تعني أن تحكم على أفعالك إذا كانت صائبة أم خاطئة، ولكن تعني أن تحللها، وتغير وجهة نظرك للأشياء، فإذا كنت مختلف مع زميلك، ضع نفسك مكانه وأنظر ما الذي يمكن أن تقدمه له.. هذا سيعرفك الكثير.
ويذكر آدامز مثال تطبيقي على الوعي الذاتي.. وفي هذه الحالة شابة اسمها كاتي، تعمل Account manager لشركة عالمية، وكانت تتمتع بخصائص مهنية رائعة فهي: ذكية، وبارعة التفكير، ولديها قدرة تحليلية رائعة ومهارات تفاوض غير قابلة للمنافسة، وكذلك فإنها طموحة وتسعى للمثالية لدرجة العدوانية تجاه أي شخص يقف في طريقها أو يمثل نقطة ضعف في حلقة عملها.
وبسبب نتائجها العملية الرائعة، قررت الشركة ترقيتها ونقلها إلى فرع كبير للشركة في الصين.. وبعد فترة من العمل أخبر الرئيس التنفيذي للشركة، راف آدامز أنهم على وشك فصل كاتي من عملها، رغم أدائها الرائع بل فوق الممتاز، فإنها كانت تؤثر على باقي الفريق بصورة سلبية، وارتفع معدل ترك الوظائف في الشركة بشكل غير مسبوق.. لأنها كانت تعمل وحيدة ولا تلقي بالًا لباقي أفراد الفريق.
وهناك جاء دور تدريبها على:
- أن تكون أكثر وعيًا بالنفس
- تكون مهيئة للمشكلات والتعقيدات
- تتقبل التنوع
- وتبني قدرات الفريق بدلًا من الاعتماد على براعتها في أداء المهام وحدها.
ولحسن الحظ فإنها كانت صادقة مع نفسها وقررت تقبل الأمر والعمل على تحسين الأداء العام، وبعد فترة من التدريب والتطبيق، كانت كاتي وفريقها قد حققوا أكثر من هدف المبيعات المطلوب في النصف الأول من عام 2013 بـ6%. والسبب الوحيد وراء تمكنها من تحقيق هذه النتائج هو زيادة وعيها الذاتي. كان عليها أن تدرك كيف أثر أسلوبها في التواصل على الفريق. وكيف كان يقودها طموحها المهني نحو الهلاك وإفساد الأمر برمته لدرجة فصلها من عملها.. وأن تفويض المهام أحيانًا وتقديم جهد متوسط هو الأصح للجميع.
اقرئي أيضًا:
أهم صفات الشخصية القوية لتتمتعين بها في عملك
الكاتب
ندى بديوي
الأربعاء ١٦ أكتوبر ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا