لماذا يجب أن نتعلم التخلي؟ 6 أمور تخبرك
الأكثر مشاهدة
يبدو التخلي فكرة قاسية، فكيف يمكن أن أتخلص بنفسي عما في يدي بالفعل؟ وما يجبرني على فعل ذلك؟ غير مدركين أنه في كثير من الأحيان تمسكنّا بالأشخاص والأشياء وحتى الأفكار يجعلنا مثل المأسورين أو منْ انصرفت أعينهم عن رؤية الامور على حقيقتها، متسائلين لماذا يجب أن نتعلم التخلي؟ ومعتقدين أن هذا التمسك يبقي حياتنا كما نعرفها ويرحمنا من مجهول يبدو مخيفا أو واقع لا نمتلك القدرة على التعامل معه.
الطبيعة البشرية تخبرنا أن الحياة ما هي إلا مراحل، فلقد مررنا من قبل بطفولة تعلقنا فيها بألعابنا وأفكارنا عن الحياة، ثم أدركتنا المراهقة وتغيّرنا وتبدلت ملامح العالم من حولنا، حتى دخول الجامعة ثم العمل، كلها نقلات من شأننا أن نتعلم منها القدرة على التحرك من مرحلة إلى أخرى متأملين الأفضل، بعد أن ندرك أنفسنا بصورة أفضل ونتعلم من التجربة.
لكن ما يبدو طبيعيا يبقى صعبا على كثيرين، فالقدرة على التعامل مع التغيّر والانتقال من مرحلة إلى أخرى، أو حتى التخلص من وجود شخص والبدء من جديد في حياة متعافية من التعلق بالماضي، من الممكن ألا يكون محتملا لدى البعض، فالاعتياد مريح رغم أنه يعرقلنا عن عيش الواقع، غير أن التخلي يحتاج إلى جهد للتعامل مع المشاعر والأفكار ومواجهتها واتخاذ القرار المناسب مع صعوبته، لذلك القدرة عليه "فن".
معنى التخلي
لا يمكن أن يكون التخلي فكرة سهلة أو مستساغة رغم ضروريتها، ولا يعني أن يكون الشخص غير مبالي ولديه قدرة على الاستغناء حتى عن الأمور الجيدة والأشخاص الصالحين دون اكتراث ويختار نفسه دوما، ولكنه يشير إلى ضرورة أن نمتلك القدرة على التحرر من حالة التشبث التي تسيطر علينا أحيانا تجاه عمل أو علاقة عاطفبة أو حدث مرّت عليه السنوات، مع ضرورة الإدراك أنه لا يعني التغافل أيضا.
التخلي هو أن تقرر بنفسك أن ما أنت متعلق به لدرجة الهوس، وبات يسيطر على حياتك وطريقة تفكيرك لم يعد يناسبك وأصبح مؤذيا ويعيقك عن ممارسة حياتك بشكل طبيعي مريح تشعر تجاهه بالرضا، تعمل على مواجهته وإدراك حجم الأذى أو الضرر، وتخطط لكيفية البعد والاستغناء، رغم ما قد يسببه ذلك من فراغ عاطفي وشعور بالحزن أو الوحدة والإحباط، وقد يكون هذا التخلي عن أشخاص أو أفكار سلبية أو حتى متعلقات وعادات سيئة.
وفي بعض التخلي حياة
تأتي ضرورة التخلي عندما تفقد القدرة على السيطرة على الأمر، وتجد نفسك عالقا حول فكرة أو أمر ما دون القدرة على الفكاك منه، ويخالطك الشعور بعدم الرضا إلى جانب فقدان القدرة على التعامل مع الأمر، ولذلك يجب أن تعي كيف يمكن أن يكون التخلي هو طريق جديد لحياة أفضل.
تلك مجموعة من الأمور التي يمكنها أن تجعلكم تفهمون أهمية التخلي:
1. التقبل
عندما تتفهم أن الوضع بات صعبا، وأن التفكير في ما يتعسك لن يغير من الأمر شيئا، وأنه يمكنك البدء في التخلي عن التمسك بالفكرة أو الشخص، وتتقبل أنه يمكنك أن تُخطيء وتتحمل تبعات اختياراتك، أو تتعلم كيف تقبل مشاعر الحزن والفقد وتحاول أن تبدأ في التعامل معهم، وتتفهم أن الواقع هو ما هو عليه، وأن استمرار التشبث لن يبدل الحال أو يعيد ما مضى، وعليك المضي قدما.
2. استثمار طاقتك
الانغماس في التشبث واعتبار أن أمر ما أو شخص هما محور الكون، يجعلك تهدر طاقتك وتستنفدها على ما لا يمكن أن يكون مفيدا لكن وتكتشفون مع مرور الوقت كيف يمكن استثمار هذا الوقت، سواء في التخلص من المشاعر والأشخاص السلبيين، والتوقف عن إقناع أنفسكم بان التواجد وسط أصدقاء مؤذيين أفضل من الوحدة، مع العمل على البدء في توجيه طاقتك نحو ما يعود عليك بمردود نفسي جيد.
3. أن تحب نفسك
في كثير من الأوقات تمنحنا القدرة على التخلي، إمكانية ان نلتفت إلى أنفسنا ونهتم بها، ونحبها بالقدر الذي يتستحقه، فتتوقف عن الاعتقاد بأننا كنّا السبب وان ما خسرناه نتيجة لعيب ما فينا، ونسعى نحو فهم أنفسنا أكثر ونكتشفها، ونمتن لقدرتنا على تخطي أوقات صعبة ونتعلم كيف نمنح أنفسنا ما تستحقه دون استهلاك للمشاعر والتسبب في الأذى لأنفسنا.
4. بداية جديدة
غالبا ما يكون التخلي هو بداية جديدة تمنحها لنفسك، عندما تقرر أن تتخلص من إعادة التفكير في ما مضى وتتوقف عن التعلق المؤذي، عندها تبدأ تلتفت لحاضرك وتدرك ما فاتك وتضع لنفسك أهداف جديدة ورؤية مختلفة لما تريده لنفسك، وتعمل على تعلّم العطاء لنفسك وتفهم الرحلة ومغزاها وتقدر التغيرات التي طرأت على شخصيتك ومنحتك فرصة للتعامل مع واقعك بالشكل الذي يريحك ويمنح الشعور بالطمأنينة والثقة.
5. تعلم التسامح
فور أن يدرك الشخص أن تشبثه بهذه العلاقة أو الشخص أو حتى الأفكار التي تطوقه يمكن أن يتسبب في الأذى له، ويقرر أن التخلي هو السبيل كي يتحرر، كما أنه الطريق الذي يتعلم من خلاله القدرة على التسامح، فالامر أن التخلي لا يعلمك فقط المضي قدما، ولكنه يشجعك على أن تغفر لنفسك وللآخرين، وتبدا صفحة جديدة مسالمة ومريحة بلا ضغائن أو منغصات، تسامح فيما فات دون أن تحمل حقد أو كره تجاهه.
6. القدرة على التغيير
من مميزات التخلي أنه يمنحنا رؤية واقعية قادرة على التعامل مع الحياة دون الشعور المزمن بالخوف، أو ملاحقة من التساؤل الذي يجعلنا دوما عالقين في الماضي: ماذا بعد؟ كونه يجعلنا نرفض الاستسلام للمشاعر السلبية والذعر من المجهول أو الفشل، فالتخلي هو فرصة جديدة للتجربة والتغيير الحقيقي، سواء على مستوى الاهتمامات وطبيعة الشخصية.
الكاتب
احكي
الأربعاء ٢١ أغسطس ٢٠٢٤
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا