162 نائبة في مجلس النواب لأول مرة.. فماذا ننتظر منهن؟
الأكثر مشاهدة
بعد اكتمال أعضاء مجلس النواب مِمن تم انتخابهم والمعينين من قبل رئيس الجمهورية، وصل عدد النواب إلى 596 عضوا، من بينهم 162 سيدة بنسبة وصلت إلى 27%، في سابقة تعد هي الأولى من نوعها في تاريخ المجلس والحياة النيابية في مصر، ليبدو أننا أمام حقبة جديدة وصفتها رئيسة المجلس القومي للمرأة مايا مرسي بـ "العصر الذهبي للمرأة المصرية".
"انتصار جديد يسجل للمرأة في المحافل الدولية" هكذا عبرت فريدة الشوباشي، عضو مجلس النواب 2021 عن سعادتها بتمثيل المرأة في المجلس، غير أن رئاستها للجلسة الافتتاحية للمجلس- كونها أكبر الأعضاء سنا- زادت من احتمالية أن يحمل هذا المجلس رؤية مساندة لقضايا المصريات وحقوقهن، بعد عقود من التهميش.
في البرلمان الماضي 2015- 2010، ورغم وجود تمثيل كان الأعلى للمرأة حينها، إلا أننا شهدنا آراء تقلل من النساء وتنتقص من حقوقها المتعلقة بالأحوال الشخصية، وهو القانون الذي ظل عالقا في أروقة المجلس لعدم القدرة على وضع اتفاق مناسب لجميع الأطراف، ولا ننكر إنه إلى جانب ذلك احتفينا بتغليظ العقوبة على مرتكب جريمة ختان الإناث لتصل إلى السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وعقوبة موحدة للممتنع عن تسليم الورثة نصيبهم من الميراث.
ماذا نريد من سيدات مجلس النواب؟
إذن، هل يمكننا أن نعتبر تلك فرصة حقيقية يجب أن نستغلها، فمع التمثيل الواسع للنساء في مجلس النواب، ووصلهن إلى 162 نائبة تمتلك كل منهن خلفية ثقافية واجتماعية ومعرفية مختلفة، مما يشير إلى تنوع مهم وحقيقي، قد يحقق ذلك كثير من المطالب المتعلقة بحقوق المرأة، وينصف وجودها في الحياة الاجتماعية والسياسية.
وحتى يكون ما نأمله ونسعى لتحقيقه واضح لنائبات المجلس، اللاتي يقع عليهن عبء كبير في تنفيذه، تلك قائمتنا لأهم القوانين والتشريعات التي ننتظر أن تكون على أولوية برلمان 2021-2026.
قانون الأحوال الشخصية
واحد من أكثر القوانين المثيرة للجدل في مصر، كونه مختص بأكثر الأوضاع الاجتماعية حساسية وتأثرا بالتغييرات المجتمعية والثقافية، فالقانون الذي صدر للمرة الأولى عام 1920، ظلت تطرأ عليه التعديلات المختلفة في سنوات 1929 و1985 و2000 و2004، و 2005 آخرها كان في 2014 بإنشاء محاكم الأسرة.
ومن المنتظر أن تشهد دورة هذا البرلمان التصديق على التعديلات الأخيرة بحق قانون الأحوال الشخصية، والذي كان قد تعرض لكثير من الانتقادات من قبل منظمات المجتمع المدني والناشطات النسويات، للدرجة التي جعلت الرئيس السيسي حينها (ديسمبر 2019) أن يصرح برفض التصديق على القانون، قائلا "لن أوقع على قانون لا ينصفكن"، وكان المجلس القومي للمرأة قد أشار إلى التخوفات من بعض مواد القانون.
وكانت أغلب المواد التي تعرضت للانتقاد حينها للقانون الذي اقترحه الأزهر المتعلقة بالولاية التعليمية للأم التي تم إلغاؤها، والحضانة التي تؤل للأب بعد الأم، وتكون 9 سنوات فقط بدلا من 15 سنة، وبعد مراجعات ومناقشات ضمت أطراف مختلفة، شهد مشروع القانون الجديد استحداث قوانين تعالج الخلل، وصياغة النصوص الحالية للتوافق مع التغيرات الاجتماعية والقانونية، وتقنين كثير من الأحكام الشرعية، وكانت الحكومة المصرية قد وافقت عليه من حيث المبدأ في 14 يناير 2021.
ومن أهم الملامح التي ركز عليها المجلس القومي للمرأة في القانون، أن يكون سفر الأبناء بموافقة الوالدين معا، ووجود مهلة خمس سنوات لتوثيق عقود الزواج العرفي، عقوبة غليظة على الزوج المتراخي في إثبات الطلاق، إلغاء إنذار الطاعة كآلية لإثبات نشوز الزوجة، وجود تعويض إضافي للمطلقة بعد زواج دام أكثر من 20 عاما، الحرص على عدم تغيير سن الحضانة وترتيبها، وجود مراكز تنظم قضايا الرؤية والحضانة والأحكام والقرارات المتعلقة بالنفقة، مع ضرورة احتكام المسيحين إلى الشرائع الخاصة بهم فيما يتعلق بالمواريث والزواج.
قانون لمواجهة العنف ضد المرأة
المطالبة بوجود قانون واضح لمناهضة العنف الأسري ضد المرأة طالت لأكثر من 15 عاما، مع تزايد حالات العنف المنزلي للدرجة التي تشير إلى تعرض 34% من السيدات اللتي سبق لهن الزواج إلى عنف بدني أو جنسي من قبل الزوج، حسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2015، كما يشير إلى زواج 27.4% من النساء تحت سن 18، وتعرض 90% من النساء في مصر للختان، بخلاف تعرض أكثر من 7% من السيدات للتحرش في المواصلات العامة، و10% تم التحرش بهن في الشارع.
وكان مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف قد وضع تصور لمشروع قانون لحماية النساء من العنف الأسري، كما عملت مؤسسة نظرة للدراسات النسوية على وجود قانون موحد يجابه العنف الأسري، وغيرهم من المحاولات التي ركزت على توضيح ما هو العنف ضد المرأة وأشكاله، ونادت بضرورة وجود وحدة متخصصة داخل كل قسم شرطة للتعامل مع هذه الجرائم، وتخصيص خط ساخن منفرد لها.
وتناولت مقترحات مشروع هذا القانون توضيحات للاغتصاب والتحرش والاعتداء الجنسي، وترفض أن يكون وجود علاقة بين المجني عليها أو الضحية والجاني مثل الزواج أو الحب سببا للتغاضي عن جريمة الاغتصاب أو العنف المادي والجنسي والبدني.
الاغتصاب الزوجي
في المادة 267 من قانون العقوبات المصري، التي توضح ما هو الاغتصاب ومن هم مرتكبيه، لم يكن الزوج من ضمن الأشخاص الذين من الممكن اتهامهم باغتصاب زوجته، في حين تعترف المنظمات الدولية أن أي محاولة لهتك العرض أو الاعتداء أو الاغتصاب من أي طرف ودون رضا المرأة هو جريمة تستوجب العقاب، الذي قد يصل للإعدام، ويعتبر من أخطر أشكال العنف ضد المرأة التي تحدث دون رادع قانوني.
قانون لمناهضة التمييز
في المادة 11 من الدستور المصري، جاء الإقرار بالمساواة بين المرأة والرجل واضحا دون تمييز، حيث تنص على أن "تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وتعمل على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا في المجالس النيابية.. وحقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا".
مع وضوح المادة الدستورية في ضرورة التخلص من التمييز، لم يصدر قانون واضح يواجه التمييز بأشكاله المختلفة الذي ما زال يُمارس ضد المرأة، وكان واضحا في دعاوى قضائية تم تحريكها ضد فتيات وسيدات عرفن بـ "فتيات التيك توك" بدعوى هدم "قيم الأسرة المصرية" التي تعتبر مطاطة ولا يوجد نص صريح بماهيتها.
وما زلنا نرى استبعاد النساء من التعيين في النيابة العامة، فنجد فتيات متفوقات تخرجن بتقديرات عالية من كلية الحقوق ولكن لا يتم تعيينهن، ويتم رفض طلباتهن الراغبة في الالتحاق بالنيابة العامة أو مجلس الدولة، ليكون الرد هو العاطفية التي ستغلبها، ويبدو الأمر وكأنه عرف سائد ونية مبيتة "لا نساء في النيابة والقضاء".
يمكننا القياس على ذلك في كثير من الأمور، منها المتعلق بالأجور وتولي المناصب والتنمر في الأعمال الدرامبة والترفيهية، ومن المفترض أن يكون وجو قانون واضح بمواد تشير إلى عقوبات محددة لمن يمارسون التمييز على النساء، وعلى أفراد المجتمع كافة، أن يعمل ذلك على مواجهة التمييز وتقليل نسب حدوثه وعدم تركها للهوى والظروف.
الشهادة في المحاكم
في أحد الطعون التي تعود إلى عام 1967 وأقرتها محكمة النقض أن الشهادة أمام المحاكم تكون وفق الشريعة الإسلامية وأن "يشهد على شهادة كل أصلا رجلان أو رجل وامرأتان، ولو كان أحد الشهود الأصل امرأة، فلو شهد على شهادة كل أصل شاهد واحد أو رجل وامرأة أو امرأتان لم تقبل هذه الشهادة"، مما يعني أن شهادة المرأة كأصل لا يمكن الاعتماد عليها، في حين أوضح عدد من الفقهاء أن المقصود في الشريعة الإسلامية هو "الإشهاد" على العقود" لا شهادة المحاكم.
والاعتداد بهذه الأفكار والقرارات إلى الآن، ينتقص من أهلية المرأة ويعمل على تمييزها في المجتمع وأمام الدولة والقانون، الذي يُفترض أنه يرى الجميع أمامه سواء لا اختلاف بينهم على أساس العرق أو اللون أو النوع أو اللغة أو الدين.
جرائم الشرف
يوميا، تحدث جريمة قتل لسيدة أو فتاة في مصر بدعوى "الحفاظ على الشرف"، ويساند القانون القاتل ويعفو عنه كونه "مسح عاره بيديه". ويعتبر القتل تحت دعوة جريمة الشرف واحدة من أخطر جرائم العنف المقننة، والتي يتم استغلالها في مصر والعالم العربي لممارسة العنف والتمييز ضد النساء والفتيات.
القانون المصري ما زال يتعامل مع الرجل الذي يقتل زوجته في حال تلبسها بالزنى بكثير من الرأفة، فالمادة 237 من قانون العقوبات توضح أن الرجل الذي يفاجيء زوجته حال تلبسها بالزنا، فيقتلها ومن معها، لا يتم عقابة بعقوبات القتل المقررة، وإنما يتم الاكتفاء بالحبس بحد أدني مدة 24 ساعة، كونه يكون واقع تحت غضب الخيانة الزوجية.
ولا يتم التعامل مع الزوجة بالمثل، فلا يتم استخدام هذه الرأفة وتخفيف العقوبة معها، في حال كشفت تلبس زوجها بالزنا، غير أن القانون كذلك يعاقب الزوجة التي يتم إثبات أنها زنت وخانت زوجها بالحبس لمدة سنتين سواء كان ذلك داخل أو خارج منزل الزوجية، أما الزوج فيتم عقابه بالحبس مدة 6 أشهر فقط في حال ثبت الزنا داخل منزل الزوجية.
الفروق الواضحة والتمييزية ضد المرأة في القوانين المسماة بـ "الشرف" وصيانته، تبدو وكأنها تشجع الزوج على أفعاله، وليس هو فقط بل الأخ والعم والجد، وكأن النساء مستباحات، في حين أن مساواة الجميع أمام القانون يمكنها أن توقف سيل الدماء.
الإجهاض الآمن
في الباب الثالث من قانون العقوبات المصري، يعتبر الإجهاض الذي يحدث بعمد خلال أي فترة من فترات الحمل هو جريمة مكتملة الأركان، ويتم عقاب من يساعد سيدة في الإجهاض بأي وسيلة أو يقوم بإيذائها ويفقدها الجنين بعلمها أو دون ذلك بالحبس بحد أقصى عامين، في حين قامت هي بنفسها بذلك أو فعلته بمساعدة أي شخص، يتم معاقبتهم بالحبس أيضا، أما أن يقوم طبيب بذلك دون وجود سبب يستدعي ذلك حسب الشريعة الإسلامية- وفق القانون- فهو يتعرض للسجن المشدد مع المرأة الحامل.
لم يراع القانون إمكانية أن تجهض المرأة الحامل دون وجود سبب طبي، وبحسب الشريعة الإسلامية حتى إتمام الجنين 120 يوما، ولم يأخذ في الاعتبار الحالات التي تضطر النساء للإجهاض- بخلاف وجود خطر صحي على حياتها أو حياة الجنين- كالحمل دون قصد أو أن يكون ناتج عن زنا المحارم والاغتصاب وعدم توفر القدرة المالية. وهو ما يجعل السيدات تلجأ للإجهاض غير الآمن، ويتسبب في وفاة 220 سيدة من بين 100 ألف تطبق الإجهاض غير الآمن.
تعتبر تلك أهم التشريعات والقوانين التي تنتظر المصريات مناقشتها والعمل على توفير إجراءات تنفيذها.. فهل يمكن أن تنصف نائبات برلمان 2021 مطالبهن؟
الكاتب
احكي
الخميس ١٤ يناير ٢٠٢١
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا