كم مرة قررت فيها الانسحاب من عرض يقدمه أحد الأشخاص بسبب شعورك بالملل أو بسبب عدم وجود أي فائدة معرفية لما يقوله! فقد تشعرين بالملل وقت محاضرة وأن ما يقال فيها غير مرتب ويجعلك تشعرين كأنك تائهة، أو تفضلين لو أن الشخص الذي يحكي لك أحداث ما توقف عن الكلام، فإن لم يكن عرض الأحداث أو المعلومات يعتمد على مجموعة من الكلمات التي تحفز استماعك ويعتمد على ترتيب للأحداث بشكل مشوق فبالطبع سيفقد التركيز، وهنا يأتي دور فن الإلقاء.
فستجدين أن هناك أشخاص لا تملين من الاستماع لحكاياتهم وآخرين تودين لو أنهوا حديثهم من أول جملة، وهذا هو ما يميز شخص عن آخر ومحاضر عن غيره، ففن الإلقاء له دور مهم وأساسي في التأثير على المستمعين، وإليك أهمية فن الإلقاء وكل ما يجب معرفته عنه لتحقيق استفادة أكبر ولتتمكني من تقديم عرض تعليمي أو مهني يحقق لك وللمستمعين استفادة حقيقية.
فن الإلقاء
يوميًا نحتاج إلى فن الإلقاء، فلا يتوقف استخدامه عند مجرد الأغراض العملية، بل في حديثنا مع الأصدقاء والعائلة نمارس يوميًا فن الإلقاء.
فن الإلقاء هو فن اختيار واستخدام الكلمات بشكل جيد ومرتب يسمح بتوصيل المعلومة بشكل فعال دون انتقاص المعنى أو محتوى الموضوع.
وينقسم فن الإلقاء إلى:
الإلقاء غير الرسمي
وهو فن الإلقاء الذي نحتاجه في تعاملاتنا اليومية مع الأهل والأصدقاء، وحتى في كتابة المراسلات الرسمية في العمل، فلا يتوقف فن الإلقاء عند مجرد الإلقاء الشفهي وإنما أيضًا من المهم كتابة الأفكار بالشكل الذي يسمح بإيصالها بشكل سلس ومرتب.
فن الإلقاء الرسمي
وهو فن الإلقاء الذي تحتاجينه عند تقديم عرض لمشروع على سبيل المثال، أو محاضرة تعليمية، أو كل ما يتعلق بالجانب المهني، وهنا يتطلب الأمر مجموعة من الخطوات الضرورية التي تضمن إيصال المعلوم بشكل دقيق وجيد لمجموعة كبيرة من الأشخاص.
مهارات فن الإلقاء
هل كل الموجودين معك في مكان عملك يعملون بنفس الكفاءة! بالطبع لا، فتتفاوت درجاتهم باختلاف الشخصيات والمهارات، فالمهارات أحد أهم المعايير التي تتحكم بشكل أساسي في النتائج النهائية، وكذلك فن الإلقاء، فستجدين أشخاص يمكنك الجلوس أمامهم لفترة طويلة دون ملل والإصغاء لما يقولونه، وفي المقابل ستشعرين برغبتك في الانسحاب من أول دقيقة بمجرد بدء أشخاص آخرين في الحديث، وهنا يأتي دور مهارات فن الإلقاء، فما هي المهارات الضرورية واللازمة لتقديم أفكار وعرضها بكل واضح دون ملل من المستمعين:
الإعداد الجيد
فمن الضروري دراسة الموضوع جيدًا، ولإعداد الجيد والبحث عن المعلومات التي تجعل من حديثك وعرضك مشوقًا، فإن كان العرض على سبيل المثال حول منتج غذائي، فمن الضروري الإعداد الجيد وجمع المعلومات حول مكونات هذا المنتج، وفوائده، وتأثيره على الصحة العامة، وأرض المنشأ، وكيف يتم تصنيعه، وهكذا من معلومات يمكنها أن تطمئن المستقبل لاستخدام أو شراء هذا المنتج، وتجيب على كل أسئلته المتعلقة به.
دراسة الجمهور
دراسة الجمهور أحد أهم الخطوات الضرورية لتحقيق منفعة ونتائج أفضل لعرضك المهني، فمعرفة طبيعة الجمهور في فن الإلقاء له دور مهم في الحفاظ على المجهود المبذول في العرض، فإن كان جمهورك المستهدف على سبيل المثال، فسيكون الحديث عن فوائد المنتج الغذائي الجمالية، من الأمور الضرورية، وكذلك تأثيره على الحمل، وفوائده لفترات الرضاعة، وهكذا من المور التي سيهتم بها الجمهور المستمع.
فتخيلي معي أن يكون جمهورك من الأطفال مثلًا، وتلقي عليهم فوائد مادة كيميائية صعبة النطق وتستخدمين مصطلحات علمية بحت، فمن المؤكد أنك لن تحققين أي نتائج إيجابية بعد عرضك الذي تلقيه عليهم.
تحديد الهدف
لا نجاح لأي عرض مهني أو حتى اجتماعي ما لم يكن هناك هدفًا واضحًا من ذلك، فمن الضروري تحديد هل تريدين على سبيل المثال أن تقنعي المستمعين بشراء كميات كبيرة من المنتج الغذائي الذي تعرضي مزاياه لهم، أم أن الهدف هو التعريف بهذا المنتج فقط، أم أن الهدف هو تصحيح الصورة الذهنية عن المنتج بعد إشاعات طالته مثلًا، ففي كل حالة من الحالات السابقة ستحتاجين عرضًا مختلفًا وكلمات محددة.
الاقتناع
لن يستطيع أحد مهما كانت مهاراته إيصال فكرة ما دون أن يكون مقتنعًا بها، فتخيلي معي، أن تعملي في شركة على سبيل المثال تبيع منتجات أنت تعلمين جيدًا أن مكوناتها مكونات غير طبيعية، ومطالب منك إقناع شريحة كبيرة من المستهلكين بأن مكونات منتجك طبيعية 100%، هل ستستطيعين استكمال إلقاءك للمعلومات لمدة نصف ساعة مثلًا بمنتهى الدقة وتجيبين عن الأسئلة الموجهة لك بوضوح!.
الصدق
قد يستطيع أحد الأشخاص الترويج لفكرة أو منتج باستخدام فن الإلقاء، ويتبع الخطوات الضرورية لذلك والمهارات، فتجدين بعض الأشخاص يستخدمون فن الإلقاء للترويج لفكرتهم، ولكن تبدأ الكارثة هنا عندما يعتمد فن الإلقاء على إتباع المهارات الضرورية بكل حرفية ولكن دون صدق في ما يطرح من معلومات سواء كان الإلقاء يهدف للترويج إلى فكرة أو منتج.
فسيضمن صاحب شركة للمنتجات الغذائية على سبيل المثال تحقيق مبيعات للخط الإنتاجي الأول بد الترويج له، ولكنه بأي حال لن يستطيع الاستمرارية إن لم يكن صادقًا في ما عرضه على المستهلكين من معلومات، لذلك ففن الإلقاء هنا من الضروري أن يعتمد على درجة عالية من المصداقية، فالمؤمن بالفكرة يستطيع إيصالها بشكل أسرع وأكبر فعالية من غيره الذي لا يؤمن بها.
أهمية فن الإلقاء
لفن الإلقاء الكثير من الانعكاسات على حياتا بشكل عام، الشخصية والعملية، في منزلك قد يكون لك أحد الأشقاء تفضلين الاستماع له أكثر من الآخر، وقد تقبلين أوامر من أشخاص في حياتك لا تقبلينها من آخرين، وذلك بسبب طريقة الإلقاء واستخدام الكلمات التي يوجهونها، وحتى في العمل، فهناك أشخاص تختارينهم لتقديم عروض وآخرين تتجنبيهم تمامًا، وإليك أهمية فن الإلقاء:
- زيادة الوعي، ففي بعض الظروف التي تمر بها الأشخاص بل والدول، مثل الظروف التي يعيشها العالم بسبب انتشار فيروس كورونا على سبيل المثال، من الضروري أن يتم الاستعانة بالأشخاص ذوي التأثير الإيجابي السريع، اللذين يمتلكون مهارات فن الإلقاء الجيدة، ليتمكنوا من زيادة الوعي لدى المواطنين.
- دعم الحوار، حيث يعزز فن الإلقاء في إقامة حوار فعال وبناء، بسبب إيصال المعلومة بشكل جيد وهو ما يسمح بفتح باب للحوار وتبادل المعلمات، وبالتالي الخروج بنتائج أفضل.
- تعزيز العلاقات الاجتماعية، فالشخص الذي لديه مهارات فن الإلقاء يستطيع أن يعرض الأفكار بشكل هادئ، ويجد لنفسه نافذ اجتماعية كبيرة للتواصل مع الآخرين بشكل هادئ وبسيط.
- زيادة الثقة بالنفس، حيث يساعد استخدام فن الإلقاء بشكل جيد على تحقيق الأهداف الاجتماعية والمهنية وهو ما يعزز الثقة بالنفس
- لفن الإلقاء دور مهم ليس فقط في الحياة العملية، وإنما أيضًا في تربية طفلك، فطريقة استخدامك للكلمات، وأسلوبك في توجيه الأوامر له تأثير مهم في استجابة طفلك.
أهداف فن الإلقاء
لفن الإلقاء الكثير من الأهداف المهنية والاجتماعية والتعليمية، ومن أهم أهداف فن الإلقاء:
- تصحيح معلومة مغلوطة، كأن يحاول شخص تصحيح معلومة أو ينفي إشاعة عن أحد منتجات شركته.
- التوضيح، فقد يتم إصدار قرار من شركة على سبيل المثال غير مفهوم لموظفيها، فيبدأ أحد الأشخاص اللذين يمتلكون مهارات الإلقاء الجيدة في توضيح أسباب هذا القرار وفترة تنفيذه، وكيف سيتم التعامل به، وهكذا.
- التفسير، كأن يوضح شخص أسباب إعلان انسحابه، أو يوضح نجم رياضي مثلًا أسباب اعتزاله مبكرًا.
- الترويج، فاستخدام فن الإلقاء للترويج للأفكار والمنتجات أمر مهم.
عرضنا لك في السطور السابقة كل ما يجب معرفته عن فن الإلقاء، وكيف يمكنك الاستفادة به سواء في حياتك المهنية أو الشخصية، فاحرصي على تنمية مهارات الإلقاء لديك لتتمكني من تقديم أفكارك بشكل أوضح.
اقرئي أيضًا:
أنواع الشركات والتعريف القانوني لكل شركة
فن التفكير خارج الصندوق لحلول إبداعية ومبتكرة
أنواع العملاء وكيفية التعامل مع كل عميل لكسب رضائه
اترك تعليقا