وصم كورونا.. ذعر يمنع دفن الموتي والإفصاح عن الإصابة
الأكثر مشاهدة
"هي مفيهاش حاجة لما تتدفن هنا
-لأ فيها
والله يا بني ما فيها حاجة هو زومبي"
جاءت هذه الكلمات في فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، رفض خلاله أهالي إحدى المراكز في مصر، يُرجح أنه مركز كفر الدوار بمحافظة البحيرة، أن يسمحوا بدفن سيدة متوفاة جراء إصابتها بفيروس كورونا، مما أشعل الخلاف، وأدى الأمر إلى وقوع اشتباكات بين الشرطة والأهالي.
منذ انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) من مدينة ووهان الصينية، في أواخر عام 2019، ومع تحوله إلى وباء أصاب حتى الآن أكثر من مليون و500 ألف شخص، وأدى إلى وفاة أكثر من 89 آخرين في ما يقرب من 118 دولة ومنطقة حول العالم، بات الذعر منه أكبر، والخوف من الإصابة به تحول إلى "وصم" يسعى الجميع إلى التنصل منه.
من البداية، حاولت منظمة الصحة العالمية أن تنفي ربط الفيروس بمدينة "ووهان" الصينية، كما رفضت قيام وسائل إعلام عالمية بتسميته "فيروس ووهان كورونا"، وأقرت أن يكون اسمه فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، حتى لا يتم وصم مدينة أو مكان بعينه بـ "وباء" عالمي أدى إلى قتل الآلاف.
وفي مصر، ومع ظهور أولى حالات الإصابة بالفيروس، وإعلان وفاة أول حالة مصرية مصابة في 12 مارس لسيدة من قرية السماحية ببلقاس في محافظة الدقهلية، ظهر أحد الأشخاص من خلال فيديو يبث مباشر، أوضح أنه من مجموعة باسم "بلقاس مدينتي"، ليعبر أغلب من ظهرفيالفيديو عن رفضهم لما اعتبروه "وصم"، وقال مصور الفيديو إن "التهويل" هو ما أدى إلى "صورتنا بقت وحشة في العالم كله، مش في مصر بس"، وأضاف "بلقاس نضيفه مهياش بؤرة".
تعرفي على: العنف المنزلي يزداد والنساء في عولة مضاعفة بسبب كورونا
وكان الأشخاص من أهالي القرية وأقارب السيدة التي توفيت يحاولون إنكار أن إصابتها بفيروس كورونا هي السبب في وفاتها، فقال أحدهم "خالتي مكنش عندها غير التهاب رئوي.. الوزيرة بكلامها جرستنا في وسط الناس ووقفوا حالنا"، ليضيف آخر "بلدنا طبيعية" مشيرا إلى رفضهم ارتداء الكمامات والقفازات، وجلوسهم في منزل السيدة المتوفاة دون خوف "وكلنا قاعدين مع بعض الـ 24 ساعة ومحدش عنده حاجة"، مع الاعتبار أن الفيديو يعود تاريخ تصويره إلى ما بين 12 إلى 18 مارس.
ويبدو أن الوضع بعد ما يقترب من الشهر قد تغير، فالإنكار الذي واجه به البعض انتشار الفيروس في البداية، تحول إلى غضب نتيجة الذعر والقلق، وانتشر الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي من خوف كثيرين من "الوصم" نتيجة إصابتهم بالمرض، فأشار أحد الأطباء على فيسبوك أن والد أحد المصابين رفض في البداية عن يفصح عن الأعراض التي يشعر بها ابنه حتى لا يضعه الأطباء في العزل الصحي.
وانتشر على موقع تويتر تغريدة لأحد الأطباء أوضح من خلالها أن ممرضة رفضت أن تقول إن نتيجتها "إيجابية" للفيروس، وكان نتيجة ذلك وضع الطاقم الصحي بالكامل في العزل الصحي لمدة أسبوعين، وحالات أخرى مشابهة لأشخاص رفضوا البوح بإصابتهم، كانوا سببا في نقل العدوى إلى غيرهم.
تقول هند البدوي إن حالة شخص ظهرت في مدينتها في البحيرة، "كان جاي من شرم الشيخ، وأهله رفضوا يروحوا بيه المستشفي وكانوا مخبيين"، موضحة أن الجيران هم من شكوا في الأمر، وقاموا بالاتصال بالخط الساخن 105، الذي أعلنته وزارة الصجة المصرية للإبلاغ عن الحالات المصابة بفيروس كورونا.
وفي تقرير صحفي منشور بموقع "مدى مصر"، تقول ممرضة أصيبت ابنتها بفيروس كورونا، وكانت مصاحبة لها طوال فترة العزل الصحي، ورغم شفاء الابنة وعدم إصابة الأم، تعرضت السيدة وأسرتها إلى خطر الطرد من منزلها "كل الجيران طلعوا علينا وشتمونا، وقالوا لازم نمشي من المنطقة، كأننا عار وهنجبلهم الوباء"، ومثلها يعيش آخرون أياما صعبة في محيط مجتمعهم، كما أوضحت تقارير صحفية أخرى، فكل عائد من العزل الصحي، رغم عدم إصابته، يكون عرضة لتنمر المحيطين به، ورفضهم لوجودهم، وكأنه- على حد وصف أحدهم- "جرثومة أو فيروس ماشي على الأرض".
أرجع كثيرون أن حالات الخوف والفزع من المرض، وما يتبعه من إجراءات وقائية شديدة مثل العزل الصحي والبعد عن مخالطة أي شخص لـ 14 يوما، وكذلك الاضطرار إلى غلق مدن وشوارع من أجل السيطرة على الوباء، هي ما تجعل كتمانه هو اختيار البعض.
اقرئي أيضا: طرق الوقاية من فيروس كورونا لحماية نفسك والآخرين
ميت كورونا إكرامه "في طرده"
في الثقافة الإسلامية والعربية "إكرام الميت دفنه"، لنعيش سنوات وقرون طوال معتنقين هذا المبدأ، لياتي فيروس كورونا ويشرد موتاه، فمع انتشار حالات الإصابة والوفاة بـ "كوفيد-19" في مختلف محافظات الجمهورية، ظهرت اختلافات وخلافات حول دفن الموتى المصابين بالمرض، ورفض للأهالي في كثير من الأحيان لدفن من كان مصابا في مقابرهم، اعتقادا منهم أنه قد ينقل الوباء للآخرين.
في منطقة بهتيم بمحافظة القليوبية، رفض الأهالي السماح بدفن جثة ربة منزل بعد إصابتها بفيروس كورونا، وتسبب الأمر في أزمة اضطرت معها أسرة المتوفاة أن تنقلها إلى قرية بمحافظة الغربية لدفنها، ولتجنب حدوث الخلاف مرة أخرى، أعلنت نائبة البرلمان عن دائرة قسم شبرا الخيمة ثريا الشيخ عن التعاون مع رجال أعمال المنطقة من أجل شراء 4 مقابر في منطقة أبو زعبل لدفن ضحايا فيروس كورونا من أبناء المحافظة.
واستمرت بعد ذلك حوادث منع دفن الموتى من المصابين، فما حدث في بهتيم تكرر مرة أخرى من أهالي قرية بولس في كفر الدوار، عندما رفض الأهالي دفن جثة مصاب كان في مستشفى العزل في العجمي، ولكن مع ظهور الشرطة ورغم وقوع الاشتباكات تمت مراسم الدفن بحضور أسرتها، وانتشرت بعدها مواقف فردية، من ابن يرفض تسلم جثة والدته التي كانت مصابة بفيروس كورونا، وامتناع المسئولين عن سيارة نقل الموتى في بورسعيد من نقل أحد الجثث المصابة إلى المقابر.
وكان الدكتور أيمن فودة، كبير الأطباء الشرعيين، قد أوضح في تصريح هاتفي لقناة فضائية، أن عملية تغسيل ونقل ودفن ضحايا فيروس كورونا تتم وفق إجراءات الوقاية اللازمة، فيتم تغسيل المتوفى باستخدام محلول الفورمالين، مع وضع فحم نباتي ووضع الجثة داخل كيس محكم، وتطهير المقبرة، وعدم فتحها إلا بعد 60 يوما، وكانت وزارة الصحة أوضحت أن سيارة الإسعاف هي المسئولة عن نقل جثث الضحايا بوجود فرد واحد من العائلة مع المسعف.، والحرص على ارتداء الوقايات.
اقرئي أيضا:
الكاتب
هدير حسن
الجمعة ١٠ أبريل ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا