الأدوار النمطية للنساء.. قيد مجتمعي يصعب التحرر منه
الأكثر مشاهدة
"على المطبخ يلا" جملة شهيرة تستخدم للسخرية من النساء خصوصًا مع الأحداث الكروية والرياضية لتصف أنهن لسن على دراية كافية بقواعد اللعبة لكونهن نساء مكانهن الطبيعي هو المطبخ والطهي وفقط. ودائمًا ما تثار نقاشات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي عن دور الزوجة في إعداد الطعام وتنظيف البيت والعناية بالأطفال وتأتي أغلب التعليقات بأنه من "المسلم به" قيام المرأة بتلك "الواجبات"، وهذا الرأي بالطبع ليس حكرًا على الذكور من دون الإناث، فكثيرات يعتقدن بالفعل أن ذلك واجبها ودورها وليس محلًا للنقاش من الأساس. الصور النمطية عن أدوار النساء في المجتمع لا تقف عند المهام المنزلية لكنها تصل إلى التسخيف من الاغتصاب الزوجي على سبيل المثال وعدم اعتباره جريمة في حق النساء لأن المرأة من وجهة النظر تلك تعتبر حق مكتسب لزوجها ولا يوجد شيء يسمى رضاها أو موافقتها.
ما هو التنميط الجنساني؟
تبعًا لمنظمة الأمم المتحدة فالتنميط الجنساني أو الأدوار النمطية القائمة على النوع الاجتماعي يعرف بأنه "نظرة معممة أو فكرة مسبقة عن خصائص أو سمات يملكها أو ينبغي أن يملكها الرجال والنساء، أو عن الأدوار التي يؤدونها أو ينبغي لهم تأديتها. والقالب النمطي الجنساني يكون ضارًا عندما يحد من مقدرة النساء والرجال على تنمية قدراتهم الشخصية، ومواصلة حياتهم المهنية، واتخاذ خيارات بشأن حياتهم وخطط حياتهم."
ويمكن أن ينبع التنميط من شكل سلبي أو إيجابي على السواء، فمثلًا تقول أن (النساء عاطفيات) ويكون قصدك أنهن مفعمات بالعاطفة بشكلها الإيجابي لكن ذلك يترتب عليه أن أي امرأة تتحكم في مشاعرها تصبح خارج التصنيف أو أنهن عاطفيات فلا يجب أن يتولين مناصب مهمة أو حساسة مثل القضاء لأن مشاعرهن تتحكم فيهن.
"أنا طبعًا أحب أعمل الأكل لجوزي ودي طريقتي في إني أعبر عن حبي، بس اللي بيضايقني لما ده يبقى مسئوليتي لوحدي ولو اتأخرت في شغلي أو تعبت أو حتى ماكنتش عايزة أطبخ تبقى خناقة"، تقول غادة، 28 سنة- مديرة موارد بشرية في شركة خاصة، التي تحاول أن تجعل الأعمال المنزلية مهام مشتركة بينها وبين زوجها، وهو ما تنجح فيه أحيانًا وأحيانًا أخرى تقف العادات والتقاليد أمامهما خصوصًا عندما يتدخل الأهل والأقارب ويتهموها بالتقصير في حق بيتها، "ومهما كان الراجل متفهم بيفضل جواه جزء مقتنع إن شغل البيت ده دور الست."
على العكس منها تعتبر بسمة سمير، 26 سنة- ربة منزل، أن التنميط شيء أساسي وطبيعي ولا ضرر من وجوده، "الستات والرجالة مختلفين وكل حد فيهم له دور محدد في الحياة ماينفعش التاني يجي عليه"، وترى بسمة أن محاولات النساء لإثبات أنهن قادرات على القيام بنفس أدوار الرجال ليست إلا "حلاوة روح" بحسب وصفها ولا تستمر لفترات طويلة، "بعد شوية بيعرفوا إن ده مش مكانهم وستات كتير بتسيب الشغل أو بتختار مهن أخف وأريح."
بينما ترى آية محسن، 30 سنة- طبيبة، أن المشكلة في العادات المتوارثة وما تربى عليه الأبناء في البيت، تقول: "أنا بشتغل في تخصص صعب وبيبقى عندي نباطشيات (مناوبات) بالليل وجوزي مابيعترضش لأنه طبيب برضه، لكن في شغل البيت طبعًا بيعتبر إن دي مسئوليتي بشكل كامل، آه بيساعد ساعات بس بيشوف إن ده مش واجبه."، ولذلك تعتقد آية أن المسئولية تقع عليها في تربية أبنائها في المستقبل ليكونوا متشربين فكرة المساواة وأنهم مسئولين عن أنفسهم بشكل كامل، وبجانب ذلك تحاول دائمًا الحديث مع زوجها والتفاوض والنقاش.
كيف تؤثر الصور النمطية الجنسانية على الناس؟
أدوار الجنسين في المجتمع تعني كيف يُتوقع منا التصرف، والتحدث، والاختيار بناءً على جنسنا المحدد. على سبيل المثال، يُتوقع عمومًا من الفتيات والنساء ارتداء ملابس أنثوية نموذجية وأن تكون مهذبة ومتوافقة وتربية. ويُتوقع من الرجال عمومًا أن يكونوا أقوياء وعدوانيين وجريئين.
لكل مجتمع، ومجموعة عرقية توقعات لأدوار الجنسين، لكنها يمكن أن تكون مختلفة جدًا من مجموعة إلى أخرى. يمكن أيضًا أن تتغير تلك التوقعات في نفس المجتمع بمرور الوقت، فعلى سبيل المثال، كان اللون الوردي يعتبر لونًا ذكوريًا في الولايات المتحدة بينما كان اللون الأزرق يعتبر أنثويًا، وهو ما تغير تمامًا الآن.
هناك أربعة أنواع أساسية من القوالب النمطية الجنسانية:
- سمات الشخصية: غالبًا ما يُتوقع من المرأة أن تكون عاطفية، بينما يُتوقع من الرجال عادةً أن يكونوا واثقين من أنفسهم وعدوانيين.
- السلوكيات المنزلية: ، يتوقع بعض الناس أن تقوم النساء برعاية الأطفال والطهي وتنظيف المنزل، بينما يعتني الرجال بالأمور المالية ويقومون بإصلاحات المنزل.
- المهن: يسارع بعض الناس إلى افتراض أن المعلمات والممرضات من النساء، وأن الطيارين والأطباء والمهندسين رجال.
- المظهر الجسدي: من المتوقع أن تكون المرأة نحيفة ورشيقة، بينما من المتوقع أن يكون الرجل طويل القامة وله عضلات. وكذلك الملابس لها شكل محدد لكل نوع.
والصور النمطية الجنسانية المتطرفة ضارة لأنها لا تسمح للناس بالتعبير عن أنفسهم وعواطفهم بشكل كامل، فيما يسمح تفكيكها للجميع بأن يكونوا في أفضل حالاتهم.. فمن المضر بالرجال أيضًا أن يشعروا أنه لا يُسمح لهم بالبكاء أو التعبير عن مشاعرهم بأريحية بسبب القوالب. وأن تعتقد النساء أنه لا يُسمح لهن بالاستقلال أو العمل في وظائف تطلب جهدًا بدنيًا أو عقليًا.
وفي بحث أجرته كلية هارفارد للأعمال وجد أن أحد الأسباب التي قد تجعل المرأة تتجنب مهنًا معينة، أنها تفتقر إلى الثقة في قدرتها على المنافسة في المجالات التي يُعتقد بشكل نمطي أن الرجال يؤدونها بقوة أكبر، مثل العلوم والرياضيات والتكنولوجيا. وأكد البحث أن النساء أكثر ترددًا في مشاركة أفكارهن في المناقشات الجماعية حول هذه الموضوعات. وحتى عندما يكون لديهم موهبة - وقيل لهم في الواقع إنهم متفوقون في هذه المواضيع- فإن النساء أكثر ميلًا من الرجال إلى تجاهل المديح وتقليل قدراتهن، ويرجع ذلك إلى القوالب النمطية المترسخة في عقول النساء أنفسهن والتي دفعها المجتمع إلى أعمق نقطة في الوعي واللا وعي على السواء.
كيف يمكن التصدي للأدوار النمطية؟
ربما ترى الصور النمطية من حولك، قد تكون شاهدت أو تعرضت للتمييز الجنسي بشخصك، لذلك هناك طرق لمواجهة هذه الصور النمطية لمساعدة الجميع - بغض النظر عن جنسهم أو هويتهم الجنسية - على الشعور بالمساواة والقيمة كأشخاص.
- توقف عند الصور النمطية: المجلات والتلفزيون والأفلام والإنترنت مليئة بالصور النمطية السلبية عن الجنسين عمومًا وعن النساء خصوصًا.. وفي بعض الأحيان يصعب على الأشخاص رؤية هذه الصور النمطية ما لم تتم الإشارة إليها والتعليق عليها، لذلك كن هذا الشخص وتحدث مع الأصدقاء وأفراد الأسرة حول الصور النمطية التي تراها وساعد الآخرين على فهم كيف يمكن أن يكون التحيز الجنسي والقوالب النمطية الجنسانية مؤذية.
- كن قدوة: كن قدوة لأصدقائك وعائلتك. احترم الناس بغض النظر عن هويتهم الجنسية وعامل الكل بقاعدة المساواة في الحقوق والواجبات، واكسر الحيز الذي يضعك المجتمع فيه و ساعد الآخرين على الخروج من تحت تلك العباءة وشجعهم على الإيمان بأنفسهم وبحقوقهم المتساوية، واخلق مساحة آمنة للأشخاص للتعبير عن أنفسهم وصفاتهم الحقيقية بغض النظر عن القوالب النمطية والتوقعات الجنسانية للمجتمع منهم.
- تحدث: إذا كان شخص ما يلقي نكاتًا وتعليقات جنسيا، سواء عبر الإنترنت أو شخصيًا، قف معه.
التصدي للمجتمع ليس أمرًا سهلًا بالطبع، لكنه ليس مستحيلًا ويبدأ من اللحظة التي تقرر فيها مراجعة أفكارك الشخصية ونقدها.
اقرئي أيضًا:
مصدر الصورة الرئيسية
الكاتب
ندى بديوي
الأربعاء ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا