أهم الدروس التي تعلمتها الشركات بسبب أزمة كورونا
الأكثر مشاهدة
التأثير الذي أحدثته جائحة كوفيد-19، التي أعلنتها منظمة الصحة العالمية كوباء عالمي في مارس 2020، لم ينل فقط من الارواح التي قدرت بأكثر من 800 ألف حالة وفاة، ولكنه طال الحياة الاجتماعية التي أنهكها التباعد، وكانت ضربته الكبرى مع الاقتصاد، فهناك تقديرات تشير إلى أن فيروس كورونا كلف الاقتصاد العالمي 3.8 تريليون دولار معرضين للزيادة والتضاعف.
ومن ضمن التغييرات التي أحدثها فيروس كورونا، والمتعلقة بشكل حياتنا الصحية والاجتماعية، كان له أثر واضح في وضع آليات عمل جديدة لدى كثير من الشركات، وكان فرصة يتعلمون من خلالها دروس لها علاقة بشكل وطبيعة العمل والآليات والسياسات المفترض اتباعها في المستقبل.
دروس تعلمتها الشركات من كورونا
ويمكن تلخيص بعض الدروس التي تعلمتها الشركات، سواء الكبرى والناشئة، من انتشار فيروس كورونا في هذه المجموعة من المقاط:
الاستثمار في التكنولوجيا
استخدام التكنولوجيا والأدوات الرقمية صار متزايدا في السنوات الأخيرة، خاصة، مع ظهور تحديثات مستمرة وتطبيقات تسهل من أداء كثير من الوظائف والأعمالن وكما تعمل على تطور عمل وأداء الشركات بصورة عامة وتسهل عليها كثير من الخطوات، وأشار انتشار فيروس كورونا والاتجاه غلى غجراءات التباعد الاجتماعي وتقليل الاحتكاك بين البشر غلى ضرورة أن يكون للتكنولوجيا دور أكبر.
في ظل جائحة كوفيد-19 باتت الاجتماعات والمؤتمرات وحتى الاحتفالات تتم من خلال التطبيقات والبرامج، حتى المعاملات البنكية والأوراق الحكومية انتبه أصحاب الشركات إلى أنه يمكنهم إنهاؤها وهم في المنزل، مما يعني ضرورة وضع استثمار أكبر في الإمكانيات والادوات التكنولوجية المختلفة والمتاحة، والتي يمكنها أن تساهم في تسيير العمل بالشركة بصورة أسرع وأكثر استقرارا حتى في ظل حدوث أي أزمات مقبلة.
قلة فرص الموظفين
أن يكون للتكنولوجيا مساحة أكبر في العمل، يعني أن هناك كثير من الوظائف والعاملين بها يواجهون خطر خسارة وظائفهم، وكانت الأمور تسير في هذا الاتجاه بشكل متواتر، ولكن من التأثيرات التي أحدثتها الجائحة على خسارة كثيرين لوظائفهم، فتم فقدان أكثر من 700 ألف وظيفة في الولايات المتحدة الأمريكية خلال شهرين من الجائحة، والأهم أن 60% منهم نساء، أنها قامت بتسريع وتيرة التغيير واختصرت سنوات في أشهر قليلة.
خضع كثير من أصحاب العمل إلى اختبار شديد الصعوبة بالتخلي عن بعض الوظائف، أو تم تخفيض نسب الرواتب بصورة كبيرة وصلت إلى 40%. مما يعني أن هناك خطر متزايد من ضياع فرص هؤلاء الموظفين وارتفاع نسب البطالة، كما يوضح لأصحاب العمل ضرورة وجود آلية وسياسة جديدة في تعيين واختيار الموظفين ونوعية الوظائف نفسها، مع إمكانية الاتجاه لحول العمل الحر وبدوام جزئي للاعمال التي لا يتطلب إتمامها الوجود الدائم.
القدرة على المرونة والتأقلم
مع حلول العام الجديد، كان لدى كل الشركات- وكذلك الأفراد العاديين- خططها المليئة بالأحداث من عقد للمؤتمرات والفعاليات المختلفة وإتمام توسعات أو تعيين موظفين جدد والبدء بمشروعات جديدة، ولكن بعد ما أطاحت جائحة كورونا بكل الخطط والمشروعات وأصبح حتى الخروج من المنزل مغامرة، بات على هذه الشركات أن تتاقلم على الوضع الجديد.
وتعد المرونة من الدروس المهمة التي على أصحاب الشركات تعلمها، فأصبح المهم هو الحفاظ على استقرار الشركة وثبات عملها ووضع الأولويات التي يجب التعامل معها في البداية وتوفيرها، مع تأجيل كل خطط مستقبلية وتوسوعية، وهو الأمر الذي احتاج إلى تقبل للوضع الحالي والبدء في اتخاذ إجراءات سريعة وأن تكون على وعي بما تحتاجه الشركة في الوقت الحالي.
استراتيجية لإدارة الأزمات
في أغلب الشركات التي كانت تنعم باستقرار مادي ونمو متزايد، لم يكن هناك اهتمام بوجود إدارة للأزمات، على اعتبار أننا لن نتعرض للخطر، ولكن ما حدث أثبت ضرورة وجود استراتيجية واضحة لدى كل الشركات في التعامل مع الأزمات والكوارث والأحداث غير المتوقعة، وميزة وجود هذه الاستراتيجية هو سرعة التعامل مع الأثر السلبي والتأقلم معه واتخاذ خطوات فعلية دون تخبط يزيد من الأمر سوءا.
وجود خطة بديلة
الخطة البديلة Plan B هي التخطيط لما هو غير متوقع، يجب أن يكون للشركة طريق بديل يمكنها أن تتبعه في حال حدوث أي من التغيرات، لا أن يقف أصحابها مكتوفي الأيدي غير قادرين على اتخاذ القرار، ولذلك يمكن أن يكون انتشار فيروس كورونا واحد من الأحداث الكبرى التي جعلت أصحاب الشركات واعيين بدرجة كافية لأهمية وجود خطة للتعامل مع أسوأ الحالات، أو حتى مع التغيرات العادية، وأن يكون هذا البديل مرن وقابل للتحقق.
دور مجتمعي
أوضحت جائحة كورونا أهمية الدور المجتمعي للشركات، وكيف يمكن أن يكون ذك من أشكال التكاتف والتعاون الإنساني المهم، والذي يترك انطباعا مثاليا عن الشركة، ولذا بات على الشركات، سواء الناشئة منها أو الكبرى، أن تضع خطة تساهم من خلالها في تغيير أوضاع اجتماعية واقتصادية قاسية، حسب قدرة كل شركة.
العمل بهذا النوع من الشركات، والتي كان لها دور وما زال مع انتشار كورونا بتوزيع الوجبات أو توفير الأطقم الطبية أو تقديم الدعم المعنوي، يعطي نوع من الفخر للانتماء لها، كما أنه يزيد من انتشار صورة إيجابية عنها، حتى لغير المهتمين.
التدفقات النقدية
بالطبع، كانت الموارد المادية واحدة من أكثر المشكلات التي واجهت أصحاب الشركات، فكان الحرص على استمرار التدفقات النقدية للشركة، والبدء على العمل على تقليل نفقات لا داعي لها من أجل تأمين وجود فائض مادي قادر على مواجهة الأزمة، كما يجب أن يكون هناك انفتاح على الفرص الذي تزيد من هذه التدفقات النقدية بطرق جديدة للتسويق أو تحقيق مبيعات من أعمال بسيطة.
آلية عمل الموظفين
أجبرت جائحة فيروس كورونا كثير من أصحاب العمل ومؤسسي الشركات على قبول تغيرات متعلقة بآلية العمل كانوا يتعنتون في التعامل معها، كإدراك أنه يمكن لكثير من الموظفين العمل من منازلهم وبإنتاجية أعلى من حضورهم للمكتب، الذي قد يستغرق من أعمارهم ساعات للوصول إليه، ويكونون منهكين غير قادرين على الإنجاز.
بدأت شركات كبرى كثيرة حول العالم تتجه لخيار العمل من المنزل كطريقة أكثر فاعلية للموظفين، من بينهم جوجل وفيسبوك، على أن تكون العودة مع انتهاء الجائحة أو اختيار العمل من المنزل على الدوام، وهو ما ساعد على تقليل من حدة الأزمة، ولم يكن هناك قلق من إتمام المهام التي لم تعد في حاجة إلى التواجد بمقر العمل، وكان هذا القرار بمثابة فرصة للإلقاء الضوء على الساعات المهدرة للوصول إلى مقرات العمل والمتسببة في زحام وتلوث أكبر.
الالتزام بمعايير الصحة
أدركت كثير من الشركات أن مهمتها تجاه الموظفين لا تتعلق فقط بالعمل، ولكنها تتخطى ذللك لأوضاعهم الصحية جسديا ونفسيا، فالجائحة عندما حلت أصابت الجميع وأثرت في صحة وحيوات حتى غير المصابين بالفيروس، فأصبح على الشركات أن تعي مسئولياتها في الحفاظ على صحة العاملين بها، والتأكد من اتباع الإجراءات الوقائية بشكل عام، حتى تمنع انتقال أي شكل من العدوى، كما التفتت إلى دورها في توفير بيئة عمل نظيفة.
لم يعد مقبولا أن تجبر الشركات الموظفين على العمل رغم وضعهم الصحي، أو تضغط على حضورهم لمقر العمل حتى مع حالات البرد الخفيفة، كونها اختبرت ما يمكن أن يعنيه ذلك ويسببه على المدى البعيد، غير أنها لمست حاجتها غلى وجود تأمين صحي للعاملين كافة، وسياسات جديدة تتعلق بالصحة العامة، كالمتابعات والكشف الدوري على صحة الموظفين، والخضوع لدورات متعلقة بالتوعية الصحية والإسعافات الأولية.
الاستعداد لأزمات مشابهة
من أهم الدروس التي يمكن لأصحاب الشركات والأعمال تعلمها من جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، أنه لن يكون الأزمة الأخيرة، بل أن حدوثه أعاد للأذهان أزمات أخرى أثرت في الاقتصاد العالمي بصورة كبيرة، مثل أزمة الاقتصاد العالمس 2008- 2009، والكساد الكبير عام 1929، وكذلك أزمات أسعار النفط، وهو ما يعني ضرورة وجود قابلية للاستعداد والتعامل مع أية أوضاع وتغيرات وأزمات مقبلة.
التواصل هو الحل
في الغالب، لم يكن أصحاب الشركات على وعي بأهمية وجود تواصل قوي بين الموظفين بعضهم وبينهم والمدراء والمسئولين، ليكون الجميع على إطلاع بأي تغيرات، وليكون التواصل العملي والإنساني طريقة لخلق روح حميمة تسمح للجميع بالشعور بالألفة، وأنهم ليسوا وحدهم في ما يمرون به، ويسهل هذا التواصل إمكانية تنفيذ أي تغييرات أو قرارات جديدة، ويساعد على تحقيق التعاون وتخطي الأزمات.
ما أحدثه انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) على المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية كذلك، يؤكد أن المستقبل لن يكون بنفس الشكل الذي عهدنا أن نعيشه، وأن على اصحاب الشركات والأعمال أن يدركوا ذلك، والبدء في التخطيط لمستقبل شركتهم بصورة مختلفة تتواكب مع التغيرات التي حدثت بالفعل.
الكاتب
هدير حسن
السبت ١٩ سبتمبر ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا