ما هي التكلفة النفسية للتحرش والعنف ضد النساء؟
الأكثر مشاهدة
طالما كان التحرش الجنسي واحدًا من الموضوعات المطروحة في مجتمعنا خلال السنوات الأخيرة، وذلك لأنها مشكلة متفاقمة تعاني منها الأغلبية العظمى من النساء، وفي الفترة الحالية ازداد الحديث عن الأمر مع تزايد عدد النساء اللاتي يفصحن عن تعرضهن للتحرش بكل أشكاله ويشجعن مزيد من النساء على التحدث وعدم الخوف، في محاولة لاسترداد حقوقهن وفضح المتحرشين ومحاولة دفع المجتمع لاتخاذ إجراءات أقوى لحماية حقوق النساء. وبالطبع تجربة التعرض للتحرش أو أي شكل من أشكال العنف ضد المرأة قاسية وتخلف الكثير من العلامات والآثار، واليوم سنتحدث عن تلك التكلفة النفسية.
ونحن في احكي نقدر أن التعرض لتجربة مؤلمة كالعنف بأشكاله، يترك آثر نفسيًا لا يمحى، ولكننا أيضًا نؤمن أن الحكي والمشاركة بداية الحل، لذلك تعاونا مع منصة شيزلونج للصحة النفسية، وقدموا جلسات مخفضة لمتابعات احكي المتضررات من الأحداث في الفترة الأخيرة ويمكنك الوصول إلى الجلسات عن طريق الرابط من هنا.
ما هو العنف ضد المرأة؟
العنف ضد المرأة، هو أفعال عنيفة قائمة على أساس النوع الاجتماعي وغالبًا ما ينظر إليه على أنه آلية لإخضاع النساء، وتعرفه الأمم المتحدة على أنه: "أي اعتداء ضد المرأة مبني على أساس الجنس، والذي يتسبب بإحداث إيذاء أو ألم جسدي، جنسي أو نفسي للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة." وهناك أنواع لهذا العنف منها الجسدي مثل الضرب والاعتداء وختان الإناث، ومنها الجنسي كالتحرش والاغتصاب ومنها النفسي كالتهديد.
كيف يؤثر العنف ضد المرأة على الصحة النفسية؟
التكلفة النفسية للمرور بتجربة مثل العنف كبيرة وضاغطة، ولا تقتصر فقط على التوتر والمعاناة من القلق والضغوط العصبية ولا حتى الاكتئاب، بل يمتد الشعور المدمر إلى الداخل فتتشوه فكرة المرأة عن نفسها وتصبح أقل تواصلًا مع جسدها، وتشعر وكأن هناك شيء خاطئ بها شخصيًا ولكنها لا تعرف ما هو وكيف يمكنها التعامل معه. وتميل النساء بعد التعرض لتجربة اعتداء كالتحرش إلى التفكك النفسي والشعور بالخوف من جسدها والحاجة وكأنه شيء يجب اخفاؤه لأن الخطأ يأتي منه. وذلك على عكس المعتدي الذي يشعر بالأحقية التامة لفعله الدنيء في المقابل.
ويواجه ضحايا العنف عمومًا والتحرش الجنسي خصوصًا عدة عقبات عندما تحاولن المضي قدمًا بحياتهن. يمكن لمضايقيهم الانتقام منهن، ويمكن أن ينبذهن زملاؤهن، أو أن يفقدن وظائفهن، أو حتى يُتهموا بالكذب. ولكن إلى جانب الخسائر الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن يتحملنها، هناك أمر نفسي جلل لكنه غير مرئي للأسف.
وقد أثبتت العديد من الدراسات أن النساء اللائي تعرضن للعنف معرضات بشكل كبير لخطر الإصابة بمجموعة من مشكلات الصحة النفسية بما في ذلك اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD) والاكتئاب والقلق وحتى الوصول إلى إدمان المخدرات والأفكار الانتحارية، والمشكلة الأكبر أن الآثار قد لا تظهر إلا بعد سنوات، وتتغير حياتهن دون أن يعرفن سبب المشكلة الأصلي.
بينما تقول جوان كوك ، وهي طبيبة نفسية وأستاذة مشاركة في جامعة ييل ، إن الناجيات من الاعتداءات غالبًا ما يشعرن بالخوف أو الغضب ، "لكن يبقين أفواههن مغلقة ، خوفًا من العواقب مثل عدم تصديقهن." ويمكن أن يعيشن لعقود في صمت وخزي ، ظنا أنهن الوحيدات. أو أنهن السبب فيما حدث، ويدخلن في دوامة من كراهية الذات والشعور بالذنب.
وقد وجد الباحثون في جامعة بيتسبرج أن النساء اللاتي تعرضن للتحرش أو الاعتداء يزيد احتمال تعرضهن لارتفاع ضغط الدم والأرق إلى الضعف، وتقول ريبيكا ثورستون، أستاذة الطب النفسي والمشرفة على الدراسة أنه "عندما يتعلق الأمر بالتحرش الجنسي أو الاعتداء الجنسي ، تظهر دراستنا أن التجارب الحية قد يكون لها تأثير خطير على صحة المرأة النفسية والبدنية.
"
وقد نُشر البحث الجديد في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، وفيه قام الباحثون بدراسة 304 امرأة غير مدخنات تتراوح أعمارهن بين 40 و 60 عامًا من المجتمع المحلي وسجلن ضغط الدم والوزن والطول. وأجابت النساء على استبيانات موجزة تساءلت عن التحرش الجنسي والاعتداء وأي أعراض اكتئابية / قلق واضطرابات في النوم. وقالت النتائج أن واحدة من كل خمس نساء قد أبلغت عن تاريخ من الاعتداء الجنسي أو التحرش في مكان العمل. ووجد الباحثون أن النساء اللاتي عانين من هذه الصدمة كانوا أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم وقلة النوم وأعراض الاكتئاب والقلق.
ما هي تأثيرات العنف النفسية؟
هناك العديد من المشكلات النفسية التي يمكن أن تمر بها النساء كنتيجة للتعرض للعنف بأي شكل من أشكاله، وقد تصاب بأكثر من مشكلة في وقت واحد في بعض الحالات.. ومن هذه المشاكل:
- القلق: يعد من أبرز المشاكل التي تظهر لدى النساء بعد خوض تجربة مؤلمة، ويمكن أن يأتي على هيئة قلق عام، أو المعاناة من اضطرابات القلق أو الرهاب الاجتماعي، وفي بعض الحالات الشديدة قد يتطور الأمر إلى الوسواس القهري.
- الاكتئاب: من أخطر التأثيرات السلبية التي تظهر على كثير من المعنفات، وفيه تفقد الشعور بالاستمتاع، وتمر بتغيرات كبيرة في الشهية، بالإضافة إلى فقدان الطاقة والدافع وانعدام الجدوى.
- اضطراب ما بعد الصدمة: يمكن أن يحدث هذا نتيجة التعرض لصدمة أو تجربة مروعة مثل الاعتداء الجنسي أو الإيذاء البدني .فتجد أنها تشعر بالاندهاش بسهولة أو بالتوتر الشديد من أبسط الأشياء، كما تواجه صعوبة في النوم ، ونوبات غضب شديدة مفاجئة. وقد تحمل أفكارًا سلبية عن نفسها أو عن الآخرين.
- الإدمان أو السلوك الإدماني: تتورط الكثير من النساء اللائي تعرضن للعنف في مشكلة تعاطي المخدرات أو شرب الكحول أو التدخين أو الإفراط في تناول الطعام وكلها سلوكيات إدمانية يحاولن عن طريقها الهرب من المشكلة أو التفكير بها. وقد أظهرت الأبحاث أن حوالي 90٪ من النساء المصابات بمشاكل تعاطي المخدرات قد تعرضن للعنف البدني أو الجنسي في فترة ما من حياتهن
.
وللأسف تمر المعنفات أو اللاتي تعرضن لتجارب إيذاء جسدية ونفسية بحالات شعور بالذنب وأنهن تسببن فيما حدث من الأساس، فيبذلن مجهود لإخفاء الآثار والكدمات أو يحاولن خلق الأعذار لمعنفيهم.
لكن إذا كنتِ قد مررتي بهذه التجربة، فالحقيقة الواضحة أنه ليس خطأك على الإطلاق بأي شكل. تكلمي عن الأمر متى استطعتي لوقف معنفك ومحاولة استعادة حقك وتشجيع غيرك أيضًا، وإذا أردتي الحصول على مساعدة نفسية فلا تترددي في ذلك.
الكاتب
ندى بديوي
الثلاثاء ٢١ يوليو ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا