قصص العبور الجنسي تواجه المجتمع وتعنت الإجراءات
الأكثر مشاهدة
"أنا عايشة في جسم غير جسمي" قالتها الابنة وهي بعمر الـ 18 عاما لأبيها، الذي لم ير الأمر غريبا "كنت شاكك من أول يوم اتولدت فيه"، ليأتي تصريح الفنان هشام سليم في خلال لقائه بإحدى الفضائيات "بنتي نورا بقت نور ابني" ليحرك الحديث عن العبور الجنسي، وقبول المتحولين جنسيا من جانب المجتمع والدولة أيضا.
أوضح هشام سليم ما يمر به ابنه نور، صاحب الـ 26 عاما الآن، وكيف أن انتقاله من أنثى إلى ذكر، هو أمر لا تعرفه الدولة، وقد لا يقبله المجتمع، فتوقفت إجراءات استخراج بطاقة الرقم القومي الخاص به، بسبب عدم تفهم وضعه الحالي، وقال هشام سليم "المجتمع والدولة ميعرفوش غير ذكر أو أنثى، ومش فاهمين مرحلة التحول"، واضطر الابن أن يظهر في شكل الفتاة حتى يتم حصوله على البطاقة.
لم يطلب الفنان المصري أن يقبل المجتمع ابنه، ولكنه طلب ان يراعي المجتمع الحالة النفسية التي يعيشها الشخص المتحول أو العابر جنسيا من ذكر إلى أنثى أو العكس "لأنه متلخبط وبيدور على نفسه"، وأن يكون ذلك أيضا مراعاة لأسر هؤلاء الأشخاص.
تبع تصريح هشام سليم تعليقات مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي، جاءت بعضها مُرحبا ومشجعا على الخطوة التي قام بها الأب، وكيف أن مساندته لابنه في هذا التوقيت، مؤثر نفسي إيجابي في حالته، في حين استنكر آخرون أن يثقدم على هذا الأمر، وجاءت التعلقات ما بين "جميل أوي أن أهله بيدعموه"، و"كل الدعم لنور وكل الاحترام والتقدير للأب الداعم الفاهم"، و"أنت رجل والله شجاع في للمجتمع اللي انت فيه" إلى جانب سيل من التعليقات الإيجابية الأخرى، بينما غضب البعض واعتبروا ما حدث "ده حرام حضرتك"، و"دي فضيحة وعار وأظن أننا مسلمين".
انا ضد اللي هشام سليم وبنته عملوه بأي شكل من الأشكال الدين يرفض كدا و حتى العقل و المنطق يرفض كدا و محدش يحاول يبرر بأي شكل من الأشكال
— ハリモ (@zyad_halim) May 3, 2020
وبعيدا عن تعليقات المساندة أو الرفض، أتت تعليقات أخرى تعتبر أن الأب قرر أن يفصح بدعوى أن ابنته أصبحت ذكرا، وان حالات التحول من ذكر إلى أنثى تواجه دوما تعنت أكبر من الأهل، ورفض كبير، على اعتبار أن خلفية المجتمع العربي والشرق أوسطي ونظرته إلى إنجاب الذكور، عادة ما تقابل بالفخر، في حين تكون ولادة البنت غير مرحب بها.
ياترى بنت هشام سليم لو كانت ولد وطلبت تبقى بنت كان هيبقى متفهم كدا؟
— ????????????????u (@inzzou_) May 3, 2020
تعرفي على: 7 قوانين ضد المرأة تنتهك حقوقها حوال العالم
قصص العبور الجنسي
ليست كل قصص المتحولين جنسيا يتم مواجهتها بالدعم والتقبل، فما ناله نور من دعم الأب والأسرة، وتشجبع المحيطين، لم يحظ به آخرون، وأشهرهم "مالك الكاشف"، التي كشف عن قصة تحولها من رجل إلى فتاة على صفحتها الشخصية على فيسبوك منذ 3 أعوام، موضحة مرورها طوال خمس سنوات، مع بدء غبتها في التحول جنسيا بـ "العنف والأذى.. خمس سنين من الصراع النفسي والجسدي.. خمس سنين من استقلال وشغل ودراسة كلهم أصعب من بعض لأن الكل نابذني".
قبل أن تفصح ملك عن قصتها كانت دوما تتسائل "ليه أخبي حقيقتي بأني بنت جميلة ومقاتلة حاربت سنين عشان أفوز بنفسي"، أوضحت كيف عاشت لـ 13 عاما وهي الفتى "مالك"، وبعد صراعات نفسية وجسدية قررت أن تبوح لأسرتها عن شعورها بأنها أنثى، فكان الرد هو التعنيف، لذلك قررت ترك المنزل والعمل في صالون تجميل بمرتب يومي لم يتخط الـ 40 جنيها، ولمدة 9 اشهر كانت تبيت في الشارع.
ومع رغبتها في الإفصاح عن الهوية الجنسية التي ترضيها، بوضع المكياج والظهور كبنت بهيئتها الذكورية، كانت يواجهه الضرب والتعنيف من الغرباء في الشارع "في يوم اتضربت من 42 طالب في الفصل وهم بينعتوني بـ "أسوأ" الألفاظ"، وقررت أسرتها أن تودعها مصحة نفسية لـ 20 يوم، وعي بعمر 15 عاما.
لم تخضع ملك للتأثيرات والضغوط التي تعرضت لها، فتركت منزلها وأسرتها والمصحة النفسية، وقررت أن تخوض الطريق وحدها، وبعمر الـ 17 بدأت رحلتها مع العمليات الجراحية لتصحيح هويتها الجنسية، واستمرت في العلاج وتلقي الهرمونات التي تساعدها على أن تكون فتاة، حتى تمكنت من أن تتسلم التقرير الطبي الذي يفيد بحالتها في عام 2019، مع مرورها بأخر عملية من ضمن سلسلة عمليات عبورها الجنسي.
وفي قصة أخرى، ظهر محمد على شاشة التلفزيون في لقاء مع الإعلامي معتز الدمرداش، ليوضح كيف تحول من منى إلى محمد، مع مروره بكثير من الإجراءات والفحوصات الطبية الفسيولوجية والنفسية، والتقارير التي تثبت ميوله الجنسية لكونه ذكر، موضحا "العملية مش سهلة، ومحدش هيضيع من عمره سنتين في الاختبارات ويقطع في جسمه لمجرد أن بيدعي"، وأشار إلى أن الصعوبات التي واجهها لم تكن مع رأي الدين، الذي أقر أن الأمر طبي وعلمي ولا دخل لهم به، ولكن مع وقف نقابة الأطباء حينها (عام 2014) للجنة تصحيح الجنس، مع مروره بسنوات طويلة من أجل استخراج الأوراق الرسمية.
اقرئي أيضا: 10 معوقات أمام نجاح السيدات في المجتمعات العربية
التحول الجنسي ليس اضطراب عقلي
مشكلة التحول الجنسي، والعابرين جنسيا لا تقتصر على بلد بعينها، فهي أزمة تواجه كثيرون حول العالم، للدرجة التي جعلت منظمة الصحة العالمية تقر أنه أمر يخص الصحة الجنسية، وأوضح أحد خبرائها أن "التحول الجنسي لا علاقة له بالصحة العقلية"، والشخص العابر أو المتحول جنسيا Transgender هو "شخص لديه هوية جنسية تظهر في سلوكه وتعبيره عن نفسه تختلف عن طبيعة جسده عند الولادة، ويحتاج إلى الانتقال من جنس إلى آخر عن طريق الجراحات والعلاجات الهرمونية"، ولهذا يعتبر العابرون جنسيا أنفسهم محبوسون داخل أجساد لا يشعرون بالانتماء لها.
يعتبر الطب أن المتحولين جنسيا يعانون من اضطراب الهوية الجنسية، والذي تشير التقارير إلى أنه ينتشر شخص واحد إلى 30 ألف شخص من الذكور، وفتاة من بين كل 100 ألف فتاة، ومن الممكن أن يتم علاجه والتعامل معه خلال مراحل الطفولة والمراهقة بالعلاج السلوكي المعرفي، ولكن مع استمرار الحالة في بعض الحالات يلزم الخضوع لإجراءات التحول الجنسي.
وفي مصر يخضع الراغبين في إجراء عمليات التحول الجنسي إلى تلك الخطوات:
- أولها الخضوع لاختبارات طبية نفسية وفسيولوجية، وان يصدر بها تقرير يوضح طبيعة الحالة التي يمر بها المريض، وفي الغالب، تكون نتيجة تقرير معتمدة على الحالة النفسية، وتوضح وجود اضطراب في الهوية الجنسية.
- الخطوة التالية تكون عن طريق التوجه إلى لجنة تصحيح الجنس التابعة لنقابة الأطباء، وتتكون من أساتذة في علم النفس وأمراض الذكورة والغدد الصماء وعلم الوراثة، وكذلك عضو من دار الإفتاء.
- يتم الخضوع للتحاليل والفحوصات، مع العلاج النفسي لمدة لا تقل عن سنتين بدون انقطاع، حتى تتخذ اللجنة قرارها السليم إما باستمراره في مسيرة تغيير جنسه عن طريق العلاج والعمليات الجراحية، أو نتيجة تقبله لجسده وهويته الحالية.
- بعد أن تتخذ اللجنة قرارها بالموافقة، تبدأ إجراءات العمليات الجراحية والعلاج الهرموني، وتكون موافقة اللجنة هي وسيلة المريض للتوجه إلى وزارة العدل والأحوال المدنية من أجل استخراج بطاقة هوية جديدة، وتغيير أوراقه الرسمية.
في بعض الأحيان، كان الأشخاص المتحولون جنسيا يواجهون صعوبة استكمال الإجراءات نتيجة التعقيدات التي يواجهونها، والتي كانت على سبيل المثال غياب عضو دار الإفتاء عن لجنة الأطباء في أحد السنوات، مما أدى إلى تعطل حياة كثير من الراغبين في العبور جنسيا، وحينها تم الاتفاق على إرسال الأوراق لدار الإفتاء على أن ترسل ردها، وتستكمل الأجراءات بعدها.
وبسبب طول الإجراءات الحكومية، التي تتيح للمريض أن يقوم بالعملية على نفقة الدولة وداخل إحدى مستشفياتها الحكومية، يتجه البعض لإجراء العملية على نفقتهم الخاصة، حتى يتخلصون من العبء النفسي الذي يعيشونه، فكثير منهم يلجأون للانتحار بسبب انعدام الدعم وعدم القدرة على تقبل هويتهم، ولكنهم يواجهون تعنتا في استكمال إجراءاتهم القانونية وأوراقهم الرسمية، خاصة، في ظل عدم وجود قوانين تعترف بالتحول الجنسي، وتشرع الطرق والآليات التي يجب إتباعها بشكل واضح، دون الوقوع تحت رحمة "الحظ" والأمضاء من الموظف.
ما زال نور هشام سليم غير قادر على إصدار اوراق تثبت تحوله الجنسي غلى ذكر، فما زالت الدولة المصرية تراه نورا، فلا يجد عمل ولا يتمكن من استكمال حياته بشكل طبيعي، ورغم ذلك، وجه رسالة إلى كل العابرين جنسيا من خلال فيديو قصير انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال فيه "متنتحروش، كونوا شجعان، عشان المرحلة دي صعبة، لكن لو كلنا وقنا مع بعض هنعرف نتفاهم مع المجتمع".
اقرئي أيضا:
9 تحديات تواجه كل فتاة وسيدة تقرر العيش وحدها
الكاتب
احكي
الأربعاء ٠٦ مايو ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا