هل الكتب الصوتية مفيدة مثل القراءة؟ هذا رأي الخبراء
الأكثر مشاهدة
المحتوى:
فائدة الكتب الصوتية
لكن هل الاستماع إلى كتاب صوتي مماثل حقًا لقرائته؟
النص المطبوع مقابل النص الإلكتروني والصوتي
الارتباط بالقراءة التقليدية له أسباب
تجربة أخرى على الاستماع مقابل القراءة
ميزات الكتب الصوتية
لسنوات كنت اعتمد على قراءة الكتب وابتعد تمامًا عن الكتب المسموعة أو الكتب الصوتية، لأنني أجد في القراءة متعة من نوع آخر، التواصل مع الكتاب والتدقيق في الحروف واللغة والمعاني، والاستمتاع بالوقفات والتكرار والإعادة، وإمكانية إخراج الأحداث فنيًا حسب الصوت الداخلي لعقلي، فلا أتأثر بغير لغة الكاتب وأسلوبه، لكن مع العمل وصعوبة إيجاد وقت للقراءة المطولة كما كان الحال من قبل، ونظرًا لأن جزء كبير من وقتي يذهب في زحام الطرق، فقد جربت الكتب الصوتية، ووجدتها ممتعة ومفيدة بشكلِ كبير، خصوصًا حين وجدت المؤدي المناسب، واخترت الكتاب الصحيح، فهناك بعض الكتب التي ما زالت لا استطيع هضمها سماعًا، ويجب أن اقرأها وبتركيز، أما الروايات أو القصص وفنون الأدب فهي ما نجحت في سماعه واستمتعت به حقًا.
ومنذ وقت ليس بالقليل قرأت مقالًا في مجلة التايم الأمريكية يتحدث عن فائدة الكتب الصوتية وهل هي تماثل القراءة أم لا، واستعرض بعض آراء الخبراء، لذلك قررت أن أقوم بترجمة وتحرير هذا المقال.
فائدة الكتب الصوتية
حتى بالنسبة للأشخاص الذين يحبون الكتب، فإن إيجاد فرصة للقراءة يمكن أن يمثل تحديًا، ولذلك يعتمد الكثيرون على الكتب الصوتية، وهي بديل مناسب للقراءة بالطريقة القديمة والتقليدية، فيمكنك الاستماع إلى أحدث الكتب وأكثرها مبيعًاف في سيارتك أو أثناء تنظيف المنزل.
لكن هل الاستماع إلى كتاب صوتي مماثل حقًا لقرائته؟
تقول بيث روجوسكي، أستاذة التربية في جامعة بلومسبيرج في بنسلفانيا: "كنت من محبي الكتب الصوتية، لكنني كنت أعتبرها دائمًا نوعًا من الاحتيال". وفي عام 2016، أجرت روجوفسكي دراسة، وضعت فيها افتراضاتها على المحك.
وفيها استمعت إحدى مجموعات الدراسة إلى أجزاء من كتاب Unbroken، الذي يتحدث عن الحرب العالمية الثانية. بينما قرأت المجموعة الثانية الأجزاء نفسها على قارئ إلكتروني. وهناك مجموعة ثالثة قرأت واستمعت في نفس الوقت. بعد ذلك، أجرى الجميع اختبارًا قصيرًا مصممًا لقياس مدى جودة استيعابهم للكتاب، تقول روجوسكي: "لم نجد فروقًا ذات دلالة إحصائية في الفهم بين القراءة أو الاستماع أو القراءة والاستماع في وقت واحد".
النص المطبوع مقابل النص الإلكتروني والصوتي
هل تحسب تلك نقطة لصالح الكتب الصوتية؟ يمكن ذلك. لكن دراسة روجوسكي استخدمت أجهزة القراءة الإلكترونية بدلاً من الكتب المطبوعة التقليدية، وهناك بعض الأدلة على أن القراءة على شاشة إلكترونية تقلل من التجربة والفهم مقارنة بالقراءة من النص المطبوع. لذلك من المحتمل أنه لو كانت دراستها قد وضعت الكتب التقليدية في مقابل الكتب المسموعة، فربما جاءت القراءة التقليدية في المقدمة.
وإذا كنت تتساءل عن سبب كون الكتب المطبوعة أفضل من القراءة على الشاشة الإلكترونية، فقد يكون لذلك علاقة بعدم قدرتك على التواصل مع المتبقي من كتاب إلكتروني، أو كما يقول دانيال ويلينجهام، أستاذ علم النفس بجامعة فيرجينيا: "أثناء قراءة قصة، يكون تسلسل الأحداث أمرًا مهمًا، ومعرفة مكانك في الكتاب يساعدك على بناء تصورًا عن اتجاه منحنى السرد"، أما في الكتب الإلكترونية فيتم إخبارك بالكمية المتبقية من الكتاب، بنسبة مئوية أو مدة زمنية حتى النهاية، ولا يبدو أن هذا له نفس تأثير التوجيه السردي مثل القراءة من كتاب تقليدي.
الارتباط بالقراءة التقليدية له أسباب
كما يبدو أن النص المطبوع المرتبط بموقع معين ملموس على الصفحة يساعد الناس أيضًا على تذكره بشكل أفضل من النص المستند إلى الشاشة، وفقًا لمزيد من الأبحاث حول السمات المكانية للوسائط المطبوعة التقليدية. وكل هذا قد يكون ذا صلة بمقارنة الكتب المسموعة مقابل الكتاب العادية، لأن الكتب الصوتية والإلكترونية تحرم المستخدمين من الإشارات المكانية التي قد يستخدمونها أثناء القراءة من النص المطبوع.
ويوضح ويلينجهام قائلاً: "حوالي 10 إلى 15٪ من حركات العين أثناء القراءة هي في الواقع ارتدادية - مما يعني أن (العين) تعود وتعيد فحص الجمل ويحدث هذا بسرعة كبيرة، ويكون مندمجًا بسلاسة في عملية قراءة الجملة."، ويقول إن هذا النوع من القراءة يعزز الاستيعاب ، ويمكن مقارنته تقريبًا بالاستماع الذي يتطلب التوقف والتكرار، ورغم أنه من الناحية النظرية، يمكنك أيضًا التوقف مؤقتًا أو الرجوع للخلف أثناء الاستماع إلى ملف صوتي، "لكنها مشكلة أكبر".
وهناك اعتبار آخر هو أنه سواء كنا نقرأ أو نستمع إلى نص، فإن أذهاننا تتشتت في بعض الأحيان. ويقول ديفيد دانييل، أستاذ علم النفس في جامعة جيمس ماديسون وعضو في مشروع الأكاديمية الوطنية للعلوم، إن الثواني (أو الدقائق) تمر قبل أن نخرج من هذه التشتتات الذهنية الصغيرة ونعيد تركيز انتباهنا. وإذا كنت تقرأ، فمن السهل جدًا العودة والعثور على النقطة التي حددتها. بينما الأمر ليس بهذه السهولة إذا كنت تستمع إلى تسجيل صوتي، خاصة إذا كنت تتعامل مع نص معقد، كما يضيف "إن قلب صفحة الكتاب يمنحك أيضًا استراحة طفيفة"، وقد يؤدي هذا التوقف المؤقت إلى توفير مساحة لعقلك لتخزين المعلومات التي تستوعبها أو الاستمتاع بها.
تجربة أخرى على الاستماع مقابل القراءة
شارك دانيال في دراسة عام 2010 وجدت أن الطلاب الذين استمعوا إلى أحد الدروس عبر البودكاست جاءت نتائجهم أسوأ في اختبار الفهم من الطلاب الذين قرأوا نفس الدرس على الورق. "أسوأ بكثير، وليس أسوأ بدرجات بسيطة" كما يقول.
ومن المثير للاهتمام، أنه في بداية التجربة أراد جميع الطلاب تقريبًا أن يكونوا في مجموعة البودكاست، ثم تم تقسيمهم، ويقول دانيال: "ولكن قبل أن أعطيهم الاختبار مباشرة، سألتهم مرة أخرى عن المجموعة التي يرغبون في الانضمام إليها مجددًا، وكان معظمهم قد غيروا رأيهم وأرادوا أن يكونوا في مجموعة القراءة.. لأنهم علموا أنهم لم يتعلموا الكثير بالسمع."
ويستكمل إنه من خلال الممارسة، يمكن أن يستطيع المستمعون تكوين أرضية للتعامل مع الكتب الصوتية، "يمكن أن تصبح مستمعًا أفضل إذا دربت نفسك على الاستماع بشكل أكثر انتقادًا"، لكن هناك بعض العقبات التي تعيق التعلم من المواد الصوتية، لأنه مثلا لا يمكنك تسطير أو تمييز شيء تسمعه، أو وضع ملاحظة عليه أن "هذا مهم!".
ميزات الكتب الصوتية
لكن الكتب الصوتية لها أيضًا بعض نقاط القوة. فيقول ويلينجهام إن البشر يتبادلون المعلومات شفويًا منذ عشرات الآلاف من السنين، في حين أن الكلمة المطبوعة هي اختراع أحدث كثيرًا، ويشرح قائلاً: "عندما نقرأ، فإننا نستخدم أجزاء من الدماغ تطورت لأغراض معينة لكننا نطبقها على عملية القراءة المعرفية"، وفي الناحية الأخرى يمكن للمستمعين استخلاص الكثير من المعلومات من صوت المتحدث أو نغماته، فمثلًا يتم توصيل السخرية بسهولة أكبر عبر الصوت أكثر من النص المطبوع.
ومع ذلك ينبه إلى أهمية الانتباه إلى الاستمتاع، فيذكر: "إذا كنت تحاول التعلم أثناء القيام بأمرين، فلن تتعلم"، فحتى الأنشطة التي يمكنك إجراؤها بشكل أو بآخر بالسليقة والتعود وبدون تركيز حاد - أشياء مثل القيادة أو غسل الأطباق - تستهلك ما يكفي من انتباهك لإعاقة التعلم، ويستكمل: "أستمع إلى الكتب الصوتية طوال الوقت أثناء قيادتي للسيارة، لكنني لن أحاول الاستماع إلى أي شيء مهم لعملي مثلًا".
والخلاصة أنه إذا كنت تقرأ أو تستمع إلى الكتب بهدف قضاء وقت الفراغ - وليس للعمل أو الدراسة - فإن الاختلافات بين الكتب المسموعة والكتب المطبوعة ربما تكون غير موجودة، أما الاستمتاع للتعلم أو الفهم العميق فيحتاج تركيز وحضور بشكل أكبر وأعمق قد لا يتوافر في الكتب الصوتية.. لذلك اختر نوعية الكتب الصحيحة التي تناسب الكتب الصوتية واستمتع بها.
مصدر المقال
الكاتب
ندى بديوي
الأربعاء ٠٥ مايو ٢٠٢١
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا