المينيماليزم وكيف يساعدنا على أن تكون حياتنا أفضل
الأكثر مشاهدة
المينيماليزم Minimalism أو التقليلية الذي بدأ كحركة فنية أصبح توجه عام يشمل نواحي مختلفة للحياة، فمع انتشار نزعات استهلاكية ورأسمالية والشره نحو الشراء دون حاجة أو ترتيب أو وجود وخطة واضحة، كانت المينيماليزم هي الفكرة المقابلة التي يمكنها أن تقلل من رغبات الامتلاك والاستحواذ، والاعتماد على أبسط الاحتياجات والتركيز على ما هو أكثر أهمية حتى يشعر الأشخاص براحة أكبر.
فن المينيماليزم
ظهرت حركة المينيماليزم في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وانتشرت مع الفنون البصرية في الولايات المتحدة الأمريكية في فترة الستينات، وباتت تمثل توجه في الموسيقى والإعلام والأعمال الفنية والعمارة، كونها تعتمد على الأقل لتشير إلى الكثير بمعنى Less Is More، وتهدف إلى تحقيق البساطة وفك قيود الاشخاص من الأفكار الاستهلاكية المادية التي لا تراعي احتياجاتهم، وتجبرهم على الخضوع لنظرة المجتمع ومحاولة مواكبة كل تطور بمزيد من الاقتناء الذي لا معنى له.
عندما بدأ كثيرون ينتهجون التقليلية أو البساطة والمينيماليزم في حياتهم اليومية وفي تعاملهم مع الأشياء، واجهتهم انتقادات تعتبر أنها نزعة من أجل تجريد الأشخاص من ممتلكاتهم وأن يعيشوا حياة غير مريحة، في حين ركزت المينيماليزم على أن يكون الشخص حرا من قيود ثقافة الاستهلاك، ومستمتعا فقط بما يحتاجه، وألا يمنح الأشياء المادية معنى أكبر مما تحتمل حتى يتمكن من أن يكون أبسط وأخف.
والمينيماليزم يمكن اعتبارها الطريق للتخلص من الفائض غير المهم، سواء في الاستخدامات اليومية أو العلاقات الاجتماعية، في سبيل التركيز على الحياة نفسها والعثور على السعادة والرضا، وفي محاولة للتعرف عليها أكثر، حدد موقع Becoming Minimalist عناصر رئيسية عن المينيماليزم، وهي:
الحرية من شغف التملك
نمى داخل كثيرون رغبة شديدة في تملك الأشياء، ليس بهدف استخدامها أو بدافع الاحتياج إليها، ولكن من أجل التظاهر أو مواكبة وضع اجتماعي ضاغط، فالثقافة الحديثة صارت استهلاكية بصورة أكبر، واقتنع كثيرون أنه كلما زادت ممتلكاتهم صارت أوضاعهم أفضل وأكثر سعادة، في حين لا يدركون أنهم أصبحوا مقيدين باحتياجاتهم الجديدة غير المهمة، وباتت عبء مادي كبير عليهم، في حين تمنحهم البساطة راحة أكبر وتحرر من هذه القيود المفتعلة.
التحرر من هوس تتبع كل حديث
طبيعة حياتنا هذه الأيام، تجعلنا كمن يدور في حول نفسه كل يوم، يصارع الوقت ويعمل في أكثر من وظيفة ليلبي احتياجات غير حقيقية، ويلاحق صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، محاولا أن يكون دوما موجود ومتابع للجديد ومتواصل مع أشخاص افتراضيين، ولكن ننسى أن نعيش الحياة نفسها لأننا متتبعين هستيريا الحياة العصرية، التي تحملنا فوق ما نحتاج وأكثر مما تحمل طاقتنا، في حين يبدو أن البساطة يمكنها أن تجعلنا أكثر راحة ونتابع الحياة بهدوء أكبر.
التحرر من التشتت
بسبب وتيرة الأيام وتشعب الاتجاهات المختلفة، صار كثيرون يعانون من التشتت والشعور بالازدواجية أحيانا، فهم مطالبون بأن يكونوا على صورة معينة في مواقع التواصل الاجتماعي، وأن يناسب مظهرهم وضع اجتماعي ما، ليبدو وكأنهم يعيشون أكثر من حياة ولا يشعرون بالراحة في أي منها، ولكن التقليل من أهمية إرضاء المحيطين والبحث عن راحة نفسية داخلية تحدث مع تبسيط شكل الحياة هو الأفضل من التشتت المستمر.
التحرر من معايير المجتمع
باتت حياة المؤثرين على المواقع التواصل الاجتماعي والمشاهير في وسائل الإعلام هي المعايير التي يبني عليها كثيرون حياتهم، باعتبارها مثال النجاح ومواكبة تطور الحياة، للدرجة التي يشعر معها كل شخص بأنه مطالب بأن يعيش نفس هذه الحياة، ويبدأ في السعي وراء نفس الثقافة التي قد يقيمه المجتمع على أساسها، في حين تخليه عن كل ذلك يمنحه حياة أكثر هدوءا وبساطة، فكونه قادر على أن يستهلك أقل ويعيش الحياة بالوتيرة التي تناسبه دون ملاحقة للآخرين، يجعله ذلك يستمتع أكثر.
المينيماليزم متعلق بحالتك النفسية أيضا
هدف تحقيق المينيماليزم لا يتوقف عند إزالة كل الأشياء المادية التي تكبلك لتشعر بالراحة، ولكنه يصل إلى أن تخلص قلبك وعقلك أيضا من كل ما يؤذيه ويفسد عليه العيش بحرية وهدوء وطمأنينة أيضا.
يمكن تحقيقه
يعتقد كثيرون أن التخلص من الأشياء التي يحبونها ومتعلقون بها، وكذلك الأمول التي تمنحهم وجاهة اجتماعية ما، هو أمر يصعب تحقيقه، في حين أثبت كثيرون أن قدرتهم على اتباع المينيماليزم كأسلوب جديد للحياة، احتاج إلى الصبر والتأكد من القدرة على فعل ذلك، ورأوا بعدها كيف تغيرت حياتهم لتكون أكثر تركيزا على ما يهم فعلا، دون تشتت أو ضيق وانزعاج دائم.
ويمكن أن يساعد تطبيق المينيماليزم في حياتكم على:
- القضاء على الشعور الدائم بالاستياء والانزعاج.
- امتلاك الوقت.
- عيش اللحظات بعمق.
- متابعة شغفكم في الحياة.
- اكتشاف أنفسكم من جديد.
- الحرية الحقيقية من قيود المجتمع والأفكار المتوارثة.
- التركيز على الصحة الجسدية والنفسية.
- التخلص من كل ما هو زائد عن الحاجة.
- الابتكار أكثر والاستهلاك أقل.
كيفية تطبيق المينيماليزم
وحتى يمكنكم تطبيق المينيماليزم لجعل حياتكم أفضل، تلك مجموعة من الطرق التي يمكنها أن تساعدكم:
- أن تكون المينيماليزم عادة جديدة تدخلها إلى حياتك، من خلال وضع خطة لبدء تطبيقها، فتحدد الأشياء التي تريد التخلص منها على الفور، وتلك التي يمكنها أن تحتاج إلى وقت أطول.
- معرفة هدفك الحقيقي من اتباع المينيماليزم في حياتك كنمط جديد، وما الذي تريد أن يعكسه التقليل على حياتك ومنحك الحرية، فعليك اكتشاف هل تريد منه أن تدخر المال، أو أن تمنح نفسك مساحة أكبر في المنزل، أم تريد أن تتخلص من أعباء اجتماعية تستهلك من وقتك وتمنح نفسك وعائلتك وقتا أكبر، وهل الهدف أن تكون حياتك أكثر بساطة وهدوء وسلام.
- بعد وضع الخطة، عليكم البدء في تنفيذ خطتكم بنطبيق المينيماليزم عبر كل غرفة على حدا في المنزل، فتركزون على التخلص من كل الأشياء الزائدة عن حاجتكم في الوقت الحالي: وأن تكونوا واضحين وصريحين مع أنفسكم، وتتخلصوا فورا عن الأشياء التي لم تعودوا تستخدمونها، وتتركون ما يعد أولوية بالنسبة لكم.
- يمكن أن يساعدكم تصنيف الأشياء التي تمتلكونها إلى (الاحتفاظ، التبرع، الرمي) في تنظيف وترتيب الغرف بسهولة أكبر، فتحتفظون فقط بما هو مهم، وتتبرعون بما يعتبر صالح للاستخدام ولكنكم لم تعودوا مهتمين به، وترمون ما يعتبر هالكا وغر نافع.
- إذا كنتم في حالة حيرة من تصنيف هذه الأشياء، وتشعرون بالتوتر، فيمكنكم أن تسترشدوا بهذه الطريقة، وهي عدم الاحتفاظ بأي شيء يشعركم وجوده بعدم الراحة، التبرع بأي شيء لم تستخدمه منذ أكثر من 6 أشهر، التخلص من الأشياء المتكررة (بمعنى وجود اكثر من لون لنفس البنطلون).
- تقليل استخدام الورق قدر افمكان، إذا كان ما هو على الورق يمكن الاحتفاظ به على الهاتف أو الكمبيوتر، فذلك أفضل، لأن الورق الكثير يسبب الفوضى، غير أنه يزيد من انبعاثات الكربون.
- عند محاولة شراء أشياء جديدة، يجب التأكد من أننا لا نملك مثيل لها، ونتجنب أن نضيف إلى ما هو موجود، ونعتمد على أن نستبدل القديم بجديد، ونتخلص من كل ما هو لم يعد مهم أو غير مستخدم، ولا نحتفظ به دون طائل، فإذا كان لديك سماعة للأذن، وتريدين أن تتخلصي منها، فعليك التبرع بها لأي شخص يريدها، ولا تحتفظي بها إلى اجنب الجديدة.
- حاولوا قدر الإمكان تقليل تواجدكم على مواقع التواصل الاجتماعي، او مشاهدة التلفزيون، وابحثوا عن أنشطة حركية ومسلية، واملأوا يومكم بأفكار جديدة بعيدة عن الاستهلاك وملاحقة "التريند".
- التقليل أيضا يكون في المعارف والأشخاص ووجبات الطعام، فلا تشتري كميات كبيرة من الأكل لن تتناولها، ولا تقوم بإرباك حياتك بكثير من المعارف والأشخاص الذين قد يفسدون عليك وقتك دون طائل، واحرص على المقربين، وأن تضع الأشخاص في المراتب التي تسمح لهم بدرجة قرب معينة منك.
- امنحوا أنفسكم دوما الوقت للتفكير والتمشية وممارسة الرياضة والأنشطة التي تحبونها.
المينيماليزم واحد من أساليب الحياة التي تهدف أن تكون الأيام أكثر هدوءا وراحة، حاولوا أن تتبعوها وتستفيدوا منها في جوانب حياتكم المختلفة.
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا