بسبب فيروس كورونا.. الكل متضرر والنساء في المقدمة
الأكثر مشاهدة
كان القرار أن يذهب الجميع إلى بيوتهم آمنين، يحتمون بجدرانها متخلين عن النزول والاحتكاك بالآخرين، متسلحين بالصبر ومتحملين للمسئولية، يواجهون معا حكومات ومواطنين فيروس كورونا المستجد، الذي تبدو لغته الأولى والوحيدة هي الانتشار والتوسع بين الجميع دون تفرقة أو حساب، ولكن هناك من سيظلوا صامدين في أماكنهم يتناوبون العمل حتى ينتهي هذا الكابوس.
مع قرارات يومية تنال من الحركة العادية اليومية، وأخرى هدفها أن تقلل من التواجد البشري والتجمعات، يصبح الكل متضرر في جميع أنحاء العالم، فقدرة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على الانتشار بين الناس، وحصد الأوراح، للدرجة التي جعلته يصيب 381 ألف و387 شخص حول العالم، ويقضي على حياة أكثر من 16 ألف شخص بعد انتشاره في كل دول العالم تقريبا.
وتقارير اقتصادية عالمية تشير إلى أن العالم يتجه إلى واحدة من أسوأ الأزمات المالية العالمية منذ عام 2009، في ظل انخفاض مؤشرات البورصة، واضطرار كثير من الشركات العالمية، وكذلك المتوسطة والصغيرة، وحتى الشركات الناشئة إلى اتخاذ قرارات بالعمل من المنزل، ووقف كثير من المشروعات والفعاليات التي تتطلب التجمعات.
وصلت الأرقام التقديرية للخسائر التي خلفتها قرارات الوقاية من فيروس كورونا إلى انخفاض التجارة بين الدول بما يقرب 50 مليار دولار، حسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، الذي توقع أن تحدث كثير من حالات الانهيار الاقتصادي على نطاق واسع، قد تؤدي إلى تزايد أزمة الديون وإعلان الإفلاس، مشيرين إلى إمكانية حدوث عجز يصل إلى 2 تربليون دولار في الدخل العالمي.
تعرفي على: عوائق تواجه السيدات المطلقات في مصر
تضرر النساء من فيروس كورونا
كالعادة، تأتي القرارات الكبرى بالتأثير على الحلقات الأضعف، فكما أن فيروس كورونا يؤثر بصورة مضاعفة على صحة المسنين والمصابين بأمراض مزمنة كالقلب والسكر، سيكون له أثره الاقتصادي أيضا على النساء وتضررهن من وضع اجتماعي واقتصادي يزيد العبء على اكتافهن.
الأرقام العالمية الضخمة، التي تنبيء أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه قد ينتهي بنا لأزمات اقتصادية ستحتاج إلى سنوات لترميمها، ورغم أن الخسائر الاقتصادية تبدو مزعجة، اعتقد البعض أنها تخص الدول الكبرى واقتصاد الحكومات.
ومع اتخاذ قرارات صارمة في كل يوم، كان آخرها ما أعلن عنه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، بحظر للتجوال والحركة لمدة أسبوعين من الساعة السابعة مساء وحتى السادسة صباحا، وكذلك تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات، ووقف العمل بكثير من المصالح الحكومية، في حين تبقى المستشفيات والأطقم الطبية تعمل وتستعد، يبدو أن الأمهات والسيدات العاملات أول من يلمس تأثير هذه المشكلة بصورة واضحة داخل بيوتهن، بعد تعرض كثير من العمالة اليومية للتسريح، أو إجراءات تخفيض العمالة.
في الولايات المتحدة الأمريكية، من المتوقع أن يخسر مليون شخص وظائفهم بسبب فيروس كورونا، وفي أحد التقارير الصحفية، ظهرت سيدات أمريكيات تحكي عن فصلهن من عملهن بسبب غجراءات الوقاية وتخفيف العملاة التي تتبعها كل ولاية في أمريكا، التي تعد واحدة من أكبر الدول الاقتصادية على مستوى العالم، وأصبح كثيرون من سكانها يعانون من عدم القدرة على دفع إيجارات منازلهم أو التخلي عن مواردهم الأساسية من اجل العيش، وهو ما يعني ازدياد الوضع سوءا وتدهورا في حالة دول العالم الثالث.
في مصر، تمثل السيدات المعيلات، اللاتي تقع عليهن مسئوية إعانة الأسرة ما يقرب من ثلث السكان (26%)، أو ما يعادل الإنفاق على 3.3 مليون أسرة، وكانت تتحمل هذه السيدات أعباء اقتصادية لم تكن، في بعض الأحيان، قادرة على الوفاء بها، وتضطر إلى منع أطفالها عن الذهاب إلى المدارس، وأغلبهن يعملن في مهن قد لا توفر الوقاية اللازمة، وقد تتأثر بالأوضاع الاقتصادية الحالية بصورة أكبر، خاصة، العمل المتعلق بإعداد الطعام البيتي، أو تنظيف المنازل ومداخل العمارات.
اعتبرت الأمم المتحدة في بيان لها صدر في 20 مارس، أن النساء يمثلن 70% من الصفوف الأمامية للتعامل مع فيروس كورونا، سواء من الممرضات أو مقدمي الرعاية الصحية والاجتماعية لكبار السن والأطفال، مما يعني أنهن ضمن الفئة المتضررة من الفيروس والتعامل معه.
وعلى مدى انتشار الوباء في دول إيطاليا والصين وإيران بصورة كبيرة لم يسبق لها مثيل، كانت التضحيات التي قدكمتها الممرضات والطبيبات، إلى جانب الأطباء، فعملنا عن قصة الممرضة الصينية جووه تشين، 38 عاما، التي أدى تعاملها مع حالات مصابة بفيروس كورونا، إلى اكتشاف إصابتها هي الأخرى، وبعد خضوعها للعلاج والحجر الصحي عادت مرة أخرى للمشاركة في عملها، رغم محاولات المحيطين بإثنائها عن القرار، ولكنها اعتبرت أن وجودها جانب زملائها أفضل لتخفيف العبء عنهم.
ومثلها، الممرضة الإيطالية أليسيا بوناري، التي حكت عبر صفحتها على أحد مواقع اتواصل الاجتماعي عن الآلام النفسية والجسدية التي تتعرض لها في أثناء العمل من أجل مواجهة فيروس كورونا، وقالت "أنا جسديا مرهقة بسبب المعدات الوقائية الرديئة اللي بنستخدمها، وبالطول المعمل الوقائي اللي بسببه مش بقدر أدخل الحمام ولا أشرب مياه لمدة 6 ساعات"، وأنها تعمل في ظل ظروف صعبة تعيشها إيطاليا مع ارتفاع نسبة الإصابات إلى أكثر من 81 ألف حالة، وبلوغ الوفيات أكثر من 3 آلاف، وتتمنى أن تمر هذه الفترة بسلام، مؤكدة "أنا بحب عملي وفخورة بيه".
وكانت من ضمن أولى الحالات التي تعرضت للإصابة بفيروس كورونا في مصر، طبيب وممرضة، تم شفاؤهما مؤخرا، غير أن حالات الإصابة في مصر بشكل عام وصلت إلى 366 حالة، وبلغت الوفيات 19 حالة.
وبعيدا، عن المواجهات في الصفوف الأمامية سواء مع المرضى أو المعرضين لذلك، من كبار السن، أو من ينقلون العدوى بسهولة كالأطفال، تأتي الموجهات المنزلية، والتحدي الذي تعيشه كل أم في بيتها، بداية من توفير بيئة نظيفة آمنة لكل أفراد الأسرةن كون السيدات هن من يقع عليهن عبء تطهير المنازل.
وتسعى أيضا الأمهات إلى البحث عن ما يمكنه أن يسلي أوقات أطفالهن، فتجد منشورات الفيسبوك، وأسئلة تويتر تدور حول البحث عن طريقة يمكن للأطفال أن يستفيدوا من خلالها بوقتهم، وكيف يمكن الحفاظ على حياتهم؟ ليضاف لهن قلق وتوتر جديد إلى جانب أعباء الأمومة اليومية العادية.
*الأرقام الواردة في التقرير وفق تاريخ نشره.
اقرئي أيضا:
ما هو فيروس كورونا؟ وكيفية الوقاية منه والتعامل معه دون خوف
الكاتب
احكي
السبت ٢٨ مارس ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا