ممارسات يومية للسيطرة على عقلك وتعزيز الإنتاجية
الأكثر مشاهدة
يزعجنا دوما عندما نفقد السيطرة على مجريات الأمور في حياتنا، ويصبح الوضع أسوأ عندما يبدو وكأننا نعمل ضد أنفسنا، ففي أشد حاجتنا إلى التركيز نجد عقولنا تعاني التشتت وتفقد القدرة على الانتباه بصورة جيدة، ومع محاولاتنا للإمساك بزمام الأمور وإجبار أنفسنا على أن نكون منتجين وأن يكون كل تصرف تحت السيطرة ومدروس بعناية وأن نتخلص من كل الأفكار السلبية.. نجد أننا فقدنا كل قدراتنا على التحكم وعلينا أن نستسلم.
بالتأكيد، من الصعب أن نعتاد مهاجمة الأفكار السلبية التي قد تجعلنا نتوقف عن اداء أنشطتنا اليومية البسيطة، او ان تكون بمثابة صوت مزعج داخل رؤسنا يخبرنا دوما بأن ما نفعله ليس جيدا على الإطلاق، ولكن ما أثبتته التجارب أن التعامل مع هذه الأفكار وترويضها هو الحل الأنسب، حتى نتمكن من أن نكون بالشكل الذي نريد أن نبدو عليه، ونتمكن كذلك من أن نحقق كل يوم ما يجعلنا نشعر بالرضا عن أنفسنا.
طرق السيطرة على عقلك
سمعت واحدة من صناع المحتوى على يوتيوب تخبرنا أن "أول من سيخذلك هو أنت"، وللأسف ما تقوله صحيح، فكم مرة أخبرك عقلك "أنتِ فاشلة"، وكم مرة جعلك تشعر بالذنب على أمور خارجة عن إرادتك، وكم من مرات منعكم فيها من التجربة والمحاولة، قد تنجحون وتتغلبون عليه، ومن الممكن أن تقعون فريسة له.
ومن أجل أن يكون لنا السيطرة على عقلنا، وأن نستغل أهم قوة لدينا، علينا أن نفهمها ونعرف الطريقة التي يعمل بها حتى لا يدمرنا، فنتمكن من التعامل مع الأفكار التي قد تؤثر على أدائنا اليومي، ونملك القدرة على تحليلها والوصول للطريقة التي تجعلها لا ترمي بنا إلى القاع.
تتحدث الكاتبة ميشيل جولدشتاين في مقال لها على Life Hack أن السيطرة على العقل تأتي من التعرف على أربعة أمور وصفتهم بـ "واضعي اليد Squatters" غير المرغوب فيهم، ويملكون القدرة على التحكم في أفكارك، وهم (الناقد الداخلي، القلِق، مفجر المشكلات، مانع النوم)، وكانت تلك طريقتها في التعرف على مصادر الأفكار السلبية حتى يمكن وقفها والتعامل معها.
اقترحت الكاتبة أن يذكر كل منذا نفسه يوميا بأنه المتحكم الأول في أفكاره، رغم ما قد يبدو من أنها هي التي تهاجمنا، وتحدثت عن آليتين للتحكم في هذه الأفكار:
- مقاطعة هذه الافكار واستبدالها بغيرها
- التخلص منها بشكل تام
واختارت تلك الطريقتين كنوع من الوسائل التي تستهدف تغيير طريقة التفكير بشكل عام، والتعامل مع الافكار اللاواعية أو العقل الباطن، فعملية مقاطعة الافكار تعمل على إعادة برمجة العقل الباطن، واستحداث أفكار جديدة عن نفسك، أما التخلص منها فهو الطريق لـ "راحة البال"، كما تقول الكاتبة.
الناقد الذاتي The Inner Critic
نعرف جميعا عندما تكون الفكرة أو الصوت الذي يدور في رؤسنا هو فقط مراجع لنا ومنبه لأخطائنا بالفعل وطريقة للتصرف بشكل أفضل في مرات قادمة، أم هو أداة لهدمك وتدميرك، ولذلك راقبوا الأفكار التي تنهش رؤوسكم جيدا، وفور أن تأتي فكرة غير منطقية سلبية كأن تقومون بتحقير أنفسكم وتوبيخها "أنتِ غبية، أنت لا تستحق الحياة التي تعيشها، أنت مثل الكرسي الذي تجلس عليه بلا أهمية"
توقفوا على الفور واصرخوا حتى، المهم أن تجدون طريقة لإيقاف الفكرة، واستبدلوها بأفكار أخرى تؤكد على ذاتكم، قولوا "أنا أجيد كذا وكذا، أنا أتعلم، أنا لست مضطرة لأثبات شيء لأي شخص، أنا لا أعرف ما هو دوري لكنني سأكتشف"، وأكد على أن هذه الفكرة غير حقيقية، وإذا كان عقلك تبناها نتيجة حديث الآخرين عنك، أخبره أنهم على خطأ.
القلِق The Worrier
القلق والخوف مشاعر ضرورية تجعلنا نتنبه للخطر ونتفادى الوقوع في مخاطر نحن في غنى عنها، ولكن أن يتحول الأمر إلى مشاعر جرافة قادرة على أن تجتاح روحك فلا تبقي لك منفذ، حينها، يخرج الأمر عن طوره التقليدي والطبيعي، ويتطلب منك أن تبدأ في وضع خطة للتعامل معه.
القلق ليس مجرد الخوف أو التوتر من شيء حقيقي وواقعي، ولكنه تصور أمور غير منطقية ووضع المواقف في أكبر من حجمها الطبيعي، مما يجعل الصحة الجسدية والنفسية في خطر، فنلاحظ زيادة ضربات القلب وضيق التنفس وفي هذه الحال يجب التعامل معه بآليات تجعلنا قادرين على التحكم، بأن نتبع خطة استبدال الأفكار، وصرف الانتباه بأنشطة يومية تفرغ الطاقة السلبية.. ومن المهم إذا تحول الوضع إلى قلق مرضي من متابعة طبيب أو معالج مختص.
مفجر المشكلات Troublemaker, Reactor
المقصود به، هو المشاهر التي تنفجر مثل الألم والإحباط والغضب نتيجة مؤثرات ومحفزات خارجية، من الممكن الا نعلم ماهية هذه المحفزات في البداية، ومع الوقت من الممكن أن نعرف عنها ونسكتشفها، وهي في الغالب ناتجة عن مواقف وجروح من الماضي لم تلتئم، تجرف المشاعر فور حدوثها.
عندما تشعر وتلاحظ اي من هذه المفجرات، يمكنك البدء في العد لعشرة قبل الانفعال مع التنفس العميق، بالتأكيد، لن يفلح الأمر من المرة الأولى، وقد يحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تتمكن من التغلب عليه، وتوقف اي أمور خارجية عن إثارة مشاعرك وافكارك بصورة سلبية، لذلك، التحلي بالصبر هو أهم شيء.
مانع النوم The Sleep Depriver
مع تفكير مستمر وافكار لا تتوقف، خاصة، السلبي منها، بالتأكيد لن يكون النوم أمرا سهلا، وقد تحتاج إلى التخلص مما يشغل تفكيرك والتركيز على منح هقلك الهدوء والتحكم به حتى يصفى ذهنك، وتتمكن من النوم، وهو ما يمكنك تجربته بتمارين التركيز على الأفكار والكاملت كحروف منفصلة ، فتقول لنفسك الأفكار ببطء شديد مع التنفس، حتى تتخلص منها وتغرق في النوم.
ممارسات يومية تحسن من قدراتك العقلية
إلى جانب التفاهم مع الذات، والبدء في محاولات السيطرة على الأفكار السلبية، هناك أيضا طرق حتى نجعل قدراتنا العقلية أفضل، ونتمكن من أداء مهامنا اليومية بصورة أكثر إنتاجية تمنحنا الرضا عن أنفسنا، وتجعل جودة حياتنا بشكل عام في تقدم وتغير ملحوظ.
ومن بين الممارسات والأنشطة العقلية التي يمكن إتباعها:
ممارسة التمارين الرياضية
الرياضة بصورة عامة والحركة البدنية المستمرة واحدة من أهم الممارسات والأنشطة التي يمكن لنا القيام بها حتى تعم فائدتها على حياتنا في صور مختلفة، فهي قادرة على أن تخلصنا من وزن زائد نشعر تجاهه بالضيق، وتساعد على تفريغ الطاقة السلبية، وتمنحنا فرصة ترتيب أفكارنا، ومع نظام غذائي صحي تساعدنا على الاستمتاع بقوة بدنية جيدة.. الرياضة التي نقصدها ليس بالضرورة أن تكونقاسية، ولكن يمكن الاكتفاء بالمشي وركوب الدراجة أو الركض.
أنشطة اجتماعية
من المهم، أن يكون هناك أنشطة اجتماعية تشارك بها، حتى يكون لعقلك فرصة التفاعل مع آخرين وأن يكتسب خبرة مختلفة، ويتخلص من نمطية التفكير، فقد تشارك في أعمال تطوعية، أو تجمعات عائلية، أو تساهم في تعليم مهارة أو توصيل معلومة لآخرين.
استخدم اليد الأخرى
اعتيادنا اليومي على حركات محددة باتت عقولنا تحفظها عن ظهر قلب، من الممكن أن تقلل من فرصة يقظة الذهن، ولذلك، من الممكن تجربة خوض تجارب جديدة، تحفظ خلايا عصبية أخرى داخل الدماغ، مثل استخدام اليد الأخرى، بمعنى إن كنت من مستخدمي اليد اليمنى في فعل كل شيء من الكتابة والطبخ والإمساك بالاشياء، يمكنك تجربة القيام بهذه الأمور باستخدام اليد اليسرى، والعكس.. وتعتبر تلك محاولة جيدة تحفز كل خلاياك حتى تتقن ما تقوم به.
التأمل
ممارسات التأمل واليوجا من الأنشطة التي تساعد على صفاء الذهن، والتخلص من التشتيت، وتساعد على تطوير القدرات العقلية من أجل أن تكون قادرة على التركيز في أمر واحد، غير أنها طريقة مثالية يمكن من خلالها التخلص من الطاقة السلبية، والبقاء لفترة في وضع ثابت يسمح بالاسترخاء وكأنك تبني روحك من جديد.
ألعاب عقلية
من الممكن ان يكون ذهنك في حاجة إلى اللعب وتنمية القدرات العقلية، فيمكنك اختيار ألعاب البازل كوسيلة لتنظيم طريقة تفكيرك والاستمتاع بلعبة مسلية، أو اختيار ألعاب المعلومات والذكاء على الهواتف الذكية.. المهم أن تختارون لعبة قادرة على أن تشد انتباهكم وتستخدمون آليات مختلفة من أجل حلها.
اسلك طريق جديد
بعد فترة من الاعتياد على نفس الطرق ونفس المهام اليومية، ينغكس ذلك على قدراتنا العقلية ونبدو غير قادرين على التطور أو يصيبنا الملل والضيق، ولذلك إذا كنت معتادا على طريق بعينه في مشاويرك اليومية، فاعمل على تغييره، اذهب من طريق مختلف واستكشف أماكن جديدة، أو قم باختبار قدراتك على تذكر الطريق والعلامات التي تميزه.
تعلم مهارة جديدة
تلك المهارة من الممكن أن تكون الرقص، فقد تحب تعلم حركة جديدة لرقصة مفضلة تحبها، اختار فيديو تعليمي وتتبع الحركات، وقد تحب تعلم كلمة جديدة في أي لغة، أو حتى تود تحسين مهارة الكتابة أو حتى التصوير والعزف أو الغناء.. المهم أن تختار أمر جديد لتتعلمه وتكتسب معرفة عنه.
استخدم يديك
استخدام اليدين يمكنه أن يعمل على صفاء الذهن، فاحرصوا على القيام بامور يدوية يويا، مثل الرسم أو التلوين، وقد تفضلون الحياكة أو ترتيب الملابس، ومن الممكن أن يكون التنظيف هو المفضل لديكم، وقد تستخدمون مهاراتكم اليدوية في الطبخ.. كلها أمور تسمح لكم بلمس الاشياء والتواصل معها ودمج حواسكم الأخرى من التذوق أو الشم والنظر والاستماع.
امنح عقلك البراح
في بعض الأحيان، كل ما يريده العقل المشتت هو أن تبقى وحيدا، وتترك له البراح ليذهب بالأفكار هنا وهناك، لأن محاصرة نفسك ومنعها من التواص مع نفسها قد ياتي بنتيجة عكسية، فليس دوما الأفضل ان تكون منشغل ومنتج وتقوم بمهام كثيرة، في معظم الوقت يكون الجلوس والتمدد وإبقاء عينيك سارحتين هو أهم ما يمكنك فعله.. عقولنا تحتاج إلى ان تستكشف طريقها وعلينا أن نمنحها الفرصة لذلك، حتى نستكشف أنفسنا معها.
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا