العنف ضد المرأة وأشكاله واليوم الدولي للقضاء عليه
الأكثر مشاهدة
"اتحبست ٤ سنين في البيت، واتعرضت للضرب والعنف من وأنا في أولى كلية، وكل ده بسبب إني كنت بحب واحد زميلي في الكلية"، فوفقا لتقارير التنمية البشرية لعام 2018، تأتي مصر في المرتبة الـ 115 عالميا من بين 187 دولة من حيث معدلات المساواة بين الجنسين، وتشير أرقام سابقة تعود لعام 2014 إلى تعرض 36% من النساء المتزوجات بين سن (15-49 عام) إلى العنف البدني، وكشفت دراسة حكومية في 2013 إلى أن 99% من النساء والفتيات تعرضن لشكل من أشكال التحرش الجنسي.
تعرفي على: حكايات مفزعة عن إزهاق أرواح النساء بدعوى الشرف
العنف ضد المرأة
على مدارالسنوات الماضية، ومع بدء اتخاذ الخطوات اللازمة التي تراعي حقوق المرأة، ظهر العنف ضدها بأشكاله المختلفة، كعائق يكبح جماحها ويعوق مشاركتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأداة تقلل من إسهاماتها، وتمنعها من تحقيق النجاح "كنت بكره المذاكرة لأن والدي كان دايمًا بيضربني ويقولي قد إيه أنا غبية، ومش بفهم رغم إني كنت متفوقة في الدراسة.. ووالدتي عمرها ما دافعت عني، بالعكس كانت بتشجعه لما يضربني لأني استاهل من وجهة نظرها".
تعددت الأشكال والطرق التي يتم تعنيف المرأة بها، على مدار عشرات السنوات الماضية وإلى الآن، ولكن التضحيات التي قامت بها كثيرات حول العالم لوقف هذا العنف، والحديث عنه، فتحت الباب أمام ضرورة التكاتف من أجل منع تعرض واحدة من بين كل 3 نساء حول العالم للعنف البدني أو الجنسي على يد أحد الأقارب "أخي في بداية الأمر كان يتحرش بي دون أن ألاحظ، كان يبدأ ملامستي بحجة أنه يعدل ملابسي أو أنها لم تعجبه فيضع يده علي جسدي بطريقة لم أفهمها، وحين اعترضت علي طريقته بدأ يتحجج لي على أتفه الأسباب ليخلق المشاكل معي ومع باقي أخوتي".
وتعريف العنف وفق إعلان القضاء على العنف ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1993، أنه "أي عمل من أعمال العنف على أساس الجنس ينتج عنه أو يُحتمل أن يؤدي إلى أذى بدني أو جنسي أو نفسي أو معاناة للمرأة، بما في ذلك التهديد بارتكاب أفعال بالإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء في الحياة العامة أو الخاصة".
ويعتبر العنف ضد المرأة شكل من أشكال التمييز الذي تتعرض له، ويكون مضاعف وتأثيراته أكبر في المجتمعات الفقيرة والمهمشة، وخلال أوقات الحروب والصراعات، ويحد كثيرا من قدرات السيدات في الحصول على فرص العمل أو حتى التمتع بحياة أفضل، فهو يعد أحد أسباب الوفاة للسيدات بنسب تتساوى مع العجز، أو الإصابة بالسرطان.
خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 نوفمبر كيوم دولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وذلك في قرارها الصادر بتاريخ يوم 17 ديسمبر عام 1999، وجاء اختيار اليوم احتفاءا بذكرى الأخوات الثلاث ميرابال (باتريسيا وماريا وأنطونيا) اللاتي كن يعارضن رافائيل تروخيلو، حاكم جمهورية الدومينيكان، وتمت دعوتهن لحفل بقصره، فلبتن الدعوة لعدم إثارة الشكوك، ويقال إن الحاكم حاول التحرش بإحداهن، وعندما أوضحت رفضها بوضوح ودون خوفن ترصد الحاكم لها ولأخواتها.
تعرضت الأخوات الثلاث للاعتقال نتيجة علم أجهزة الأمن بنشاطهن السري المعارض للحاكم، ولكن تم الإفراج عنهن بعدها، نتيجة ضغوط من مراقبي منظمات المجتمع المدني الأمريكية، ويقال إنه السبب الذي جعل حاكم الدومينيكان وأجهزته يقومون بتسليط أفراد أمن قاموا بقتل الأخوات الثلاث ضربا بالعصي والهراروات في يوم 25 نوفمبر عام 1960.
اقرئي أيضا: أسباب تخلي الستات تستمر في المحاربة عشان حقوقها
أشكال العنف ضد المرأة
من خلال الأرقام التي تعلن عنها هيئة المم المتحدة للمرأة، تبين أن هناك ما يقرب من 750 مليون مامرأة وفتاة في جميع أنحاء العالم متزوجات قبل أن تبلغن سن الثامنة عشر، بخلاف خضوع 200 مليون سيدة وفتاة لعميات تشويه العضاء التناسلية المعروفة بالختان، ونسبة 71% من ضحايا الاتجار بالبشر في جميع أنجاء العالم من النساء والفتيات، اللاتي يتم استغلال 3من كل 4 من بينهن جنسيا.
غالبا، ما يرتبط العنف لدى كثيرين بآثار الضرب وعلاماته على الجسد، ولكن العنف لا يتوقف عند الإيذاء البدني، ولكنه يتخذ مجموعة من الأشكال المختلفة، التي يمكنها أن تؤثر بصورة كبيرة على صحة المرأة ودورها في المجتمع، وكذلك مسارها المهني أو دراستها.
ومن أنماط العنف الذي تتعرض له المرأة:
- ما له علاقة بالاعتداء الجنسي من تحرش أو اغتصاب، وممارسة الجنس بالإكراه "تصحي من النوم تلاقي باباكي بيلحس في رجلك وجسمك ولما تقولي إيه ده؟ يقولك كنت بصحيكي، ولما تكبري أخوكي الصغير يبقي عايز يغتصبك وتفضلي طول حياتك قاعدة بره عند واحدة صاحبتك وترجعي بيتك ع النوم تقفلي أوضتك علي نفسك. تبقي خايفة تحكي لحد عشان عارفة إنهم هيضربوكي وهيقولوا إنتي الغلطانة.. عارفين يعني إيه تبقي قاعدة في بيتك ومش حاسة بالأمان".
ويعتبر التحرش في الأماكن العامة من أشكال العنف ضد المرأة، ومنها ما تتعرض له سيدات في أماكن العمل "روحت الشغل يوم والتاني لقيته بيتحرش بيا لفظيًا، سكت بس سكوتي خلاه يوصل أنه يمد إيده، وكاد يغتصبني لولا دخول حد من الموظفين، وطبعًا لأني في حاجة للفلوس بسبب كليتي، ماسبتش الشغل، بس الموضوع ده تعبني نفسيًا، وبقيت خايفة من الرجالة حتى خطيبي رغم إنه محترم".
- الإيذاء النفسي والتقليل من شأن كل فتاة وسيدة، والتعرض للتنمر بسبب الشكل "أنا طولي 150 سم، طول الوقت بيتقالي كلام زي إيه ده أنتي قصيرة ليه كده، ده غير نظرات الشفقة اللي كنت بتعرض ليها أحيانًا، وآخر تعليق كان أنتي شكلك مضحك أوي، حسيت وقتها إني فعلًا وحشة".
- العنف الأسري، وهو ما تتعرض له الفتاة أو السيدة على يد الزوج أو الأب أو الأخ أو احد الأقارب، ويشمل الضرب والاعتداء اللفظي والجسدي "أنا أصلًا طبيعتي هادئة ومطيعة بس هما دايمًا أما بعمل أي حاجة يضربوني، بتضرب عشان لعبت مثلًا، وأضرب عشان ماما متضايقة من بابا من أي حاجة، ودايمًا بيخلي أخويا الكبير يضربني، بابا دايمًا يقولي يا تخينة يا سمرة محدش هيعبرك، وأنا مش فاهمة عملتله إيه، أصلًا جسمي معلم كله من الضرب"
- جرائم الشرف، التي يتم بمقتضاها ارتكاب مذابح ضد النساء بدعوى الحفاظ على "شرف" العائلة، وغالبا ما يتم قتل الفتاة أو السيدة على يد أحد أفراد الأسرة من الأب أو الأخ أو الزوج أو الأعمام..، وتتهاون كثير من القوانين في الوطن العربي مع الجناة في هذه الجرائم.
ومن أشهر جرائم الشرف مقتل الفتاة الفلسطينية إسراء غريب، التي قتلها أخواتها، وأثارت قضيتها مواقع التواصل الاجتماعي، فكانت جريمتها بالنسبة لأسرتها أنها قامت بنشر صورة لها مع خطيبها، كما يقال، ويتعرض الأخوة للمحاكمة الآن بسبب إزهاقهم لروحها.
- عمليات تشويه الأعضاء التناسلية للفتيات، والمعروفة بـ "الختان"، وينتشر تطبيقها على الفتيات في مصر وبعض دول إفريقيا، بدعوى الحفاظ على "عفة البنات" وضمان عدم انحرافهن لسلوكيات يخشاها الأهل "الختان مش بس أثر علي علاقتي بجوزي، ده دمرها.. إزاي أكون متجوزة وعايشة مع جوزي ومش حاسة بيه خالص، ده أنا كمان بكره العلاقة أما بتحصل، بالرغم إن جوزي طيب وبحبه، وأما روحت لدكتورة وكشفت قالتلي إن ده سببه الختان"، وتقدر نسبة السيدات اللاتي تعرضن لعملية الختان في مصر، واللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 إلى 49 عاما، بحوالي 87%.
- والزواج المبكر والقسري من أشكال العنف التي يغفلها المجتمع، رغم مخالفتها للقوانين المحلية والدولية، وإيذائها لصحة المرأة التي قد تتعرض للإجهاض في سن مبكرة، بسبب ضعف بنيتها، وقد يؤدي الأمر إلى الوفاة في أثناء عمليات الولادة، بخلاف التاثير الذي يحدثه هذا الزواج على قضايا نسب الأطفال، كونه غير موثق أو قانوني، فلا يضمن الحقوق للزوجة والأطفال.
- وكذللك الاتجار بالبشر، التي تتضمن العبودية والاستغلال الجنسي، وهو ما تعرضت له سناء، 24 عاما، من المغرب، حين قررت أن تسافر إلى دبي في محاولة لإيجاد فرصة عمل في أحد صالونات التجميل، ولكنها وجدت صاحبة الصالون تجبرها على ممارسة الدعارة والعمل بها، ولكنها تمكنت من الهرب، وتم ترحيلها إلى بلدها مرة أخرى.
اقرئي أيضا: مقاييس الجمال تفسد حياة البنات وتفقدهن الثقة بأنفسهن
حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة 2019
منذ عام 1991، تقود هيئة الأمم المتحدة للمرأة حملتها التي تستمر لمدة 16 يوم، لمناهضة العنف ضد النساء، على أن تبدأ في 25 نوفمبر وتنتهي في 10 دسمبر من كل عام، ويتم خلال هذه الأيام، تنظيم الفعاليات والندوات التعريفية والتوعوية بحقوق المرأة، مع التركيز على وقف شكل من أشكال العنف، او قضية بعينها.
وخلال السنوات الـ 29 ماضية، تركزت حملات الـ 16 يوم على قضايا العنصرية والعنف الجنسي وصحة المرأة ومواجهة التحديات والعوائق التي تواجهها، وكذلك نشر الوعي بمرض نقص المناعة البشرية، والتعليم والزواج المبكر، وهذا العام تم اختيار قضية "الاغتصاب والعنف الجنسي" كقضية يجب التوقف أمامها، وأعلنت الأمم المتحدة عن شعارها "لوّن العالم برتقاليا: جيل المساواة ضد جرائم الاغتصاب".
وتم اختيار اللون البرتقالي ليعبر عن مناهضة العنف ضد المرأة منذ عام 2013، وأوضح بيان صادر عن الأمم المتحدة للمرأة أن اختيار هذا اللون يأتي "ليرمز إلى مستقبل أكثر إشراقا دون عنف ضد المرأة"، ومن وقتها بات اللون البرتقالي مرتبط بجميع فعاليات الأمم المتحدة المتعلقة بحملة القضاء على العنف ضد النساء ومناهضته، ويتم مطالبة الدول الأعضاء بإضاءة أهم المعالم بها باللون البرتقالي.
وهذا العام (2019)، تم رفع شعار Orange the World، أي لون العالم بالبرتقالي، وتم التركيز على قضية الاغتصاب، التي اعتبرتها المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة من أخطر أشكال العنف ضد المرأة، كونه يتسبب في إحداث آثاره السلبية التي لا يمكن محوها من الذاكرة، خاصة، في حالات حمل المغتصبات.
ومن حملات مناهضة العنف ضد المرأة التي استطاعت أن تحصد شعبية واسعة، ما قام به مجموعة من رجال السياسة والناشطيين الرجال الكنديين، فأطلقزا حملة "الشريط الأبيض" عام 1991، لتكون أول حملة موسعة يقوم بها رجال لمناهضة العنف ضد النساء، وذلك بعد واقعة مقتل 14 سيدة في كلية الفنون التطبيقية في ديسمبر 1989، على يد أحد المعاديين للسيدات، وتشترك الحملة في الفعاليات والمبادرات العالمية التي تسعى لوقف العنف ضد النساء، وينضم لها بمرور السنوات رجال من مختلف أنحاء العالم.
اقرئي أيضا:
التحرش في أماكن العمل جريمة مسكوت عنها بسبب لقمة العيش
الكاتب
احكي
الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا