وسواس كورونا.. بين الصحة النفسية والوصم الاجتماعي
الأكثر مشاهدة
حالة من الخوف والقلق يعيشها العالم بعد انتشار فيروس كورونا الذي تحول إلى وباء عالمي، فربما لا تفكرين هذه الأيام سوى في كيفية حماية نفسك وأهلك من التعرض للعدوى بهذا الفيروس، فالخوف من فيروس كورونا أمر طبيعي ومنطقي، إلا أن تحول الأمر إلى هلع وذعر يعيشه بعض الأشخاص، بل قد يتحول لدى آخرين إلى وصم!.
ففي الوقت الذي يعيش كثيرون حالة من الرعب وصلت حد الوسواس من فيروس كورونا ليهدد الأمر مناعتهم بسبب تأثيره المباشر على صحة جهازهم المناعي، يعاني آخرون من الوصم الاجتماعي ليس إلا لظهور بعض أعراض البرد العادية التي يعانون منها، وهو ما قد يدفع كثيرين لتجنب الذهاب إلى المستشفيات والهروب منها.
وفي هذا المقال ستتعرفين أكثر على كيف يمكن أن يؤدي الهلع من الإصابة بفيروس كورونا والتأثير السلبي على الحالة النفسية إلى زيادة انتشاره، وكيف يمكن التعامل مع الوصم الناتج عن الإصابة به.
فيروس كورونا والوصم الاجتماعي
صار سعال مفاجيء يصدره زميلك في العمل، أو عطس متكرر لأي من المتواجدين في وسائل المواصلات العامة، سبب كافي للذعر والخوف، ليتحول التعامل مع فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، الذي أصاب أكثر من 100 ألف شخص حول العالم، وأودى بحياة الآلاف، من الحكمة والوقاية إلى الوصم والفوبيا، الأمر الذي قد يصعب كثيرا من مواجهة الفيروس، ويجعل الإصابة به كـ "العار"
من الممكن أن يبدو الوضع طريفا، مع نكتة أو مزحة عن الفيروس والتعامل معه، ومواجهة الخوف منه، للدرجة التي انتشرت معها على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر قول إحداهن "جارتنا بالبناية أجو اخدوها من شوي، وهي نازلة على اردج، قلت لها شو؟ قالت لي ما تخافي دعارة دعارة"، ليتضح كيف أصبحت الإصابة بفيروس كورونا وصم يفوق العمل في شبكات الإتجار بالبشر.
جارتنا بالبناية اجو اخدوها من شوي. هيي ونازلها عالدرج قلتلها شو؟ قالتلي دعارة دعارة ما تخافي
— Nancy Annan (@NancyAnnan7) March 11, 2020
تحكي أشرقت إسماعيل، 15 عاما، كيف يعامل زملاؤها في أحد الدروس الخصوصية زميل آخر لهم بسوء وتنمر، فهو ولد يحمل ملامح ىسيوية، لا تعرف عنه الكثير ولكنها علمت أنه يعيش في مصر منذ خمس سنوات، وليس لديه سوى صديق وحيد، ومع بدء الحديث عن انتشار فيروس كورونا المستجد، بدأ زملاؤه الآخرون يبالغون في عم التعامل معه
تقول أشرقت "بيقعدوا يقولوا له يا كورونا، وأنت فيروس ومش عاوزين يتكلموا معاه، وبيعاملوه بطريق سخيفة"، في حين تكون ردة فعله على تنمرهم هي السكوت والتجاهل وعدم المواجهة، ليبدو ما حدث مع هذا الطفل شبيه إلى حد كبير بما واجهه رجل آسيوي كان يستقل سيارة خاصة في القاهرة، انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لسائق السيارة وهو يضع منديلا على وجهه ويشتكي للمارة بجانبه ويعتبره مصدرا للوباء.
بعد انتشار الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، وتبين قيام سائق السيارة الخاصة بإنزال الرجل الآسيوي، الذي تعرض للتنمر من المارة ورفض لكثيرين بتوصيله للمكان الذي يريد، أحدث الأمر سخط وغضبرفضا لما تعرض له رجل لم يقم بأي ذنب، سوى أنه يحمل ملامح البلد الذي انطلق منه المرض.
في بعض وسائل الإعلام الأجنبية، ومع بدء انتشار الفيروس، تم إلحاق الفيروس باسم المدينة النطلق منها، فأصبح لدى شبكات مثل "سي إن إن" يطلق عليه "فيروس ووهان كورونا"، أو "فيروس كورونا الصيني"، ليرتبط في أذهان كثيرين بالدولة نفسها، ويترسخ في اعتقادهم أن كل شخص يحمل ملامح صينية هو مصاب، ويجب الابتعاد عنه والنفور منه.
هذا الوصم لم يقتصر على دول بعيتنها، ففي بيروت نشر أحد الشخاص، وهو يتحدث العربية بطريقة غير متقنة وله ملامح آسيوية، أنه يتعرض للتنمر والسب بـ "كورونا" في شوارع بيروت، كما تعرض رجل سنغافوري إلى الضرب في شوارع لدن، اعتقادا من البعض أنه صيني يحمل لهم فيروس كورونا.
ونتيجة وصم الشعب الصيني، رغم انتشار الفيروس إلى أكثر من 115 بلد ومنطقة حول العالم، بات كثيرون يخافون إظهار علامات التعب ويجاهدون من أجل إخفائها، حتى لا يتم وصمهم هم أيضا، غير أن ارتداء الكمامات واجهه كثثرين بالسخرية وبعض الحذر والخوف أيضا، فظهرت تعليقات تعتبر ارتدائها مبالغة، وأنه "إذا خايف أقعد في البيت"، فباتت حتى إجراءات الوقاية توصم الشخص.
على الرغم من زيادة المعلومات عن فيروس كورونا إلا أن مستقبل هذا الفيروس يظل غامضاً، فإلى الآن لم يتم التوصل إلى لقاح يساعد في علاجه، ولم تستطع أي دولة وقف هجومه عليها، إلا أن هذا الأمر لا يعني أن الشفاء منه مستحيل، فآلاف الحالات تم شفاؤها، ولكن، يظل الفيروس الوبائي سبب في حالة من الهلع والخوف الذي وصل حد الوسواس لدى كثيرين بسبب مخاوفهم من انتقال العدوى إليهم ولأحبائهم.
ولتأثيرات فيروس كورونا انعكاسات على جميع القطاعات وحتى علاقاتنا الاجتماعية أيضًا، ولكن الأكثر تأثرا به والذي يمكن أن يكون سببا في تداعيات أكبر هو الحالة النفسية، فتأثر الحالة النفسية بالسلب له تأثير واضح ومباشر في زيادة احتمالية انتقال العدوى بفيروس كورونا، لتأثير ذلك الواضح والمباشر على فيروس كورونا.
ولأنه توجد الكثير من العوامل التي تساعد في زيادة حالة الرعب والهلع والوسواس من فيروس كورونا وأبرزها تداول الأخبار على السوشيال ميديا، فمن الضروري معرفتنا كيف نتعامل مع هذا الفيروس، وكيف نساعد في تقليل حدة تأثيره على حالتنا النفسية للحفاظ على الجهاز المناعي وتقليل احتماليات العدوى.
كورونا والصحة النفسية
الصحة النفسية عامل أساسي ومهم لتقوية جهازك المناعي ومساعدة جسمك في التعامل مع الفيروسات المختلفة، وفيروس كورونا على الرغم من انتشاره السريع، إلا أن التعامل معه مثله مثل باقي الفيروسات المعدية الأخرى يساعد في القضاء عليه ومنع انتقال العدوى.
ومع تزايد انتشار العدوى وأعداد المصابين في مختلف دول العالم، بدأت حالات القلق لدى الكثير من المواطنين تتجاوز مرحلة الخوف الطبيعي من العدوى بالفيروس إلى مرحلة الهلع ليتحول فيروس كورنا إلى وسواس لدى كثيرين ويؤثر على حالتهم النفسية، فالخوف الزائد أحد أهم المشاعر التي تتسبب في ارتباك الجسم وتضعف مناعته.
وزيرة الصحة دكتور هالة زايد، قالت في تصريحات لها إن الحالات التي تمتعت بحالة نفسية جيدة وتعرضت للعدوى بفيروس كورونا كانت استجابتها للعلاج أسرع بكثير من الآخرين اللذين سيطر عليهم الهلع الزائد وانعكس ذلك على حالتهم النفسية، مؤكدة على أن المعنويات الجيدة والصحة النفسية لهما تأثير أساسي ومباشر على الشفاء من الفيروس حال التعرض له.
مجموعة من الأطباء النفسيين أطلقوا صفحة للدعم النفسي في ظل انتشار كورونا على موقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين على ضرورة الحماية النفسية، والحفاظ على المعنويات تجنباً لزيادة احتمالية التعرض لفيروس كورونا.
بعنوان "وقت القلق إحنا معاك" يساعد مجموعة من المتخصصين النفسيين في التوعية بأهمية التعامل مع فيروس كورونا، وأهمية تقليل حالة الهلع التي تؤثر في النهاية على الجهاز المناعي للجسم.
لذلك، فمن الضروري التعامل مع فيروس كورونا بعيدا عن حالة الهلع الزائد التي تهدد حالتك النفسية وبالتالي تؤثر على جهازك المناعي وبالتالي تزيد من معدل الإصابة بالعدوى.
أعراض تأثير فيروس كورونا على الحالة النفسية
الخوف أمر طبيعي، والقلق من التعرض للإصابة أحد الأمور المنطقية للغاية في التعامل مع فيروس كورونا، ولكن من المهم أن نؤهل أنفسنا للتعامل مع هذا الفيروس الوبائي بما لا يصل إلى حد التهويل أو التهوين.
ويتسبب الخوف والقلق الذي يصل حد الوسواس في التأثير على الحالة النفسية وبالتالي صحة الجهاز المناعي، وهناك مجموعة من الأعراض النفسية التي قد تبدأ في الظهور ومن أهمها:
- الإقبال المبالغ فيه للإطلاع على الأخبار والبحث عنها دون توقف.
- تغيرات مزاجية سريعة.
- الشعور بالإحباط والملل والوحدة.
- في حالة إن كنت تعانين من مشكلات نفسية سابقة فستشعرين بزيادة حدتها.
- اضطرابات النوم
- ضعف التركيز
كيف يمكن التغلب على القلق الزائد من فيروس كورونا؟
كما عرضنا لك، وبحسب ما أكده متخصصون فإن الحالة النفسية السيئة لها تأثيراتها السلبية على جهازك المناعي، وهو ما يمكن أن يزيد من نسب التعرض للعدوى بفيروس كورونا، لذلك فمن الضروري محاولة السيطرة على حالتك النفسية قدر الإمكان تجنباً للآثار السلبية التي يمكن أن تسببها لك وأهمها زيادة نسبة انتقال العدوى بفيروس كورونا.
وهذه الخطوات تساعدك في علاج وسواس كورونا.
- اعلمي أن فيروس كورونا مثله مثل باقي الفيروسات، التعامل معها بوعي وإتباع أساليب الوقاية اللازمة يجنبك التعرض له.
- لا تهتمي فقط بمعرفة أعداد الوفيات من المصابين بهذا الفيروس، فعلى الرغم من الانتشار السريع له إلا أن نسب الوفيات منه لا تتجاوز 2%، واحرصي أيضاً على معرفة أعداد الناجين منه فعدد الناجين من فيروس كورونا بعد الإصابه به يفوق بكثير عدد وفياته.
- تجنبي التعامل مع المعلومات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي على أنها معلومات موثقة، واهتمي بالحصول على المعلومات من مصادرها المباشرة.
- الوقاية خير من العلاج، واتباعك أساليب الوقاية اللازمة، والتي سنعرضها لك في السطور المقبلة، سيجنبك ويجنب أسرتك التعرض للفيروس، لذلك فطالما تتبعين الخطوات المهمة لحماية صحتك فاطمئني أنك ستكونين بعيدة عن العدوى.
- تجنبي الزيارات والخروج من المنزل خلال هذه الفترة، فالتواجد أو المرور بجانب الأشخاص سيزيد في داخلك نسب الاحتمالات التي تتسبب في زيادة التوتر.
- انسحبي تماما من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خلال هذه الفترة واكتفي بمعرفة المعلومات الأساسيةأو الأخبار الطارئة التي تتعلق بحياتك اليومية.
كيفية الوقاية من فيروس كورونا
اتباع الخطوات الوقائية له دور رئيسي ومهم في منع انتقال العدوى إليك ووقف انتشار الفيرس، وإليك أهم الخطوات التي عليك اتباعها للوقاية من فيروس كورونا:
- تجنب لمس الفم والأنف والعينين.
- احرصي على غسل اليدين بالماء والصابون أو بواسطة الكحول، وخاصة بعد العطس أو السعال أو السلام باليد على أشخاص آخرين أو ملامسة الأسطح ومقابض الغرف والأبواب.
- ضرورة منع الاتصال الوثيق مع الأشخاص الذين يعانون من مرض تنفسي حاد، مع ضرورة الحفاظ على مسافة متر واحد على الأقل من الأشخاص المرضى، وحتى الأشخاص العاديين خلال هذه الفترة.
- تجنب المصافحة بالأيدي والأحضان وتبادل القبلات عند السلام.
- السعال أو العطس باتجاه المرفق أو بداخل منديل يستخدم مرة واحدة ثم التخلص منه.
- تجنب استخدام الأدوات الشخصية لآخرين
- تجنب المكوث في الأماكن العامة عند الشعور بالمرض.
- استخدام الكحول طوال الوقت لتعقيم اليدين والأشياء المستخدمة مثل لوحات المفاتيح والهواتف المحمولة.
- تناولي كميات كبيرة من الماء.
- الاهتمام بتناول المشروبات الساخنة وأهمها الينسون والنعناع.
كتابة: هدير حسن وهبة حامد
اقرئي ايضًا:
الكاتب
احكي
الثلاثاء ١٧ مارس ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا