حراك النساء في لبنان تختزله النكات وتعليقات التحرش
الأكثر مشاهدة
على مدار ما يقرب من الأسبوع، ومدن لبنان تنتفض رافضة أوضاع اقتصادية وسياسية، فخرج الجميع إلى الشوارع رافعين شعارات الربيع العربي "الشعب يريد إسقاط النظام"، رجال ونساء وكبار سن وأطفال أيضا، معلنين أن لا رجعة إلى المنزل، دون تحقيق للمطالب، ولكن جاءت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي من بعض رجال الدول العربية، وخاصة مصر، مختزلة هذا الحراك والغضب في ما تبدو عليه فتيات وسيدات لبنان.
تعرفي على: حكايات مفزعة عن إزهاق أرواح النساء بدعوى الشرف
مظاهرات لبنان
دون دعوات، أو وجود نية عامة للتظاهر لدى اللبنانين، فجأة، ضجت بهم الشوارع، فلبنان الذي مزعته الطائفية والحرب الأهلية لسنوات طويلة في الفترة ما بين 1975 إلى 1990، انتفض على قلب رجل واحد، ليعلن "كلن يعني كلن" دون وجود انحياز لطائفة أو دين أو جماعة، فقط للوطن.
جاء الحراك اللبناني بعد تسريب أخبار عن نية الحكومة اللبنانية، التي يرأسها سعد الحريري، في فرض ضرائب جديدة، كان من بينها الضريبة على استخدام تطبيق "واتس آب" على الهواتف الذكية، في ظل وضع اقتصادي متأزم بالفعل، فالدولة تتجه نحو الإفلاس منذ سنوات، بعد أن ارتفع الدين العام لتبلغ نسبته 152%، ويصل إلى أكثر من 86 مليار دولار.
وكانت وكالة "فيتش" للتصنيف الإئتماني قد خفضت تصنيف الدولة اللبنانية من –B إلى CCC، وهو ما يعني غدم الثقة في قدرة الدولة على تسديد ديونها، إلى جانب انهيار عملة الليرة الوطنية للبنان، مع تراجع الاحتياطي النقدي ليبلغ 19 مليار دولار العام الحالي، بعد أن كان 25.5 مليار دولار في العام الماضي، مما يؤثر ذلك على فرص العمل بشكل واضح، حتى ارتفعت نسبة البطالة إلى 29%، وبلغ معدل الفقر 30%.
تراكمت الضغوط الاقتصادية التي يعيشوها اللبنانيون، مع ظروف سياسية غير مستقرة وقائمة على النزعات الطائفية، جعل الخروج إلى الشارع أمرا لا مفر منه، من وجهة نظرهم، فتشابكت أيدي الرجال مع النساء من يوم 17 أكتوبر الماضي، وحتى الآن، معبرة عن الغضب، وجابت مدن النبطية وطرابلس وبيروت صيدا بمطالبة برحيل الحكومة وتغيير النظام.
ومع انتشار صور التظاهرات، التي تبدو فيها فتيات وسيدات لبنان متحررات وقادرات على التعبير عن أنفسهن، والخروج إلى الشارع بما يناسبهن دون الالتفات أو الخوف من احتمالية التعرض للتحرش، انهالت التعليقات من مصريين وعرب يتغزلن ويعبرن عن إعجابهن بشكل المرأة اللبنانية.
اقرئي أيضا: ضرب واذى ومحاولات تحرش.. حكايات صامتة عن العنف الأسري
أشهر التعليقات التي ظهرت حول ذلك، كان ما قام به جل الأعمال المصري نجيب ساويرس، عند نشره علىحسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر لتعليق "قاعد باتفرج على مظاهرات لبنان أول ما حسيت مراتي دخلت حولت على حرب اليمن، واعتبره "نكتة اليوم"، في حين جاءت الردود مستنكرة ورافضة اعتبار الأوجاع والضغوط التي يعيشها اللبنانيون "نكتة".
نكتةًاليوم : pic.twitter.com/nCp4d6pFLe
— Naguib Sawiris (@NaguibSawiris) October 19, 2019
وظهرت تعليقات أخرى من رواد مواقع التواصل الاجتماعي "محدش يتجوز يا رجالة، في ثورة في لبنان، والبنات جايين"، بينما حاولت تعليقات السيدات أن تسخر من ردود فعل الرجال، فانتشر تعليق "طيب معاك تصرفي عليها، ولا فاكرها مصرية هتصرف عليك"، وتعليق آخر"طيب لفت نظركم بنات لبنان لابسين إيه، وملفتش نظركم أنه محدش بيتعرضلهم" الأمر الذي أفرغ حراك النساء والشعب اللبناني من مضمونه، وركز على الشكل والملابس.
#برنامج_بنات #موسم_الرياض2019 المظاهرات في لبنان احلى من موسم الرياض
— ياسر ✋???????? (@jeddah_live) October 19, 2019
???????????????? pic.twitter.com/LxPcGai3Mw
(أحد التعليقات المنتشرة على موقع تويتر عن مشاركة النساء في التظاهرات اللبنانية)
وكان أهم ما ميّز تظاهرات لبنان هو الأجواء الاحتفالية التي بدت عليها، من رقص للدبكة الفلكورية اللبنانية، وسماع للأغنيات، والالتزام بالسلمية دون العنف مرددين "بدنا نرقص وبدنا نغني وبدنا نسقط النظام"، ولكن صحيفة عكاظ السعودية، رأت في الاحتجاج وجوه "الحسناوات"، فاختزلت الحراك اللبناني في موضوع على إحدى صفحاتها "حسناوات لبنان.. كل الحلوين "ثورجية"، في العدد الصادر بتاريخ 21 أكتوبر، وكتبت "إلا أن ظهور الحسناوات اللبنانيات الرافضات للوضع الاقتصادي.. زاد من رقعة متابعي الأحداث اللبنانية على الشاشات وخلف أجهزة السالولير (المحمول)".
حسناوات #لبنان.. كل الحلوين «ثورجية»!#عكاظ
— صحيفة عكاظ (@OKAZ_online) October 21, 2019
https://t.co/1RSkJXkrQX pic.twitter.com/50pT6z9L5G
وضمن الردود الرافضة للاستهانة بالحراك اللبناني قالت دجى داوود على حسابها على تويتر "نحن أغلبنا ما معه مصاري يأكل كرواسون، وريحة المظاهرة مش بارفان ريحتها قمع، والنكات حول الموضوع مهينة".
متابعين حراكنا بلبنان من العالم العربي، نحن مش سلع، مش عم ننزل نعرض أزياء، ما في شي باللي عم نعمله سهل، نحن أغلبنا ما معه مصاري ياكل كرواسان، وريحة المظاهرة مش بارفان ريحتها قمع، والنكات حول الموضوع مهينة يا ريت بلاها#لبنان_ينتفض
— Doja | دُجى (@dojadaoud) October 19, 2019
نساء لبنان
وبعيدا، عن التعليقات والنكات، شهدت شوارع لبنان مواقف بطولية لسيداته ونسائه، فانتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لسيدة محجبة يبدو أنها في الخمسين من عمرها، تخاطب أحد أفراد الجيش اللبناني، وجاءت كلماتها مؤثرة، للدرجة التي جعلت فرد الجيش يقبل جبينها، كما تم اعتبار الفتاة التي تمنع فرد الأمن من استعمال سلاحه بضربه على قدميه "أيقونة" الأحداث اللبنانية.
(رسم جرافيكي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لإحدى المتظاهرات)
وعلى مدار سنوات وعقود، كان لبنان دوما زاخرا بسيدات مناضلات، ونماذج عربية مشرفة، استطعن أن يكنّ رائدات، ويحملن رايات التغيير مع اختلاف الأزمنة والعصور، ومن بينهن، نستعرض لكم أبرز الناشطات اللبنانيات على مرّ التاريخ.
اقرئي أيضا: تشويه الأعضاء التناسلية.. العلم مقابل التقاليد
عنبرة سلام الخالدي
روائية ومترجمة لبنانية ولدت في بيروت عام 1897، كان والدها رجل سياسة، تعلمت في مدارس أهلية، وختمت القرآن وهي فيالعاشرة من عمرها، وأسست مع صديقاتها عام 1914 جمعية "يقظة الفتاة العربية"، التي كانت ترعى الأعمال الخيرية وإنشاء المدارس وإقامة الحفلات الثقافية، كما شاركت في تاسيس جمعية النهضة الننسائية لتشجيع المصنوعات الوطنية.
درست عنبرة سلام الخالدي اللغة الإنجليزية وآدابها في المملكة المتحدة، وترجمت "الألياذة" إلى العربية، لتكون أول من ينقلها إلى العرب، واصدرت مذكراتها "جولة في الذكريات بين لبنان وفلسطين"، وتوفيت عام 1986.
أسمهان بدير الصيداوي
أسست أسمهان بدير الصيداوي دار المتنبي للنشر في بيروت وباريس، فهي أديبة وأكاديمية لبنانية ولدت في بيروت عام 1944، وبعد أن تخرجت من جامعة القديس يوسف، سافرت إلى فرنسا لتلتحق بجامعة السوربون، وحصلت منها على شهادة عليا في الآداب، ونالت إجازة في الأدب العربي، كما درست الرسم والفنون الجميلة، وحملت درجة الدكتوراة في العلوم الاجتماعية.
أصدرت عدة دواوين شعرية، منها "المحارة"، و"تقاسيم على الجراح"، كما كتبت عدد من الدراسات الأدبية، وقامت بتأسيس عدد من الحركات المسائية في لبنان وفرنسا، وتولت رئاسة الاتحاد النسائي العربي في فرنسا، كما أنها نائبة رئيسة مؤسسة المراة المهاجرة في أوروبا، ومديرة كلية بيروت العربية في باريس.
ليندا مطر
عام 1995، اختارتها مجلة "ماري كلير" الفرنسية لتكون من بين 100 سيدة أثرن في العالم، وكانت ليندا مطر قد ولدت في 25 ديسمبر عام 1925، وكانت تمر وقت دراستها في المرحلة الثانوية بظروف مادية متعثرة، جعلتها تنتسب ليلا إلى أحد المدارس، وتعمل في النهار.
انتسبت إلى جمية حقوق المرأة اللبنانية ، وتدرجت في المناصب حتى تولت رئاستها، وأسست من خلالها عدد من الهيئات، من بينها: الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة، ولجنة الأمهات في لبنان، تم انتخابها كرئيسة للمجلس النسائي عام 1996، وكانت عضوة في مكتب المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان.
ليلى عسيران
ناشطة وأديبة تركت أثرا في الصحافة والقصة القصيرة، وليل عسيران ولدت في صيدا عام 1934، ودرست العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت، وكانت ناشطة في مجال تحرير المرأة، وانضمت لمخميات اللاجئين الفلسطينين لفترة، وتركت كثير من المؤلفات من بينها: "ان أموت غدا"، و"المدينة الفارغة"، و"شرائط ملونة من حياتي"، توفيت في 15 أبريل عام 2007.
منيرة صلح
هي ابنة عائلة الصلح ذائعة الصيت في لبنان، وتعتبر وااحدة من أهم رموزالحركة النسائية اللبنانية، فولدت منيرة صلح في 19 سبتمبر عام 1911، درست في المدرسة الأمركية، ومنها التحقت بالجامعة اللبنانية الأمريكية التي تخرجت منها عام 1933، وحصلت على شهادة تمريض من الصليب الأحمر، ودبلوم متعلق بالإعاقة وإعادة التأهيل من جامعة برمنجهام في بريطانيا.
عملت منيرة على النهوض بأوضاع النساء في لبنان، فكانت أول سيدة لبنانية وعربية تترشح للانتخابات البرلمانية عام 1960، واهتمت من خلال عملها كمدرسة على تجديد المناهج المدرسية الوطنية، وسعت إلى تغيير القوانين المتعلقة بالمرأة وذوي الإعاقة، وكانت عضو في المجلس اللبناني للمرأة، وأنشأت معهد الأمل للمعوقين، وكانت عضو في المنظمة الدولية للتأهيل، والمجلس الدولي للمرأة، وتوفيت في 27 نوفمبر عام 2010.
بالطبع، يزخر التاريخ اللبناني بعشرات المدافعات عن حقوق المرأة، والتي مكنتها بمساحة من الحرية التي جعلت وجودها في التظاهرات والحراك السياسي أمرا بديهيا، ويتم مقابلته بالاحترام والتقدير.
اقرئي أيضا:
استقلال البنات في مصر تحدي قبلته الكثيرات ليملكن حياتهن
الكاتب
هدير حسن
الخميس ٢٤ أكتوبر ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا