أجمل روايات رضوى عاشور التي لا وحشة في قبرها
الأكثر مشاهدة
بشكل شخصي أعتبر عام 2014 فارقًا في حياتي بفضل كتابات رضوى عاشور، حيث التفيتها بالأندلس في موعدٍ أول لم يكن الأخير، فحلقت بعدها مع السيدة من فلسطين إلى أمريكا مرورًا بأبو ظبي والإسكندرية، شاهدتها شابة تجلس على سلم جامعة القاهرة، وراقبت لقائها الأول بمريد البرغوثي، وصحبتها في أروقة جامعة عين شمس كأستاذة، وكنت رفيقةً لها في رحلاتها العلاجية، وغلبتني دموعي أكثر من مرة في "صرختها" الأخيرة.
كتابات رضوى عاشور يد دافئة تصحبكم من مكان لآخر، تغوص بكم في الزمن والأحداث، وتقص عليكم التاريخ كحواديت الجدات، لن تملوا يومًا من استعادت ما فاض به قلمها، لأنها كتبته بمداد من قلبها ورؤيتها، فهي التي قالت: "في الكتابة يتسيد المرء واقعه، يقلب الهامش إلى متن، ويدفع بالمتن المتسلط إلى كُناسة في الزاوية. أكتب، أمتلك الحيز، أهلل. من قال أنني لا أمتلك حكايتي، ولست فاعلة في التاريخ."
في هذا الموضوع سأشارككم بعضًا من أجمل روايات رضوى عاشور، بالطبع لا أجرؤ على تقييم كتبها لكن يمكنني أن أقترح عليكم ما وقعت في حبه أكثر، وأعتقد أنكم ستفعلون أيضًا.
أفضل كتب رضوى عاشور
1-رواية الطنطورية
"الذاكرة لا تقتُل. تؤلم ألماً لا يطاق، ربما. ولكننا إذ نطيقه تتحول من دوامات تسحبنا إلى قاع الغرق إلى بحر نسبح فيه. نقطع المسافات. نحكمه ونملي إرادتنا عليه."
روايتي المفضلة على الإطلاق، اسمها منسوب إلى قرية الطنطورة الواقعة على الساحل الفلسطيني جنوب حيفا، تسرد بها رضوى عاشور وقائع تاريخية بدءًا بما فعلته العصابات الصهيونية عام 1948، وذلك من خلال قصة إنسانية تعلق بالروح، وتمزج الإبداع الأدبي بالحقائق التاريخية، فتمدك بمعرفة عظيمة ومشاعر لا تمحى، لدرجة تجعلني أتسائل دائمًا، لماذا لا تدرس الطنطورية في مناهجنا المدرسية العربية؟، فهي خير شاهد على ما حدث.
القصة تدور عن رقية، البنت والشابة ثم العجوز الفلسطينية التي ضاع منها الوطن، والأخوة، والزوج، وتفرق الأبناء، لكن بقى مفتاح الدار حول رقبتها، معلقًا كأمل في عودة لوطنها المفقود. الطنطورية توثق لأكثر من ربع قرن من الشتات الفلسطيني.. لا تفوتوا هذه الرحلة حتى لو لم تكونوا من هواة التاريخ.
"فيتأكد لي مع كل صباح، أن في هذه الحياة -رغم كل شيء- ما يستحق الحياة."
الرواية صدرت عام 2010.. تقييمها على goodreads 4.3/5
اقرئي أيضًا.. أهم الروايات التي يجب أن تحتويها مكتبتك
2-رواية ثلاثية غرناطة
"أحيانا أقول أن الحياة تقسو بلا معني ولا ضرورة، وأحيانا أقول حظنا منها، وإن ساء، أقل قسوة من الآخرين، أقل بكثير."
اسمها ثلاثية لأنها صدرت في ثلاثة أجزاء، هم: غرناطة، ومريمة، والرحيل. في الثلاثية تحكي رضوى عاشور عن مأساة سقوط الممالك الإسلامية في الأندلس، وكيف خُير الأندلسيين بين إيمانهم أو التنكيل والقتل، وواجهوا أبشع وسائل التعذيب ودفنوا إيمانهم موضع الحشا، لأنهم مختلفون بلغتهم ودينهم، في وقت كانت أوروبا غارقة في ظلمة الجهل والاضطهاد.
غرناطة، والتي تعني الرمانة، عمل أدبي متماسك ومكتمل، ساحر البناء، وعذب اللغة، وصادم الحقائق. حين تقرأ الرواية، ستجد نفسك قد قضيت عمرًا، دون أن تعرف أي شيء عن الأندلس، التي شهدت أعظم فترات التاريخ العربي الإسلامي، لكنها لم تدم.
"العمر حين يطول يقصر، والجسد حين يكبر يشيخ، والثمرة تستوي ناضجة ثم تفسد، وحين يقدم النسيج يهتريء."
صدرت الرواية للمرة الأولى عام 1994.. تقييمها على goodreads 4.29/5
اقرئي أيضًا.. 10 من أهم كتب السيرة الذاتية الملهمة
3-رواية فرج
"عادة ما أشعر أني خفيفة قادرة على أن أطير، وأنا مستقرة في مقعد أقرأ رواية ممتعة. حين أشعر بنفسي ثقيلة أعرف أني على مشارف نوبة جديدة من الاكتئاب."
النضال ورضوى لا يفترقان، حروف رواياتها دائمًا مظاهر حاشدة بالأحداث والمشاعر الإنسانية، هذه المرة تحكي قصة أسرية بطلتها ندى عبد القادر، التي عايشت اعتقال والدتها سياسيًا في طفولتها، وكبرت لتصبح مكانه بالظبط، ثم تعاني مرارة اعتقال أخيها الذي يكون في عمر ولدها تقريبًا.
تسجل ندى شهادة شخصية عن الحركات الطلابية في مصر في الستينات والسبعينات وحتى التسعينات، وتقاوم الغرق في أفكارها الشخصية، وتناضل ضد الوحدة والاكتئاب، وكثيرًا ما وجدت نفسي في ندى عبد القادر.
"ولكنني أكره العدمية، وأكره تيئيس الناس عندما يسقط الإنسان هو شخصيًا في اليأس، فيعلن هكذا بخفة وبساطة أن كل مسعى يلجأ إليه الناس لخلق معنى لحياتهم، ليس سوى أوراق توت!"
صدرت الطبعة الأولى من الرواية عام 2008.. تقييمها على goodreads 3.81/5
اقرئي أيضًا.. 5 من أهم روايات الكاتبة التركية إلف شفق
4-رواية قطعة من أوروبا
"الكتابة تأتي، تأتي من تلقاء نفسها فلا يتعيّن عليّ سوى أن أقول مرحبًا وأفسح لها المكان."
عندما انتهيت من هذه الرواية أصابني بعضًا من التخبط، فالتوثيق يغلب على السرد هذه المرة، والإيقاع أبطء مقارنة بالروايات السابقة، لكنني مع ذلك خرجت بشجن ومتعة غير عادية، استحضرها في كل مرة أسير فيها بشوارع وسط القاهرة، أو أدلف أحد ممراتها، هنا توثق رضوى عاشور لمديناتها الآسرة، منذ أن أرادها الخديو إسماعيل "قطعة من أوروبا"، وبالطبع لن يمر العمل دون أن تكون القضية الفلسطينية حاضرة في جزء ما منه.. هذه الرواية ليست أفضل ما كتبت رضوى بالنسبة لي، لكنها تعني الكثير أيضًا.
"أنا الناظر، منظرتي تلّة عمري، أقف عليها رقيبا وحارسًا، أنتظر وأعتبر وأقدِّم دلائل المحبة، لأن النظر في لسان العرب دليل محبة، وترك النظر دليل انصراف أو بغض وكراهية."
صدرت الطبعة الأولى من الرواية عام 2003.. تقييمها على goodreads 3.43/5
اقرئي أيضًا.. روايات نجيب محفوظ التي تحولت إلى أعمال درامية
5-رواية سراج
"هذه النجوم في السماء هي أرواح أحبابنا الذين ذهبوا، نارها عذاب الفراق.. ونورها شوق الوصل والتلاقي."
هذه الرواية هي رحلة سحرية بالنسبة لي، ففي سراج أعدت رضوى عاشور "خلطة سحرية" من التاريخ والأساطير، تبلتها بالخيال الخصب، ولم تنس أن تضيف للمكونات نضالًا شغلها طوال حياتها. سراج تدور أحداثها في جزيرة في المحيط الهندي، في مكان ما بين اليمن وزنزبار، عن حاكم ثار عليه شعبه فلجأ للمستعمر ليسبغ عليه حمايته.
حكاية شديدة العذوبة، تحمل رموزًا عن الثورة ومقاومة الظلم دون حشو وإسهاب أو نضال مفتعل، وفي 118 صفحة فقط.
"أنتم شباب تجري الدماء الحارة في عروقكم، ولكن عندما يتقدم بكم العمر، ستعرفون أن الإنسان لا يفعل دائما ما يتمنى, وأن الشر من حوله أقوى منه ولا يملك الانتصار عليه.. الله وحده المنتقم."
صدرت الطبعة الأولى عام 1992، وتقييم الرواية على goodreads 3.56/5
اقرئي أيضًا.. كتب خفيفة للتسلية في المواصلات
6- رواية أطياف
"إن التعود يلتهم الأشياء، يتكرر ما نراه فنستجيب له بشكل تلقائي، كأننا لا نراه؛ لا تستوقفنا التفاصيل المعتادة كما أستوقفتنا في المرة الأولى، نمضي وتمضي، فتمضي بنا الحياة كأنها لا شئ."
رواية أطياف تعتبر مزيج بين سيرة رضوى عاشور الذاتية وما عايشته من أحداث، وبين شخصية الأستاذة الجامعية شجر عبد الغفار، التي ما هي إلا "طيف" لرضوى بصورة أخرى.
في تلك الرواية ضفرت رضوى -كعادتها- الحقيقة بالخيال، فحكت مثلًا عن واقعة نفي زوجها مريد البرغوثي خارج مصر في عهد الرئيس السادات، وكيف ذاقت أسرتها الصغيرة الشتات مبكرًا، وهو نفس الوقت الذي شهد اعتقال عدد من أصدقائها سياسيًا، فجعلت من الدكتورة شجر واحدة من هؤلاء المعتقلين، وروت حكاية السجون من الداخل على لسانها.
أطياف لمن يريد أن يقرأ عن رضوى ولها في نفس الوقت، أما إذا أردتم الاستزادة والتعرف على السيدة راء عن قرب، فلا بدّ من قراءة كتاب أثقل من رضوى، وهو سيرتها الذاتية من ميلادها وحتى صراعها مع المرض، وتنقلها بين أسرة المستشفيات، مرورًا بمشاركتها في ثورة الخامس والعشرين من يناير.
وأنصحكم بختام رحلتكم معها بكتاب الصرخة، الذي نشره زوجها وابنها بعد وفاتها، وحمل الجزء الثاني من سيرتها، وبه أفكارها غير المكتملة، والمسودات التي ودت أن تحكي عنها لكن القدر كان أسرع.
"في هذه السنوات المعلقة بين الكوارث العامة والخاصة عشنا كغيرنا من البشر، لم تخل حياتنا من مباهج، صغيرة أو كبيرة، فالحياة تحمي نفسها في نهاية المطاف."
صدرت الطبعة الأولى عام 1999، وتقييم الرواية على goodreads 3.62/5
"هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا."
أثقل من رضوى
رضوى عاشور، قاصة وروائية وناقدة أدبية وأستاذة جامعية مصرية، من مواليد عام 1946، درست في كلية الآداب جامعة القاهرة، وعملت بجامعة عين شمس.
وتم ترجمة بعض أعمالها إلى اللغات الإنجليزية والإسبانية والإيطالية والإندونيسية. وهي زوجة الأديب الفلسطيني مريد البرغوثي، ووالدة الشاعر تميم البرغوثي. وتوفيت عام 2014.
اخبرونا عن أعمال وكتابات رضوى عاشور المفضلة بالنسبة لكم، والتي توصون أصدقاءكم بقراءتها.
اقرئي أيضًا..
الكاتب
ندى بديوي
الثلاثاء ٢٣ أكتوبر ٢٠١٨
Dina fawzy
بحب الموضوع دا جدا دايما بغيب و ارجع اقراه دايما اسلوبك سهل و عظيم يا ندى