أول مرة ”تست حمل”.. أمل واشتياق ومعاناة
الأكثر مشاهدة
بضع دقائق تمر على السيدات أثناء إجراء اختبار الحمل المنزلي (Pregnancy Test) فيها تتضارب وتتعارض مشاعرهن بين لهفة وقلق أو رفض وخوف، فتتمنى بعضهن أن تمر الدقائق واللحظات عمرًا خشية معرفة النتيجة، وأخريات يتمنين أن تمر كلمح البصر للحصول على البشارة.
وتظل تلك الدقائق الحاملة لكل التناقضات أثناء إجراء اختبار الحمل سرًا كبيرًا لا تعرفه سوى النساء اللاتي خضن غمار تجربة "تست الحمل"، والتي ربما غيرت حياتهن بالكامل.
وفي محاولة لمقاربة تلك المشاهد والتجارب سألنا نساء استخدمن "تست الحمل" في ظروف ومعطيات مختلفة، وبالتأكيد نتائج مختلفة، للكشف عن مشاعرهن أثناء مرور تلك الدقائق، من لحظة حصولهن على اختبار الحمل وحتى ظهور نتيجته، مع حجب هويتهن بناء على رغبتهن.
تست حمل ومستقبل مبهم
"كل اللي كنت بفكر فيه إني مش عاوزة أكون أم.. وإزاي هكون أم وأنا لسه بكر! بعد جوازي بكام سنة!".
فتاة ثلاثينية من طبقة متوسطة، تعمل صحفية، تروي تجربتها قائلة: "لم أكن على دراية قبل زواجي بتفاصيل العلاقات الجنسية ولم أكن أبالي بالإنجاب ولا بالضغوط المضنية التي تمارسها عائلتي علي لإنجاب طفل، لكن عقب تأخر دورتي الشهرية لبضع أيام باغتتني شقيقتي بإلحاح لعمل اختبار الحمل المنزلي."
كنت أرفض الفكرة، فكيف يمكن أن أكون أمًا وأنا لا زالت أراني ابنة السبع سنوات التي تحتضن دميتها وتشارك زملاءها الأنشطة المسرحية. ولكن استسلمت بالنهاية لإجراء الاختبار، منحت شقيقتي الوعاء الذي يحمل بضع قطرات من البول ووضعت فيه شريط الاختبار لبضع ثوان أو دقائق، لم أدرك الوقت حقًا، فكل ما كنت أفكر فيه هو أنني لن أكون أمًا! فأنا العروس التي لا تزال بكرًا رغم مرور أعوام على زواجها، وعدم إتمام العلاقة الجنسية ولو لمرة وحيدة. لكن تلك العلاقة "السطحية والخارجية" التي جرت في إحدى الليالي ربما كانت هي السبب في سماعي عبارة "مبروك أنتِ حامل" لتتعالى الزغاريد وأنا في غفلة عن مدى الزمن الذي مر وكأنه بضع سنوات ولا زالت أعاني ويلاته رغم مرور الوقت.
اختبار حمل وأمل وتعويض
"اكتشفت حملي في الشهر الثالث بعدها مات جوزي، ولاقتني فجأة أم وأب لبنت جميلة في لحظة كنت أرفض فيها أكون فيها زوجة مش أم حتى".
تزوجت منذ 7 سنوات، زيجة تمتاز بالتقليدية المفرطة، حتى أنه عند ممارسة العلاقة الجنسية لم أكن أعي أنه من المفترض أن نشترك في النشوة بل كان واجبًا ليس أكثر، إلا أن ما جعل الأمر أشد وطأة، هو أن زوجي مصاب بإحدى درجات الضعف الجنسي ولهذا لم نكن نمارس الجنس سوى مرة كل عام ونصف مثلًا، ومع رغبته وحلمه بأن ننجب صغيرًا يشاركنا تفاصيل حياتنا الإنسانية الجميلة والزوجية المملة، توجهنا لعدة أطباء دون جدوى، ففي كل مرة تنتهي الزيارة بجملة واحدة وهي "لن تتمكنا من الإنجاب"، ولكن فجأة ودون وعي أو إدارك أو ترتيب تأخرت دورتي الشهرية لشهر ولم أكن أبالي لإستحالة الإنجاب نظريًا حسبما قال الأطباء، ولكن بعد ظهور عدة أعراض طلبت من زوجي أن نجري اختبار الحمل، وسط حالة من الذهول من هذا الطلب، وكعادة مجريات هذا الاختبار مرت الدقائق وفي مخيلتي بضع سيناريوهات لم يكن أسوأها يصل إلى أن أكون حاملًا، وأن اكتشف مستقبلًا أنها فتاة جميلة أكون لها الأم والأب معًا بعد وفاة زوجي ووالدها عقب اكتشافنا حملي بثلاث أشهر!.
وحتى الآن حين أجلس وحيدة لا أتذكر سوى تلك الدقائق التي سبق وتزامنت إجرائي اختبار الحمل والتي جعلتني أشعر أن حياتي توقفت حين أظهرت بضع قطرات أن أحشائي تحمل طفلة فكانت تلك الصغيرة هي العوض والأمل والمستقبل فأنا الفتاة التي كانت ترفض الزواج وترفض العلاقة الجنسية وترفض المسؤولية، وأنكر حتى وفاة زوجي بعد وفاة والدي إلا أن وجود تلك الطفلة جعلني أحارب حتى الآن لأقف صامدة في وجه التحديات المنهكة التي تجعلها طفلة سوية.
اختبار وحمل مرفوض
"اختبار الحمل يعتبر هو التايم لاين اللي بيعبر عن حياتي بالظبط مرض وبعدها علاج وبعدها خلفة وحتى رفضي إن أكون أم للمرة الخامسة كفاية أوي 4 بنات".
تزوجت منذ 15 عامًا ولكن لم أستطع الإنجاب لعدة سنوات، نظرًا لأنني كنت مصابة بمرض يطلق عليه مجتمعيًا مرض القطط الذي جعلني أفشل في الاحتفاظ بأجنتي لعدة مرات، حتى تلقيت العلاج وحملت في ابنتي الأولى، أعقبتها بالثانية ثم الثالثة وعلى غير إرداتنا جاءت الرابعة، إذ رفضت أنا وزوجي تناول أي وسائل لمنع الحمل، ولهذا فإن تجربتي مع اختبار الحمل حملت الكثير من الأوجه. كان أولها عندما كنت أشعر بالحمل أثناء مرضي، كانت تمر لحظات الكشف عن النتيجة قاسية إذ شعرت بفقداني لجنيني قبل أن يولد أو حتى يتشكل في رحمي، وتكرر هذا الشعور مرارًا وتكرارا، حتى اكتمال حملي الأول، وولادتي، وصار الأمر محض تقليد ينتهى بـ"أنا حامل يا حبيبي" ويتمتم بصوت أسمعه "يا رب ولد"، إلا أن نهاية المطاف جاءت بانفصالنا، لرفضي أن نعيش معًا تحت سقف واحد يراني سبب عدم إنجاب الذكر وأراه شخص منتقص الرجولة.
ثم تحول اختبار الحمل بعد ذلك لكابوس حقيقي عقب إتمام إجراءات طلاقي ودخولي في علاقة غير شرعية أسفرت عن حملي مرتين، كنت حين أشك في حملي، أدعو ألا يكون ذلك صحيحًا "فـ4 بنات" تكفين لملء حياتي بالمسؤوليات، كما أنني لن أتمكن من الاحتفاظ بالجنين لكونه غير شرعي وسأضطر جاهدة لإجهاضه. اختبار الحمل يعتبر التايم لاين الذي يعبر عن حياتي من المرض والعلاج والإنجاب وحتى رفض فكرة أن أكون أمًا للمرة الخامسة.
اختبار حمل وعلقة موت
"ذلك الزوج لم يضع في نصب عينه إلا هدفًا وحيد، طفل يثبت اكتمال رجولته حتى لو كان ذلك اعتمادًا على الاعتداءات المتكررة بحقي."
كنت أتجمد عندما أسمع والدة زوجي تقول: "مراتك يمكن حبلة يا دكر شوفها يمكن ترفع رأسنا المرة دي".
كان زميلي بالجامعة، وقد جاء مع أسرته من إحدى القرى النائية بالوجه البحري للعاصمة، ولا يبدو منه سوى الطموح الساعي للترقي والزواج من محبوبته التي كانت ولسوء الحظ أنا.
رغم أن زيجتنا التي بدأت قبل 3 سنوات، ورغم تأكيد الأطباء أن عدم الإنجاب ليس عيبًا مني، يجهل زوجي الريفي أبسط قواعد المعاشرة الجنسية.
فالعلاقة تعتمد لديه على "وضع معين"يمتد لبضع دقائق يسقط كالثور اللاهث ثم يشرع في النوم. لم يضع نصب عينه إلا هدفًا وحيدًا، طفل يثبت اكتمال رجولته حتى لو كان ذلك اعتمادًا على الاعتداءات المتكررة بحقي.
في كل مرة أشعر بأعراض ولو بسيطة، والتي ربما تكون دور أنفلونزا قوي، يصر على شراء اختبار الحمل بنفسه ويقرأ عبر الإنترنت كيفية استخدامه ويصر على أن يتأكد بنفسه من النتيجة، إلا أنه من المؤكد نتيجة التحليل معروفة "شخص عقيم كيف ينجب" لم نعد في زمن المعجزات، حينها ينهال علي بالضرب حتى يدمي جسدي.
اختبار حمل ورغبة ورفض
"رغم المشاعر الملخطبة والخوف لكن أوحش وأصعب لحظة بالنسبة لي كان وأنا بشتري اختبار الحمل عشان نظرات الصيدلي ليا"
أحببت شخص عندما كان عمري 24 عامًا، ودخلنا في علاقة خارج إطار الزواج، ولم نكن نبلي بالاحتياطات، وهو ما عرضني لهذا الاختبار الصعب أكثر من مرة.
شراء "تست الحمل" كان أحد أصعب الخطوات في التجربة، فنظرات الباعة تحرق جسدي، وهي نظرات لا تخلو من الهمهمات، خاصة أنه لم يكن في يدي دبلة زواج، ولهذا جربت أكثر من صيدلة، لكنها جميعًا لم تختلف مهما كانت كبيرة، شخصًا يحاكمني بنظراته فيما لا يحق له ولا لغيره محاسبتي عليه.
في الخطوة الثانية اخترت مكانًا مناسبًا لإجراء الاختبار بعيدًا عن بيت عائلتي، وبمشاعر متناقضة بين رغبتي في أن أصبح أمًا، وخوفي مما سيواجهه هذا الطفل مجتمعيًا، جالت في خاطري أفكار ربما تحتاج لساعات، قطعتها ظهور نتيجة الاختبار السلبية.
تكرر الأمر مرة ثانية، وحينها لم أكن أرغب في إنجاب طفل من تلك العلاقة التي بدأت تتوتر ، لكني في الوقت ذاته كنت أود التأكد من كوني غير مصابة بأي أمر عارض يمنع حملي، وجاءت النتيجة سلبية مرة أخرى.. كل مرة كان هناك سؤال يتكرر في ذهني: "هو أنا بخلف ولا لا، ولو بخلف ليه محصلش حمل، حتى لو أنا أصلا مش عاوزة أكون حامل".
هذه تجارب إنسانية نسائية تتجلى فيها مشاعر مختلطة بين الأمل والألم والمعاناة، ورغم غريزة الأمومة فإن التأكد من وجود جنين داخل أحشاءها مرحلة قاسية تأتي في إطار سلسلة من الضغوطات، وتبدأ بخطوة بسيطة هي "تست الحمل".
هذا الموضوع نتاج ورشة التدريب على إنتاج محتوى مهني وغير متحيز عن الجندر وقضايا المرأة بالتعاون مع موقع احكي والسفارة الهولندية بالقاهرة
كتب: محمد فوزي
مصدر الصورة الرئيسية
الكاتب
احكي
الأحد ٠١ أغسطس ٢٠٢١
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا