لماذا النساء بعيدات عن جائزة نوبل خاصة في العلوم
الأكثر مشاهدة
على مدار 118 عاما، منذ أول مرة يتم فيها منح جائزة نوبل من عام 1901 وحتى 2019، فاز بالجائزة نحو 923 شخصا، و27 منظمة، ومن بين هذا العدد، حصل على الجائزة 54 سيدة فقط، ليفتح هذا التساؤل حول سبب ضآلة عدد السيدات الحاصلات على جائزة نوبل في كل المجالات، ومجالات العلوم والاقتصاد بشكل خاص.
تعرفي على: مقاييس الجمال تفسد حياة البنات وتفقدهن الثقة بأنفسهن
ما هي جائزة نوبل
بعد أن اخترع السويدي ألفريد نوبل الديناميت، ورأي كيف دمر العالم، قرر أن يخصص جزء من ثروته للاختراعات والاكتشافات التي تؤدي إلى إحداث التغييرات الإيجابية في البشرية، وتعتبر جائزة نوبل، واحدة من ست جوائز دولية سنوية يتممنحها للمكتشفين والمخترعين من كل أنحاء العالم في مجالات الفيزياء والكيمياء والسلام والطب والعلوم الاقتصادية والأدب.
والجائزة تمنحها الأكاديمية الملكية السويدية، وهي عبارة عن شهادة وميدالية ذهبية ومبلغ مالي، ويتم تسليمهم في احتفال رسمي بمدينة استكهولم، في حين يتم منح جائزة نوبل للسلام في مدينة أوسلو.
النساء ونوبل
آخر الحاصلات على جائزة نوبل، كانت خبيرة الاقتصاد الفرنسية الأمريكية إستير دوفلو، التي نالتها في فئة العلوم الاقتصادية، كونها عملت على تقديم مقاربة تجريبية من شأنها تخفيف حدة الفقر في العالم، وهي الباحثة التي ولدت في باريس في 24 أكتوبر 1972، وهي مؤسسة مشارمة ومديرة لمختبر عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر، وأستاذة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وتعتبر إستير السيدة الوحيدة التي حصلت على جائزة نوبل في عام 2019، كما أنها نالتها منصافة مع أبهيجيت بانريجي ومايكل كريمر، وفي مجال العلوم الاقتصادية هي ثاني سيدة تنال "نوبل" في هذا المجال، بعد 10 سنوات من نيل إلينور أوستروم، السياسية الأمريكية، للجائزة في 2009 مناصفة مع أوليفر وليامسون، وكان ذلك تقديرا للتحليلات التي قدمتها في الإدارة الاقتصادية واقتصاد البيئة.
أما في مجالات العلوم، فكانت ماري كوري أول مَنْ تنال الجائزة، وهي أول سيدة تحصل على جائزة نوبل بشكل عام، وحصدتها مرتين الأولى في الفيزياء عام 1903 مناصفة مع زوجها بيير كوري وهنري بيكيريل، والمرة الثانية عام 1911 في الكيمياء لاكتشافها عنصري الراديوم والبولونيوم.
وتعتبر نسبة السيدات الحاصلات على جائزة نوبل في الفيزياء والكيمياء، وكذلك الطب أو علم وظائف الأعضاء، ضئيلة بالمقارنة بعدد الجوائز الممنوحة في هذه المجالات، فالسيدات نلن 20 جائزة من بين 600 جائزة، وفي الفيزياء استطاعت 3 سيدات فقط أن يحصلن على الجائزة، أولهن ماري كوري، أعقبتها ماريا جوبرت ماير بأكثر من 50 عاما، حين نالتها مناصفة مع هاينز ينسن ويوجين ويجنر عام 1963، وآخرهن كانت عالمة الفيزياء الكندية دونا ستريكلاند، التي حصلت عليها بالمناصفة مع أرثر أشكين وجيرار مورو عام 2018، وذلك لإسهاماتها في الاختراعات المتعلقة بمجال فيزياء الليزر، أي بعد 50 عاما أخرى تقريبا.
هذه النسب فتحت المجال أمام النقاش حول أسباب عدم تمثيل النساء بصورة كافية في جوائز نوبل، وخاصة، المتعلقة بمجالات متخصصة كالفيزياء والكيمياء والاقتصاد، بينما كان حظها من الجوائز أكبر في مجالات الأدب والسلام، فهناك 15 سيدة نلن جائزة نوبل في الآداب، و17 سيدة حصلن عليها بسبب سعيهن نحو السلام.
واهتم عدد من التقارير الصحفية الأجنبية برصد الأسباب التي جعلت النساء غير موجودات وممثلات بنسب كافية في جوائز نوبل، فعند تسليم الجائزة لآخر السيدات الحاصلات عليه، واجه جوراك. ك. هانسون، الأمين العام للأكاديمية الملكية السويدية للعلوم (المعروفة بجائزة نوبل)، سؤالا حول نسبة السيدات اللاتي كنّ مرشحات لنيل هذه الجائزة، وبدا أنها معلومة لا يمكن الإفصاح عنها سوى بعد 50 عاما، كالوثائق السرية.
ولكن إجابته عن السؤال يمكنها أن تجعلنا نتنبأ أن السيدات المرشحات كانت نسبتهن ضئيلة، فقال "إنها نسبة صغيرة بالتأكيد"، وأوضح أن هناك تدابير تعمل على تشجيع مزيد من المرشحات، وهنا أضاف على كلمته أستاذ الفيزياء أولجا بونتر "النسبة صغيرة، وهذا طبيعي، لأن عدد النساء قبل عدة عقود كان قليلا في مجالات العلوم".
اقرئي أيضا: التحرش في أماكن العمل جريمة مسكوت عنها بسبب لقمة العيش
وقتها، لم ترق تصريحات مسئولي الأكاديمية للعالمة ليسيلوت جوفريد، وهي أستاذة الفيزياء في معهد نيلز بور بجامعة كوبنجاهن، وعمدت على عمل بحث تاريخي حول السيدات في مجال العلوم على مدار التاريخ، ونسبة الحاصلات من بينهن على جائز نوبل، ورأت أنه حتى مع وجود عدد أقل من النساء في هذه المجالات، هناك تمثيل غير عادل بالجائزة للسيدات الحاصلات على "نوبل"، واعتبرت أن هناك تحيز ضد المرأة بنسبة 96%.
وفسرت جوفريد النسبة التي وصلت إليها، بأنها قامت مع زملاء لبها بدراسة إحصائية، توصلت من خلالها إن التحيزلا يأتي من مانحي جائزة نوبل نفسها، ولكن في الخطوات التي تسبقها، فالنساء، من وجهة نظها، غير ممثلات في أعضاء هيئة التدريس بالجامعات العالمية، التي من خلالها يتم التعرف على العلماء والمساهمين في إحداث التغيرات البشرية.
ووضعت جوفريد احتمالا أنه إذا كانت نسبة النساء في هيئة أعضاء التدريس، تمثل 10%، فإن احتمال حصولها على جائزة نوبل كذلك، هو 10%، وبالنظر إلى أعداد ونسب النساء الحاصلات على جائزة نوبل حتى في الفترات والعقود الأخيرة، نجد أنها بعيدة عن الاحتمال الذي حددته جوفريد.
ومثلها، أشارت كلوديا رانكينز، مؤسسة جميعة نساء STEM، وهي الجمعية المهتمية بالسيدات الرئدات في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، إلى عالمة الفيزياء النووية ليز مايتنر، التي تعتقد أنها كانت تستحق نيل جائزة نوبل، كونها ساهمت في اكتشاف الانشطار النووي، ولكن هروبها من الاضطهاد النازي، جعل زميلها الألماني أوتو هان ينال الجائزة وحده عام 1944.
واعتبرت رانكينز أن عمل السيدات في مجال عرف عنه احتكار الرجال لسنوات طويلة، يمكن أن يكون "معاناة" لإثبات قدراتها وأحقيتها بالحصول على الفرصة، وتعتقد أن كثير من السيدات كنّ ليحصلن على جائزة نوبل، واعتبرت أن "ليز مايتنر " ليست الوحيدة، وقالت في تصريح لمجلة أجنبية "أنا متأكدة أنه يمكنك أن تجد على مرّ التاريخ، وحتى الآن، أمثلة لنماذج عملت فيها السيدات جنبا إلى جنب مع الرجال، ولكن نجد الرجل هو من ينال الجائزة في النهاية".
ويعتبر تمثل السيدات والأشخاص الملونين (أي من غير أصحاب البشرة البيضاء) ضعيف، رغم وجود تبرريرات وتوضيحات من الأكاديمية السويدية توضح إن الجائزة يتم منحها على مدار سنوات من العمل والبحث، وأن وجود النساء من أكثر من 20 عاما في مجالات العلوم والاقتصاد لم تكن بالنسبة الموجودة في الوقت الحالي.
ويرجع ذلك إلى انخفاض فرصهن في التعليم قديما، مع وجود قوالب نمطية كانت تحظر عليهن التواجد في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، اعتقادا أنها مجالات لن يتمكنّ من النجاح بها، خاصة، مع أعباء الأسرة والمسئوليات المنزلية التي تقع على النساء وحدهن.
اقرئي أيضا:
حقوق الأم العاملة أقرتها القوانين وضاعت عند التنفيذ
الكاتب
احكي
الخميس ١٤ نوفمبر ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا