7 أمور تخبرك ألا تتنازلي عن حقك القانوني
الأكثر مشاهدة
"هتقفي في المحاكم.. ميصحش"، "اتنازلي المرة دي عشان مستقبله ميضيعش"، "هتعادي أهلك وأخواتك" كم مرة سمعنا فيها هذه الجمل وشبيهاتها تقال للفتيات والنساء، تطالبهن بضرورة التخلي عن حقوقهن حتى يرضى المجتمع عنهن، ويقبل بوجودهن "نساء صالحات" لم يعرضن أخ/ أب/ قريب/ غريب إلى المحاكمة عن فعل ارتكبه بالفعل، ولكن عقابه عليه سيجعلهن مغضوب عليهن.
تعرفي على: 8 طرق لتمكين البنات ومنحهن مستقبلا أفضل
تنازل المرأة عن حقوقها
على مدار سنوات النضال النسوي والإنساني بشكل عام، احتاج الحصول على الحق، وإقراره في الدساتير والتشريعات إلى جهد وتضحيات واضحة، فالحياة على الأرض التي تمتد لقرون طويلة، لم تصل إلى حق الجميع في المعاملة كأشخاص متساويين سوى مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، حين أكد على أنه "يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، ولكل إنسان حق التمتع بالحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين.. أو أي موضع آخر".
وبالقياس على حقوق المرأة على مدار التاريخ الإنساني، تشهد الحركات النسائية في جميع أنحاء العالم على كفاح النساء من أجل انتزاع حقهن في التصويت والانتخاب، والعمل ضمن ظروف آدمية، وحمايتهن من العنف والتمييز، واستطعن بالفعل في عام 1979 أن ينالن حقهن القانوني باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة.
مع مرور السنوات والعقود، ظهر جليا أن الاعتراف القانوني وسن التشريعات من أجل ترسيخ الحق- على أهمية ذلك- لا يمكنه أن يقف وحده أمام المجتمع وتعقيداته وأعرافه وتقاليده، التي غالبا ما تبدو أقوى وأكثر قدرة على التحكم في واقع الأمر. فالختان الذي يجرمه القانون ويحرمه الدين، ما زال عادة متوارثة لا تنتهي، والزواج المبكر الذي يقضي على حباة الفتيات ويسلبهن حريتهن، لم يتوقف الآباء يوما عن الإقبال عليه واعتباره "سُترة".
ومن الأمور التي ترسخ لحالات ضياع الحقوق، وسيطرة المجتمع إجبار المرأة أو إقناعها بضرورة التخلي عن حقها القانوني أو التنازل عنه، لاعتبارات تتعلق بالمجتمع وتقاليده، وعدم الخروج عن الأعراف المعتادة، والتي غالبا ما تأتي في حالات:
التحرش والاعتداء الجنسي
مع وقوع التحرش اللفظي أو الجسدي لأي فتاة أو سيدة، يكون الملاذ الاول للهروب من التسليم بوجود هذه الظاهرة في المجتمع، هو لوم الضحية، وإلصاق التهمة بها لتبدو هي السبب في ما وقع عليها. وبعد الإنكار يحدث الرغبة في المهادنة، وتخفيف أثر الجريمة بدفن معالمها، فيطالب الجميع الفتاة أو السيدة بضرورة تنازلها عن إبلاغ الشرطة ضد المعتدي، مسوقين لها عدد من الحجج:
"سُمعتك (حضورك في المجتمع) هتتدمر".
"مستقبل الولد هيضيع"
"مفيش داعي للفضايح"
"مش هتستفيدي حاجة"
"اعملي صلح، وهو مش هيكررها تاني"
"بلاش محاكم، أنت وأهلك مش وش بهدلة"
قد يصل الأمر أحيانا إلى تهديدات بالتعرض الجسدي واللفظي، في حال استمرت المرأة مصرة على أن تنال حقها، والترهيب باستخدام أدوات المجتمع التي ترفض الفتاة المطالبة بحقها، والتي تبدو قوية غير عابئة بأحكامه.
الاغتصاب
تعتبر مصر من أوائل الدول العربية التي قامت بإلغاء المواد القانونية التي تبيح للمغتصب أن يفلت من جريمته إذا تزوج الضحية، وكان ذلك عام 1999، حين أوصت منظمات حقوقية ونسوية بضرورة إلغاء المادة 291 من قانون العقوبات المصري، التي تمنع إقرار العقوبة على المغتصب في حال تزوج بمن خطفها ووقع عليها الاغتصاب.
ومع تزايد المطالبات في دول عربي وأوروبية كذلك بإلغاء المواد الشبيهة، ظل التعامل المجتمعي مع قضايا الاغتصاب والاعتداء الجنسي على أنها "عار" يجب طمسه، وقد نجد أنه رغم مساندة القانون، يتم في كثير من حالات وقوع الاغتصاب الاستعانة بزواج الضحية من الجاني، في تغييب واضح للحق القانوني والمجتمعي للضحية.
العنف
بكل ما يشمله من عنف جسدي بالتعرض للمرأة بالضرب، أو عنف لفظي، وكذلك عنف جنسي بالاعتداء عليها دون رغبتها من قبل زوجها، أو مواقعتها غصبا من قبل أحد أفراد العائلة، والعنف الذي يحعلها تخضع للختان والزواج المبكر دون رغبة منها، أو العنف المالي بحرمانها من استقلالها ماديا أو إمدادها باحتياجاتها اليومية جميعها أشكال من العنف الأسري الذي تتعرض له النساء والفتيات، ويتم التعامل معه على أنها شأن عائلي لا يحق لقانون أن يتحكم به.
بسبب العلاقات الأسرية وطبيعتها، والخوف من الخسارة والفقد، بل التعرض لأذى مضاعف تفضل كثير من السيدات والفتيات ألا يبغن عن العنف المنزلي، ويتسرب لديهن بأنه بالفعل "شأن عائلي"، ولا يمكن فضح ستره ومشاركته مع آخرين، حتى وإن عنى ذلك تعرضهن لمزيد من العنف، الذي حدث أن جعل كثيرات يفقدن حيواتهن من قبل.
الميراث
واحد من أكثر القضايا الحاسمة في القانون، وواحد من أكثر الأمور التي يتم انتهاك حقوق السيدات بها رغم وضوحها وانتفاء الجدال حولها، فهناك دراسة صدرت عن وزارة العدل المصرية قبل سنوات تشير إلى وقوع 8 آلاف جريمة قتل ترتكب سنويا بسبب الميراث، غير أن هناك 121 الف قضية نزاع على الميراث، وتوضح دراسة اخرى أن نسية ما يقرب من 95% من نساء محافظات صعيد مصر محرومات من الحصول على حقهن في الميراث.
كثير من السيدات، رغم معرفتهن بحقهن وبمساندة القانون لهن، يضطرن إلى التخلي عن الحصول على حقهن في الميراث، خوفا من تفكيك ترابط العائلة أو "حديث الناس" عن مقاضاتها لأخيها أو والدها أو أي من أفراد الأسرة، ليقع على عاتقها وحدها مسئولية الحفاظ على سُمعة العائلة، والقبول بظلم بين في سبيل ان يبقى الإرث داخل الأسرة.
اقرئي أيضا: ميراث النساء في مصر.. حق أكله حلال
لماذ لا تتنازلين عن حقك القانوني؟
تنازل أي شخص عن حقه القانوني يعد إهدار لقيمة العدالة، وضياع لمفهوم الحقوق ودور الدولة، وقد يحولنا إلى مجتمعات تعيش على منطق "الغابة"، الذي يسيطر فيه الأقوى. ويأتي تنازل المرأة، بشكل خاص، عن حقوقها القانونية كي يكرّس للتمييز ضدها، ويرسخ لكثير من المفاهيم الخاطئة.
تلك مجموعة من الأمور التي تخبرك لماذا لا يجب ان تقومين بالتنازل عن حقك القانوني، مهما بدت الضغوط ثقيلة ولا تحتمل:
1. منع التكرار
قدرتك على أن تحصلين على حقك القانوني، يمنع من تكرار الجريمة في حق أخريات، وهذا بشكل عام ما يهدف له تطبيق القانون على الجناة، وهو أن يكون أداة رادعة تمنع تفشي الجريمة واستسهال ارتكابها.
2. سيطرة القانون
كثيرا، ما ننظر لصور الفتيات في أوروبا والولايات المتحدة، ودول أخرى أجنبية، ويدهشنا تحررهن وقدرتهن على ارتداء ما يفضلن، دون أن يخشين من تطاول شخص ما بكلمة أو فعل. الفكرة هنا هي سيادة القانون، ففي المجتمعات التي يكون للقانون هو الكلمة الوحيدة لا يمكن لأحد أن يخترقه.
في مجتمعاتنا التي تعيش على رضاء الأعراف والتقاليد، يتم تأجيل اللجوء للقضاء والمحاكم، ولكن عليكي أن تقررين حل مشكلاتك بعدم التنازل عن حقك القانوني، ليتم تكريس ثقافة الدولة التي تضع الحدود وتحترم الجميع لا سيطرة المجتمع وأعرافه.
3. تقليل الخطر
عندما تسمحين بتطبيق القانون، وتعملين على معاقبة من انتهك حقك، فأنت تعملين على تقليل نسبة الخطر في المجتمع بشكل عام، وتناقص الخطر الذي يمكن أن ينال من فتيات وسيدات أخريات أو ينال منكِ نفسك مرة ثانية، فأي مقبل على انتهاك سيفكر في العقوبة التي استحقها السابقين له، بالتأكيد، لن تنتهي الانتهاكات، لكن سيخف تأثيرها وحدتها.
4. مزيد من الحقوق
إذا لم نعتمد على القانون في جلب حقوقنا، لن نعرف أوجه القصور به، ولن نتمكن من تطويره والمطالبة بالمزيد من الحقوق. اعتمدي على القانون والقضاء حتى يمكن للأوضاع التشريعية الخاصة بالنساء أن تتغير للأفضل وتعمل في صالح المرأة، وتتوقف عن كونها موضوعة من قبل مشرعين لا يضعون قضايا النساء في أولوياتهم.
5. تخفيف "الذكورية"
إتيانك بحقك عن طريق القانون، لا الجلسات العرفية ومعاهدات الصلح المجتمعية، يمكنه أن يقلل من السيطرة الذكورية المفروضة على المجتمع، كونه يضع الجميع أمام جهة واحدة مسئولة لا تفرق، ويلغي سطوة الجانب الأقوى الذي يعتقد أنه المهيمن على المجتمع ويقرض عليه ما يشاء، ويلغي قوة الأعراق والتقاليد التي تحمل تاريخ سيء من الاستهانة بالنساء وحقوقهن على مدار عقود طويلة.
6. ترسيخ لحقوق المرأة
تخليك عن حقك القانوني، من الممكن أن يترك انطباعا أو صدى لدى كثيرين بأنك غير صادقة في قضيتك، وأنه إذا كنت تملكين الحق بالفعل وتؤمنين انك تستحقينه ما كنتِ لتتخلين عنه، مما يعني مزيد من فقدان الحقوق ولاستهانة بطالب النساء. استمرارك وسعيك وراء حقك بشكل قانوني، وبالسبل الأخرى كافة، يمكنه أن يرسخ لحقوق المرأة وأهميتها ووضعها في الأولوية، ويقلل من التعامل معها على أنها قضايا هامشية غير مهمة.
7. يمنحك القوة
عندما تنتصرين وتنالين حقك باعتراف القانون وإجبار المجتمع على قبوله، يمنحك ذلك شعورا بالقوة، ليس لكِ فقط، لكنه سيمس فتيات وسيدات أخريات سيصبح انتصارك انتصارا لهن أيضا، ويشجع كثيرات على المطالبة بحقوقهن مدعومات بالقوة التي يمنحها القانون، الذي سنجبر الجميع على اتباعه.
اقرئي أيضا:
7 أشياء يجب أن تربي ابنك عليها حتى لا يصبح ذكوريا
الكاتب
هدير حسن
الخميس ٠٢ يوليو ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا