روايات خولة حمدي لقراءة رقيقة عن المجتمع وقضاياه
الأكثر مشاهدة
استطاعت من كلماتها الأولى أن تجتذب قراء لهم تفضيلات مختلفة، رغم دراستها الجامعية للهندسة الصناعية والرياضيات، جاءت تعبيراتها بارعة، وقادرة على أن تغرقك في التفاصيل وتضعك أمام المشهد الكلي، استمتعوا بقراءة روايات خولة حمدي، الأستاذة الجامعية والكاتبة التونسية التي غزلت القضايا التي تؤمن بها في أعمال لها طابع رومانسي رقيق وشيق.
خولة حمدي
تعمل خولة حمد كاستاذة جامعية في جامعة الملك سعود بالرياض في المملكة العربية السعويدة، تدرس لطلابها تكنولوجيا المعلومات، بينما ولدت في تونس موطنها الأصلي، حيث نشأت بالعاصمة، فهي ابنة البلاد الخضراء التي شهدت مولدها في 12 يوليو عام 1984.
مشوارها مع الدراسة الأكاديمية كان بعيدا عن روحها الأدبية، فهي من الكاتبات أصحاب الشهرة الواسعة ومبيعات الكتب المرتفعة، رغم دراستها للهندسة الصناعية في مدرسة المناجم في فرنسا، ونيلها لدرجة الماجيستير كلية الإدارة من سانت إتيان عام 2008، ومن جامعة تروي التكنولوجية في فرنسا حصلت خولة حمدي على درجة الدكتوراة في عام 2011، وكانت الرسالة بحوث العمليات وهوأحد فروع الرياضيات التطبيقية.
بدأت الكتابة مع الدكتورة خولة حمدي خلال سنوات الدراسة بالخارج، ليبدو أن احتكاكها بمجتمع جديد مختلف، آثار رغبتها في التعبير عن نفسها، فكتبت ما يبدو أنه قريب من مشاعر المغترب الذي يحاول التوافق مع طبائع وسلوكيات جديدة يعايشها كل يوم، وأن يحافظ على هويته ومنبته فكان أول أعمالها رواية "أحلام الشباب" عام 2006، التي كانت عبارة عن يوميات فتاة مسلمة.
أتت بعدها روايتها الأكثر شعبية على الإطلاق، والتي منحتها صيتا ذائعا وكانت البوابة لطريق ممهد نحو قلوب القراء، وهي رواية "في قلبي أنثى عبرية" عام 2012، التي تحكي قصة تحول فتاة من الهودية إلى الإسلام في ظل تشدد عائلتها، ثم أتبعتها برواية "غربة الياسمين" عام 2015، لتتناول مشكلة التهجير واللاجئين، و"أن تبقى" في عام 2016، ثم رواية "أين المفر"، وآخرها روايتها "أرني أنظر إليك" الصادرة عن دار كيان لعام 2020.
روايات خولة حمدي
في قائمة مفصلة نعرض لكم روايات واعمال الكاتبة والدكتورة خولة حمدي، التي تميزت بقلم أدبي استطاع أن يجعل مؤلفاته ضمن الأكثر مبيعا لسنوات، ويحصل على اهتمام فئة كبيرة من القراء لكل منهم اختلافاته وتفضيلاته، فأجمع عليها المراهقون وكذلك الشباب، وأصحاب الخبرة في القراءة، وذلك رغم صغر عمرها، وفي ظل منافسة محتدمة.
تابعوا قائمتنا، واخبرونا بروايتها المفضلة بالنسبة لكم.
رواية أحلام الشباب
تأتي الرواية في نسخ غير رسمية، فيبدو أن الكاتبة قد أصدرتها ولم تحرص على توثيقها كتجربة أولى، صدرت عنها ككتاب إلكتروني في عام 2006، لتشهد الرواية كل ما يتعلق بالتجربة الأولى، من الأفكار غير المتعمقة واللغة غير الواضحة، وكذلك السرد، والصياغة، ولكنها تجربة أولى أثرت في كثير من قرائها وتركت انطباعا جيدا لدى بعضهم.
الرواية بعنوان "أحلام الشباب.. يوميات فتاة مسلمة" تأتي في 320 صفحة، فهي عبارة عن فتاة تدعى مرام تكتب مذكراتها اليومية منذ بدأت الدراسة في كلية الطب، ونكتشف من خلال هذه اليوميات تعلقها وحبها للشاب حسام، ومحاولاتهما بتحقيق طموحاتهما.
تقول في بدايتها "اسمي مرام، في العشرين من عمري، طالبة في كلية الطب البشري.. دخلت عالم الكلية منذ سنتين، فتغيرت أشياء كثيرة في حياتي،هل كبرت؟ ربما! لكنني واثقة أن النضج الفكري ليس له علاقة جد وثيقة بالسن.. ربما حصلت تحولات في حياتي وهو ما جعلني أحس بالاختلاف".
تقييم الرواية 3 من 5 على موقع goodreads.
رواية في قلبي أنثى عبرية
من الممكن اعتبارها روايتها الأولى بشكل رسمي، والتي تمكنت من خلالها أن تحوذ إعجاب كثيرين من القراء، الذين رأوا فيها رواية "تستحق التقدير والثناء"، في حين اعتبرها آخرون ساذجة أو غير واقعية في مجريات أحداثها، رغم أنها جاءت تحت عنوان "مستوحاة من أحداث حقيقية" قامت الكاتبة بوضعها في قالب مشوق.
"فإنني أحمل ذاكرتي على كفي. تلك اللعنة ظلت ترافقني.. لعلني لم أرزق نعمة النسيان مثل كل البشر"
بعض القراء بدأوا الرواية، التي يصل عدد صفحاتها إلى 388 صفحة، في جلسة متصلة ولم يكن لديهم الرغبة في انتهائها، بينما أحس آخرون نحوها بالملل، والرواية تدور حول "ندى" الفتاة اليهودية التي تعيش مع أسرتها بعد غياب والدهم المسلم، وتقطن هي مدينة قانا في الجنوب اللبناني، لتجد نفسها مقبلة على التعرف على دين والدها رغم تزمت والدتها اليهودية، ولكنها تعتنق الإسلام بالفعل، وتكون مثل الداعي لهذا الدين داخل أسرتها، الذي تتساءل دوما كيف اقتنعوا بهذه السهولة!
"انتظرت بفارغ الصبر أن يسمح لها بعبور الحواجز أن تصبح حياته شفافة أمام عينيها"
تدور أحداث الرواية في وسط إشارات واضحة حول اليهودية في تونس والعالم العربي، ودور المقاومة في التصدي لعدو صهيوني، وكذلك صراعات التاريخ وشهادته، وتطورات الوضع الحالي، إلى جانب قصص الحي والعلاقات الإنسانية، وصدرت عن دار كيان في يوليو 2012.
"إني أختنق، أموت في اليوم مائة مرة. أريد أن أتنفس.. أريد أن أخرج من السجن الذي أنا فيه. لم أعد استطيع التحمل، بقيت خطوة واحدة"
تقييم الرواية على موقع goodreads 3.9 من 5، وتعترف خولة بأنها "الأضعف أدبيا من ضمن أعمالي المنشورة"، ولكنها مدينة لها وتعتبرها سبب في كل النجاح الذي حصدته، وتعلم بأنها الرواية المفضلة دوما لدى الجمهور حتى بعد مرور سنوات طويلة على طبعتها الأولى، وأعلنت عن نيتها في أن تقدم الرواية بمعالجة جديدة تتفادى جميع الثغرات الأولى.
رواية غربة الياسمين
من خلال حياة "ياسمين" التي أسمتها والدتها على اسم انبتة غير المتطلبة، القنوعة التي تكتفي بالقليل، نتعرف على ما يمكن أن تفعله الغربة بفتاة حالمة، لا تملك سوى قلب طيب وروح تريد الانطلاق، فتركت بلدها تونس لتسافر نحو أوروبا، مدفوعة بعادات وتقاليد ودين يخصها، لتجد نفسها في مجتمع غريب كليا، مدركة تضحية والدتها بسفرها وهي التي عكفت على تربيتها بعد طلاقها من والدها.
"منذ صغرها توصيها أمها بألا تتحدث إلى الغرياء أو تاخذ منهم شيئا.. لكنها حين التقت ذلك الغريب رمت بكل وصاياها عرض الحائط"
صدرت الطبعة الاولى من الرواية عن دار كيان في 2015، وتقع في 407 صفحة، رصدت فيها الكاتبة خياة الغربة وتحدياتها مع تعقيدات ان تكون مسلم في بلاد أجنبية، قد لا ترغب في وجودك ولا تشعر بالتسامح تجاه عقيدتك، وتضطهدك على أساس مجموعة من الاعتقادات الخاطئة التي ربطت دينك بالإرهاب.
وياسمين في الرواية واجهت كثير من التحديات من أجل أن تندمج في فرنسا، فهي الفتاة التي رغبت أن تحصل على مستوى أفضل من التعليم، ولكنها تجد رفض المجتمع واضطهاده للمسلمين ولحجابها، وتتقاطع الأحداث مع وجود شخصيات رئيسية من الدكتور عمر الذي يعمل في أبحاثه ويحاول تجنب هذا المجتمع الغريب عنه من أجل ألا تلاحقه المشكلات، وكلك المحامية رنيم غير المتدينة التي تملك أفكارها الخاصة.
"حاول ألا تحكم على الإسلام من تصرفات المسلمين.. أو لعى الاقل لا تحكم من تصرفات أولئك الذين ينتمون إليه بالوراثة"
انتهت الرواية على أحداث مفتوحة، لا يمكنك التعرف على مصير شخصياتها، وفي حين اعتبرها كثيرون "الرواية الأفضل"، رأى آخرون أنها ليست المعالجة المناسبة لهذه القضية، وقال أحدهم في طيات مراجعته "النية الجيدة لا تصنع رواية جيدة والفكرة الحسنة لا تخلق عمل روائي مميز"، بينما عبق قاريء بأنها "واحدة من اجمل الروايات التي قرأتها في حياتي".
تقييم الرواية على موقع goodreads هو 3.8 من 5، وأوضحت خولة حمدي أن الرواية هب يداية ثلالثية متصلة منفصلة، بمعنى أنها ستربط أحداثها أو بعضها بروايات أخرى قادمة، وهو ما حدث بالفعل، فأصدرت بعدها "أن تبقى" التي تتعرف من خلالها على مصير أبطال رواية "غربة الياسمين" بصورة غير مباشرة، وكذلك روايتها الأخيرة "اأرني أنظر إليك".
رواية أن تبقى
تعتبر هي الرواية الثانية في الثلاثية التي أعلنتها خولة حمدي بعد انتهائها من رواية غربة الياسمين، وفيها تفاصيل أكثر حول اشخاص ظهروا بصورة عابرة في الرواية الأولى، لتتمحور حولهم أحداث الرواية الثانية، بينما نتعرف على مصير السابقين من خلال تفاصيل حياة أبطال الرواية الحاليين، في محاولة مجتهدة من الكاتبة لربط الأحداث والشخصيات وهلق علاقة ارتباط لدى القاريء بمؤلفاتها.
"هذا تاريخك.. ميراثك احمله على عاتقك وسر به في الطريق التي تختارها .. لكن لا تهمله أو تتخل عنه، فأنت لا سيء من دون ماضيك وجذورك"
تبدأ أحداث الرواية في المستقبل، حيث فرنسا عام 2035، حين يجد المحامي المرموق خليل دانيال الشاوي، الذي يسعى إلى نيل منصب داخل البرلمان الفرنسي، أنه أمام رسائل والده نادر الشاوي الذي هجر بلاده الجزائر في قارب هجرة غير شرعية عبر به بحر المتوسط من أجل أن يبحث عن الجنة في بلاد الغرب، ليجد نفسه مشرد يقوم بكل الجرائم من سرقة ونصب ويتعرض للسجن ويتعاطى المخدرات، ولكنه في النهاية يتزوج والدته ويبدأ حياة جديدة.
"الليل مرتع مثالي للأفكار السوداوية المتطفلة حين ينفرد كل منا بقلبه وعقله فيتقاذفانه بلا رحمة"
يبدو الأمر وكأن خولة حمدي أرادت التركيز على فرنسا أخرى وأوروبا مختلفة عن ما نعرفه، فتوضح كيف يعاني كثيرون فيها من الاضطهاد من مسلمين وعرب وأفراقة ومغاربة، فالعنصرية لا تعرف سوى الرجل الأبيض الفرنسي رافضة كل أصحاب دين أو جنس أو عرق مختلف، تاركة إياهم يعانون الفقر والبطالة والعوز.
"هل تعرف مشكلة هذه الحياة.. أننا نعيشها مرة واحدة"
من الممكن اعتبار الرواية، التي تأتي في 383 صفحة وصادرة عن دار كيان للنشر والتوزيع في يوليو 2016، هدفها التركيز على قضية الهجرة غير الشرعية، وكيف لا يجد المسافر "الجنة" التي تخيلها، لكنها أيضا تتناول الهوية والصراع النفسي ما بين الموطن والوطن، ونالت تقييم 3.8 من 5 على موقع goodreads.
رواية أين المفر
تعرضت روايتها "أين المفر" للسرقة والتزييف، فهي من أوائل الروايات التي قامت بكتابتها، ولكن بعد تسرييها وتعرضها للسرقة ونشرها، قررت أن تغير في مجريات الاحداث بها بالكامل، وتعيد نشرها مرة أخرى في عام 2018، وجاءت الرواية في 431 صفحة وصدرت طبعتها الأولى عن دار كيان للنشر والتوزيع، وتمكنت من خلالها أن تستحوذ على احترام وتقدير كثير من القراء الذين قدروا لها حرصها على أن تعيد كتابة الرواية مرة أخرى بعد سرقتها.
الفتاة "ليلى" التونسية التي عاشت مع والدها وأسرتها كل سنوات عمرها التي وصلت إلى 25 عاما تقريبا في سويسرا، نظرا لظروف عمل والدها كسفير لبلاده بها، ولكنه بعد أن بدأت أحداث الثورة التونسية في 2011، ما تلاها من أحداث الربيع العربي في مصر وسوريا وغيرها، قرر العودة لبلاده.
"لم تكن تفر من شيء آخر يتهددها، فقط من أفكارها"
فور وصول الأب بصحبة ابنته إلى المطار في تونس تم إيداعه السجن، باعتباره واحد من رموز النظام القديم، لتجد انه لا مفر لها من الذهاب إلى العنوان الوحيد الذي تملكه وهو بيت خالها، لتتعرف على عائلتها التي لم تلتق بأي من أفرادها من قبل، لتبدأ رحلتها في موطنها، فتشتبك الأحداث مع الأوضاع الاجتماعية والسياسية، وفعاليات الثورة والتغيرات التي تحدثها.
تقييم الرواية على موقع goodreads 3.9 من 5، وتقول عنها الكاتبة "لم تكن الرواية في نظري تستحق النشر بعد أن سبقتها إصدارات اخرى أكثر نضجا، لم يكن يليق بها إلا أن تكون عملا أولا لكاتب مبتديء"، محاولة أن توضح رفضها في البداية لإعادة النشر، ولكنها وجدت أنها تقوم بإعادة النشر مع شخصيات الرواية الرئيسية ولكن في حلة جديدة تماما حتى تنهي وجود الرواية المزيفة.
رواية أرني أنظر إليك
بعد "غربة الياسمين" و"أن تبقى" جاءت "أرني أنظر إليك" لتكون خاتمة الثلاثية التي أعلنت عنها خولة حمدي، وصدرت الرواية عن دار كيان للنشر والتوزيع مع مطلع عام 2020، وتأتي في 430 صفحة تناولت فيها الكاتبة بعدا آخر للغربة والترحل بين البلدان، فكانت كمن يصف لنا رحلة البحث عن اليقين، وإيجاد إجابة لتساؤلات عن الذات والخلق والخالق.
في الرواية، ترصد لنا خولة حمدي رحلة الشاب "مالك" الذي نشأ في كنف أسرة تونسة متدينة تعيش في المملكة العربية السعويدة، فأمضى بها سنوات عمره حتى مرحلة التعليم الجامعي، واعتاد أن يكون الدين والتقدم به هو محور حياته، فهو حافظ للقرآن والبشعر العربي وامتاز عن أقرانه بفصاحة لغوية.
ارتحل الشاب إلى تونس ليدرس الطب، ولكن إيمانه وتوجهه الديني مع مرافقته للمشاركة في فعاليات سياسية وأخرى طلابية ومتعلقة بالدعوة، عرضة للاعتقال والحبس لسنوات، مما جعل التساؤلات تتسرب إلى نفسه، ويقرر أن يسافر بطريقة غير شرعية فرنسا كي يكمل تعليمه، وتجد تساؤلاته أن المطاف الآخير هو الإلحاد.
ومن الإلحاد يعود الشاب للبحث عن الإيمان، وعن الإجابات التي طالما أرهقته وكادت أن تفتك بروحه، فطاف في بلدان شرق آسيا، ومارس اليوجا والتأمل ، محاولا أن يتحد مع الطبيعة، لتكشف لك الرواية في النهاية كيف وجد طريق الإيمان، وعلى غلافها تجد ".. تهمس بصوت خافض لا يسمعه غيرك، رغم السكون المخيم حولك، لكنك تدرك يقينا انه يخصي حركاتك وسكناتك، ولا يفوته شيء من خلجاتك. تخرج حروفك مرتبكة باهتة ، مثل زفرة طويلة متعبة: يارب.. يا إلهي.. يا خالقي.. أيا كان اسمك.. أرني أنظر إليك".
تقييم الرواية على goodreads وصل إلى 4.2 من 5، وتقول عنها الكاتبة "بين صفحات الرواية وضعت جزءا من تجربتي كسائحة زارت تلك البلاد وتذوقت جمالها، دون أن يتحول النص إلى أدب الرحلات" مشيرة إلى متعة السفر في بلدان مختلفة، ومعتبرة أنها يمنح الشخص حياة ثانية "إن لم تقدر على السفر المادي لداعٍ أو آخر.. فسافر من خلال كتاب"
استمتعوا بروايات خولة حمدي، كواحدة من الكاتبات العربيات المميزات، اللاتي استطعن تكوين شعبية جماهيرية عريضة من المحيط إلى الخليج، ومن بلاد المغرب إلى الشام، كما انتصرت دوما للقضايا التي تؤمن بها، واهتمت بأن تعبر عنها.
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ١٩ أغسطس ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا