7 حقائق مهمة حول ختان الإناث كافية لاعتباره ”جريمة”
الأكثر مشاهدة
كيف يمكن لذكرى واحدة في العمر أن تغير حياة إنسان وتترك بداخله أثر نفسي وبدني يشبه الندب الذي لا يزول، فالتعرض لجريمة تشويه الأعضاء التناسلية الانثوية هي التجربة التي تتمنى كل سيدة تعرضت لها أن تمحيها من طفولتها، وأن تمتلك مصيرها لتمنع عن نفسها وأخريات صعوبة الألم وما يتبعه من شعور ملازم بالخوف والقهر، إذا مرت العملية دون آثار صحية جسدية قد تصل إلى حد الوفاة.
لا يمكن أن يكون ختان الإناث سوى ممارسة هدفها تقييد حياة النساء والسيطرة حتى على حياتهن الجنسية، باعتبار أن سلامة أجسادهن هي الخطر الأكبر، فجعلهن ذلك مُجبرات على أن يكن محور افتخار العائلات والمجتمعات بأفكار كالشرف والنقاء والطهارة، فوقعت الممارسات التي تميزهن بشكل سلبي وعنيف.
تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (ختان الإناث) من أكثر الممارسات التي تقمع المرأة، وتنفي عنها صفاتها الإنسانية وتعاملها باعتبارها شيء، غير أنه من أشكال العنف ضد الفتيات والنساء، الذي ينتشر في ما يقرب من 31 دولة (حسب الأرقام الرسمية)، وتعيش 200 مليون فتاة وسيدة مع نتائجه الخطيرة على صحتهن وفقا لتقرير صادر عن صندوق الامم المتحدة للسكان.
"الموضوع له ذكرى سيئة دايما في دماغي خصوصا أني قعدت شهور اتعالج من النزيف"
لا يقتصر ختان الإناث على كونه عملية لإزالة جزء من الجسد، ولكن تحوطه كثير من الحقائق والآثار النفسية والجسدية التي نركز عليها.
1. ما هو ختان الإناث
تم تخصيص يوم السادس من فبراير من كل عام، ليكون اليوم الدولي لعدم التسامح مطلقا مع تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية Female Genital Mutilation (FGM). وذلك ليكون فرصة لفتح النقاش حول سبل مواجهة هذه الممارسة، التي تتم على الفتيات من سن الرضاعة وحتى 15 عاما، وتعمل على تشويه العضو التناسلي الأنثوي بغزالة أجزاء منه أو كله دون أي مبرر أو سبب طبي.
في الغالب، تقوم سيدات تحترف الختان بإجراء العملية قد يُعرفن بـ "الخاتنات"، مما قد يؤدي إلى مضاعفات صحية غير مأمونة، ولذلك يعتبر ختان الإناث من اسوأ الانتهاكات ضد المرأة وحقوق الإنسان، كونه يؤذي سلامتها الجسدية وحقها في الأمن والصحة، ويعرضها للوفاة.
2. أنواع عملية تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية
الإزالة والتشويه الذي تتعرض له الفتيات والنساء يقع تحت 4 أنواع رئيسية:
النوع الأول: في هذه العملية تتم إزالة الجزء الخارجي والمرئي من البظر بشكل جزئي أو كلي، ويعتبر البظر مسئول عن الإحساس ومشاعر المتعة الجنسية.
النوع الثاني: يتم استئصال البظر بشكل كلي مع الشفرين الصغيرين المحيطين بالمهبل، وقد يحدث إزالة للشفرين الكبيرين أيضا.
النوع الثالث: والمعروف باسم التخييط أيضا، فهو يعمل على قطع الشفرين الصغيرين والكبيرين لإعادة ضبط مكانهما، ثم الخياطة، وترك فتحة صغيرة تمرر البول وتسمح بنزول دماء الحيض فقط، ولا يمكن مع هذا النوع حدوث أي ممارسة جنسية أو إجراء الولادة إلا بإزالة بفتح التخييط، ويتسبب ذلك في حدوث العدوى والآلام والنزيف.
النوع الرابع: ويشمل الممارسات الأخرى التي تضر وتشوه الجهاز التناسلي الأنثوي، من الوخز أو الثقب أو الكشط أو الكي.
3. الدول التي ينتشر بها ختان الإناث
من الشائع، أن ختان الإناث هو عادة متجذرة في دزل قارة أفريقيا، يرجح بعض خبارء علم الاجتماع والآثار أنها تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ورغم مور القرون والعقود، ما زال تشويه الأعضاء التناسلية الانثوية هو أمر تتعرض له أو أجرته 90% من الفتيات والسيدات في الأعمار ما بين 15 إلى 49 عاما في 31 دولة في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، فيكثر انتشاره في الصومال ومصر وجيبوتي ومالي، كما انتشر في دول أوروبا والولايات المتحدة نظرا لشيوعه بين المهاجرين، فوجدناه يحدث بين عائلات في نيوزيلندا والمملكة المتحدة واليابان.
4. نتائج ممارسة ختان الإناث
بشكل واضح ودون أي مبررات قد يدعيها البعض "لا يوجد أي داعي طبي أو فائدة صحية لإجراء الختان للإناث"، فهو تشويه وإتلاف للأعضاء التناسلية الأنثوية يُنتج عنه كثير من المخاطر الصحية التي تحدث فور إجراء العملية أو حتى بعد سنوات منها، وتوضح منظمة الصحة العالمية أهم هذه التأثيرات السلبية:
تأثير على المدى القصير (أثناء أو بعد إجراء العملية بمدة قصيرة):
- الشعور بالألم الشديد.
- حدوث تورم في الأنسجة التناسلية.
- الحمى.
- حدوث التهابات وعدوى.
- مشكلات عدم التئام الجروح.
- حدوث مشكلات في المسالك البولية.
- اضطرابات ما بعد الصدمة.
- النزيف.
- من الممكن أن تتطور إلى حدوث مضاعفات تتسبب في الوفاة.
أما على المدى الزمني الطويل:
- حدوث مضاعفات متعلقة بمشكلات المسالك البولية، ينتج عنها التبول المؤلم والالتهابات.
- حدوث عدوى ومشكلات في منطقة المهبل، من الحكة والالتهابات والإفرازات.
- في بعض الحالات، تتأثر الدزرة الشهرية بعملية الختان، فقد يصاحبها ألم مفرط، أو يكون من الصعب خروج الدوم.
- المشكلات الجنسية، سواء الشعور بعدم الرضا أو وجود ألم دائم عند حدوث العلاقة الجنسية.
- مضاعفات الولادة (صعوبة الولادة، النزيف، الاضطرارا إلى الولادة القيصرية)
- التسبب في ارتفاع نسب وفيات الأطفال عند الولادة.
- المشكلات النفسية (القلق، الوسواس القهري، الاكتئاب، اضطراب ما بعد الصدمة، فقدان الثقة بالنفس).
"اتشوهت وبقى عندي مشاكل في التبول، ولما اشتكي يقولوا عادي وممنوع حتى دكتور يكشف عليا"
5. اعتباره إجراء طبي
من الممكن أن يتعجب كثيرون من قدرة الملايين على توارث هذه العادة، رغم وضوح آثارها السلبية ونتائجها المدمرة للصحة الجسدية والنفسية، على المدى القصير أو الطويل، على صحة المرأة وتأثيره على المجتمع، ولكن قد يكون إجراؤه في عدد من الدول، أبرزهم مصر، داخل عيادات صحية وعلى يد أطباء، هو ما يجعل استمراره منطقي بسبب إضفاء"الطابع الطبي" على عملية الختان.. وتوضح الإحصائيات أن 80% من الفتيات والنساء اللاتي تعرضن للختان في مصر، تم إجراؤه لهن على يد أعضاء من الطاقم الطبي.
"مش هقدر أوصف قد إيه شعور الخوف اللي جوايا تجاه الختان، وكان عقاب مش عفة زي ما بيقولوا"
6. أسباب انتشاره حتى الآن
كانت الحملات الدولية والمجتمعية المحلية تعمل على وقف هذه الممارسة في دول أفريقيا وآسيا التي تنتشر بها، خاصة، من خلال التوعية بآثارها الضارة على حياة الفتيات والنساء، وبدا أن التوعية كانت تتخذ مسلكا طيبا في خفض أعداد الفتيات المحتمل تعرضهن للختان، ولكن مع انتشار جائحة كوفيد- 19، يحذر مسئولو الصحة في الأمم المتحدة من ظهور مليوني حالة إضافية بحلول عام 2030.
كان انتشار فيروس كورونا لها آثاره السلبية على الصحة العامة، والتسبب فيفقد ملايين الأرواح، كما ظهرت له آثار اقتصادية ضخمة تسببت فيفقد كثيرين لوظائفهم، وأما عن المرأة، فكان الطريق لزيادة نسب العنف ضد النساء، بسبب عزلتهن الاجتماعية وعدم القدرة على التواصل مع المجتمع بالشكل الذي يسمح بطلب المساعدة،
وفي حالات ختان الإناث، رجح كثيرون أن الحالات التي كان من الممكن تجنبها قد نجدها تزيد عن المتوقع، بسبب إجراءات غلق المدارس وتعرض الفتيات لحياة أكثر عزلة، مما يعني سهولة وقوعهن فريسة هذه التجربة، خاصة، مع فقدان كثيرين لوظائفهم في دول أفريقيا، وهو ما قد يجعلهم يلجأون للعمل في إجراء عملية الختان أو العودة لها وإقناع أولياء الأمور بها كوسيلة لكسب المال.
أما على صعيد آخر، فهناك عوامل أخرى مجتمعية ترسخ انتشار عمليات ختان الغناث في كثير من المجتمعات، وقد يكون منها:
- عدم القدرة/ الرغبة في تنفيذ القانون على المخالفين بإجراء ختان الإناث.
- كونها عرف اجتماعي، وإجراءها قد يكون بسبب التعرض لضغط اجتماعي يجبر الأشخاص على فعل ما يتوافق عليه الناس للحظي بالقبول، حتى وإن لم يكن صحيح أو قانوني.
- ربط ختان الإناث بزيادة فرصهن في الحصول على الزيجة الجيدة المناسبة.
- الاعتقاد بأنه الطريقة التي تضمن سلوك قويم للفتاة، وعدم انحرافها والحفاظ على "شرفها"، كونه يساهم فيتقليل الرغبة الجنسية مما يجعلها تقاوم أي عمل أو علاقة جنسية خارج إطار الزواج.
- يعيش كثيرون بمفهوم مغلوط بسبب مدعين لفهم الدين، تركوهم يعتبرون أن الختان هو ممارسة من الدين.
- تعمد شيوع فكرة أن الفتيات اللاتي ترفضن أو لم تقمن بعملية الختان هن "غير شريفات"، ولا يمكن الوثوق بأخلاقهن وأغراضهن.
- بسبب تعرض الفتيات للاغتصاب، في بعض بلدان أفريقيا يعتبر البعض أن الختان قد يحميهن.
"بجد أكبر جريمة بيعملها الأهل في بنتهم، ومش الختان اللي بيصون البنت"
7. التكلفة الاقتصادية لختان الإناث
لا تقف آثار إجراء ختان الإناث على صحة السيدات، ولكنها عملية تترك بصمتها الاجتماعية والاقتصادية أيضا، فوفقا لدراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية حول التكاليف الاقتصادية التي تهدف علاج مضاعفات ختان الإناث الصحية، وجدت أن 27 دولة (هم من كانت بياناتهم متاحة) تتكلف 1.4 مليار دولار خلال عام واحد، وهو عام 2018، ومن المتوقع أن يزيد هذا الرقم إلى 2.3 مليار دولار خلال الثلاثين عام المقبلة، أي بحلول عام 2047.
وتعتمد هذه التكلفة على مدى انتشار تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، فإذا ظل بنفس المعدل الحالي، فمن المتوقع أن تزيد التكاليف الاقتصادية بنسبة 68%، أما إذا تم اتباع خطة لوقفه والتصدي لها وتم تنفيذها، فقد تنخفض الكلفة الاقتصادية له بنسبة 60%.
تلك كانت أهم الحقائق عن ختان الإناث، والكفيلة بأن تجعل الدول والمجتمعات تتخذ الإجرارات وتطلق الحملات من أجل التخلص منه والقضاء عليه، وعدم التسامح مطلقا مع إجرائه، فحتى مع وجود القوانين، ما زال التفعيل والقدرة على التنفيذ يواجه صعوبات.
الكاتب
احكي
الجمعة ١٩ فبراير ٢٠٢١
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا